السبت، 27 مارس 2010

‮"‬ساعة الأرض‮" : ‬لماذا نطفئ الأنوار هذا المساء ؟


فكرة أن نطفئ الأنوار لمدة ساعة من الساعة‮ ‬8‭.‬30‮ ‬الي الساعة‮ ‬9‭.‬30‮ ‬مساء اليوم‮.. ‬تشدني‮ ‬وتثير حماسي،‮ ‬ليس فقط لأنها استجابة لنداء وزارة الدولة لشئون البيئة ووزيرها المهندس ماجد جورج‮.. ‬ولكن،‮ ‬لأنها فعل جماعي‮ ‬يشارك فيه المصريون ويتضامنون ويتوحدون للتعبير عن موقف معين وغاية سامية‮.‬ وكم نحن في‮ ‬حاجة إلي هذه الروح الجماعية وإلي توحيد المواقف والمشاعر والآمال والأحلام والأهداف‮.‬ ومنذ وقت طويل لم تتآلف وتتلاحم أحاسيس المصريين حول قضية نبيلة‮.‬ والقضية هذه المرة هي تنمية الوعي‮ ‬بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة للحد من الانبعاثات الحرارية ومواجهة ظاهرة التغيرات المناخية‮.‬ انها‮ "‬ساعة الأرض‮" ‬لحماية الكوكب من ظاهرة الاحتباس الحراري‮.‬ وهنا‮ ‬يتسع الموقف الجماعي‮ ‬ويتصاعد مناخ الإثارة وتتعزز روح التآخي،‮ ‬عندما نعرف أن مواطني‮ ‬92‮ ‬دولة سيشاركوننا ونشاركهم في‮ ‬تلك‮ "‬الساعة‮".‬ وتؤكد وزارة الدولة لشئون البيئة انه في‮ ‬العام الماضي،‮ ‬وفي‮ ‬نفس الساعة،‮ ‬تم إطفاء الأنوار في‮ ‬929‮ ‬من المعالم الشهيرة والمواقع الأثرية والتاريخية حول العالم،‮ ‬وعلي رأسها الأهرامات وأبو الهول ومعبد الأقصر ومكتبة الإسكندرية في‮ ‬مصر،‮ ‬وبرج إيفل في‮ ‬باريس،‮ ‬واستاد‮ "‬عش الطائر‮" ‬الشهير في‮ ‬بكين،‮ ‬ومبني‮ "‬الامباير ستيت‮" ‬في‮ ‬نيويورك،‮ ‬ودار أوبرا سيدني،‮ ‬وغيرها من المعالم‮.‬ ولكن‮.. ‬لماذا هذه الساعة؟ وما أهمية ترشيد استهلاك الطاقة؟ ‮***‬ المعروف أنه نتيجة للتقدم الصناعي،‮ ‬ازدادت استخدامات الطاقة الكهربائية،‮ ‬وبصفة خاصة خطوط الضغط العالي،‮ ‬التي‮ ‬تصل الطاقة فيها إلي حوالي‮ ‬مليون‮ "‬فولت‮"‬،‮ ‬مما‮ ‬يؤدي‮ ‬الي تلوث الهواء المحيط بشحنة كهربائية عالية تبلغ‮ ‬في‮ ‬بعض الأماكن‮ - ‬التي‮ ‬يمر بها هذا التيار‮ - ‬الي حد‮ ‬يمكن معه إضاءة مصباح محترق من الفلورسنت بمجرد تعرضه للجو الخارجي،‮ ‬كذلك لوحظ في‮ ‬الأماكن الواقعة تحت أبراج التليفزيون انه‮ ‬يمكن إضاءة المصابيح دون توصيل أسلاك‮.‬ وهذا‮ ‬يتطلب المزيد من الدراسة للآثار الناجمة عن ذلك علي الجهاز العصبي‮ ‬للانسان وقدراته العقلية وردود أفعاله وعلي أجهزة المخ والقلب،‮ ‬بصفة خاصة،‮ ‬للتعرف علي تأثير هذه التيارات ذات الشحنة الكهربائية العالية،‮ ‬خاصة ان الطاقة الكهربائية في‮ ‬جسم الانسان لا تتجاوز نصف فولت‮.‬ وتكشف البيانات الموثقة أن استهلاك الطاقة في‮ ‬مصر قد ارتفع بين عامي‮ ‬2001‮ ‬و2006‮ ‬خاصة في‮ ‬المنازل نظراً‮ ‬للزيادة في‮ ‬استخدام الاجهزة الكهربائية‮.‬ وتستمر درجة حرارة الأرض في‮ ‬الارتفاع تدريجيا نتيجة للطريقة التي‮ ‬نعيش بها،‮ ‬خاصة اذا كنا نستهلك قدراً‮ ‬كبيراً‮ ‬من الطاقة الكهربائية في‮ ‬حياتنا اليومية،‮ ‬كما تستهلك مصانعنا قدراً‮ ‬كبيراً‮ ‬من الطاقة‮.‬ وأول أكسيد الكربون من ملوثات الهواء الجوي،‮ ‬ويصدر كناتج من الحرق‮ ‬غير الكامل للوقود الحفري‮ (‬الذي‮ ‬يتكون من بقايا النباتات والحيوانات الميتة في‮ ‬باطن الأرض منذ زمن بعيد،‮ ‬مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعي‮). ‬وعندما‮ ‬يستنشق أول أكسيد الكربون ويصل الي الجهاز التنفسي‮ ‬ويدخل مجري الدم ويتحد مع الهيموجلوبين‮.. ‬يكون‮ "‬كربوكسي‮ ‬هيموجلوبين‮" ‬الذي‮ ‬يقلل بدرجة كبيرة من توصيل الاوكسجين الي خلايا الجسم،‮ ‬ويتسبب في‮ ‬أضرار لمرضي القلب والاوردة،‮ ‬ويمكن أن‮ ‬يؤدي‮ ‬الي الإصابة بالغيبوبة والموت‮.‬ وهذا هو الدافع لترشيد الطاقة وإنتاج تكنولوجيات طاقة نظيفة،‮ ‬وتحسين كفاءة استخدام هذه الطاقة للحد من الغازات التي‮ ‬تسبب الاحتباس الحراري‮.‬ إذن‮.. ‬الهدف الرئيسي‮ ‬في‮ ‬هذه الحالة هو الحد من ظاهرة انبعاث الغازات الناتجة عن توليد الطاقة الكهربائية،‮ ‬ومن الخطوات التي‮ ‬تساعد علي ذلك تحقيق وفر في‮ ‬كمية الطاقة المستخدمة في‮ ‬المنازل والمحال التجارية‮.‬ ومعلوم أن كل تغير في‮ ‬خصائص ومواصفات الهواء الطبيعي‮ ‬يترتب عليه خطر‮ ‬يهدد صحة الإنسان والبيئة،‮ ‬سواء كان التلوث ناتجاً‮ ‬عن عوامل طبيعية او نشاط انساني‮.‬ ‮***‬ وإذا كانت وزارة البيئة توافق علي مشروعات صناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة،‮ ‬فإنها تشترط علي كل مشروع توفير الطاقة الكهربائية اللازمة له بمعرفته وعلي نفقته بإنشاء محطة كهرباء لاستهلاكه الخاص علي أساس المعايير الاوروبية الخاصة بمعدلات ترشيد استهلاك الطاقة وتطبيق أحدث التقنيات الموفرة للطاقة،‮ ‬وتجنب شراء خطوط إنتاج وماكينات وأجهزة مستعملة منخفضة التكاليف والكفاءة،‮ ‬كما تشترط تطبيق نظام مراجعة الطاقة وتأهيل الكوادر الفنية لذلك،‮ ‬حتي‮ ‬يمكن تحسين كفاءة الطاقة وخفض استهلاك الغاز الطبيعي‮ ‬في‮ ‬هذه المصانع الجديدة‮.‬ ولكن هل‮ ‬يطبق اصحاب المشروعات والمصانع الجديدة هذه المعايير؟ المفترض ان‮ ‬يكون الهدف هو تقليل معدلات انبعاثات‮ ‬غازات الاحتباس الحراري‮ ‬الناتجة عن توليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد علي الوقود‮ ‬غير المتجدد‮.‬ والمفترض ان‮ ‬يكون الهدف هو دعم التكنولوجيات الموفرة للطاقة وتحقيق انخفاض سنوي‮ ‬في‮ ‬معدل الانبعاثات المكافئة لثاني‮ ‬أكسيد الكربون‮ ‬يقدر بحوالي‮ ‬ثلاثة ملايين طن خلال عام‮ ‬2007‮ ‬وكذلك تحقيق توفير في‮ ‬الطاقة‮ ‬يقدر بحوالي‮ ‬مليون طن‮.‬ ولكن هل‮ ‬يتحقق ذلك في‮ ‬الواقع؟ المؤكد ان ترشيد استخدام الطاقة‮ ‬يشكل،‮ ‬في‮ ‬حد ذاته،‮ ‬ثروة طبيعية داعمة للاقتصاد،‮ ‬وربما‮ ‬يكون الأمل الوحيد لتحقيق خفض في‮ ‬استهلاك الكهرباء في‮ ‬قطاعات الصناعية والمباني‮ ‬هو تطبيق استراتيجية الطاقات المتجددة في‮ ‬مصر بهدف زيادة نسبة الطاقة المولدة من الطاقات المتجددة الي عشرين في‮ ‬المائة من اجمالي‮ ‬الطاقة المولدة في‮ ‬عام2020‭.‬ ولا نعرف حتي الآن ما اذا كان وزير المالية قد وافق علي الاعفاءات الجمركية المطلوبة للمنتجات الموفرة للطاقة ومعدات واجهزة ترشيد استهلاك الطاقة والمنتجات صديقة البيئة،‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬يوجد لها مثيل محلي‮.. ‬أم انه لم‮ ‬يوافق‮.. ‬كعادته‮.‬ وحتي نشعر بأن اطفاء الأنوار هذا المساء‮.. ‬جزء من جهود مثمرة جارية،‮ ‬فإننا في‮ ‬حاجة الي إعداد أجهزة الطاقة الشمسية الحرارية،‮ ‬التي‮ ‬تشمل مجمعا شمسيا ومكوناته وخزانا شمسيا ونظاماً‮ ‬لتكييف الهواء بالطاقة الشمسية،‮ ‬ونظاما لتبريد وتجميد الصناعات الغذائية بهذه الطاقة الشمسية،‮ ‬كما نحتاج الي أجهزة الطاقة الشمسية الكهربائية،‮ ‬والتوربينات الهوائية لطاقة الرياح ومكوناتها ومواد العزل الحراري‮ ‬لأسطح وجدران المباني‮ ‬والنوافذ الزجاجية العازلة للحرارة والكميات الموفرة للطاقة‮.‬ نوعية البيئة جزء من الحاجات النفسية والاجتماعية والثقافية والجمالية للانسان‮.. ‬وتلويث البيئة وتدميرها‮ ‬يقود الي الفناء والعدم‮.‬ واقتصاد البيئة‮ ‬يشكل إدارة مساعدة للاقتصاد الكلي‮ ‬تساهم في‮ ‬تقليل التكلفة الإجمالية‮..‬ والبيئة النظيفة هي‮ ‬التي‮ ‬تحافظ علي الهواء والتربة والمياه والنبات والحيوان‮.. ‬والوجود الانساني‮.‬
الوفد - نبيل زكي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق