رجال الأعمال يسيطرون علي شئون الحكم ويصدرون تشريعات لحماية مصالحهم
محمية للفاسدين«.. هذا هو أنسب وصف للوضع الحالي في مصر، بعد أن تحولت بفضل سياسات الحزب الحاكم الذي غيب الديمقراطية واحتكر السلطة والثروة، إلي بؤرة فساد. في مصر يوجد الفساد بجميع أنواعه وأشكاله كالرشوة والمحسوبية والواسطة والسرقات والإثراء بغير حق، وأكل المال العام والخاص وتحقيق المكاسب الشخصية من الوظيفة العامة واستغلال النفوذ فضلاً عن الاختلاسات وتقنين السرقات وتكاثر المفسدين والفاسدين وحمايتهم تحت سمع وبصر المسئولين في الدولة. لقد وصلت مصر إلي أقصي حالات الفساد التي يمكن أن يصل إليها مجتمع، حتي أصبح الفساد داخل »أم الدنيا« حالة خاصة، بعد أن أصبح رموز الفساد خارج نطاق المحاسبة وخارج دائرة سلطان القانون، بل أصبحوا هم من يشرعون القوانين التي تحميهم وتحقق مصالحهم. تحول الفساد في مصر إلي سلوك عام يمكن مشاهدته بوضوح في جميع مؤسسات الدولة خاصة في ظل عدم وجود آليات واضحة لمحاسبة الفاسدين، وهو ما أدي إلي سيطرة قلة من رجال الأعمال علي الاقتصاد المصري وعلي مجريات العملية السياسية فاختلطت المصالح بالسياسة وسخرت الثانية لخدمة الأولي. لقد أصبح بعض كبار رجال الدولة القدوة في نهب ثروات البلاد، فكل واحد من هؤلاء يخطط لكي ينهب من أموال الشعب ويحصن نفسه أو يقوم بتهريب الأموال إلي الخارج ليزداد الأغنياء غني ويزداد الفقراء فقراً ومرضاً. وجاء تقرير »منظمة الشفافية الدولية« الذي صدر يوم السبت الماضي والتي تعد أكبر منظمة غير حكومية في العالم لمحاربة الفساد، ليكشف استمرار حالات الفساد في مصر وتزايدها. وأشار التقرير الذي جاء تحت عنوان »نظام النزاهة الوطني في مصر«، إلي أن نفوذ عدد من المجموعات ذات المصالح قد شهد نمواً هائلاً خلال العقدين الأخيرين، معتبراً أن هناك توجهاً متنامياً للتزواج بين الأعمال وأعمدة نظام النزاهة الوطنية الأخري. وأكد التقرير أن الآليات والقوانين واللوائح المعمول بها في مصر حالياً غير كافية لمعالجة حالات الفساد. ورصد تقرير المنظمة التي يقع مقرها في برلين مجموعة من العقبات والبنود التي تعوق مكافحة الفساد في مصر، في مقدمتها تضارب المصالح والتدخل السياسي في عمل هيئات مكافحة الفساد، وكذلك الافتقار إلي الآليات الفعالة لحماية المبلغين عن الفساد، إضافة إلي ضعف آليات تنفيذ القوانين واللوائح وضعف تطبيق الشفافية وانعدام إمكانية الوصول إلي المعلومات العامة وغياب أنظمة المتابعة وتضييق الحكومة علي عمل منظمات المجتمع المدني وحرية الإعلام. وقام التقرير الذي استمر إعداده 18 شهراً بتقييم أعمدة السلطات الثلاث »التشريعية والتنفيذية والقضائية«، وكذلك الأحزاب السياسية وهيكل الإدارة الانتخابية وجهاز الرقابة العليا وأجهزة تنفيذ القانون ونظام المقاولات وأجهزة مكافحة الفساد والإعلام والمجتمع المدني والإدارة المحلية والجهات الدولية المعنية. وأوضح التقرير أن آليات مساءلة السلطة التنفيذية أمام البرلمان نادراً ما يتم تطبيقها، كما أنه لا يوجد قانون محدد لمحاسبة الوزراء وهو ما يساهم بشكل كبير في إعاقة محاربة الفساد، فضلاً عن صعوبة الوصول للمعلومات وكثرة تضارب المصالح بين أعضاء البرلمان البارزين في مجتمع الأعمال يساهم في خلق جو ملائم لممارسة الفساد. وحول السلطة القضائية قال التقرير: إن هناك مجالاً لتحسين آليات النزاهة للقضاة وإعادة الدور الرئيسي للقضاء في الإشراف علي العملية الانتخابية، ولفت التقرير إلي أن الأحزاب السياسية لا تلعب دوراً رئيسياً في عملية الحوكمة في مصر باستثناء الحزب الوطني الحاكم، وذلك بسبب القيود المفروضة علي الأحزاب. ولفت التقرير إلي انحياز وسائل الإعلام العامة لصالح الحزب الحاكم، مشيراً إلي أن النظام المتبع في تسجيل أصوات الناخبين يعاني من عدم الكفاءة. في حين امتدح التقرير أداء الجهاز المركزي للمحاسبات، إلا أنه قال إن الجهاز لا يملك السلطة ولا القدرة علي مراقبة تنفيذ توصياته، مشيراً إلي أن الجهاز يفتقد إلي الشفافية فيما يفعله بإقامة تقاريره للجماهير للإطلاع عليها. وأوضح التقرير أن اللوائح التي تحدد تضارب المصالح والإجراءات الخاصة بقبول موظفي الحكومة وموظفي القطاع العام والقضاة وغيرهم من المسئولين في الحكومة للهدايا والعطايا هي لوائح ضعيفة ومليئة بالثغرات التي تمنح الفرصة لفساد السلوكيات. كما أشار التقرير إلي أن أجهزة تنفيذ القانون وبشكل خاص جهاز الشرطة تتورط بشكل كبير في إساءة استخدام السلطة وخلق الفساد الصغير. وانتهي تقرير الشفافية الدولية بـ18 توصية لمكافحة الفساد في مصر علي رأسها ضرورة تعديل اللوائح المتعلقة بمن يبلغون عن المخالفات وتضارب المصالح، وكذلك ضرورة تغيير بعض أوجه إجراءات نظام النزاهة الوطنية، خاصة أن القوانين واللوائح تعتبر قائمة نظرياً إلا أن هناك معوقات عديدة تعترض طريق تطبيقها. كما أوصي التقرير بتعزيز التوعية العامة حول كيفية مكافحة الفساد باستخدام الآليات الحالية، بالإضافة إلي وجوب تطبيق آليات الشفافية بشكل أكبر. وأكد أهمية إيجاد نظام عام يتسم بالشفافية والعلانية للقرارات التي تتخذها لجنة شئون الأحزاب، فيما يتعلق بقبول أو رفض الأحزاب الجديدة، فضلاً عن ضرورة تحقيق استقلالية القضاء عن طريق الحد من تدخلات وزير العدل عبر لجنة التفتيش القضائي، بالإضافة إلي إصلاح عملية تعيين أعضاء المجلس الأعلي، وطالبت المنظمة الحكومة بضرورة رفع حالة الطوارئ بشكل فوري، حيث إن استمرار فرض الطوارئ يساهم في استمرار الفساد بصورة كبيرة. »الوفد« حاورت عدداً من الخبراء والمفكرين حول مدي انتشار الفساد في مصر وأسبابه، وكذلك سبل مواجهته. وأكد الخبراء أن الفساد في مصر لا يحتاج إلي دليل أو تقرير خارجي، لأن الجميع يري ما وصلت إليه مصر بسبب استشراء الفساد في كل ركن من أركان الدولة نتيجة غياب الديمقراطية في ظل النظام القائم. من جانبه، أكد الدكتور علي السلمي وزير التنمية الإدارية الأسبق وعضو الهيئة العليا للوفد، أن الفساد في مصر لا يحتاج إلي إثبات التقارير الخارجية، مشيراً إلي أن حجم الفساد وصل إلي مستوي غير مسبوق بسبب غياب نظام المحاسبة والمراقبة فضلاً عن انعدام الشفافية والرغبة العارمة في استمرار الأوضاع الحالية. وأوضح »السلمي« أن الفساد لا يقتصر فقط علي الاستيلاء علي المال العام، ولكن هناك أشكال عديدة للفساد في مصر، وعلي رأسها إهدار الموارد الوطنية واتخاذ القرارات دون دراسة ووعي، فضلاً عن تعيين القيادات غير المؤهلة في مواقع مهمة وخطيرة. وأضاف: أن المتابع للأوضاع في مصر يستطيع أن يلاحظ الفساد بسهولة في كل صغيرة وكبيرة بسبب العلاقات غير السوية بين الحزب الحاكم والحكومة وهو ما يؤدي إلي إيجاد جو عام ومناخ ملائم لنشر الفساد بجميع صوره. وأكد السلمي أن السبب الحقيقي وراء حالة الفقر والمرض التي يعيشها المصريون هو توغل الفساد في جسد الدولة وتمكنه منها، مشيراً إلي أن انتشار الفساد ليس بسبب عدم كفاية القوانين، فمصر بها ترسانة قوية من القوانين ولكنها لا تفعل أو يتم لي عنقها حتي لا تتصادم مع مصالح كبار المسئولين في الحزب والحكومة وذلك مثل قانون »حماية المنافسة ومنع الاحتكار«. وقال وزير التنمية الإدارية الأسبق إن الدولة المصرية لا ترغب في مكافحة الفساد، لأن رموز النظام علي علم تام بجميع الممارسات الفاسدة، ومع ذلك فلا تتخذ الدولة أي إجراءات لمكافحة الفاسدين أو محاسبتهم حتي بعد خروجهم من مناصبهم. وشدد الدكتور علي السلمي، علي أن الحل الوحيد للقضاء علي الفساد في مصر يكمن في التغيير الديمقراطي، لأنه في حالة إجراء تعديلات دستورية تضمن الشفافية وتحقق نظاماً جيداً للمراقبة والمحاسبة فإنه يمكن مواجهة الفساد ومحاربته من خلال محاسبة المسئولين عن التورط فيه أو نشره. وأكد الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وقائد فريق البحث المصري في تقرير منظمة الشفافية الدولية، أن القوانين الحالية في مصر تحتاج إلي تفعيل كامل حتي يمكن الحد من الفساد، مع ضرورة أن تقوم الدولة بسن مجموعة قوانين أخري تساهم في مكافحة الفساد، وفي مقدمتها القوانين الخاصة بعمل الجمعيات الأهلية، وكذلك قانون عمل لجنة شئون الأحزاب. وأوضح »غنيم« أن الفساد في مصر يمكن ملاحظته ومتابعته دون الحاجة إلي أي إثباتات خارجية، موضحاً أن تقرير منظمة الشفافية الدولية أوضح الإيجابيات والسلبيات وتناول الوضع المصري بشكل كامل، مشيراً إلي أن العمل بالدراسة استمر لمدة سنة ونصف السنة، قام خلالها فريق البحث بتجميع المعلومات وتنقيحها ومراجعتها من قبل المستشارين. وقال: إن الدراسة قامت علي تناول 16 ناحية أطلق عليها التقرير مسمي »الأعمدة الأساسية« التي يقوم عليها هيكل النزاهة بشكل عام. وأكد غنيم أن هناك تدخلات سياسية في عمل هيئات الرقابة الحكومية، حيث إنه توجد في مصر العديد من حالات الفساد لم يكشف عنها وتتجاهلها الأجهزة الرقابية تحقيقاً لمصالح بعض الأشخاص داخل الدولة. وأضاف أن وجود أغلبية للحزب الحاكم داخل البرلمان يمثل عائقاً كبيراً أمام محاسبة أو مواجهة الفساد في مصر، حيث تنحاز الأغلبية بشكل دائم إلي سياسات الحزب دون أن توجه أي انتقادات للممارسات التي يقوم بها رموز النظام. وأكد رئيس الفريق المصري في تقرير منظمة الشفافية الدولية، أن محاربة الفساد في مصر لا تتوقف فقط علي قرار الإرادة السياسية، لأن هناك قوانين يجب أن تحترم ويجب أن يتم تنفيذها، مشيراً إلي أن الإرادة السياسية لا يمكن تجاهلها في هذا الشأن ولكن يجب ألا تتوقف عليها مواجهة الفساد في الدولة. وقال النائب المستقبل كمال أحمد: إن هناك تلازماً وعلاقة طردية بين الفقر والفساد في المجتمع، مشيراً إلي أن تزايد نسبة الفقر في مصر يعد سبباً رئيسياً في انتشار الفساد بجميع صوره. وأضاف: أن الاحتياجات الأساسية للإنسان يجب أن تلبي بأي شكل، وإذا كان مجموع دخل الفرد لا يكفي لسد احتياجاته الأساسية، فإن هذا يفتح الباب علي مصراعيه لكي يكون الشخص نفسه هو الفساد. وحول ضعف تنفيذ قوانين مكافحة الفساد قال أحمد: إن القوانين التي لا تستطيع الدولة تنفيذها تفقد الدولة هيبتها وكرامتها، ولذلك يجب علي الدولة المصرية أن تعيد النظر فيما يتعلق بتطبيق القوانين. وحول ضعف المراقبة البرلمانية لأداء الحكومة، أكد النائب أن سيطرة الأغلبية التي يملكها الحزب الوطني داخل البرلمان تساهم بشكل كبير في تخفيف مستوي النقد أو المحاسبة الذي من المفترض أن يمارسه البرلمان علي تصرفات الحكومة، مشيراً إلي أن الأغلبية في جميع برلمانات العالم تنحاز لصالح أحزابها وهذا أمر طبيعي ولكن يمكن مواجهته في مصر من خلال وجود نظام جيد يضمن نزاهة العملية الانتخابية. وأضاف: أنه إذا توافرت ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات، فإن الناخب يستطيع أن يغير المسئولين بكلمته وبصوته، ولكن ما يحدث بسبب غياب نزاهة الانتخابات وبالتالي يضمن الحزب الحاكم الأغبية التي تدافع عنه وعن تصرفاته ويحميهم من المساءلة والمحاسبة. وأكد النائب كمال أحمد أن الحل الوحيد للقضاء علي الفساد في مصر هو تحقيق الديمقراطية بمعناها الكامل حتي يتحقق نظام جيد للمحاسبة والمراقبة، وبالتالي تتحقق التنمية والعدالة في توزيع الدخل. ومن جانبه، شن النائب سعد عبود هجوماً حاداً علي النظام الحاكم، قائلاً: إن النظام في مصر هو الذي صنع الفساد ورسخه في مؤسسات الدولة. وقال عبود: إن القوانين الحالية تكفي للحد من الفساد والقضاء عليه إذا تم تفعيلها، وهو الأمر الذي لن يتم لأن النظام هو صانع الفساد. ويتساءل مستنكراً: كيف يمكن للحزب الوطني أن يحارب الفساد وهو الذي يقوم بالترويج له وحماية المفسدين؟ فالحزب هو الذي جاء برجال الأعمال ودفعهم علي رأس الدولة وترك لهم الحبل علي الغارب حتي اختلطت مصالحهم بمصالح الشعب فاتجهوا لتحقيق مصالحهم علي حساب المصلحة العامة. وأوضح عبود أن الفساد أصبح هو السمة الرئيسية لمصر في ظل النظام القائم، ولكن النظام يقوم بين الحين والآخر بتقديم ضحايا ويقوم بمحاكمتهم محاكمة صورية حتي يقوم بتجميل صورته أمام الرأي العام الداخلي والخارجي. وأشار »عبود« إلي أن فساد البرلمان في مصر هو أكبر دليل علي اختلال منظومة الدولة، حيث تحول نواب الشعب إلي فاسدين يقومون بالتهريب ويتاجرون في المخدرات ويحققون مصالحهم علي حساب المصلحة العامة. وقال إن نواب الأغلبية التابعة للحزب الوطني السبب في فساد المجلس، وبالتالي فساد باقي أجهزة الدولة، مشيراً إلي أنه في حالة وجود برلمان منضبط فإنه يكفي لمحاربة الفساد في جميع أجهزة الدولة لأن البرلمان يملك بحكم الدستور مناقشة أي شيء وبدون أي حدود ولكن الأغلبية المزيفة للحزب الوطني تعطل أداء البرلمان وتعوق ممارسة النواب لمهام عملهم. وأكد »عبود« ضرورة أن تتبني القوي السياسية المصرية محاربة الفساد بعد أن ساهمت السلطة القائمة في تغذيته، وطالب الأحزاب السياسية وقوي المعارضة بكشف وفضح الفساد والمفسدين في جميع الأماكن والمناصب داخل الدولة لأن النظام القائم سوف يجمع المفسدين ويدافع عنهم مادامت مقاليد الأمور في يده. وأوضح عبود أن قوانين الطبيعة سوف تفرض نفسها لأن دوام الحال من المحال، مشيراً إلي أن مكافحة الفساد والقضاء عليه في مصر مرهون باستيقاظ الشعب وإفاقته من غفوته حتي يقوم الشعب ويقول كلمته. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية: إن مواجهة الفساد في مصر تحتاج إلي تفعيل القوانين الحالية، فضلاً عن ضرورة سن قوانين جديدة تعالج الثغرات الموجودة بالقوانين الحالية، خاصة فيما يتعلق بتضارب المصالح وقانون محاسبة الوزراء، بالإضافة إلي ضرورة سن قوانين جديدة تتعلق بجمع أعضاء البرلمان بين العقوبة والعمل سواء في القطاع الخاص أو العام. وأوضح ربيع أنه في حالة وجود برلمان منضبط فإنه كفيل بمحاربة الفساد بجميع أشكاله وصوره لأن نواب البرلمان لديهم من الصلاحيات بما يسمح لهم بالوقوف أمام الفساد في جميع المجالات. وإشار إلي أن فساد البرلمان وإساءة استخدام الحصانة البرلمانية ساهم بشكل كبير في نشر الفساد واستشرائه داخل مؤسسات الدولة. وانتقد ربيع قيام الحزب الوطني الحاكم بتعيين الوزراء من رجال الأعمال، مشيراً إلي أن جميع رجال الأعمال بين مصالحهم الخاصة والوظيفة العامة يفتح الباب علي مصراعيه أمام الممارسات الفاسدة خاصة أن هؤلاء الوزراء تعهد إليهم الدولة بوظائف عامة في مجال أعمالهم الخاصة، فضلاً عن أن الدولة توفر لهم الحماية اللازمة لممارسة خلط العام بالخاص، وهو ما يضر ضرراً بالغاً بمصالح المواطنين. وقال أبوالعلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط تحت التأسيس: إن إشكالية مكافحة الفساد في مصر ترجع إلي غياب الإرادة السياسية لمحاربة الفساد. وأوضح أن هناك جهات رقابية عديدة تقدمت مرات عديدة لاتخاذ إجراءات في مواجهة الفساد والمفسدين، ولكن القرار السياسي يأتي ليعطل عمل هذه الجهات. وقال »ماضي« إن البرلمان الحالي والبرلمانات السابقة في عهد النظام القائم لم تقم بواجبها فيما يتعلق بمواجهة الفساد، لأنها في الأصل برلمانات لا تعبر عن الإرادة الشعبية، ولكنها تعبر عن إرادة النظام الحاكم، وبالتالي يجب عليها أن ترد الجميل وتوقف علي طول الخط مؤدية سياسات الحزب الوطني خاصة الممارسات الفاسدة لبعض الوزراء والمسئولين. وأكد ماضي أن التقارير الدولية من شأنها أن تهز أركان الحكومات والأنظمة الضعيفة ولكن النظام المصري الذي يفرض حالة الطوارئ منذ ما يقرب من 30 عاماً يحتمي بهذا القانون لفرض إرادته وقبضته علي الشعب دون أن يعبأ بآراء الشعب أو النخبة السياسية أو في التقارير الخارجية. وقال إن مصر بها تحالف مقدس بين السلطة والثروة، وهذا التحالف الذي يشبه الزواج الكاثوليكي أنجب الفساد وبالتالي فإن الفساد ابن شرعي للحالة التي يوجد عليها النظام القائم في مصر. وأضاف أن رجال الحزب الوطني الحاكم أغلقوا آذانهم منذ قيام الحزب عن الاستجابة لمطالب المصريين وبالتالي يجب علي المصريين أن ينفضوا عن أنفسهم سطوة هذا الحزب الذي احتكر الثروة والسلطة وتحولت مصر علي يديه إلي واحة فساد. وأعرب ماضي عن أمله في أن تتخلص الأحزاب المعارضة من صراعاتها ومشاكلها الداخلية وأن تخرج إلي الشارع المصري وتحشد الجماهير للوقوف في وجه هذا النظام الذي لن يقدم أي إصلاحات، دون أن يشعر بوجود ضغط شعبي يرغب في التغيير بإرادة قوية، وأكد أبوالعلا ماضي أن مفتاح مقاومة الفساد في مصر هو تحقيق الإصلاح الديمقراطي الذي من شأنه أن يحقق نظام المحاسبة والمراقبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق