السبت، 20 مارس 2010

خيرى رمضان : لن أكون مناضلاً سياسياً أمام الكاميرا


"برامج التوك شو" لم تنضج
لم أفكر يوماً أن أكون موظفاً أقوم بعمل روتينى، ولم أشعر فى بداية الحلقات أننى تلقائى بقدر ما كنت أشعر أننى مراقب وغير مبسوط.. الصوت لم يكن صوتى بل كان مرتعشاً ودائماً يتملكنى إحساس بمغادرة البرنامج وهيأت نفسى للرحيل.. وبعد فترة شعرت أن البيت بيتى!!».. بهذه الكلمات وصف الكاتب الصحفى خيرى رمضان حالته عند التحاقه بالتليفزيون المصرى منذ عام ونصف العام، لم يتوقع الاستمرارية مع زميليه تامر أمين ومحمود سعد، بعد أن فقد جزءاً كبيراً من هامش حرية كان متوفراً فى عمله مع الإعلامى عمرو أديب فى «القاهرة اليوم».
وقال فى حوارهعندما أكتب للصحافة فهذا رأى شخصى، ولا أحد يطالبنى أن أكون مناضلاً سياسياً عندما أقف أمام الكاميرا.. هنا علىّ أن ألتزم بمعايير المهنة.
أوضح أن الإعلام لم يعرف انضباط النفس أو متى تكون الحرية المسؤولة، وقال: برامج التوك شو لم تنضج بعد، وبدأت باجتهادات شخصية بلا قواعد، ومع الاحتراف ينظر للمذيع على أنه خائن أو عميل.
خيرى يرفض مواثيق الشرف الإعلامى التى يضعها وزراء الإعلام، وقال إن برنامج «مصر النهارده.. نحلم ببكرة» حالة جديدة ومختلفة عن «البيت بيتك».
■ تغيير اسم البرنامج من «البيت بيتك» إلى «مصر النهارده» هل يؤثر على متابعة المشاهدين للبرنامج؟
- «البيت بيتك» كاسم حالة خاصة، ومن الصعب أن نجد اسماً مماثلاً له، كما أنه حالفه التوفيق، وكتب له النجاح على مدار ٦ سنوات، بل إنه تجربة تستحق كل التقدير والاحترام لكل القائمين عليها، ولكن الناس فى مصر ترتبط لفترة بالأشياء وبعدين تنسى، أما عن نجاح «مصر النهارده» فيتوقف على جودة المحتوى، ونحن نراهن على ما نقدمه وما حققناه فى السابق.
■ هل الاختلاف بين البرنامجين فى الاسم فقط؟
- لا طبعاً، فقد اجتهدنا جميعاً فى شكل الفقرات الجديدة مع بقاء شخصية وروح المذيعين كما هى، فسيظل تامر ومحمود وأنا جميعاً بسماتنا فنحن لسنا ممثلين لنغير أدوارنا.
■ فى الحلقات الأخيرة من «البيت بيتك» كان الحزن يخيم على أجواء البرنامج، ما الأسباب؟
- كانت هناك بعض المشاكل القانونية بين المنتج واتحاد التليفزيون التى تؤدى إلى توقف البرنامج لأجل غير مسمى، وكنت أتمنى أن يصل القائمون عليه لأى صيغة توافقية تضمن الاستمرار، خاصة أننى أمضيت ما يقرب من العام ونصف العام مذيعاً فى البرنامج.
■ البعض فسر الأجواء المشحونة بوجود خلافات بين فريق المذيعين؟
- قرأت كثيراً عن تلك الشائعات، وضحكت، وما لا يعرفه البعض مدى العلاقة والصداقة الحميمة التى تربطنى بزميلى محمود سعد وتامر أمين منذ سنوات.
■ لكن علاقتك بتامر أمين لم تظهر كما تصفها الآن فى بداية التحاقك بالبرنامج؟
- تامر كان يمارس معى بعض المناوشات على الهواء والتى كان يمارسها مع زملاء سابقين، ولم يقصد أن يسبب لى أى إحراج، فهذه طبيعة تامر، وأنا أعرف صديقى جيداً.
ماذا كان يدور فى خاطرك فى بداية التحاقك بالبرنامج؟
- لم أفكر يوماً أن أكون موظفاً أقوم بعمل روتينى، ولم أشعر فى بداية الحلقات أننى تلقائى بقدر ما كنت أشعر أننى مراقب وغير مبسوط، فالصوت لم يكن صوتى، بل كان مرتعشاً، وكان يتملكنى إحساس بمغادرة البرنامج، وهيأت نفسى للرحيل، وبعد فترة شعرت أننى جزء من المكان.
■ وما سبب ذلك؟
- إحساسى بعدم النجاح فى البداية، خاصة أن تجربتى مع عمرو أديب فى «القاهرة اليوم» لها سقف من الحرية مختلف، ومساحة أكبر من الوقت، والتجربة فى «البيت بيتك» مرتبطة بالضيف والأسئلة المعدة مسبقاً وليس لى مساحة فى الاعتراض على أحد.
■ هل هذا هو الاختلاف الجوهرى بين التليفزيون المصرى والفضائيات؟
- بالطبع لا، لكن القلق من تليفزيون الحكومة كان افتراضياً ونفسياً، وقتها سألت نفسى: هل ستتغير المعايير المهنية لو كنت فى شاشة خاصة؟.. وجاءت الإجابة فى تساؤل: هل من المعايير المهنية أن أنتصر على الضيف أو المسؤول، أم أن حوارى هدفه البحث عن إجابة لمعظم الأسئلة التى تدور فى أذهان الناس، وكيف أفرق بين الأسئلة المغرضة، ومتى أحتفظ برأيى الشخصى، وفى النهاية تبقى المعايير المهنية هى المهيمنة على كل وسائل الإعلام.
■ لذلك، يريدك البعض أن تقول ما تكتبه من رأى فى مقالاتك الصحفية أثناء مناقشتك لبعض القضايا؟
- عندما أكتب فى الصحافة فهذا رأى شخصى يعبر عن وجهة نظرى، وأحاسب أنا شخصياً عما أكتبه، ولكن هذا يختلف فى واقع الأمر عندما أكون فى عمل إعلامى، المعايير تختلف، وهنا لا أحد يطلب منى أن أكون مناضلاً سياسياً أو رجلاً حزبياً والسبب ببساطة أننا نعبر عن وجهة نظر برنامج له أهداف محددة، ووجهة نظر أى برنامج تختلف من قناة إلى أخرى، والمعايير تمارس مع كل الأطراف، بل تلزمنى بعدم التجاوز واحترام الوزير ورجل الشارع، وما يحزننى أن الإعلام أصبح بلا معايير، والناس ذوقها فسد، والسبب أن الإعلام لم يعد يعرف انضباط النفس، وأنا أسعى جاهداً لأن أكون منضبطاًإعلامياً.
■ ١٥ يوماً هى مدة التجهيز للبرنامج الجديد، كيف كان سير العمل فى هذه الفترة؟
- لم أصدق الجهد الذى بذل فى فترة وجيزة، الاستديوهات المخصصة للبرنامج مبهرة، وفريق العمل قدم كل ما لديه من طاقات، والمكان بات أشبه بقناة مستقلة، وكنا كفريق إعداد ومذيعين نقدم كل مقترحاتنا للوصول إلى عمل نأمل أن يشعر المواطن به.
■ فى تصريح لوزير الإعلام قال فيه: «ليس هناك خطوط حمراء وسنشهد سقف حرية أرحب مما هو عليه» كيف ترى هذه العبارة؟
- أنس الفقى وعدنا بهامش حرية، وهذا ما نأمله، وفى النهاية أنا أعلم جيداً أن الإعلام المصرى مرتبط بسياسة دولة لها محاذير واضحة، منها على سبيل المثال أننا لا نستطيع استضافة جماعة الإخوان فى الوقت الحالى وربما يتغير الوضع لاحقاً، وإن كنت أفضل كمذيع أن أستضيف كل التيارات السياسية المختلفة، وأرى أن هذا من حق المواطن أيضاً أن يشاهد من يبحث عنهم على قنواته الأرضية.
هل يؤثر غياب الإخوان فى الإعلام المصرى بشكل أو بآخر؟
- من حق المواطن أن يرى جزءاً من الشريحة الغائبة فى الإعلام المصرى، وأنا لست مع الحجر على الإخوان فى الظهور فى تليفزيون بلدهم، وفى الوقت نفسه أنا متفهم وجهة نظر وزير الإعلام ولا أطالبه بأن يكون بطلاً قومياً أو ينتحر لأن هناك نظاماً للدولة، والوزير جهة تنفيذية لسياسة الدولة.
■ هل تقدم مبررات واعتذارات للقائمين على الإعلام المصرى؟
- لا يوجد إعلام فى العالم سواء خاصاً أو مملوكاً للدول ليس لديه خطوط حمراء، وهناك قنوات استغنت عن مذيعين وأوقفت برامج إرضاء للسلطة، لكن هناك أيضاً نظرة تفاؤل يمكن أن تتحقق من خلال مساحات من الحرية المسؤولة نعبر بها عن رسالتنا وأهدافنا، ويمكن الوصول بها إلى أكبر قدر من المشاهدين والتواصل معهم، وهذا ما حققناه ونستمر فى تقديمه من خلال «مصر النهارده».
■ هل نضجت برامج «التوك شو» فى مصر أم لا يزال أمامها المزيد؟
- للأسف لم تنضج بعد، فقد مرت بمراحل عديدة، كانت بدايتها اجتهادات شخصية بلا قواعد وإن كانت تلك الاجتهادات ارتقت بذوق المشاهد، ومع بدايات الاحتراف، بات ينظر للمذيع على أنه خائن وعميل، وكان علينا أن نتحمل هذه الاتهامات من أجل تغيير المفاهيم وأن نعود المشاهد على أن يكون موضوعياً ويرى الأشياء من كل الزوايا، وألا يطالب الإعلامى بأن يمارس دوره السياسى، بل علينا أن نمارس دورنا كإعلاميين وللمشاهد الحق فى أن تكون رؤيته كما يشاء.
■ هل ترى أن الانتخابات النيابية والرئاسية التى تشهدها مصر فى المرحلة المقبلة تديرها الآلة الإعلامية، وإلى أى مدى تكون مؤثرة، وهل سيكون هناك اختلاف عن تغطية انتخابات ٢٠٠٥؟
- أعتقد أن فرص المزايدة ستكون واسعة، ولن يحدث نضج كامل إلا بعد الانتخابات، وستكون المشاركة الإعلامية أكبر للإنترنت والـ«فيس بوك» بشكل مؤثر وأقوى من المحطات التليفزيونية والسبب أن الشباب هم من يقودون هذه الحملات على الإنترنت، كما ستتراجع الحركات الشعبية مثل كفاية، أما الجزء الأهم وهو اعتقادى أنه سيكون هناك يد باطشة من الحكومة بشكل أو بآخر لن تسمح بالسقف العالى للبرامج كما كان من قبل.
■ ما رأيك فى مبادرة وزراء الإعلام العرب بصياغة وثيقة تحدد من خلالها ميثاق شرف لتنظيم عمل الآلة الإعلامية؟
- لدينا ميثاق شرف صحفى ماذا فعلنا به؟ القضية ليست مواثيق شرف، ولكن كما نطالب بوعى شعبى، نطالب أيضاً بوعى إعلامى من الإعلاميين أنفسهم، وإن لم أراع ضميرى فإننى أستحق الحرق، فالوزير يضبط أقماره كما يشاء، لكن أن يصادر عقلى أو ضميرى المهنى فلا، أما أخلاقنا فنحن أولى بضبطها.

المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق