الخميس، 18 مارس 2010
البحث عن الحب بالحركة البطيئة !
اصطحبت التفاؤل معي لمشاهدة فيلم valentine `s day أو عيد الحب كما عرض في الصالات المصرية। كانت أسباب التفاؤل كثيرة منها حشد النجوم والنجمات الذين تكدست صورهم فوق الافيش وقد احاط بهم قلب كبير، في القائمة أسماء مثل جوليا روبرتس والمخضرمة شيرلي ماكلين وتوليفة من الممثلين والممثلات من جيسيكا ألبا إلي جيسيكابيل ومن آن هافواي إلي جنيفر جارنز، ومن اشتون كوشتر إلي جيمي فوكس، حتي السمراء البدينة الظريفة كوين لاتيفا كان لها مكان وسط كل هؤلاء. ومن دواعي التفاؤل المسبق أيضاً أن مخرج الفيلم له أعمال سابقة ناجحة. هو جاري مارشال مخرج العمل ذائع الصيت امرأة جميلة، كما أن موضوع الفيلم وهو الحب تم تقديمه في فيلم سابق جيد جداً متعدد الحكايات قام ببطولته هيو جرانت وعرض منذ سنوات تحت عنوان إنه الحب لذلك اعتقدت أنني سأشاهد تنويعة جديدة بحكايات مختلفة وبأداء ممثلين رائعين علي نفس هذه النغمة التي تتسع لاجتهاد عشرات الموهوبين بشرط الابتكار في المعالجة. ولكن كل ما تخيلته كان سراباً تقريباً॥ فيلم عيد الحب وإن كان يفترض أنه يدور حول عالم العواطف الصادقة والساخنة إلا أنه فيلم مكدس بالشخصيات وبالأداء البارد من السطح، حشد كبير من الثنائيات التي هبطت بإيقاع الفيلم مع عدم توازن في السرد لدرجة أنك تنسي بعض الشخصيات ثم تعود فتتذكرها، وحشد كبير من النجوم والنجمات بعضهم تاه في الزحام مثل جوليا روبرتس وبعضهم يمكن استبداله بسهولة لكي يؤدي دوره أي ممثل تليفزيوني صاعد، أي أن الحكاية بأكملها مجرد استغلال لهذا العدد من الأسماء في فيلم واحد يقترب أحياناً من مسلسلات الصابون الأمريكية، وتندهش أيضاً من طول الفيلم المفرط، وتندهش أكثر من أن مخرجه الشهير لم يستطع أن يفعل شيئاً لضبط الإيقاع ولإنقاذ المشاهد من الملل الذي دفع أفراداً من الجمهور لمغادرة قاعة العرض قبل كلمة النهاية، ولاشك أنهم معذورون لأنه لا يمكن الصمود أمام كل هذه الحكايات والتفصيلات لكي نخرج في النهاية بأن الكل لازم يحب.. وبأنك إذا احببت فعليك أن تقبل من تحبه بكل عيوبه وبكل مزاياه.. إن وجدت! السيناريو الذي كتبته كاترين فوجيت التي اشتركت أيضاً في تأليف القصة، هو أحد أسباب هذا الملل الذي تشعر به من المشاهدة، ليست المشكلة في أنها اختارت سرد حكاياتها عبر خطوط متوازية تتقاطع أحياناً عندما نتبين طبيعة العلاقات بين الشخصيات، ولكن الكارثة في أن هذه الطريقة في السرد تحتاج إلي قدرة عالية من الاحتراف حتي لا ينفرط العقد وحتي لا ينهار البناء وهو ما حدث مع الأسف في الأجزاء الأخيرة من الفيلم. كل حكاية لابد أن تأخذ حظها في السرد، كما أنها لابد أن تتضافر مع الحكايات الأخري، ويلعب المونتاج دوراً أساسياً 0 غير موجود في عيد الحب لتحقيق الإيقاع المتدفق السلس الذي لا يتجاهل - في الوقت نفسه - المشاهد العاطفية المؤثرة. ولكن ما فعلته كاترين فوجيت هو أنها قدمت حكاياتها علي قد ما تقدر ، ثم تاه منها بعض الخيوط وبدا بعض الشخصيات باهتاً وعبئاً علي البناء، وبدلاً من أن يتدخل المخرج بجرأة لضبط هذه الفوضي استخسر أن يحذف شيئاً.. فتاة الجمهور وداعبه النوم. تلك هي المشكلة الأساسية في البناء عمومًا، ولكن الفيلم لا يخلو من ثغرات داخل كل حكاية أو قصة قصيرة، العلاقة بين بائع الزهور الشاب ريد وحبيبته مورلي تتعثر فجأة وبدون مقدمات، فبعد أن وافقت الفتاة علي الزواج صباح يوم عيد الحب، تعتذر في منتصف اليوم بسبب عقدتها نتيجة طلاق والديها، ثم تضيف سببًا آخر هو اهتمامها بالعمل، والعلاقة بين ريد نفسه وصديقته جوليا أكثر غرابة حيث تتحول علاقتهما فجأة إلي حب بعد أن فشل ريد في الزواج من مورلي، وفشلت چوليا في استكمال علاقتها مع الطبيب هاريسون الذي أخفي عليها أنه متزوج منذ 15 عامًا ولديه طفلة! هناك أيضًا حكاية عجيبة عن لاعب الكرة شون الذي تطالب الصحف باعتزاله فيعقد مؤتمرًا صحفيا يعترف فيه بأنه شاذ جنسيا. ما علاقة حياته الخاصة بمطالبة الصحف باعتزاله بسبب كبر السن، حتي العلاقة بين العجوز إدجار وزوجته التي لعبتها شيرلي ماكلين لا تخلو من التساؤلات. لقد ارتبطا منذ نصف قرن، ولكن العجوز ستعترف له فجأة - وفي عيد الحب - بأنها خائنة مع شريكه في العمل؟! لماذا فعلت ذلك؟ لمجرد أن يذهبا إلي حيث مقابر نجوم هوليوود حيث يشاهد الزوج فيلمًا قديمًا لزوجته الممثلة، ولكن تصالحه أمام الشاشة التي تعرض الفيلم في مشهد جميل في حد ذاته، ولكن هؤلاء العواجيز لم يكونوا بحاجة إلي هذه الاعترافات المتأخرة والمضحكة. من العلاقات التي قُدِّمت أيضًا من السطح حكاية الثنائي الشاب جريس وأليكس اللذين يفكران في ممارسة الجنس كوسيلة للتقريب بينهما، ولكنهما يكتشفان - بسذاجة - أن اللقاء الجسدي لن يستطيع أن يخلق مشاعر ليست موجودة أصلاً، وهناك حكاية جيسون وصديقته ليزا التي انضمت إلي شبكة لممارسة الجنس بالتليفون لكي تسدِّد ديونها، وبشكل مباشر يتعلم جيسون أن يتقبلها كما هي لأنه يحبها، أما چوليا روبرتس التي صوَّرت معظم مشاهدها داخل طائرة فلم نعرف عن شخصيتها سوي أنها ضابطة غابت عن أسرتها أحد عشر شهرًا، وأنها عائدة أخيرًا إلي عائلتها، ثم نعرف أنها ابنة الجدة العجوز التي خانت زوجها زمان، وأنها أم الطفل أديسون الذي يعيش قصة حب مع مدرسته الحسناء جوليا! والحقيقة أن دور چوليا روبرتس يمكن أن تلعبه أي ممثلة درجة تالتة هذا إذا سلمنا أصلاً أن هناك دورًا، ولدينا أيضًا شخصيات أخري تائهة ومعلَّقة في الفراغ مثل كارا موظفة العلاقات العامة التي تنظم المؤتمر الصحفي للاعب الكرة شون، ومثل رئيستها كوين لاتيفا، ومثل اثنين من الشباب الرياضي هو عدّاء وهي راقصة تقدم عروضها قبل المباريات، ولا أعرف حتي الآن ماذا كان يفعل هذا الثنائي ضمن الأحداث، ولدينا أيضًا طفلة هندية يحبها الطفل أديسون في النهاية، ومذيع رياضي هو كالفن يكلف بتغطية فعاليات عيد الحب، وتختار له المؤلفة في النهاية أن يرتبط بـكارا.. وألف مبروك للجميع! نتيجة لكل هذا أصبح عيد الحب مستودعًا لكل التناقضات، حكايات يمكن سردها في مشهدين يتم فَرْشها علي مدار الفيلم الطويل، وشخصيات ضبابية تظهر وتختفي مثل ضيوف الشرف، ومحاولات مفتعلة للربط بين كل الشخصيات، مجرد مانشتات سريعة بدون تعميق لأي خط من الخطوط، بناء بصري تقليدي لا يختلف عن أي فيلم أو مسلسل، سرد زاحف عن عملية البحث عن الحب، ولكن بالحركة البطيئة، فيلم جديد متواضع يؤكد أنه الحب وحده لا يكفي، فالمهم أن تعرف كيف تعالج موضوعك بنفس القوة والحرارة حتي لا يتحول عيد الحب إلي كابوس سينمائي!
روز اليوسف
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق