الأحد، 20 يونيو 2010

محمد حمزة : مداح القمر سافر من غير وداع


حتى الكوارث تستغلها يا حمزة».. بتلك الجملة الرقيقة داعب العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ الشاعر الراحل محمد حمزة عقب كتابة الأخير كلمات أغنية «زى الهوى».جملة العندليب جاءت عقب قراءة كلمات الأغنية التى جاءت من واقع تجربة عاطفية ملتهبة عاشها مع فتاة لبنانية، وعندما قرر الزواج منها فوجئ بتلقى دعوة زفافها على ابن عمها فلم يتمالك دموعه التى انهمرت على وجنتيه تعبيرا عن الحزن.
القصة كاملة رواها العندليب لحمزة وطلب منه أن يكتب كلمات أغنية تعبر عن هذا الموقف العاطفى فأمسك الأخير بقلمه وأخذ يصيغ أبيات الأغنية فكتب «فضلت مستنى بأمانى ومالى البيت بالورد بالحب بالأغانى.. إلى: رميت الورد طفيت الشمع»، وعندما سمع العندليب تلك الكلمات تساقطت الدموع مجددا من عينيه، وقال مبتسما: «حتى الكوارث تستغلها يا حمزة».على هذا النحو كانت عبقرية الشاعر الراحل فى التعبير عن مشاعر العندليب حتى إنه لم يكن يخجل من الاعتراف بقيامه بـ«تفصيل» الأغنيات على مقاسه ووفقا لحالته العاطفية.وقال حمزة إنه «تجربة كتابة الأغانى التفصيل أكثر من مرة فى حياته الفنية وأن المطرب الوحيد الذى دفعه لخوض هذه التجربة هو الراحل عبدالحليم حافظ»، مضيفا: «كانت جميع الأغانى التى قدمناها معا تفصيلا لعبدالحليم حافظ وهى التجربة التى لم أقدم عليها مع أى مطرب آخر».وتابع الشاعر الراحل أن جميع أغانيه مع العندليب الأسمر كتبها أمامه ولم يعترض حليم على أى منها لأنه وجدها على مقاسه، حيث كان حمزة يهوى تقديم التجارب العاطفية للعندليب، فبلغت حصيلة تعاونهما نحو 37 أغنية.وليس من قبيل المبالغة القول إن محمد حمزة كان أحد الشعراء الذين ساهموا إلى حد كبير فى صنع تاريخ العندليب الأسمر من خلال كلماته، ومن أشهر الأغنيات التى قدمها له «نبتدى منين الحكاية» و«سواح» و«زى الهوى» و«حاول تفتكرنى».تميز حمزة على نحو لافت فى الأغنيات العاطفية، وتعاون مع أغلب مطربى زمن الفن والجميل.. بدأ مشواره مع التأليف الغنائى عام 1963 عندما قدمته فايزة أحمد من خلال أغنية «أؤمر يا قمر».وكتب للفنانة نجاة «الطير المسافر» و«نسى» و«فى الوسط الطريق» و«ليلة من ليالى» وغيرها، كما تعاون مع الفنان محمد رشدى فى أغنيات «ميتا أشوفك» و«طاير يا هوا» و«على الرملة» و«مغرم صبابة» و«لا لخيزانة للخيزرانة»، وكتب للمطربة شريفة فاضل «آه يا لمكتوب» و«الليل».كما برع الشاعر الراحل فى الأغنيات الشعبية فكتب لعايدة الشاعر «قمر 14» و«شوفتوا العروسة»، وكتب «بهية» للفنان محمد العزبى، وتعاون مع مدحت صالح فى أغنية «لا أنا يا حبيبتى ياسين ولا انتى بهية» وغيرهما.رصيد أغنياته وصلت إلى رقم يصعب على شاعر آخر تخطيه، حيث تجاوت 1200 أغنية لم تخل أيضا من الأغنيات الوطنية، ويكفيه أنه من صاغ أكثر الأغنيات الوطنية خلودا فى الذاكرة، وهى «يا حبيبتى يا مصر» التى شدت بها الفنانة الكبيرة شادية، وقبلها قدم لعبدالحليم حافظ أغنية «عاش اللى قال للرجال».تأثر الشاعر الكبير كثيرا بغزو الأغنيات الشبابية وشيوع ثقافة الفيديو كليب التى غلبت الصورة على الكلمات والألحان فكان دائما يقول: «اليوم نسمع من يقول هل شاهدت أغنية المطربة فلانة أو المغنى فلان؟.. بدلا من أن يقول هل سمعت أغنية هذا المطرب».وحمل حمزة القنوات الغنائية المسئولية عن ذلك سعيا تحقيق مكاسب مادية عن طريق «رنات» الهاتف المحمول، وكان يسخر من موجة الغناء الحالية بالقول: «أنصح أصحاب القنوات الغنائية بأن يكتبوا على قنواتهم انتهاء صلاحية الأغنية بعد أسبوع من عرضها لأنه بعدما تظهر أغنية جديدة تتجه إليها الأنظار».وصف حمزة هيفاء وهبى بأنها فنانة استعراضية وليست مطربة، وقال عن نانسى إنها تمتلك كل عناصر النجومية فصوتها حلو ولديها حضور طاغ.. أما عمرو دياب فيستحق أن يقال عنه ظاهرة فهو يمتلك ذكاء فنيا كبيرا جدا.ورغم غضب الشاعر الراحل من موجة «الغناء الهابط» إلا أنه لم يستسلم أبدا للواقع رافعا شعار «أن تضىء شمعة خيرا من أن تلعن الظلام ألف مرة».فتعاون حمزة مع المطربة السورية أصالة فى أغنيات «سامحتك» و«غيار قوى» و«يا صابرة يانا» و«غيره»، كما تتعاون مع هانى شاكر فى أغنيات منها هو «إلى اختار» و«لف يا قلبى».حمزة، الذى بدأ حياته ناقدا فنيا، بمجلة «روزاليوسف»، ظل ممسكا بقلم الابداع حتى النفس الأخير، فقدم للمطرب العراقى كاظم الساهر «ليالى مالها معنى» أثناء لقائه به فى أحد المهرجانات الغنائية بدبى وقد شرع كاظم بالفعل فى تلحين الأغنية لكنه أجلها لألبومه المقبل.
وكان الراحل قد أشار فى إحد لقاءاته الصحفية أن أقرب الأغانى التى كتبها إلى قلبه هى ثلاث أغنيات خرجت للنور فى مرحلة الخطوبة مع الإعلامية المذيعة الراحلة فاطمة مختار وهى «أحلى طريق فى دنيتى» وغنتها فايزة أحمد و«نبتدى منين الحكاية» وغناها عبدالحليم حافظ و«العيون السود» وغنتها وردة.

محمد سلطان: فقدناه قبل تكريمه بمهرجان الفيديو كليب «فقدنا شاعرا جميلا ورقيقا وإنسانا رائعا».. هكذا رثى الملحن محمد سلطان، رئيس جمعية المؤلفين والملحنين، الشاعر الراحل، قبل أن يكمل قائلا إنه يعرف الراحل منذ بدايته فلحن له الأغنيات الأولى فى حياته وهى «هاتوا الفل مع الياسمين» و«أؤمر يا قمر» وقدمتها فايزة أحمد.وأضاف: توالت بعدها نجاحاتنا معا وكان آخرها أغنية «سامحتك كتير» مع أصالة، مشيرا إلى أن الراحل كان يتصف بالخلق الطيب.وتابع أن حمزة رحل قبل تكريمه فى مهرجان الفيديو كليب لكن المهرجان سيكرم اسمه.
جمال بخيت: لمع نجمه وسط عمالقة من الشعراءالشاعر جمال بخيت قال عن الراحل إنه أحد أهم شعراء الأغنية فى مصر وأثرى الأغنية بالكثير من الأعمال العظيمة بفضل تجربته الرائعة مع عبدالحليم وبليغ حمدى وآخرين.وأضاف: كان للراحل إسهامات كبيرة فى كل أنواع الغناء الوطنى والشعبى والعاطفى، مشيرا إلى أن أكثر ما يميز مسيرة الراحل الكبير أن نجمه لمع وسط العمالقة مرسى جميل عزيز وأحمد شفيق كامل.وأوضح أنه بالفعل كان بينه وبين الراحل عناصر متشابه كثيرة، أهمها عملهما سويا فى مجلة «صباح الخير»، لافتا إلى أنه عرف البعد الإنسانى فى حياة حمزة وكيف أنه لا يقل حضورا وتألقا عن بعده الفنى.
محمد العزبى: قدمنا «عيون بهية» بأوامر ملكية المطرب محمد العزبى قال إننا فقدنا شاعرا يصعب تعويضه، وتذكر أغنية «عيون بهية» التى تعاونا فيها سويا، وقال إن الأغنية خرجت للنور بطلب من ملك المغرب الراحل الملك الحسن عندما كنا فى زيارة بمناسبة عيد جلوس الملك على العرش.وأضاف: كنا هناك أنا وعبدالحليم ووديع الصافى وفوجئنا بتساؤل من الملك لبليغ حمدى لماذا لا يلحن لى؟.. وهنا تدخل عبدالحليم وقال للملك فى حفلتى المقبلة سيغنى العزبى من ألحان بليغ، وهنا سأله الملك «وعد يا عبدالحليم?» فأجابه العندليب «وعد».وعندما عدنا إلى القاهرة طلب عبد الحليم من محمد حمزة أن يكتب لى أغنية، وبالفعل كانت «عيون بهية»، التى لحنها لى بليغ حمدى.وأكمل محمد العزبى أنه لم يلتق معه فى أغانٍ أخرى بسبب انشغال حمزة مع عبدالحليم وبليغ ومحمد رشدى.

الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق