الجمعة، 25 يونيو 2010

المغربي الوزير باع قرية توت آمون للمغربي رجل الأعمال


المصدر : جريدة الفجر

كانت قضية بيع قرية توت آمون هي حديث كل الأوساط الأسبوع الماضي.. كانت بطلة علي مائدة السياسيين والصحفيين ورجال الأعمال وكبار المسئولين في الدولة.. تأثيرها وصل إلي مبني الرئاسة.. فالقضية بها اسما وزيرين واحد منهم ترك الوزارة وهو محمد منصور وزير النقل والمواصلات السابق والآخر هو أحمد المغربي وزير الإسكان.. بيع قرية توت آمون المطلة علي بحيرة ناصر بأسوان اشعل الصراع بين شركة مصر أسوان المالكة وشركة جزيرة آمون المملوكة لأربعة مساهمين منهم ناصر عبداللطيف وشركة بالم هيلز التي يشارك في ملكيتها أحمد المغربي ومحمد منصور وهي القضية التي تفجرت في اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب الأسبوع الماضي حينما تم الكشف عن بيع ثمانمائة وأربعين ألف متر بسعر ثمانين جنيها للمتر الواحد إلي شركة بالم هيلز وهي احدي الشركات المملوكة لعائلتي المغربي ومنصور ليتدخل بعدها الرئيس حسني مبارك ويصدر تعليماته بإلغاء جميع التعاقدات السابقة الخاصة ببيع قرية آمون السياحية مع طرحها من خلال مزاد علني وبنظام حق الانتفاع لمدة لا تزيد علي 49 عاما لتزداد سخونة الاحداث مرة أخري.
الحكاية إذن معقدة ومتشابكة بشكل يدفعنا لنبحث عن جذورها التي ترجع إلي عام 1979 حين انشأ فؤاد سلطان وزير السياحة شركة مصر أسوان للسياحة شركة مساهة مصرية خاضعة لقانون استثمار المال العربي والاجنبي برأسمال قدرة مائة مليون جنيه ويتوزع هيكل ملكية «مصر - أسوان» بين عشر جهات منها خمس وزارات مصرية هي الشركة القابضة مصر للطيران بنسبة 33%، شركة مصر للتأمين بنسبة23%، الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق ايجوث بنسبة 19% والنسبة الباقية علي مصر للفنادق، محافظة أسوان، هيئة المجتمعات العمرانية، شركة مصر للتعمير المملوكة لبنك مصر وشركة الاستثمار الكويتية المصرية.
في أول فبراير عام 1984 أصدر حسب الله الكفراوي وزير الإسكان القرار رقم 5 بتخصيص مساحة أرض بلغت 200فدان مملوكة للدولة خارج زمام مدينة أسوان غرب بحيرة السد العالي في موقع مميز امام معبد كلابشة بثمن سبعة آلاف جنيه ليتم انشاء قرية توت آمون السياحية عليها ثم حصلت شركة مصر آمون علي 37فدانا اخري من هيئة تنمية السد العالي بثمن بلغ اربعين ألف جنيه لتتملك بذلك شركة مصر أسوان قرابة المليون متر مربع بما لا يزيد علي خمسين ألف جنيه وقتها وتقيم عليها قرية توت آمون اضافة إلي امتلاكها فندق نفرتاري القريب منها الذي كان يقيم بها مبعوثو هيئة اليونسكو اثناء نقل معبدي ابوسمبل وفيله بعد البدء في انشاء السد العالي.
استغرق انشاء القرية أربع سنوات وهي أول قرية سياحية يتم انشاؤها علي مساحة 237فدانا بطاقة فندقية وصلت إلي 248 غرفة دوبليكس و5 فيلات بمستوي خمس نجوم وتم انشاء طريق خاص بالقرية وتم انشاء كافة مباني القرية علي ارتفاع 183 مترا من سطح البحر لتلافي أقصي ارتفاع لمياه بحيرة ناصر وقامت شركة مصر أسوان باستيراد مستلزمات القرية من النمسا وسويسرا واليابان وقامت بادارتها مجموعة شركات شيراتون ثم هيلنان العالمية.
وفي اغسطس 2006 اعلنت شركة مصر أسوان عن بيع قرية آمون السياحية وحددت جلسة اول نوفمبر لفض المظاريف وقتها قام احد مؤسسي شركة جزيرة آمون بشراء كراسة الشروط والمواصفات التي اعدتها مجموعة كونكورد الاستثمارية ليجد ان شركة مصر أسوان تعرض بيع قرية آمون بمساحة 238 فدانا وما عليها من مبان فندقية إضافة إلي 200 فدان أخري ملحقة بها بمساحة اجمالية بلغت 438 فدانا وفي جلسة فض المظاريف يوم 15نوفمبر2006 تقدمت شركة جزيرة آمون ويمثلها اشرف لبيب بعرض مبلغ تسعين مليون جنيه وتقدمت شركة مودرن جروب ويمثلها وليد دعبس بعرض مبلغ اربعين مليون جنيه الا ان جلسة المزاد تم تأجيلها بحجة تحسين العروض وفي الجلسة المقررة يوم 20 نوفمبر انعقدت لجنة فض المظاريف برئاسة محمد كمال قنديل رئيس مجلس ادارة الشركة والعضو المنتدب تمسكت شركة جزيرة آمون بعرض التسعين مليون جنيه مع تقليل مدة السماح إلي سنتين بدلا من ثلاث ويسدد بعدها المبلغ خلال عامين مع سداد 30 في المائة عند التوقيع علي عقد البيع الابتدائي واستلام القرية وعرضت مودرن جروب ستين مليونا وست سنوات للسداد فتم رسو المزاد علي شركة جزيرة آمون وابلغتها شركة مصر أسوان رسميا بموافقتها في منتصف يناير2007 قامت علي اثرها شركة جزيرة آمون بسداد سبعة ملايين جنيه لشركة مصر أسوان حسب الاتفاق في نهاية يناير2007 إضافة إلي تأمين المزاد البالغ مليونا وثمانمائة ألف.
بدأت المشكلات بين شركتي آمون ومصر أسوان عندما ارسلت الأخيرة مسودة عقد بيع ابتدائي اعترضت عليه شركة آمون لتضمنه بنودا اعتبرتها عراقيل مثل اشتراطها فسخ العقد من تلقاء نفسه دون تنبيه او حكم قضائي اذا تخلفت الشركة عن سداد اي قسط من الاقساط واحقية شركة مصر أسوان في استرداد القرية بما عليها من منشآت جديدة واحتفاظها بكامل المبالغ السابق سداده في تلك الحالة والغريب حقا هو خلو عقد البيع المقدم منها من المائتي فدان الإضافية الواردة بكراسة الشروط والتي علي اساسها تم تقييم ثمن البيع من شركة آمون.
فقدمت جزيرة آمون مشروع عقد ابتدائي آخر رفضته مصر أسوان وارسلت انذارا إلي شركة جزيرة آمون تمهلها أسبوعا لاستيفاء المقدم وتحديد الممثل القانوني لها رغم علمها بان شركة جزيرة آمون صدر قرار تأسيسها في اول مارس2007 وتم اشهارها بصحيفة الاستثمار بتاريخ 8 مارس 2007 تحت رقم 304واثباتا من شركة جزيرة آمون التزامها بالسداد قامت في اليوم التالي لوصولها انذار مصر أسوان باصدار شيك مصرفي بمبلغ 22مليون جنيه لصالح مصر أسوان لاستكمال نسبة المقدم وارسلته بانذار علي يد محضر وطالبت بتسليمها أرض القرية علي الطبيعة ليتم التوقيع علي عقد البيع الابتدائي في نفس الوقت عبر لجان من الجانبين الا ان شركة مصر أسوان اصرت علي ان يتم التنفيذ بمقر الشركة بالعباسية.
وصلت حدة الخلاف إلي ساحة القضاء حيث قامت شركة آمون برفع الدعوة رقم 3950لسنة 2007 مدني وصدرفي نهاية فبراير 2008 حكم لصالحها بإعادة تقييم قرية آمون علي الطبيعة وبالزام شركة مصر أسوان بتقديم مستندات الملكية.
اثناء حجز الدعوة للحكم قامت شركة مصر أسوان بمخالفة قانونية صارخة عندما اعلنت عن بيع قرية آمون مرة أخري وحددت موعدا لفض المظاريف في نهاية مارس 2008 رغم قيامها ببيع القرية لشركة جزيرة آمون ودون الغاء المزايدة الأولي.
الا انه مع ظهور كراسة شروط المزايدة الثانية تفجرت عدة مفاجآت من العيار الثقيل أولاها ان اجمالي مساحة أرض القرية هي مائتا فدانا فقط واختفت منها 237 فداناً أخري ذكرتها في المزايدة الأولي لتكشف بذلك عن حقيقة مساحة الأرض موضع الخلاف مع شركة جزيرة آمون وتوضح سبب إصرار شركة مصر أسوان علي اتمام تنفيذ البيع بمقر الشركة بالقاهرة وليس علي الطبيعة في أسوان.
المفاجأة الثانية هي ان شركة مصر أسوان رغم صدور قرار وزير الإسكان ببيع الأرض لها منذ عام1984 اي منذ ربع قرن لم تقم بتسجيل الأرض التي ادعت انها مسجلة في كراسة شروط المزايدة الأولي واقرت في كراسة المزايدة الثانية انها "قابلة للشهر" فقط.
تقدم لشراء كراسة شروط المزايدة الثانية ماجد أحمد سامي بصفته نائب اول رئيس مجلس ادارة شركة بالم هيلز وفي يوم23مارس 2008 ارسلت مجموعة كونكورد الاستشارية برئاسة المهندس الدكتور تامر فؤاد خطابا إلي شركة بالم هيلز بصفتها المسئولة عن الدراسات الفنية واعمال الترويج لعملية بيع قرية توت آمون السياحية تخبرها ان جلسة فض المظاريف يوم الاحد الموافق 30مارس اي بعد اسبوع واحد فقط بمقر شركة مصر أسوان بالعباسية وتطلب ايضا دفع تأمين2% من قيمة العطاء لدخول المزاد بشيك مصرفي او خطاب ضمان وفي يوم 27مارس 2008 ارسل البنك التجاري الدولي خطاب ضمان ابتدائي رقم IGT080\92864\08 بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه عن العطاء المقدم من شركة بالم هيلز كتأمين لدخول المزاد الخاص بقرية توت آمون السياحية بأسوان ويتعهد البنك بوضعه تحت تصرفها كتأمين ابتدائي دون عائد وقابل للدفع نقدا عند اول طلب وينتهي مفعول هذا التعهد في 30 يونيه 2008.
في يوم جلسة فض المظاريف تقدمت ثلاث شركات هي ميراج للفنادق وليزا للاستثمار وبالم هيلز التي يشترك في ملكيتها محمد منصور وزير النقل السابق وأحمد المغربي وزير الإسكان الحالي وتم تأجيل الجلسة إلي 7 أبريل لتحسين العروض وفي اليوم التالي لجلسة فض المظاريف ارسلت شركة جزيرة آمون انذارا إلي شركة بالم هيلز تنبه عليها عدم شراء قرية توت آمون لسابق ترسيتها عليها وان هناك نزاعا قضائيا في هذا الشأن وحينما انعقدت جلسة فض المظاريف الثانية في 7 أبريل عرضت شركة بالم هيلز الانذار الموجه اليها من شركة جزيرة آمون الا ان شركة مصر أسوان أكدت أحقيتها في إعادة طرح قرية توت آمون للبيع مرة ثانية ومسئوليتها الكاملة عن كافة الاحكام الصادرة في المنازعات القضائية مع شركة جزيرة آمون لتفوز بعدها شركة المغربي بالمزايدة بمبلغ 84 مليون جنيه وربع المليون اضافة إلي مبلغ 4ملايين جنيه عمولة بيع وتثمين عن ثمانمائة واربعين ألف متر مربع بسعر80جنيها للمتر الواحد في اجمل بقعة علي بحيرة ناصر وعرضت شركة بالم هيلز وضع باقي المبلغ في حساب بنكي وسيط علي ان يصرف لشركة مصر أسوان للسياحة عند تقديمها عقد بيع نهائي موقع عليه من ممثلها القانوني كبائع الا ان شركة مصر أسوان رفضت ذلك العرض وتم سداد مبلغ اثني عشر مليون جنيه مقابل تحرير عقد ابتدائي في 20 يوليو2008 واتفق علي سداد باقي المبلغ عند توقيع عقد البيع النهائي.
عند هذه النقطة يمكننا القول ان إجراءات رسو المزاد علي شركة بالم هيلز التي يشارك فيها المغربي لا يشوبها خطأ قانوني وان العملية تمت بصورة سليمة وان كل الخطأ يقع علي عاتق شركة مصر أسوان التي باعت أرض قرية توت آمون مرتين اولاهما لشركة مصر أسوان وثانيهما لشركة بالم هيلز الا ان القضية المطروحة توضح إلي أي درجة وجد المغربي نفسه في هذا المأزق فهو وزير إسكان ممثل للمال العام بالشركة المالكة للقرية.. وهو أيضاً مساهم وشريك في الشركة الثانية المشترية فبدا كأن المغربي يبيع للمغربي.
علي اية حال لم تسكت شركة جزيرة آمون التي وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه بل قامت برفع دعوي قضائية أخري برقم 1767 لسنة 2008 تطلب فيها وقف تنفيذ البيع فحصلت علي حكم ابتدائي من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 29 ديسمبر 2009 اي بعد مرور عام ونصف علي فوز بالم هيلز بالمزاد الثاني قضي باعتبار رسو المزاد وموافقة شركة مصر أسوان الأولي بيع كامل قرية آمون ومقوماتها والاراضي الفضاء بأسوان هو عقد بيع ابتدائي والزمت شركة مصر أسوان بتسليم القرية موضوع المزايدة الا ان الاخيرة قامت باستئنافه ومازال امام القضاء.
المدهش حقا هو ان شركة مصر أسوان قامت بتسجيل عقد ملكية أرض قرية توت آمون في ديسمبر2008 اي بعد ان قامت ببيع الأرض مرتين في مزادين مختلفين لشركة جزيرة آمون وشركة بالم هيلز حيث حصلت الفجر علي صورة من عقد البيع لشركة مصر أسوان ومشهر في الشهر العقاري برقم 2867 بتاريخ 3 ديسمبر 2008 ويظهر فيه علامة شطب واضحة علي 37 فدانا وشطب علي مالكها ممثل هيئة تنمية بحيرة السد العالي ليصبح اجمالي مساحة الأرض الحقيقية التي اشترتها مصر أسوان من وزارة الإسكان في اكتوبر 1985 هي مائتا فدان فقط وتختفي منها المائتا فدان الأخري التي ذكرت في كراسة شروط المزايدة الأولي التي فازت بها شركة جزيرة آمون.
وعندما تقدمت بالم هيلز بالطلب رقم 22 لسنة 2009 بشهر عقاري أسوان لتسجيل الأرض قامت شركة جزيرة آمون بإقامة الدعوي رقم 1147 لسنة2010 تجاري كلي شمال القاهرة ضد شركتي مصر أسوان وبالم هيلز ووزير العدل بطلب وقف السير في إجراءات هذا الطلب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق