الأربعاء، 23 يونيو 2010

فيلم الخليج الصغير يشعل حربا ثقافية في اليابان


احدهما يدافع عن ضرورة احترام الخصوصية اليابانية والآخر يؤكد حرية التعبير‏.‏الفيلم يدور حول مجموعة من الناشطين المدافعين عن البيئة الذين يناضلون مع الشرطة والصيادين في اليابان من أجل الوصول إلي خليج صغير منعزل في مدينة تايجي جنوب اليابان‏,‏ والمعروف عنها قيام الصيادين بمحاضرة الدلافين وصيدها ثم ذبحها وأكلها‏.‏ وإلي جانب مشاهد القتل الوحشي للدلافين‏,‏ يعرض الفيلم لمشاهد محاولات الشرطة وأهالي المدينة منع تصوير الفيلم‏.‏ويسلط الفيلم الضوء علي أن نسبة ضئيلة من افراد الشعب الياباني لديها ثقافة صيد وأكل لحم الدلافين‏,‏ رغم الجهود العالمية لمنع صيد الدلافين والحيتان لحمايتهما من الانقراض‏.‏الفيلم‏,‏ الذي تكلف إنتاجه‏5‏ ملايين دولار واستمر تصويره خمس سنوات بقيادة المخرج الأمريكي لوي بسيوس‏,‏ تجد فيه الجامعات القومية المتطرفة في اليابان تشويها لصورة اليابان في أعين اليابانيين والعالم‏,‏ وتدخلا غير مقبول في العادات اليابانية من جانب الأمريكيين‏,‏ وانتهاكا لخصوصية بعض المناطق اليابانية المعروف عنها صيد الدلافين والحيتان‏,‏ وإظهار هذه المناطق بشكل غير مقبول ووحشي‏.‏ومناصرواهذه الجماعات‏,‏ الذين يبلغ عددهم حوالي‏10‏ آلاف شخص حسب بعض التقديرات‏,‏ لا يحبون انتقاد الأوضاع في بلدهم‏,‏ خاصة إذا كانت هذه الانتقادات تأتي من أطراف خارجية‏.‏ وقد ظهر ذلك من الشعارات التي رفعتها هذه الجماعات أمام دور السينما اليابانية اعتراضا علي عرض الفيلم‏,‏ مثل‏:‏ إذا كان لديكم أي احترام للكرامة اليابانية فلا تعرضوا هذا الفيلم و هل ترغبون في تسميم الروح اليابانية؟وعلي الجانب الآخر في هذه الحرب الثقافية المشتعلة‏,‏ ينادي المدافعون عن حرية الرأي والتعبير أصحاب دور العرض السينمائي بتجاهل تهديدات الجماعات القومية المتطرفة‏.‏ ويطالبون بعرض الفيلم مشيرين إلي أن الجماعات المتطرفة التي تعارض الفيلم لا تمثل سوي نسبة ضئيلة جدامن الشعب الياباني‏,‏ ومن ثم يجب عدم الإصغاء إليهم أو الالتفات إلي تهديداتهم باستخدام العنف‏.‏ويري هؤلاء أن المجتمع الياباني لايزال يخفي العديد من الأشياء القذرة‏,‏ ومن ثم فإن معرفة هذه الأشياء ومناقشتها علي نطاق واسع يعتبر الخطوة الأولي علي طريق العلاج‏.‏ ومن هذا المنطلق‏,‏ يعتبر الفيلم فرصة طيبة أمام فتح نقاش شعبي واسع بين اليابانيين حول أهمية صيد الدلافين والحيتان في المستقبل‏.‏ويضيف أنصار هذا الاتجاه بالقول إن الأوضاع القائمة في أمر من الأمور لا يجب أن تكون حائلا أمام عرض أي فيلم في دور السينما اليابانية‏,‏ مشيرين إلي أن السينما الأمريكية عرضت أكثر من فيلم ينتقد بشدة الأوضاع الأمريكية القائمة‏,‏ مثل أفلام ما يكل مور‏,‏ وفيلم افاتار وغيرها‏.‏وقد أدت الحرب الثقافية المشتعلة بين القوميين المتطرفين وأنصار حرية التعبير حول عرض فيلم الخليج الصغير إلي تزايد الاهتمام الشعبي بالفيلم‏.‏ حيث استنكرت صحيفة اساهي‏,‏ أكثر الصحف اليابانية انتشارا‏,‏ في افتتاحيتها مؤخرا إلغاء عرض الفيلم في دور العرض السينمائي‏,‏ مشيرة إلي أن ذلك يعد انتهاكا صارخا لحرية التعبير‏.‏ وقال مخرج الفيلم لوي بسيوس معلقا علي موقف القوميين المتطرفين في اليابان من فيلمه إنهم ينبحون فقط‏,‏ ولكنهم لا يعضون مشيرا إلي أن هذه المعارضة لن تمنع الفيلم‏,‏ بل أنها تعمل لصالح الفيلم كدعاية مجانية‏.‏ويمكن القول إن نتيجة هذه الحرب في الغالب ستكون لصالح التيار القومي الياباني المتطرف‏.‏ خاصة انه قد تمكن منذ عامين في إلغاء عرض أحد الافلام الوثائقية الصينية‏,‏ الذي كان ينتقد معبد يا سوكوني‏,‏ الذي يمجد ضحايا الحرب اليابانيين‏,‏ بما فيهم مجرموا الحرب الذين أدينوا بارتكاب فضائع وحشية في الصين وكوريا أثناء الحرب العالمية الثانيةولعل أول مؤشرات الانتصار في هذه الحرب هو قرار أصحاب ثلاث دور عرض سينمائي في الاسبوع الماضي إلغاء عرض الفيلم‏,‏ بعد المظاهرات التي قام بها أنصار التيار القومي المتشدد مؤخرا امام أحد أكبر دور العرض السينمائي في قلب طوكيو‏,‏ وتهديدهم بأعمال تخريب ضد دور العرض التي تقرر عرض الفيلم‏.‏أما الثلاثة وعشرون صالة عرض المتبقية في اليابان فلم تقرر بعد بشكل نهائي عرض الفيلم‏,‏ خوفا من التعرض لمشاكل بسبب الجماعات اليمينية المتطرفة‏.‏الأمر الذي أثار توقعات بعدم عرض الفيلم في اليابان علي الاطلاق‏.‏
الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق