أصدرت محكمة دريسدن الالمانية حكما بالسجن مدى الحياة على قاتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى، ولن يفرج عن المتهم بعد مضي الخمسة عشر عاما.
يتوافق الحكم مع مطالب المدعى العام في القضية بتوقيع عقوبة السجن مدى الحياة على المتهم مع التأكيد أن الجاني ارتكب "جرما جسيما" بقتله المرأة المصرية "بدم بارد" طعنا بالسكين بطريقة وحشية أمام ابنها /ثلاثة أعوام/ علاوة على إصابة زوجها بجروح عرضت حياته للخطر.
يذكر أن أقصى عقوبة في ألمانيا هي السجن مدى الحياة والتي يتم تحويلها عادة إلى عقوبة مع وقف التنفيذ بعد مرور 15 عاما، ولكن في حال خلصت المحكمة إلى أن الجاني ارتكب "جرما جسيما" ، يطيل هذا من مدة بقائه خلف القضبان، ربما طوال العمر في بعض الحالات.
أما الدفاع، فطالب بإدانة موكله بتهمة محاولة القتل وضرب أفضى للموت مشيرا إلى وجود العديد من الأدلة التي تؤكد اضطراب الحالة النفسية للمتهم، وجاء الحكم بعد إدانة المتهم أليكس دبليو28/ عاما/ , المنحدر من أصول روسية والذي وجه طعنات وحشية للشربيني.
واستمعت المحكمة خلال الجلسات التي بدأت في 26 من شهر اكتوبر/تشرين اول إلى أقوال العديد من الشهود الذين كانوا على صلة بالمتهم، والذين أكدوا جميعا أن كراهيته للأجانب كانت واضحة.
وكان بيتر كيس المتحدث باسم المحكمة العليا فى ولاية دريسدن قد أعلن أن المحكمة ستصدر قرارها فى قضية مقتل مروة الشربينى وذلك دون النظر الى الوثيقة الروسية التى وصلت الى المحكمة الاثنين وتشير الى أن الجانى اليكس فينس قد أعفى من التجنيد فى روسيا عام 2000 عندما تأكد من مرضه بانفصام الشخصية.
وأوضح المتحدث فى تصريح صحفى لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط فى برلين أن الجانى لم يقم بأى فحص طبى آخر أو داوم على زيارة الطبيب لمعالجته حتى أن الهيئة الروسية المختصة ألغت متابعته عام 2004 من قوائمها .
وكان فرانك هاينريش رئيس الادعاء في قضية مقتل مروة الشربيني "شهيدة الحجاب" قد طالب فى مرافعته خلال الجلسة التى عقدتها المحكمة الاثنين بتوقيع عقوبة السجن مدى الحياة على اليكس دابليو المتهم بطعن الشربيني حتى الموت في قاعة المحكمة في يوليو/تموز ، وقال ان الجانى خطط مسبقا بدم بارد لجريمته بدافع "الكراهية المطلقة لغير الاوروبيين والمسلمين".
واشار رئيس الادعاء امام المحكمة الى ان "اليكس ذبح الشربيني امام طفلها البالغ من العمر ثلاثة اعوام مثل القاتل المأجور"، كما انه شرع في قتل زوج مروة الشربيني أيضا الذي حاول انقاذها.
وأكد هاينريش ضرورة توقيع العقوبة القصوى على المتهم وهي السجن مدى الحياة، وهذه العقوبة تطبق على مرتكبي الهجمات ذات الطابع الوحشي او الهجمات على ضحايا غير مشتبه بهم، وقال هاينريش ان هذين الشرطين يتوافران في هذه القضية، لذلك لا ينبغي السماح بالافراج المشروط عن المتهم بعد 15 عاما.
من جهة أخرى، صرح طارق الشربينى شقيق الدكتورة مروة أن الحكم فى قضية قاتل شقيقته ليس الشق الجنائى الوحيد فى القضية، قائلا "إننا نعول كثيرا على الدعوى المرفوعة من هيئة الدفاع على المحكمة وعلى القاضى ميجاشيفسكى الذى شهد واقعة القتل وعلى هيئة شرطة دريسدن".
وقال طارق الشربينى -فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الأربعاء- "إن محكمة دريسدن قد تعللت قبل الأول من يوليو بأنها لم تأخذ احتياطياتها اللازمة بسبب عدم وضع كاميرات مراقبة وإجراءات أمنية دقيقة"، مشيرا إلى أن هذه المسئولية تتحملها المحكمة كاملة.
وأشار إلى أن شرطة دريسدن لم تتردد بإطلاق النار على زوج شقيقته بالرغم من وجود طفل يبلغ من العمر 3 سنوات ولم تعبأ بأن يشاهد الطفل إطلاق النار على والده أمام عينيه وكان من الممكن أن يصيب الطلق النارى الطفل ذاته، هذا فضلا عن سلبية تعامل قاضى المحكمة مع الموقف والذى يضعه موضع المسئولية بأنه كان من الممكن أن يسارع بانقاذ حياة شقيقته، ولكنه لم يحرك ساكنا.
من جانبه، وصف خالد أبوبكر محامى الدفاع عن الدكتورة مروة الشربينى فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - الخطاب الروسى الذى يفيد بأن المتهم عانى من حالة انفصام عام 2000 بأنه "هزيل" لأن الإدعاء العام الروسى قد أقر بأن كافة الأوراق الخاصة بالجانى قد عدمت من أرشيف التجنيد.
وأفاد الخبير الألمانى النفسى تورتاسكى بأن القاتل سليم عقليا، مشيرا إلى أنه تناقش معه فى أمور سياسية خاصة بالحزب النازى الألمانى، وأنه يتحمل مسئوليته القانونية عن جريمته.
أما أوليفر فايش وهو المحامى الألمانى المنضم لهيئة الدفاع المصرية فقد صرح -لوكالة أنباء الشرق الأوسط - بأن الجانى سليم ولا يعانى من أى خلل نفسى، وإن هذه كانت محاولة فقط من جانب دفاع المتهم لكسب الوقت أو التملص من المسئولية الجنائية، إلا أن تقرير الخبير الألمانى النفسى قد حسم الأمر.وتلقى هذة القضية -التى تجرى مداولاتها منذ 26 أكتوبر/تشرين الاول- اهتماما دوليا كبيرا نظرا لما لما أحدثته من تأثير على الرأى العام يصب بالدعاية المسيئة للإسلام .
وتعد مجموعة من المسلمين فى المانيا -والتى يرأسها بيتر فوجل الالمانى المتحول للاسلام ونائبة محمد فيفكى - للتظاهر أمام مقر المحكمة إحتجاجا على حملات الدعاية ضد الاسلام على شبكات الانترنت الالمانية..وتطالب حكومة المانيا بمحو وازالة كل ما يصب بالدعاية السيئة للاسلام على شبكات الانترنت الالمانية.
تعود وقائع القضية الى قيام أليكس بسب القتيلة، وقضت المحكمة بتغريمه بسبب هذه الفعلة، ولكنه استأنف الحكم، وقتل الشربيني أثناء نظر قضية الاستئناف في الأول من يوليو/تموز 2009.
واعترف أليكس خلال وقائع المحاكمة بفعلته، ولكنه نفى أن تكون معاداة الأجانب هي الدافع، ويواجه المدعى عليه تهما بالقتل والشروع في القتل والتسبب في جروح خطيرة، حيث وجه المتهم لضحيته 16 طعنة بالسكين، على الأقل، كما طعن زوجها قبل أن يتمكن الحراس من السيطرة عليه.
ترحيب مصري وألمانيرحب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام ذكى بالحكم، مشيرا الى إن تطبيق أقصى عقوبة جنائية منصوص عليها في القانون الألماني على قاتل الفقيدة يحقق العدالة المنشودة ويمكن أن يشكل رادعا مناسبا لكل من تحركه بواعث الكراهية والحقد لكيلا يقوم بمثل هذه الجريمة الشنعاء.
وأشار السفير حسام ذكى -فى تصريح له اليوم بهذا الصدد - الى أن العلاقات المصرية الألمانية تقوم على أساس جيد من التعاون في مختلف صوره بحيث تظل أقوى من أن ينال منها جرم من هذا النوع .
وفى الاسكندرية، غمر شعور بالارتياح، وعبر أمين عام نقابة الصيادلة بالإسكندرية الدكتور جمال عبد الوهاب - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - عن ارتياح النقابة وجموع الصيادلة، لافتا إلي أن نقابة الصيادلة بالإسكندرية نظمت عددا من الفعاليات الثقافية والوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالقصاص من قاتل مروة، موضحا أن المحاكمة ضمت محامين من جنسيات مختلفة للترافع ضد قاتل الشهيدة منهم ألمان وفرنسيين ومصريين وجميعهم متطوعون في القضية بالإضافة إلى ممثل الدفاعالألماني الذي أوكلته السفارة المصرية في برلين.
كما رحب حمدي خليفة نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب والذي تولى رئاسة هيئة الدفاع عن ورثة مروة الشربيني في القضية، بالحكم ، مشيرا الى إن هذا الحكم يعني أن المحكمة تصدت للدعوى بحيادية وإيجابية، ونزاهة .
وأوضح خليفة أن النيابة العامة الألمانية مازالت تجري تحقيقاتها مع الضابط الألماني الذي أطلق أعيرة نارية على الدكتور علوي عكاز زوج الشهيدة مروة الشربيني أثناء وقوع جريمة القتل, إلى جانب الدعوى المقامة بشأن القصور الأمني الذي كان سببا في تسهيل مهمة القاتل في الإعتداء على مروة الشربيني وقتلها, دون وجود حائل يحول دون ارتكابه جريمته في ظل غيبة التواجد الأمني.
وأشار إلى انه مازال هناك دعوى مدنية للحصول على تعويض مدني من القاتل لصالح ورثة مروة الشربيني.
من جانبه، وصف سفير مصر لدى ألمانيا رمزي عزالدين الحكم بأنه انتصار للعدالة، مشيرا الى أن إصدار المحكمة حكما بالسجن المؤبد مع التشديد يؤكد أن فرص الاستئناف وتغيير الحكم ضعيفة جدا".
وأكد نديم ألياس رئيس المجلس الأعلي للمسلمين في ألمانيا أن الحكم بالسجن مدى الحياة على قاتل المواطنة المصرية مروة الشربينى وعدم أحقيته بالحصول على إفراج مبكر, يؤكد نزاهة وعدالة القضاء الألماني.
وأضاف "هناك تقبل واسع النطاق في المجتمع الالماني لهذا الحكم, والذي كان متوقعا ومنتظرا خاصة أن القضية واضحة تماما, ولذلك لم تفلح محاولات الدفاع في تخفيف الحكم"، مشيرا إلى ضرورة الاعتراف بوجود ظاهرة "الإسلام فوبيا" في المجتمع الألماني حتى يتم علاجها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق