الثقافة والفن هما دائما أول ضحايا الأزمة, وقد أعلن أمس عن بدء نهاية واحدة من كبري شركات السينما الأمريكية في نهاية القرن الماضي, أنها شركة ميراماكس شركة سينما مدينة نيويورك التي تفوقت علي وحوش هوليوود, ولكن فيما يبدو أنهم هم من ضحكوا ضحكة النهاية.
لقد كانت ميراماكس هي الباعث لريح السينما المختلفة العميقة في سماء السينما الأمريكية التي تعصف علينا بالكثير من أفلام السينما التجارية.
ميراماكس هي من قدمت لنا درس البيانو وغرام شكسبير وقصص شعبية لترنتينو وشيكاغو عصابات نيويورك والكثير من الأفلام المستقلة التي اقتحمت سماء السعفة الذهبية لمهرجان كان وليالي الأوسكار لتنتزع جوائزها الأولي.
الشركة هي نتاج عمل الأخوين هارفي وبوب اللذين ظهرا علي الساحة كموزعين لفيلم مستقل صغير لمخرج غير معروف يدعي ستيفن سوديربيرج كان يحمل عنوان( جنس وأكاذيب وفيديو) عام1979, والذي وسط دهشة الجميع حصل علي السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.كان هذا النجاح هو ما دفع الأخوين إلي الإنتاج السينمائي لتشهد حقبة الثمانينيات دفقة من أفلام السينما النيويوركية مختلفة الشكل والمضمون عن تلك التي اعتدنا علي رؤيتها حاصدة لجوائز عديدة وجامعة لتماثيل الأوسكار. اليوم أعلن عن وفاة. ميراماكس وتم إعلان نهاية الشركة الحلم حيث أعلنت شركة ديزني المالكة الحالية للشركة أنها ستغلقها بداية من يناير القادم. لقد كانت الشركة قد تم بيعها عام1993 لشركة ديزني مع احتفاظ الأخوين بمنصب المدير ولكنهما رحلا في عام2005 ليؤسسا شركة مستقلةWeinsteinCompanyومع ذلك أنتجت ميراماكس واحدا من أنجح أفلام السينما الأمريكية( لا بلد للعجائز2008) والذي حصد الكثير من جوائز الأوسكار. لكن الشركة لم تعد تنتج سوي ثلاثة أفلام في العام وتم الاستغناء عن العديد من موظفي مكتب نيويورك, وفي النهاية تم إغلاق مكتب نيويورك وألحق علي مكاتب ديزني في هوليود ليعلن اليوم عن إغلاقه كاملا وتعلن الشركة أنها لم تعد تهتم إلا بالانتاج الجماهيري الكبير. لقد كانت الأزمة هي السيف الذي قطعت به رؤوس الإنتاج المستقل, فلقد كانت كل شركة من الشركات الكبري تضم بين شركاتها فرعا صغيرا لإنتاج الأفلام المنخفضة التكاليف مثلما كان الحال مع ديزني وميراماكس( بارامونت ونيولين) وغيرها من الشركات ولكن من الواضح أن الإنتاج المستقل وشركاته ستكون هي القرابين علي مذبح الأزمة.اعتدنا أن نشاهد المهرجانات المصرية توزع جوائزها ذات اليمين وذات اليسار علي كل من هب ودب كل عام من حفلات تكريم وتوزيع ألقاب للزعيم ونجمة الحماهير وعروس الشاشة وغيرها من الألقاب والجوائز التي تفقد مثل تلك الجوائز أي مصداقية وتدخلها في نطاق المجاملات أو الرغبة في الظهور مع النجوم, وكذلك نلاحظ أن الكتابات النقدية أصبحت تهتم اهتماما شديدا بإيرادات الأفلام السينمائية ونتائج سينما العيد وسينما المولد وغيرهما من المؤشرات علي نجاح الفيلم جماهيريا وكأن الناقد ترك التحليل الفني للأفلام ودخل معركة الإيرادات مع النجوم وشركات الإنتاج وأصبح شباك التذاكر هو المحرك للحركة النقدية مثلما يفعل مع أسعار النجوم.الوضع مختلف في فرنسا والتي أعلنت فيه أكاديمية جائزة سيزار وهي الجهة المنوط بها منح أهم جوائز السينما الفرنسية كل عام والمعروفة باسم جوائز سيزار والمساوية لجائزة الأوسكار الأمريكية بأنها لن تخصص جائزة خاصة لأكثر الأفلام إيرادات في عام2010. وقد تمت ممارسة العديد من الضغوط علي الأكاديمية من قبل تيار من نقاد الصحف بعد أن حقق الفيلم الكوميديBienvenueChezLesChtis للمثل الكوميدي داني بون نجاحا منقطع النظير بمشاهدته من قبل20 مليون مشاهد وهو رقم لم يحققه فيلم فرنسي في تاريخ فرنسا,وقد أعلنت اللجنة المختصة في الأكاديمية أنها لاتهتم إلا بالفن السينمائي الراقي, أما الفن الجماهيري الهزلي فجائزته ينالها من شباك التذاكر, ولايسعنا هنا إلا توجيه تحية للجنة سيزار التي أعطت درسا في فن السينما لكل الساعين لإعلان أنفسهم نجوما لفن السينما وهم لا يقدمون سوي أفلام تخرج من المعامل لتعرض تجاريا ولكنهما لا ترتقي لمستوي هذا الفن الذي صنع قيمته من بعد أكثر من مائة عام من النمو والتطور وأصبحت له قواعد نقدية وفنية يعرفها المتخصصون في هذا الفن و تدرس في جميع جامعات العالم, وأن نكن نحن مازلنا نعاني من كون أن من تعلم تلك القواعد ليس هو من يقيم ويمنح الجوائز أو عليه نسيان ما تعلمه حتي يتم قبوله في زمرة القائمين علي الأمور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق