الجمهور لا يعرف إسماعيل ياسين.. ودوللي شاهين فشلت في استغلال الفرصة الأخيرة
انتهي مولد مسلسلات رمضان ورغم وجود العديد من الايجابيات إلا ان السلبيات التي طفت علي السطح اكبر من ان تحصيها اسطر قليلة وقد يري الجمهور انه نال ما يستحق من عقاب لانه اضاع بعض الوقت ليري بعض الاعمال التي جاء معظمها مخيبا لآمال صانعيها قبل ان يكون مخيبا لآمال الجمهور.. وعلي رأس الاعمال المخيبة للآمال مسلسل »البوابة الثانية« للمخرج علي عبدالخالق الذي تبني قضية مهمة وفتح بابا كان مغلقا في الدراما التليفزيونية للعديد من الاعتبارات الرقابية والسياسية او لاعتبارات إنتاجية، وأهم ما في هذا العمل هو طرحه لقضية معتقلات الاطفال الاسرائيلية المسكوت عنها.. ورغم ان بطولة العمل كانت لفنانة بحجم نبيلة عبيد التي صامت لسنوات عن الدراما التليفزيونية إلا انها افطرت جمهورها علي »بصلة« ـ كما يقول المثل الشعبي ـ لانها لم تكن نقطة الإضاءة المفترضة.. بل تحولت الي آفة العمل التي باستبدالها وتخفيف عدد مشاهدها من الممكن ان تستقيم الدراما، ولكن يبدو ان تمسك المخرج علي عبدالخالق بها جعله يتغاضي عن كون الممثل أداة يجب توظيفها لتعبر عن انفعالات وأحاسيس الشخصية ولكنه كتب شهادة وفاة نبيلة عبيد كممثلة بعد الجمود الذي بدت به في كل مشاهدها لأنها اصبحت امرأة بلا وجه لأسباب قد لا تهمنا لأننا لا نتعامل إلا مع ما نراه علي الشاشة والأغرب في هذا العمل الذي يتعرض لقضية شائكة للغاية هي المزايدات التي تتعلق بالتطبيع مع اسرائيل الذي اصبحت مضغة في افواه الباحثين عن دور أو شو إعلامي، فالدراما تفرض علي الأم الذهاب الي اسرائيل للمطالبة بابنها المحتجز في السجون الاسرائيلية فتجد في المشهد الذي يحدد قرار السفر العديد من الشعارات الزائفة كرفض المجموعة الذهاب الي اسرائيل خوفا من التطبيع فتعلن الدكتورة ليلي ان ابنها لم يقبض عليه في اسرائيل ولكن قبض عليه في غزة وانها ستذهب الي هناك لا إلي اسرائيل.. يا سلام يا سلام. وما يجعلني اشعر بالاسي علي هذا العمل هو انه يحمل اسم علي عبدالخالق صاحب فيلم »أغنية علي الممر« الفيلم الاكثر اهمية بين الافلام التي جسدت الصراع العربي الاسرائيلي منذ نشأة السينما المصرية وحتي الآن، ويبدو انه انصاع لمطالب نجمة مصر الاولي التي حملته معها الي المؤخرة ويعود هاجس اسرائيل والتطبيع للظهور في مسلسل »متخافوش« الذي يتجسد فيه الصراع العربي الاسرائيلي بشكل اقوي، ويحاول نور الشريف اظهار الوجه القبيح لاسرائيل من خلال شخصية مكرم بدوي المذيع، ولكن الامر المحير هو استماتة الشخصية في البحث عن دليل ينفي الجذور اليهودية التي زعم اللوبي الصهيوني انتماءه إليها رغم ان اليهودية ليست تهمة بل ديانة سماوية وان ما نرفضه في إسرائيل هو الوجه القبيح للصهيونية وكونها كيانا استعماريا، ولكن اليهود كما رصدتهم الأحداث نفسها ما زالوا في مصر والنماذج التي نعرفها والتي بقيت علي ملتها أو اشهرت إسلامها مثل الفنان عمر الشريف والمطربة ليلي مراد وغيرهما لم يعتبرا جذورهما اليهودية تهمة يمكن ان تسيء او تقلل منهما لأنهما كانا اكثر انتماء لمصر من أي ديانة او وطن آخر. ويبدو ان نور الشريف لم يشأ أن يخيب ظن جمهوره، فتفوق علي نفسه في مسلسل »الرحايا« الذي تميز فيه من حيث الأداء الذي لا يمكن معه ان تتصور شخصا غيره في هذا الدور، إلي جانب لطفي لبيب، والرائعة سوسن بدر التي بذلت الكثير من الجهد في هذا الدور المركب ولا يمكن ان نغفل ان تفوق الممثلين وتميزهم يرجع الي نص عبدالرحيم كمال الذي تحول الحوار بين يديه الي جمل شعرية كما حافظ علي الاختلاف في بناء الشخصيات التي ابتعدت كثيرا عن النمطية رغم انها لمصريين يعيشون بيننا، كما تأتي تجربة حسني صالح الإخراجية مميزة الي حد كبير بالصورة الرائعة التي قدمها مستغلا موهبته كمدير تصوير ليترك بصمة واضحة بتوظيفه الجيد للاضاءة والكادرات المعبرة. وكالعادة يحاول النجم يحيي الفخراني تقديم موضوع جديد في »ابن الأرندلي« وقد يكون الموضوع جيدا ولكن الإيقاع كان أقل سرعة من المتوقع ولم ينقذه حضور يحيي الفخراني خاصة بعد غياب الصراع بينه وبين القدير يوسف داود بوفاته ولم تفلح النقلة الي الخط النسائي في شد الإيقاع مع كشف كافة الأوراق في بداية اللعبة التي صنعها الأرندلي.. ولكن يبقي ليحيي الفخراني بريقه الذي حافظت عليه رشا شربتجي، كما تميز وليد يوسف في رسم الشخصيات والعلاقات التي تربطها، وهو ما أضاف شيئاً من الإمتاع للعمل الذي شاركت في صنع بهجته معالي زايد التي قدمت كاراكتر مبهجا لنراها اكثر اختلافا وتميزا وبريقا، وهو الأمر نفسه بالنسبة لدلال عبدالعزيز التي بحثت عن الاختلاف وحصلت عليه في دور لطيفة، ووفاء عامر التي غيرت جلدها في هذا الدور وخرجت علينا بثوب إنساني جديد لتؤكد علي موهبتها المتنامية، بالإضافة الي الواعد حسن الرداد الذي حصل علي فرصته التليفزيونية الأهم بعد انطلاقته في »الدالي«. وإذا انتقلنا إلي مسلسل »علشان ماليش غيرك« الذي يتميز بميلودراميته المفرطة سنجد العديد من الاحداث المتداخلة التي تحافظ علي إيقاع العمل رغم البطء الذي تفرضه حالة الشجن المسيطرة عليه وتؤكد إلهام شاهين علي بقائها كنجمة ما زالت قادرة علي الاختيار الجيد، كما يتميز رياض الخولي في شخصيتيه، وأحمد عزمي بأدائه المتزن، إلي جانب ريهام عبدالغفور وميرنا المهندس وأحمد صفوت الذي يقدم تنويعة لا بأس بها في اكثر من عمل وهو ما يجعله مرشحاً لارتقاء مكانة تليق بموهبته ويضاف الي تميز الأداء التمثيلي تميز مونتاج تامر نصر، الي جانب الديكور والتصوير والإضاءة التي قدمها المخرج رضوان شاهين. ويأتي مسلسل »إسماعيل ياسين« ليقف علي رأس مسلسلات السيرة الذاتية بمصداقيته التي استمدها من كون مؤلفيه هما ابنا اسماعيل ياسين وأبوالسعود الابياري رفيقا رحلة الكفاح التي يرصدها المسلسل ويجسدها اشرف عبدالباقي بأداء راق يقترب كثيرا من روح الشخصية التي تم التحضير لها علي مدي سنوات منذ الإعلان عن مشروع المسلسل الذي لم ينعم المخرج ياسين إسماعيل ياسين برؤيته والاستمتاع به.. والجميل في العمل هو رصده لتفاصيل لا يعرفها الكثير عن شخصية هذا الكوميديان ومفاجأتنا يوميا بأحداث متتابعة تحقق حالة من التشويق تفتقدها هذه النوعية لأن الجمهور دائما يعرف الكثير عن الشخصية المطروحة ولكننا نشاهد هذا المسلسل وكأنه عن شخص لا نعرفه ولا يمكن إغفال دور لطفي لبيب وتميز صلاح عبدالله وحضور عائشة الكيلاني. ولا يمكن اعتبار مسلسل »أدهم الشرقاوي« من مسلسلات السيرة الذاتية نظرا لكون الشخصية تنتمي الي التراث الشعبي الذي يتدخل المصريون فيه بالاضافة والحذف ويقدم المسلسل صورة حقيقية للمجتمع المصري في بداية القرن الماضي والتي تكاتف في رصدها محمد الغيطي وباسل الخطيب ليواجها مقارنه قوية مع الاعمال الدرامية التي قدمت عن هذه الشخصية من قبل ولكن يبقي للعمل خصوصيته رغم ارتباك العديد من الجمل الحوارية التي يتحمل مسئوليتها محمد الغيطي وباسل الخطيب الذي قدم صورة جيدة ولكنه فشل في إدارة بعض ممثليه، مثل دوللي شاهين التي لا يمكن اعتبارها ممثلة من الأساس لأنها لم تنجح في استغلال أي من الفرص التي منحت لها بما فيها فرصتها الاخيرة مع شخصية مهجة التي ظهرت بلا ملامح، فلا يمكن ان تمسك تعبيرا واحداً يجعلك تشعر انها لا تلقي ما حفظته من جمل وتختفي فلا يقلقك رحيلها هذا، بالإضافة الي عدم إجادتها اللهجة، كما بدا أحمد هارون مفتعلا الي حد كبير بينما تذبذب أداء محمد رجب رغم تمكنه من اللهجة الريفية إلا انه حصل علي تقدير مقبول في اختباره الاول مع الدراما التليفزيونية وهو التقدير الذي يتحمل المخرج مسئوليته قبل ان يتحملها رجب.. ومن اللافت للنظر ان مسلسلا تدور أحداثه في الريف المصري يظهر أبطاله في أزياء ناصعة البياض ومهندمين للغاية وهو ما أضر بمصداقية الصورة، وتأتي نسرين إمام في شخصية صفية لتؤكد علي تطورها كممثلة تخطو للأمام بخطي ثابتة رغم ان تاريخها لا يزيد علي عملين، بالإضافة لهذه الشخصية التي أكدت علي حسن اختيارها للادوار التي جعلتها في صدارة الوجوة الصاعدة كما تميزت ميار الغيطي بملامحها المصرية واهتمامها باللهجة ومفردات الشخصية التي جعلتها الاكثر مناسبة للدور، بالإضافة الي نيرمين زعزع التي ظهرت في افضل حالاتها علي الإطلاق لتقدم شخصية هي الاكثر إنسانية بما تحمله من معاناة عبرت عنها بفهم لطبيعة الشخصية وتركيبتها النفسية. ومن المؤكد ان الوجوه الشابة التي تصدرت العمل تفاوتت بين القوة والضعف من حيث الاداء التمثيلي ولكن ما لا يمكن إغفاله هو ان الكبار كانوا وراء تحقيق نوع من التوازن للعمل مع تميز فنان مثل أحمد ماهر الذي يحملك علي احترامه وكرهه والتعاطف معه في آن واحد، أو هادي الجيار الذي قدم أداء جاداً، إلي جانب سامي مغاوري وعلي عبدالرحيم. محمد شكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق