الأربعاء، 19 أغسطس 2009

الأسرار السياسية و الشخصية وراء انفصال أيمن نور و جميلة إسماعيل


بعد سنوات طويلة من العشرة يصعب أن نصدق وقوع انفصال بين رجل وامرأة دون وجود أسباب قوية وجوهرية تؤدي بهما للتضحية بكل ما بنياه معا.. بيت.. أسرة.. ومستقبل للأولاد.. فلا أحد يخرب بيته بيده استجابة لنزوة طارئة.. أو استسلاما لحماقة عابرة سرعان ما يندم عليها.
ولو كان الزوجان من طراز سياسي جمعتهما الأحلام المشتركة وصهرتهما التجارب القاسية مثل أيمن نور وجميلة إسماعيل فلابد أن تكون أسباب الطلاق أشد قوة.. وأكثر صلابة.. بحيث تستحيل الحياة المشتركة بينهما.. ليفقدا كل شيء معا.. ربما بحثا عن نجاة شخصية.. أو طلبا لراحة أو هدنة من مشوار صعب.. أو سعيا للتغيير.. بعيدا عن قتال عام استخدمت فيه أسلحة مشروعة وأخري غير مشروعة.. لا يمكن لبشر مهما كان تحمل جراحها لنهاية العمر.
كان خبر الانفصال مفاجأة للبعيدين عن نور وجميلة.. ولكن.. المقربين منهما لم يتلقوا الصدمة بنفس الدهشة التي تلقاها الغرباء عنهما.. المقربون يعرفون أن هناك خلفيات سابقة علي خروج نور من السجن.. وأحداث لاحقة علي ذلك..
والشهود هنا محامون وخدم وأعضاء في حزب الغد عاشوا وشافوا وغضبوا ورفضوا وكتموا ما يعرفون لعل الأزمة تمر في سلام.. وإن كانت الضربة التي بدت موجعة هي خروج خبر الانفصال ليلة إضراب (6) أبريل.. ليغطي علي إنجاز نور بالتوصل إلي " إعلان القاهرة " المكون من (10) بنود هي في الحقيقة المطالب التي سبق للمعارضة الوطنية المطالبة بها.. وقد بدأ نور إعلانه بتذكير القوي السياسية التي دعاها للتوقيع علي بيانه بأنه كان في السجن ودفع الضريبة العامة من حريته.. وكأن الإعلان إعلان شخصي يخصه وحده.. لا وثيقة غاضبة تستدعي مطالب القوي الوطنية المعارضة.. وهو ما دفع جماعات متنوعة إلي عدم التوقيع عليها.. مثل اتحاد الشباب الديمقراطي.
وقد سعي نور جاهدا لنفي خبر الانفصال دون أن يتهم من نشروه بالتآمر عليه في يوم عرسه السياسي.. وحاول بكل ما يملك من مواهب التأثير والتقمص أن يقنع مشاهدي برامج التوك شو الليلية (العاشرة مساء والقاهرة اليوم مثلا) أن الانفصال لم يحدث.. لاعبا علي الفرق بين الانفصال الشخصي والطلاق الرسمي.. وقال: إنه سيحتفل مع جميلة بعيد ميلادها بعد ساعة علي الأكثر.. وورط ابنه الأكبر (نور أيضا) في ذلك. لكن.. ما حسم الأمر خروج المحامي خالد علي ــ الذي فوضته جميلة لاستكمال إجراءات الانفصال " الودي " رسميا ــ ليؤكد صحة الخبر.. فلم يكن أمام نور سوي أن ينهي حديثه لعمرو أديب بالجملة الشهيرة التي يحفظها المظلومون والضحايا " حسبي الله ونعم الوكيل ".
لكن.. ما لم يقله المحامي خالد علي إن جميلة لم تكن قد وكلته رسميا لتنفيذ ما طلبت.. إن ذلك لم يحدث إلا صباح يوم الأربعاء الماضي.. في مقر الشهر العقاري بنقابة المحامين.. القريبة من قسم قصر النيل الذي تتبعه جميلة.. ثم جلست مع المحامي في نقابة الصحفيين لبعض الوقت.. لتؤكد بذكائها المعهود صحة الخبر دون أن تصرح به.. بعد أن آثرت سياسة الصمت.. وأغلقت تليفونها المحمول.. متجنبة التورط مع الإعلام.
وهناك طلبات متبادلة بين نور وجميلة ليتم الطلاق وديا منها حسابات الشركة التي يملكها نور في إفريقيا ومعرفة خبر هذه الشركة مفاجأة في حد ذاته، وفي المقابل كانت جميلة قد باعت خلال سنوات سجن نور سيارات وعقارات في مارينا وجمصة ونبروه والمنصورة وسوف تقدم كل المستندات الخاصة بها عبر محاميها.
وقد رفضت جميلة عرضا من إحدي الفضائيات لتتكلم مقابل 80 ألف جنيه.. وكل ما قبلت به حديث تليفوني مع مني الشاذلي لمدة دقائق.. تعمدت فيه عدم الخوض في حياتها الشخصية.. دون أن تنسي تسجيل احترامها لنور. وعبر وسطاء قريبين منها عرفنا أنها حسمت قرار الطلاق وأصرت علي عدم عودة المياه إلي مجاريها مع نور.. فقد سبق أن توترت العلاقات بينها عدة مرات . وفي الموقف الأخير الذي فجر الأزمة فهمت من حدة الشجار الذي وقع بينهما أنه ألقي عليها يمين الطلاق وسط شهود كانوا في بيتهما قبل أن تغادره نهائيا وهي تصر علي موقفها.
وكانت المتاعب بينهما قد بدأت في الخانة السياسية وهو سجين.. ثم انتقلت إلي الخانة الشخصية بعد الإفراج الصحي عنه.
لقد رفضت جميلة أن ينشر نور وهو في السجن المقال الذي كتبه في صورة خطاب مفتوح للرئيس باراك أوباما وكان لا يزال مرشحا للرئاسة.. وكان رأيها أن النشر سيسبب مزيدا من المتاعب مع الأمن والصحافة الحكومية هي في غني عنها.. لكنه.. أصر علي موقفه.
وما لفت نظرها أنه كان يتمتع بحياة سهلة مميزة في السجن تسمح له بالقراءة والكتابة ومطالعة الكتب الكثيرة التي تمتلئ بها زنزانته.. بجانب أنه كان ينام علي سرير مناسب.. ويسخن طعامه في ميكروويف.. ولم يكن يعاني من أزمة في تمرير مقالاته وخطاباته في ظل مراقبة معلنة لضباط أمن الدولة.. وبواسطة زواره من القريبين والمحامين والشخصيات الأخري مثل منتصر الزيات.. وكانت زيارتهم له بين ثلاث واربع مرات في اليوم. وقد تحملت جميلة طلباته وهو في السجن (أدوية وأطعمة وكتب وغيرها) في وقت كانت تعاني فيه من أزمة مالية صعبة فرضت عليها وهي الموهوبة في صناعة الإعلام أن تعمل مسئولة عن التسويق والدعاية في شركة عقارية تبني مشروعات في العين السخنة.
والغريب أن نور لم يكن راضيا عن تلك الوظيفة دون أن يعرض عليها بديلا تنفق منه علي طلباته وطلبات ولديهما بجانب مصاريف تعليمهما في الجامعة الأمريكية ومدرسة أجنبية.
وبجانب تحمل المشكلة المالية تحملت جميلة مشكلة أكبر.. مشكلة الدفاع عن نور.. في محافل داخلية وخارجية كانت تراها مناسبة.. واستفادت من خبرتها الإعلامية ولغتها الإنجليزية وطاقة تحملها لتوصل رسالتها.. ونجحت في أن تجعل قضية سجن زوجها قضية عالمية مهمة.
يضاف إلي ذلك مشاركتها في غالبية مؤتمرات مساندة نجوم حركات الاحتجاج الوطني مدركة أنها لا يمكن أن تطالب المساندة من أحد دون أن تسارع بمساندته .. كان عليها أن تقدم السبت لتجد بقية ايام الأسبوع أمامها. وفي فترة سجن نور لم تتردد جميلة في التعبير عن دهشتها من تدليل الضباط له وهي شديدة الكراهية لهم وكتمت دهشتها من قيام نور بتحرير الفي شكوي للضباط رغم حسن معاملتهم له.. وكأنه بذكائه المشهور به أراد أن يبقي حيا في الإعلام.. محافظا علي صورة المناضل البطل الذي يعاني من اضطهاد الأمن. أما ما اشعر جميلة بالأزمة النفسية الحادة بسبب مطالبه السياسية المختلفة عن تصريحاته الدعائية فهي رغبته في أن تسافر إلي واشنطن وتلتقي الرئيس بوش وتسلمه رسالة من نور.. في زيارة دبرها له الدكتور سعد الدين إبراهيم.
في ذلك الوقت كانت صحف حكومية تهاجمها بطريقة جارحة ضاعفت من جراحها النفسية وإن ضاعفت من تعاطف الناس معها.. وكانت متأكدة أن ذلك الهجوم القذر سيضاعف من وقاحته لو قابلت بوش.. ومن ثم طلبت نور وهي تزوره في السجن أن يعفيها من تلك المهمة التي غادر بوش بعدها البيت الأبيض بأسابيع قليلة.
كانت وجهة نظرها أن الرحلة والمهمة والمقابلة وتوصيل الرسالة لن تكون مفيدة له ولقضيته.. لكنها.. سرعان ما رضخت خوفا من أن يحدث له مكروه فيكون ذنبه في رقبتها.
لكن ابنها الأكبر نور لم يكن موافقا.. وأخفي جواز سفرها في بطانة السيارة.. ولم تكتشف ذلك إلا فجر يوم السفر.. قبل إقلاع الطائرة بساعات قليلة.. واستدعي الأمر وجود متخصص جاء علي عجل من ورشة ما لاستخراج الباسبور من مخبأه.
قبل السفر أيضا لم يوافق غالبية أصدقاء نور وجميلة.. وكرروا علي مسامعها " نرجوك لا تقابلي بوش خاصة في هذه الظروف السياسية الحرجة ".. وكان ردها: إنها تكافح منذ شهور كي لا يحدث ذلك.. " لكن أيمن مصر ".. وعندما وجد الأصدقاء أنه لا فائدة من محاولات منع الزيارة توصلوا معها إلي حل وسط وهو أن تنتقد بوش بشدة وهي معه في المكتب البيضاوي بل وتهاجم سياسته في الشرق الأوسط.. وأن تخلو لغتها من أي شعور بالاستجداء.. وتكتفي بتسليمه رسالة زوجها حتي تنتهي المقابلة علي خير.
كانت مقابلة الرئيس المغادر جورج بوش ومقالة الرئيس القادم باراك أوباما آخر متاعب جميلة السياسية وأيمن نور في السجن.. لتبدأ بعد ذلك متاعبها الشخصية بعد خروجه منه.
لقد تلقت وهي في الشركة التي تعمل فيها مكالمته التي بشرها فيها بحريته..
فجرت علي البيت.. وهناك اعترف لها بأنه أفرج عنه لأسباب صحية.. وأن ضباطا كبارا من الأمن أوصلوه إلي البيت بعد أن مكث خمس ساعات مع ضباط مؤثرين في أمن الدولة.. وإن خرج بعد ساعات يتحدث في برامج التوك شو المسائية ليؤكد أنه لا صفقة بينه وبين النظام للإفراج عنه.. وبقيت جميلة وسط زحام من أسئلة بلا إجابة.
من تلك الأسئلة التي بقيت في عقل جميلة بلا إجابة تلك الرسائل التي كان يصر علي أن تحملها بنفسها لكبار المسئولين الذين كان لا يكف عن مهاجمتهم مثل فتحي سرور.. وصفوت الشريف.. وزكريا عزمي الذي حضر مقابلتها له خمسة أشخاص منهم أربعة محامين.. كما أنها بتكليف منه ذهبت لمقابلة طلعت السادات في مجلس الشعب وكان معها صحفي من مجلة نيوزويك الأمريكية سعي إلي حوار معه.. وطلب السادات أن تتولي الترجمة بينهما.. وإن احتجت علي أنه يعاملها بود شخصي أكثر من اللازم ولو أنه برر ذلك بأنها " أخته ".. وأنها " عاداتهم في الفلاحين ".
من ناحية أخري كان نور مهتما بإسراء عبد الفتاح.. بطلة اعتصام (6) أبريل الماضي التي سجنت ثم افرج عنها وأصبحت نجمة في المعارضة السياسية الشابة .. طلب نور من جميلة وهو لايزال في السجن أن تدعو إسراء لزيارته.. واستجابت الزوجة الصبورة.. وزارته الفتاة (7) مرات وهو في السجن.
ويبدو أنه اعتبر إسراء نموذجا لجيل جديد غاضب ومتمرد يجب التعاون معه.. فطلب من جميلة يوم الإفراح عنه أن تتصل بها لتحضر إلي البيت بعد ساعات من وصوله إليه.
وتعجبت الزوجة التي تحملت طويلا أن يخرج زوجها من نار إلي نار.. دون أن يلتقط انفاسه.. ويعوضها هي وولداه عن سنوات حرمانهم منه.. يضاف إلي ذلك ضرورة أن يهتم بصحته.. في فترة نقاهة كي لا يشك أحد في حقيقة الإفراج الصحي عنه.
وقبل أن ينام ليلته الأولي في البيت أصر علي تتولي إسراء مسئولية المتحدث الإعلامي لحزبه.. وكانت هذه المسئولية مسئولية جميلة في الحزب.. ورغم استغراب جميلة إلا أنها لم تعترض.. خاصة انها شعرت بفقدان القدرة علي التعامل مع الإعلام في وقت حل فيه عليها كل تعب وإرهاق سنوات طويلة مضت.
ولم تمر سوي أيام قليلة علي خروجه إلا وقام نور بتشكيل مكتب فني من قيادات شابة جاء بهم إلي البيت ليبقوا معه طوال الوقت (نهارا وليلا) بسبب إغلاق مقر الحزب الذي احترق في واقعة معروفة ويجري تجديده.
ويحتل بيت نور وجميلة طابقا كاملا في عمارة بالزمالك تطل علي النيل عند منطقة الجزيرة الوسطي.. وتنفصل أجنحة الصالونات والمكتب عن أجنحه النوم وإن يوصل بينهما باب.
وجدت جميلة القيادات الشابة من الجنسين يعبرون الحدود بين ما هو للنوم وبين ما هو للاستقبال.. ولا يراعون الخصوصيات.. ولا حرمة حجرتي الولدين .. ورغم تحذيراتها لهم لم تجد من يستجيب لها.. فبدت وكأنها غريبة في بيتها.. في وقت كانت فيه في أمس الحاجة للراحة ولو مؤقتا لمواصلة مسيرة مساندة زوجها التي طالت سنوات وسنوات كانت خلالها نموذجا للمرأة القوية التي كافحت للحفاظ علي أمان عائلتها.. ونفسها.. وصيانة زوجها.
لكن.. يبدو أن شعور نور بالنجومية السياسية التي برقت أكثر بعد خروجه من السجن أنساه ما فعلت جميلة.. وأنساه أنها من لحم ودم مهما بدت غير ذلك.. بل ربما دفعه لوضعها في زاوية مظلمة بعد أن كانت جاذبة للضوء.. وربما أنساه أمورا أخري يمكن فهمها وتصورها. لقد تعب نور.. وتألم كثيرا.. وتحمل ما لم يتحمله غيره.. لكن.. ذلك كله كان من أجل مستقبل سياسي طموح.. حلم فيه برئاسة الجمهورية.. لكنه.. في سبيل ذلك طالب جميلة بقبول ما لا طاقة له به.
كان عليها تدبير مصاريف دخول ابنهما الثاني شادي الجامعة الأمريكية واضطرا إلي بيع بيت كان يملكه والد نور.. لكن.. ثمن البيت أنفق علي نشاطه السياسي .. فقد أخذ (20) شابا وفتاة بالطائرة معه إلي اسوان لمدة ثلاثة ايام كي يقيم مؤتمره السياسي عن النوبة.. وفي تلك الرحلة ظهرت أمور كانت مثار انتقاد أعضاء في الحزب.. سرعان ما عبروا عنها في رسائل بثوها إلي تليفونها المحمول.. وانتقدوا فيها ما جري.
في ذلك الوقت شعرت جميلة بأن من المناسب لها أن تترك البيت وتعيش في بيت أمها مخرجة الأفلام التسجيلية فريدة عرمان ولو لفترة من الزمن تعطي فيها لنور فرصة كي يفرق بين البيت والحزب.. وألا يبقي علي المجموعة الشابة المحيطة به في البيت.. تتصرف علي راحتها.. كما تعطيه فرصة لمراجعة نفقاته .. ونفقات إقامة تلك المجموعة.
ولم تتردد جميلة في أن تكشف لـ إبراهيم عيسي كل ما تحمل من شكاوي وأسرار.. وهو من أقرب الأصدقاء إليهما.. ووصفها بأنها ناعسة التي ساندت أيوب في محنته حتي أنصفه الله.
شعرت جميلة بالغربة في بيتها.. بما في ذلك عجزها عن السيطرة علي شغالتها فاطمة التي فشلت في التخلص منها بعد أن تدخل نور وأصر علي بقائها.. وانضمت إلي المجموعة ممثلة غير معروفة إلا في أوساط المثقفين اسمها مشيرة اصبحت سكرتيرته.. والمتحكمة في مواعيده.. والمتولية الرد علي تليفوناته.. وهو ما أزعج إسماعيل شقيق جميلة.. فتعامل معها بشدة أغضبت نور.
وانضمت إلي المجموعة دائمة الإقامة في البيت خريجة شابة في الجامعة الأمريكية اسمها شذي كانت مهمتها تولي الترجمة واستخراج ما يلزم نور من ابحاث منشورة علي الإنترنت.
كل ذلك ضاعف من فقدان جميلة الشعور ببيتها الذي كانت قد تركته منذ فترة.. ثم عادت إليه فجأة وهي غاضبة بعد أن تلقت مكالمة من وردة.. السكرتيرة السابقة لنور الذي وظفها منذ (10) سنوات.. وأخذت مشيرة مكانها.. ومهامها.
عرفت جميلة أن هناك ضيوفا جاءوا من الشبكة الأوروبية لزيارة نور.. وان مشيرة تجاوزت حدودها.. وفتحت كراتين بها أطقم فضة وكريستال موروثة عن والد نور دون أن تسألها حسب نصيحة وردة التي قالت لها: اسألوا مدام جميلة .. فكان الرد عليها: إن تليفونها مغلق. اعتبرت جميلة أن ما يحدث هو تحكم في بيتها في غيابها فعادت إليه غاضبة ولكنها فوجئت بما أزعجها أكثر.. فجري نقاش حاد بينها وبين نور.. وصل الأمر فيه إلي ما جعلها تتخيل أنه ألقي عليها بيمين الطلاق وسط كل هؤلاء الشهود.. فحسمت أمر الانفصال نهائيا.
وحاول أولاد الحرام الصيد في الماء العكر فراحوا يفتحون لزوجها دفاتر قديمة كانت قد جاءت في تحقيقات النيابة الخاصة بالقضية .. لكنها لم تصدق ذلك.. وآثرت الصمت حفاظا عليه وعلي عائلتها وعلي سمعته السياسية.
لقد رفضت أن تتوقف عند هذه الأمور التي تستخدم في التشهير الشخصي بالمعارضين ولكنها توقفت عند مطالبته لها بالمرونة وعدم الحدة في تقبل علاقاته الجديدة بجهات بعينها كانت تراها سببا فيما تعرضت له من تشهير ألمها.. كيف يعود لمن أساءوا إليها ولو بدعوي الحرص علي مستقبله السياسي؟.. وهل ستسمح له بهذا المستقبل؟.. أم سيقفان معا في منتصف الطريق؟.
وقد أثار اصدقاء نور بمناسبة ما جري قضية الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للسياسيين.. وهم أنفسهم الذين سبق أن تناولوا بإفراط تفاصيل زواج جمال مبارك وتحمسوا لنشر صورة زوجته خديجة الجمال.. كما أن زواج أمين تنظيم الحزب الوطني أحمد عز من نائبة البرلمان شاهيناز النجار لم يمر أمامهم مرور الكرام.. وربما لو رجعنا للأعداد التي اصدرها نور نفسه من صحيفة حزب الغد لوجدنا أخبارا مختلفة تؤكد الحماس لنشر أسرار الحياة العائلية للسياسيين مهما كانت مواقفهم والوانهم. ولا يترك الإعلام في الدول الديمقراطية العريقة شيئا في حياة الشخصية العامة دون أن ينبش الأرشيف بحثا عنه.. الداية التي سحبته من رحم أمه.. المواد الدراسية التي غش فيها.. اول سيجارة مخدرات دخنها.. أول خطاب غرامي كتبه لزوجته.. فمن يريد أن يؤثر في مسار أمة عليه أن يقف طوال الليل والنهار أمام أجهزة كشف الأسرار مهما كانت.
ولو كان نور قد خرج للإعلام وروي خبر انفصاله ببساطة ما كان الخبر قد نال كل هذه الضجة.. فالانفصال أمر طبيعيا في كثير من قصص الحب وقصص الكفاح المشتركة.. لكنه.. ظل يناور طوال الليل مع مقدمي برامج التوك شو الذين كانوا متأكدين علي ما يبدو من صحة الخبر.. ولكان قد جعل جميلة تحتفظ بصمتها مدة أطول حتي يصلا معا إلي بر الأمان. ولم يعد أمام نور سوي التصرف بحكمة في التعامل مع تداعيات ما حدث كي لاتتضاعف آثاره.. قبل أن يتحدث عن مستقبله السياسي عليه أن يهتم بمستقبل ولديه وقد اصبحا شابين يستحق أن يفخر بهما وقد أنضجتهما الأحداث التي مر بها هو وجميلة وجعلت منهما رجلين قبل الأوان.. عليه أن يرمم الجسور بينه وبين جميلة.. لو كانت العلاقة الزوجية قد انتهت فلتتحول إلي علاقة صداقة إنسانية.. لا داعي لاستفزازها ولو عبر وسطاء.. فهي في النهاية شاهدة علي أمور قد تقتل وتدمر.. ولن تتهم بأنها لعبة في يد الأمن لتنفيذ مؤامرة محكومة ضده.. كما حاول بعض دراويش نور تصوير المطالبة بحقها الشرعي في الانفصال أنه صفقة مع النظام ستحصل مقابل أن تحصل علي برنامج في التليفزيون المصري الذي اختفت من علي شاشته منذ سنوات بعيدة.. لا داعي لمثل هذه الافتراءات الساذجة التي عاني منها نور نفسه.
ويوحي نور بأن الانفصال لم يتم حتي يضمن نجاح رحلته الأوروبية القريبة.. فالمنظمات الأوروبية لن تقبل أن يأتي إليها وقد ترك المرأة التي ساندته ودعمته وقدمته إليها ودافعت عن قضيته دون هوادة.
وسوف تكون مترجمة الجامعة الأمريكية مرافقة له.
وقد حاول نور أن يثير غضب أقرب الناس إليه فاتصل ابنه نور ليلة الاربعاء الماضي بخاله اسماعيل مفزوعا لأنهم نقلوا اباه إلي مستشفي الشروق في كومة سكر ثم أجري اتصالاً آخر بأنهم يتجهون لمستشفي السلام ثم أجري اتصالاً ثالثاً بأنهم في شارع الفلكي حيث الطبيب الخاص بنور الأب ثم كان الاتصال الأخير بأنه عاد إلي البيت سليما.. وفي هذه الرحلة كانت معها اسراء عبدالفتاح.
لا أمل علي ما يبدو في الصلح خاصة أن جميلة طلبت من محاميها ما اسمته بالطلاق المتحضر وفيه تصفي مع نور حكاية الولاية عليه وثمن فدان الأرض الذي ورثته عن أبيها وباعته للإنفاق علي عائلته وأمور أخري.. ولو لم يفلح ذلك الطلاق المتحضر فإنها سوف تلجأ إلي المحكمة.
إن الجراح أكبر من أن تلتئم.. والمتاعب أشد من علاجها.. والتغيرات النفسية أسخن من نسيانها.. ولا مفر من ترك فرصة للزمن كي يداوي.. وينسي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق