حامد كرزاي حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية الأفغانية قبل انطلاقها في 20 أغسطس / آب عبر عدة "صفقات مشبوهة" كان من أبرزها إعادة أمير الحرب السابق عبد الرشيد دوستم من منفاه في تركيا ، بالإضافة إلى تمرير قانون "الجنس مقابل الغذاء" الخاص بالأقلية الشيعية.
وكان الأفغان فوجئوا في 16 أغسطس / آب بعودة دوستم قبل أيام من انتخابات الرئاسة التي تعتبر الثانية في البلاد منذ الإطاحة بحركة طالبان .
وقبل فترة وجيزة من عودته ، أصدر مكتب كرزاي بيانا قال فيه إنه لا توجد عقبات قانونية أمام عودة دوستم ، الأمر الذي أثار غضب المرشحين الآخرين لانتخابات الرئاسة باعتبار أن تحالف كرزاي مع أمراء الحرب يثير شكوكا قوية حول احتمال تحول أفغانستان نحو الديمقراطية ، كما يعيد الذكريات الأليمة للشعب الأفغاني.
فمعروف أن دوستم يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد المعتقلين من حركة طالبان ، بالإضافة لارتكابه جرائم حرب أثناء الحرب الأهلية في بداية التسعينات من القرن الماضي ، كما تلاحقه اتهامات بالتورط في تجارة المخدرات.
وفي 2008 ، رحل دوستم إلى المنفى في تركيا بعد أن واجه اتهاما بالاعتداء وهو مخمور على أحد خصومه في كابول.
ويفسر البعض عودته برغبة الرئيس حامد كرزاي في كسب دعم الأقلية الأوزبكية التي يتزعمها دوستم وتتمركز في شمالي البلاد للفوز بولاية ثانية في انتخابات 20 أغسطس / آب .
"الجنس مقابل الغذاء"
وبجانب إبرام صفقة مع دوستم ، فقد أبرم كرزاي أيضا صفقة مع الأقلية الشيعية بموافقته على نسخة معدلة من مشروع قانون يسمح للزوج بحرمان زوجته من الطعام إذا رفضت أن تمارس معه الجنس.
وكان مشروع القانون المعروف بـ "الجنس مقابل الغذاء" والخاص بالطائفة الشيعية أثار في السابق انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان ، لأنه يلزم النساء الشيعيات بممارسة الجنس مع أزواجهن مرة كل أربعة أيام على الأقل ، وهو بالتالي وفقا لوجهة نظر تلك المنظمات يجيز الاغتصاب عمليا بتجاهله لضرورة توفر القبول لممارسة الجنس ضمن الزواج.
وأمام الانتقادات السابقة ، قام كرزاي في بداية العام الحالي بسحب مشروع القانون ، إلا أنه في 16 أغسطس فوجىء الأفغان بموافقة قرضاي على نسخة معدلة منه وهو الأمر الذي فسره المراقبون على أنه محاولة من كرزاي لكسب أصوات الأقلية الشيعية ، حيث نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن راشيل ريد من منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الإنسان القول إن التوقيت ليس مصادفة، حيث مرر القانون قبيل الانتخابات الرئاسية
واتهمت كرزاي بـ "بيع" النساء الأفغانيات للحصول على تأييد المحافظين من الطائفة الشيعية في الانتخابات الرئاسية ، مؤكدة أن النسخة المعدلة من القانون لاتزال قمعية لدرجة كبيرة وتنتهك مبادىء المساواة الموجودة في الدستور .
ويسمح القانون الجديد للرجل بمنع الطعام عن زوجته إذا رفضت الاستجابة لرغباته الجنسية ، كما ينص على ضرورة حصول المرأة على موافقة زوجها للعمل .
ولم تقف صفقات كرزاي عند ما سبق ، فقد كشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية في 8 أغسطس أن الرئيس الأفغاني أبرم صفقة سرية مع أحد المرشحين لتمكينه من إلحاق الهزيمة بمنافسه الرئيسي في انتخابات الرئاسية لتجنب النتائج المتقاربة ، موضحة أن كرزاي الذي يخوض انتخابات الرئاسة ضد 35 مرشحا يحتاج إلى 50 في المائة من أصوات الناخبين في الجولة الأولى لتجنب الإعادة .
وأضافت الصحيفة أن كرزاي ومنافسه الرئيسي عبد الله عبد الله ينحدران من خلفيات عرقية مختلفة هما البشتون والطاجيك على التوالي ، ويخشى المسئولون الغربيون أن تغرق أفغانستان في فوضى عارمة إذا لم يحقق أحدهما الفوز الساحق في الجولة الأولى على غرار الحرب الأهلية التي اجتاحتها في تسعينيات القرن الماضي ولذا تواترت أنباء حول قيام كرزاي بعقد صفقة ثانية مع مرشح بشتوني آخر هو أشرف غاني لتوحيد أصوات البشتون من أجل إخراج عبد الله عن سباق الرئاسة ، مقابل أن يمنح كرزاي حليفه غاني منصب المسئول التنفيذي وهو منصب جديد يحاكي منصب رئيس الوزراء.
وأوضحت "الاندبندنت" أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك وسفير الولايات المتحدة في كابول كارل إيكنباري ناقشا هذا العرض مع غاني في يوليو الماضي .
ويجمع المراقبون أن الصفقات السابقة قد تحسم الانتخابات من الجولة الأولى لصالح كرزاي ، إلا أنها لن تضمن له الاستقرار في السلطة طويلا ، حيث لايستند لقاعدة شعبية عريضة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق