الأربعاء، 19 أغسطس 2009

محمود العربى ينتقد إقحام بعض رجال الأعمال أنفسهم فى السياسة


رجل الأعمال محمود العربى : الخصخصة ضرورة.. لكن بيع الشركات للأجانب خطأ

انتقد محمود العربى، ما سماه إقحام بعض رجال الأعمال أنفسهم فى الاشتغال بالسياسة، أو أى مجالات أخرى خارج دائرة أعمالهم، مؤكداً عدم نيته فى الترشح لانتخابات مجلس الشعب، الذى كان عضواً به لدورة واحدة قبل أكثر من ٢٠ عاماً.
وقال العربى : إنه على الحكومة القضاء على مشكلة البطالة لإنقاذ الشباب والاقتصاد المصرى، محذراً من خطورة المشكلة، التى دفعت بعض المصريين إلى العمل فى إسرائيل والزواج من إسرائيليات، واصفاً تبعات ذلك بـ«الكارثة» التى سيدفع ثمنها المجتمع غالياً.
ونفى رئيس مجموعة العربى، كونه مليارديراً، مؤكداً أنه بدأ التجارة وعمره ٥ سنوات، فى قرية أشمون بالمنوفية، وأن أقصى أحلامه كان امتلاك ١٠٠ ألف جنيه فقط، وإلى نص الحوار:
■ هل تعتبر نفسك تاجراً أم صانعاً؟
- لا توجد تجارة دون صناعة ولا صناعة دون تجارة، وأنا أعتبر نفسى الاثنين، فى نفس الوقت.
■ كيف بدأت الرحلة؟
- بدأت حياتى تاجراً.. فالتجارة فى دمى منذ أن كنت طفلاً عمره ٥ سنوات، وكنت أشترى بمصروفى بالونات وورق «حظ» وحلويات أطفال، وأجلس أمام منزلنا فى قرية أشمون لأبيعها للأطفال، وبثمن هذه البضاعة ومكسبها كنت أشترى بضاعة ثانية وهكذا خاصة فى الأعياد.
■ ألم يعطلك ذلك عن المذاكرة؟
- أنا لم أتعلم تعليماً (عالياً) ولكن أبى ألحقنى بالكُتاب وحفظت القرآن وكان عمرى ثلاث سنوات، وعندما وصلت سنى خمس سنوات كنت أدخر مصروفى وأعطيه لأخى الأكبر ليشترى لى البضاعة.
■ كم كان مصروفك؟
- ٣٠ قرشاً كانت مصروفى طوال السنة.
■ وما الذى دفعك لـ«تحويش» مصروفك لتشترى به بضاعة فى مثل هذه السن؟
- والدى -الله يرحمه- كان يزرع فى أرض بالإيجار وليس لديه أرض، والعائلة كانت فقيرة، لكن البيت كان مستوراً، وكانت التجارة عندى «غية» وكان البيع والشراء فى دمى، وكنت أشعر بأنه لابد أن يكون لى كيانى المستقل.
■ متى حضرت إلى القاهرة لأول مرة؟
- أخذنى أخى الأكبر وعمرى ١٠ سنوات لأعمل فى القاهرة حيث يعمل بها، واشتغلت فى محل بحى الحسين براتب ١٢٠ قرشاً فى الشهر، وعملت به لمدة ٧ سنوات حتى تجاوز راتبى ٣ جنيهات وقررت أن أعمل فى محل جملة.
■ لماذا تركت المحل؟
- قررت أن أتركه لأعمل فى محل أكبر كى أكبر معه ويزيد راتبى إلى ٤ جنيهات، وقد وافق صاحب محل الجملة وعملت معه، وكان دائماً يأتى لى هاتف فأقول بأعلى صوتى: «يارب ١٠٠ ألف جنيه ومحل البرنسيس»، محل البرنسيس كان له خمسة أبواب، وكنت أقصد محلاً مثله وليس هو تحديداً، وكنت أردد هذا الدعاء مرتين أو ثلاث فى اليوم بصوت عال، حتى سمعنى صاحب المحل الذى أعمل لديه مرة فقال لى بسخرية: «مش اللى يدعى يطلب حاجة معقولة؟!»، فقلت له: «وهل خزائن الله لها حدود؟».
■ كم عاماً قضيتها عاملاً فى محل الجملة؟
- عملت لمدة ٧ سنوات ازداد فيها راتبى من ٤ جنيهات إلى ٢٧ جنيهاً، ثم دخلت الجيش وكنت فى إجازتى أذهب إلى المحل لأعمل، حتى أنهيت الجيش، وتعرفت وزميل لى فى المحل على اثنين معهما ٤ آلاف جنيه أخذناها ودفعنا منها ألفى جنيه خلواً لمحل، وأعددنا المحل بخمسمائة جنيه، وبدأنا بـ١٥٠٠ جنيه، ثم ذهبت لصاحب المحل وأخبرته أننا أخذنا محلاً سنفتتحه، وغضب بشدة لأننا سنتركه ولم يعطنا مكافأة نهاية المدة.
■ ما نوع البضاعة التى كنتم تبيعونها؟
- أدوات مكتبية وخردوات ولعب أطفال.
■ متى تزوجت؟
- تزوجت وعمرى ١٨ عاماً.
■ هل تزوجت عن حب؟
- حب إيه؟! أنا كان عمرى ١٨ عاماً وهى ١٥، ولم نكن نعرف شيئاً اسمه الحب، وخلفت ٦ أولاد.
■ ماذا حدث بعد ذلك؟
- زميلى فى المحل مرض ثانى يوم الافتتاح، وظل مريضاً لمدة عامين، وكان لديه ثلاثة أولاد، فحاول الشريكان الآخران أن يغيرا العقد ليخرجاه منه، ولكنى رفضت قائلاً: إنه لم يمرض بإرادته، وعندما توفى أصرا على تغيير العقد، فجردنا المحل وحسبنا الأرباح وكانت ١٤ ألف جنيه، فقسمناها بيننا نحن الأربعة، وقد أخذت حقى وحق زميلى المتوفى واشتريت محلاً آخر، وظللت أرعى أولاده الثلاثة حتى كبروا وتخرجوا فى الجامعات، وفى هذه الأثناء توسعنا وكبرت تجارتنا وأصبح لدينا أكثر من محل وعملنا شركة ولما كبرت حولناها إلى شركة مساهمة عائلية، ساهم فيها إخوتى الرجال وزوجاتنا وأولادنا وبناتنا -والبنت لها نصف الولد.
■ متى كان ذلك؟
- فى أوائل السبعينيات.
■ متى حصلت على توكيل توشيبا وكيف؟
- فى عام ١٩٧٤ حدث انفتاح، وقلت لنفسى: لماذا لا نأخذ توكيل توشيبا، وسعيت لذلك حتى حققته.
■ كيف؟
- كان لنا صديق يعمل فى منصب كبير فى توشيبا باليابان وجاء ليدرس فى مصر بالجامعة الأمريكية، وكان دائماً يجلس معنا فى المحل ويرى حركة البيع والشراء، فرشحنى للحصول على توكيل توشيبا، ولكن مجلس إدارة الشركة لم يوافق، لأننا لم نكن متخصصين فى الأدوات الكهربائية، ولم يكن لدينا مكتب ولا «تليكس» ولا «فاكس»، فبعثت إليهم أكثر من مرة حتى أرسلوا لى مندوباً من مجلس الإدارة، وبعد أن زارنا وتحدثنا سوياً ورأى نجاحنا فى التجارة، وافق على أن يمنحنى التوكيل لمدة عام واحد كتجربة، والحمد لله نجحنا فى كسب ثقتهم، فطلبوا منى زيارتهم فى اليابان عام ١٩٧٥، وذهبت وشاهدت مصانعهم، بعدها شعرت بأنى صغير وقررت أن أعمل مصنعاً فى مصر، ولا أكتفى بشراء بضاعة وبيعها، وأخبرتهم برغبتى هذه أثناء زيارتهم، وكان ردهم: لا تتعجل.. ولكنى لم أقتنع بردهم.
وعندما عدت إلى مصر اشتريت قطعة أرض مساحتها ٣ فدادين عام ١٩٧٨، وكان ثمن الأرض ٢٥ ألف جنيه، وبنيت عليها مبانى، وجاء بعدها أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة فى اليابان ليزورنى، وعندما شاهد المصنع قال لى: لقد أخطأت بعمل هذا المصنع، فسألته: لماذا؟ فأجاب قائلاً: توشيبا عندما بدأت أخذت قطعة أرض متواضعة وعملت (عشة) صفيح واشترت ماكينة، ومن هذه الماكينة بنت المصانع التى رأيتها، بينما أنت فى بدايتك دفعت فلوساً فى قطعة أرض ومبان دون عمل حقيقى!.. وكان هذا درساً تعلمته.
■ ما السلعة التى بدأت بتصنيعها فى المصنع؟
- بدأنا بصناعة المراوح وكنا نستخدم مكونات محلية بنسبة ٤٠٪ والأجنبية كانت ٦٠٪ عام ١٩٨٢، وكنا نصنع ٦٠ ألف مروحة بعد أن كنا نستورد ٥٠ ألفاً، ونبيع كل إنتاجنا، فرفعنا نسبة التصنيع المحلى إلى ٧٥٪.
■ كم كان عدد العمالة آنذاك؟
- كان عددهم ٥٠ عاملاً.
■ ماذا فعلت بعد نجاحك فى تصنيع المراوح؟
- كنا كلما ننجح فى تصنيع سلعة وبيعها نتوسع بإضافة سلعة جديدة، وأصبحنا ننتج المسجلات والخلاطات والشفاطات، ثم بعد ذلك بدأنا تصنيع المواتير.
■ ينادى البعض بضرورة تنويع الاستثمار، هل فعلت ذلك؟
- لأ طبعاً، لأننا كنا مقتنعين بالتخصص، ولذلك كلما كنا ننجح نتوسع فى نفس المجال، ولم نفكر فى عمل فنادق ولا قرى سياحية، وإنما كنا نطور إنتاجنا حتى وصلنا إلى تصنيع مواتير المراوح والشفاطات، ورفعنا نسبة المكونات المحلية إلى ٩٥٪ وانخفضت نسبة المكون الأجنبى إلى ٥٪ وكان هذا هو أكبر نجاح بالنسبة لنا.
■ متى بدأت تصنيع التليفزيون؟
- عام ١٩٩٩ صنعنا التليفزيون وأصبح لدينا مصنع، وارتفع عدد العمال إلى ٢٠٠١ عامل، ثم بعد ذلك أنشأنا مصنعاً للثلاجات وآخر للغسالات، وثالثاً للتليفزيون وبعدها دخلنا فى تصنيع اللمبات ثم التكييفات.
■ كم متوسط أجر العامل لديكم؟
- نحن نعطى رواتب لا تمنح فى مكان آخر، فالحد الأدنى للرواتب ٧٠٠ جنيه للعامل، و١٠٠٠ جنيه للفنى، و١٥٠٠ جنيه للمهندس، وكل ذلك فى بداية التعيين، حيث تصل رواتب الفنيين والمهندسين ومن لديهم خبرة إلى ١٠ آلاف جنيه فى الشهر، والرواتب ترتفع بسرعة فى مجموعتنا، يضاف إلى ذلك أننا لدينا نوعان من التأمين، الأول الحكومى التابع للتأمينات الاجتماعية والمجموعة تدفع حصة العامل وحصة الشركة، والثانى عبارة عن بوليصة تأمين فى قناة السويس للتأمين يدفع فيها ١٣٪ من راتب العامل بحيث لو لا قدر الله حدث له مكروه يحصل على أيهما أكبر، إما ٥٠ شهراً حداً أدنى أو ٣ شهور عن كل سنة، ولا يوجد لدينا معاش، بمعنى أن العامل يظل يعمل معنا حتى بعد سن الستين، فمن يبلغ سن الستين يحصل على بوليصة التأمين وتأميناته الاجتماعية بشيك ويزداد راتبه، وعادة ما يكون فى هذه السن لديه بنت أو ولد فى سن الزواج فيساعده هذا الشيك فى أعبائه العائلية.
■ ما نوع العمل الذى يقوم به من يتعدى الستين؟
- يعمل ما يستطيع عمله، ويحصل على راتبه كاملاً، بل ويأخذ حوافز يوم ١٠ فى الشهر، وأرباحاً كل يوم ٢٠ فى الشهر، وهذا النظام يطبق على المهندس والفنى والعامل، وربنا مبارك فيهم وفى صحتهم، خاصة أننا اتفقنا معهم على عدم التدخين والتزمت معهم بذلك.
■ هل عدم التدخين شرط للعمل فى مجموعة مصانع العربى؟
- طبعاً، بل شرط أساسى كى أعين من يريد العمل معى.
■ كم ساعة تعملها فى اليوم؟
- فى شبابى كنت أعمل ١٦ ساعة فى اليوم على الأقل، أما الآن فأنزل من البيت (براحتى).
■ متى تستيقظ من نومك وكيف تبدأ يومك؟
- أستيقظ الفجر لأصلى، وأنام بعدها حتى التاسعة صباحاً، ثم أستيقظ وأخرج من البيت فى العاشرة صباحاً، وأتجه إلى أحد المصانع وأظل هناك حتى السادسة مساء ثم أعود إلى المنزل.
■ هل لديك زوجة ثانية.. وكم عدد أولادك؟
- لم أتزوج غير زوجتى أم أولادى التى ارتبطت بها عام ١٩٥٠، وليست لدى ثقافة تعدد الزوجات، وأولادى عددهم ثمانية، ٦ أولاد، وابنتان.
■ هل عمل أحدهم فى التجارة؟
- كلهم يعملون فى التجارة معى.
■ حتى الطبيب؟
- الدكتور ممدوح (طلع فلتة)، ولكنه أنشأ مركزاً طبياً، ويعالج العمال فى مصانعنا، وحالياً نبنى مستشفى فى المنوفية، وعنده مستشفى فى جزيرة بدران بشبرا.
■ هل حرصت على تعليم أولادك تعليمًا عاليًا؟
- نعم كل أولادى حاصلون على مؤهلات عليا فمنهم من تخرج فى الجامعة الأمريكية ومن تخرج فى الجامعة الألمانية.
■ ما تقييمك للصناعة فى مصر؟
- الصناعة بخير.
■ كيف؟
- إذا تحدثت عن مجموعتنا أى عن أنفسنا سأقول: الحمد لله ربنا وفقنا وننتج سلعًا جيدة وبسعر مناسب ونخدم سلعنا بعد البيع، ونعطى ضمانًا من سنة إلى ١٠ سنوات حسب نوع السلعة.
■ ما السلعة التى يكون ضمانها ١٠ سنوات؟ ومن الذى يحدد فترة الضمان؟
- أولاً، أنا الذى أحدد فترة الضمان ولا أحد غيرى، ثانيًا، أمنح ضمانًا ١٠ سنوات للثلاجات والسخانات، وخمس سنوات للتليفزيون والغسالة والمروحة والشفاط، أما الخلاط فضمانه سنة واحدة.
■ ما الذى دفعك إلى منح هذه الضمانات، ولماذا؟
- نحن نعتبر المستهلك المصرى هو الملك بمعنى أنه فقير ويريد أن يحافظ على السلعة أطول فترة ممكنة، بل إن أغلب المصريين يريدون أن تظل السلعة معهم العمر كله، لأنهم لا يستطيعون تغييرها.
■ كيف يكون المستهلك المصرى فقيرًا وملكًا فى ذات الوقت؟
- المستهلك المصرى ملك رغم فقره لأننا نهتم به ونحرص على خدمته إلى أقصى درجة فهو لا يدفع رسومًا لنقل السلعة أو تركيبها ولا ثمن قطع غيارها ولا يدفع بقشيشًا ولا يدفع رسوم صيانتها ولذلك هو ملك.
■ هذا عن صناعة منتجات العربى.. ماذا عن الصناعة المصرية بصفة عامة؟
- متفاوتة.
■ ماذا تعنى؟
- أعنى أن كل صانع له فكره الذى يختلف عن الآخر، ففى مصر توجد مدرستان، الأولى يحرص أصحابها على إنتاج السلعة بشكل جيد دون الاهتمام بمكوناتها، وبالتالى لا يمنح ضمانًا فى الغالب ويبيع بسعر قد لا يكون منخفضًا، وليس لديه ثقافة خدمة ما بعد البيع، والمدرسة الثانية هى التى ننتمى إليها تهتم بجودة السلعة ومكوناتها ويكون سعرها مناسبًا وتحرص على خدمة ما بعد البيع.
■ ما حجم مبيعاتكم؟
- يكفى أن أقول لك إن حجم مبيعاتنا العام الماضى بلغ حوالى ٣ مليارات جنيه، ونكون أول الدافعين للضرائب وبمبالغ كبيرة.
■ ما حجم صادراتكم وإلى أى الدول؟
- نصدر ما نسبته ٢٠٪ من حجم إنتاجنا، ونصدر إلى الدول الأفريقية والدول العربية.
■ ما حجم حصتكم من السوق المصرية؟
- تتراوح حصتنا فى السوق من ١٥٪ إلى ٥٠٪.
■ ما تقييمك لمجتمع رجال الصناعة فى مصر؟
- كل مهنة فيها الصالح والطالح، ولا أستطيع أن أحكم على المهنة كلها.
■ ما مدى تأثير الأزمة المالية العالمية على مصر؟
- مصر بخير، وتأثرها بالأزمة لم يتعد حدود الـ٢٥٪، والأمور بدأت فى التحسن وستعود إلى طبيعتها قبل نهاية هذا العام.
■ هل أنت متفائل؟
- طبعًا، لأن السوق المصرية تمرض ولا تموت، وهى لا تثبت على وتيرة واحدة بل تتغير بتغير الشهور والمواسم والمحاصيل، فمثلاً محصول القطن يعنى الفرج، وكذلك الفواكه والخضروات.
■ ما المشكلة الرئيسية التى تهدد الاقتصاد المصرى؟
- البطالة، فالبطالة هى المشكلة الوحيدة التى نعانى منها وتهددنا.
■ كيف تحل هذه المشكلة من وجهة نظرك؟
- حلها سهل جدًا ولكنها تحتاج قرارات جريئة.
■ كيف؟
- لقد قام وزير المالية بعمل قانون للضرائب، وقال الرئيس مبارك: أريد أن يكون الحد الأقصى ٢٠٪، وهذا ما فعله الوزير ولكنه جعل الـ٢٠٪ على الجميع ولم يدرجها! وهذا خطأ فادح، فكان يجب عليه أن يشجع المستثمر الصغير كى يكبر ويدفع الضريبة كالكبار بأن يفرض عليه فى البداية ١٠٪ ثم ١٥٪ ثم ٢٠٪ وبذلك يعطيه فرصة ليكبر ويوسع إنتاجه ويرفع من رأسماله ويشغّل عمالة ويدفع ضرائب.
■ ما اقتراحك تحديدًا؟
- أقترح أن تتدرج مراحل دفع الضريبة، فمثلاً العازب يعفى من ألف جنيه فى الشهر أى إذا كسب ألف جنيه لا يدفع ضرائب، والمتزوج يعفى من ١٥٠٠ جنيه شهريًا، والمتزوج ويعول يعفى من ٢٠٠٠ جنيه شهريًا، ثم من يربح ١٠٠ ألف جنيه أولى بأن يعفى من ١٠٪ منها، والثانية للمتزوج يعفى من ١٥٪ منها، والمتزوج ويعول يعفى من ٢٠٪ منها، ويدفع ضريبة على باقى الـ١٠٠ ألف جنيه ويكون هذا الحد الأقصى.
■ ما الذى سيحدث إذا أخذ باقتراحك هذا؟- سيحدث رواج فى السوق المصرية وسينتعش الاقتصاد وستزداد فرص العمل، والمستثمر الصغير سيكبر وسيدفع الجميع الضرائب، والتاجر الصغير الذى تركناه يدفع ١٠٪ فقط سيزيد رأسماله وسيتوسع فى تجارته وإن كان لديه عاملان سيزيدهما إلى ثلاثة وربما خمسة، وإن كان صاحب مصنع يعمل وردية واحدة سيتوسع إنتاجه وسيعمل ورديتين أو ثلاثًا بنفس التكلفة الثابتة والمصنع الذى يعمل فيه ٥٠ عاملاً سيزداد عددهم إلى ١٠٠ و١٥٠ عاملاً، وهكذا تنتعش كل من التجارة والصناعة وتزيد المبيعات وتزيد الصادرات ويقل الاستيراد، وإذا كنا نستورد حتى وقتنا هذا بـ٧٥ قرشًا من الجنيه ونصدر بـ٢٥ قرشًا، فطبيعى أن يكون سعر الدولار مرتفعًا لكن إذا زادت صادراتنا واقتربت من الواردات فسينخفض سعر الدولار ويصبح بـ٤٠ قرشًا كما كان، وعندما ينخفض سعر الدولار ستنخفض جميع الأسعار ولكن ذلك يحتاج قرارات جريئة.
■ هل ترى أن رجل الصناعة المصرى يحتاج حماية السياسة ولذلك يسعى إلى الانضمام للبرلمان والأحزاب؟
- هذه أفكارهم، وكل واحد له فكره وفلسفته، أنا مثلاً دخلت السياسة عام ١٩٨٦، وكنت عضوًا بمجلس الشعب لدورة واحدة قررت قبل نهايتها عدم خوض هذه التجربة ثانية لأنها مضيعة للوقت بالنسبة لى شخصيًا.
■ إذن لم تستفد من هذه التجربة؟
- أقول لك إننى اكتشفت أنها مضيعة للوقت، ولن أقول غير ذلك.
■ هل يمكن أن تحدد لى سبب هذا القرار؟
- يكفى أن أقول إن الانضمام إلى البرلمان يحتاج تفرغًا وأنا ليس لدىّ وقت ولم أكن متفرغًا ولذلك لم أستمر، وقررت التوقف.
■ ما رأيك فيمن يحرصون على الانضمام للبرلمان من رجال الصناعة؟
- كما قلت لك إنها سياسة، وهم أحرار، لكن المفروض أن التاجر الذى يريد الحفاظ على تجارته، والصانع الذى يريد الحفاظ على صناعته عليه أن يتفرغ لها ولا يقحم نفسه فى أشياء أخرى تبعده عن صناعته أو تجارته.
■ ما سبب بعدك عن الإعلام؟
- هذه سياسة، فمن يرد أن يعمل فى السياسة يفعل ما تقولين، وأنا لا أريد العمل بالسياسة.
■ ما الذى تريد عمله؟
- أريد أن أهتم بعملى وأتوسع فيه وأهتم بالناس التى تعمل معى وأزيد عددهم، فنحن لدينا الآن ١٦ ألف عامل أريد أن أحافظ عليهم.
■ ما الحلم الذى تريد تحقيقه؟
- أحلم بأن يصل عدد العمال لدينا إلى ١٨٠ ألف عامل كما فى شركة توشيبا فى اليابان سواء فى شركتنا أو أى شركة مصرية أخرى، لأن الاقتصاد لا يعنى أموالاً تجمع وتوضع فى البنوك أو الخزنة وإنما أداة لفتح أبواب رزق لناس آخرين.
■ هل أنت رجل صناعة «شاطر»؟
- أنا لست شاطرًا، ولا أستطيع أن أقول لك إنى أفعل شيئًا وأنا كل ما أفعله هو أننى أتقى الله فى كل تصرفاتى، وعلاقتى بخالقى طيبة، وبناء عليه فإننى أحاسب نفسى قبل أن يحاسبنى أحد، ولا أتخذ قرارًا قبل أن أتأكد أنه سيرضى ربنا، ثم إن التجارة والصناعة وتصرفات الإنسان كلها توفيق من الله، و«بعدين» والحمد والشكر لله ما فى شىء طلبته من ربنا إلا وأعطانى إياه، ولذلك إذا ظللت ساجدًا أشكر الله على ما أعطاه لى فلن أشكره كما يجب، ثم إننى لا أهدف إلى امتلاك المال، أنا ليس لدىّ مال (ما عنديش فلوس) لأن كل ما يأتى من مال أدفعه رواتب للناس وضرائب وأشترى بضاعة وأتوسع فى الإنتاج حتى تظل العجلة دائرة.
■ أيعنى ذلك أنك لست مليارديرًا؟
- ربما يقولون عنى إنى ملياردير! إنما أنا لست مليارديرًا.
■ (وأما بنعمة ربك فحدث).
- أنا أتحدث ولم أعترض (أنا قلت حاجة).
■ هل تخاف الحسد؟
- طبعًا أخاف الحسد.
■ ما الذى تخشاه بخلاف الحسد؟
- لا أخاف من شىء آخر ولا أخشى سوى الله فقط.
■ من هو عدوك؟
- ليس لى أعداء.
■ من ينافسك فى السوق المصرية؟
- أنافس كل المنتجات التى تنتج فى مصر والتى تستورد من الخارج وتدخل السوق المصرية.
■ لماذا لا تشارك فى اجتماعات غرفة تجارة القاهرة أو الاتحاد مع أنك كنت رئيسًا لهما فيما مضى؟
- نعم كنت رئيسًا للغرفة لمدة ٥ دورات استغرقت عشرين عامًا، ورئيسًا للاتحاد العام للغرف التجارية لمدة ٣ دورات، ولم أحضر اجتماعاتهما لأننى قررت أن أركز فى عملى وأطوره.
■ ماذا تطلب من الحكومة؟
- أهم ما أحتاجه منها أن تحل مشكلة البطالة، لأن حلها سينقذ اقتصاد بلدنا ومستقبل أولادنا، ويكفى أنها ستحل مشاكل أطفال الشوارع والشباب الذين أنهوا دراساتهم ولم يجدوا عملاً فسافروا إلى إسرائيل ليتزوجوا من الإسرائيليات وهذه كارثة تهددنا جميعًا وثمنها غال جدًا، فإذا نفذ ما اقترحته مسبقًا فلن يكون لدينا عاطل، ولابد أن تدرس القرارات قبل أن تؤخذ، وضرورى أن تكون هناك سياسة واضحة، كما يجب أن تتعاون الوزارات مع بعضها البعض.
■ هل المفروض أن تحل الحكومة كل مشاكل الشعب؟
- يجب على الحكومة أن تخطط وتصدر القوانين التى تساعد على التقدم، كما يجب عليها أن تكون لديها أبحاث ودراسات عن كل شىء فى البلد من شوارع ووظائف وأراض ومشاريع واحتياجات الشعب وأن تبحث كيفية تطوير التعليم، والغنى هو الذى يحل مشكلة الفقير، وعندما يساعد الغنى الفقير سيزداد غنى بشرط أن يأخذ بيد الفقير حتى تقل الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
■ هل تقصد أن رجال الأعمال الأغنياء يستطيعون حل مشاكل الفقراء؟
- إذا كان لدينا ٢٠٪ من الشعب المصرى أغنياء، فهذا يعنى أن الـ٨٠٪ الباقين فقراء!، فهل تعتقدين أن الـ٢٠٪ يستطيعون حل مشاكل الـ٨٠٪؟ طبعًا لا، لكن إذا كان لدى الحكومة دراسة وخطة لكل شىء مع حل مشكلة البطالة ومساعدة الأغنياء للفقراء فلن يكون لدينا ما يقلقنا أو يهدد اقتصادنا.
■ هل يقوم رجال الأعمال بدورهم الاجتماعى على الوجه الأمثل؟
- ليسوا جميعهم! لى عتاب على الإعلام الذى يبرز السلبيات ويضخمها فى الوقت الذى يكاد لا يتحدث أو يذكر الإيجابيات! وكأن مصر أصبحت كلها سلبيات وخلت من الإيجابيات، فمثلاً إذا حرص الصحفيون على لقاء ورجال الصناعة والتجارة الشرفاء الوطنيين الذين يضيفون لاقتصاد بلدهم ومساعدة الشعب سيكون ذلك حافزًا للشباب وفى الوقت ذاته سيعطيهم أملاً فى النجاح وتحقيق طموحاتهم آخذين هؤلاء الشرفاء وقصص كفاحهم مثلاً يقتدون بها وتشجعهم، لكن حينما تركز الصحافة على رجل صناعة صاحب راقصة وحصلت منه على ٤٠ مليون جنيه وفعلت كذا وكذا فلن يكون تأثير ذلك إلا بالسلب على الشباب الذين سيفقدون الثقة فى رجال الصناعة والتجارة ويكرهونهم وربما يدفعهم ذلك إلى الانحراف.
■ هل استطاعت الحكومة معالجة مشكلة المتعثرين مع البنوك؟
- للأسف لا.. لأنها لم تدرس حالات المتعثرين ولم تعالجها بهدوء وتأن، ولذلك ظلمت كثيرين منهم!، وكان يجب عليها أن تخرج المتعثر من الخندق الذى وقع فيه بدلاً من حبسه وإغلاق مصنعه وطرد عماله، وببساطة شديدة كان يمكن حل مشكلته بوضع الديون التى عليه جانبًا ومنحه قرضًا جديدًا أو بضاعة جديدة ويتم الاتفاق معه على دفع ٥٪ من أرباحه على ٢٠ سنة وبذلك يتم تحصيل القديم والجديد ويظل المصنع مفتوحًا والعاملون يعملون.
■ ما رأيك فى الطريقة التى تمت بها الخصخصة؟
- الخصخصة كان لابد منها، خاصة أننى أرى أن النكبة الكبيرة التى حدثت فى مصر هى التأميم، فالشركات كانت ملكًا لأشخاص يديرونها ويكسبون منها فقالوا عنهم إنهم استغلاليون ويأكلون مال الشعب! وماذا حدث عندما أخذتها الحكومة؟ هل نجّحتها؟ بالعكس لقد خسرت الشركات وبيعت بخسارة!
كان يجب ألا تباع الشركات المصرية للأجانب، بل كان يجب أن تباع للمصريين حتى يظل المكسب المصرى باقيًا فى مصر، لأن الأجنبى مكاسبه تخرج من مصر وتتجه إلى بلده أولاً بأول! وبذلك نكون أفدنا الدول الأخرى على حساب مصر واقتصادها، ولماذا تباع شركات الأسمنت للأجانب الذين توقفوا عن بناء مصانع لإنتاج الأسمنت فى بلادهم خوفًا من التلوث! ثم يأتون إلى مصر ليلوثوها ويرفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه ويحققوا أرباحًا ضخمة!!
■ هل تابعت خطاب أوباما فى مصر؟ وما انطباعك عنه؟
- لم أكن فى مصر حينما زارها أوباما وألقى خطبته، حيث كنت فى اليابان فى زيارة عمل، ولكنى تابعت ما حدث، وانطباعى أن هذه هى السياسة الأمريكية المدروسة والمخططة، والأمريكان هم الأمريكان.
■ ماذا تقصد؟
- أقصد أننا لم نر شيئًا، فإسرائيل كما هى إسرائيل، وتشجيع أمريكا لها ليس له حدود، وإسرائيل قتلت من قتلت فى غزة، وأمريكا لم تفعل شيئًا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق