الخميس، 10 نوفمبر 2011

الشرقاوي‏..‏ مفتاح الجنة في كلمة


أتعرف ما معني الكلمة‏,‏ مفتاح الجنة في كلمة‏,‏ دخول النار علي كلمة‏,‏ وقضاء الله هو كلمة‏,‏ وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري‏,‏ والكلمة فرقان بين نبي وبغي‏,‏
هذه بعض من كلمات الكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي المولود في العاشر من نوفمبر عام‏1920‏ بقرية الدلاتون بمحافظة المنوفية‏.‏بدأ الشرقاوي تعليمه في كتاب القرية ثم انتقل إلي المدارس الحكومية حتي تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام‏1943,‏ وعمل بالمحاماة ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبا فعمل في الصحافة في مجلة الطليعة في البداية‏,‏ ثم مجلة الفجر‏,‏ وعمل بعد ثورة‏23‏ يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية‏,‏ وشغل منصب رئيس تحرير مجلة روزاليوسف‏,‏ ثم عمل بعدها في جريدة الأهرام‏,‏ وتولي عددا من المناصب الأخري منها سكرتير منظمة التضامن الآسيوي ـ الافريقي وأمانة المجلس الأعلي للفنون والآداب‏.‏وتنوعت أعماله الأدبية بين الرواية والشعر‏,‏ حيث قدم روايته‏"‏ الأرض‏"‏ عام‏1954,‏ و‏"‏قلوب خالية‏"‏ عام‏1956,‏ ثم‏"‏ الشوارع الخلفية‏"‏ عام‏1958,‏ وأخيرا رواية‏"‏ الفلاح‏"‏ عام‏1967,‏ وتأثر عبد الرحمن الشرقاوي بالحياة الريفية وكانت القرية المصرية هي مصدر إلهامه‏,‏ وإنعكس ذلك علي أولي رواياته الأرض التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث‏,‏ وتحولت إلي فيلم سينمائي شهير بنفس الاسم للمخرج يوسف شاهين عام‏1970.‏ومن أشهر أعماله مسرحية‏"‏ الحسين ثائرا‏",‏ ومسرحية‏"‏ الحسين شهيدا‏"‏ و‏"‏مأساة جميلة‏"‏ عن الجزائرية جميلة بوحيرد‏,‏ ومسرحية‏"‏ الفتي مهران‏",‏ و‏"‏النسر الأحمر‏",‏ و‏"‏أحمد عرابي‏",‏ أما في مجال التراجم الإسلامية فقد كتب محمد رسول الحرية‏,‏ وعلي إمام المتقين‏,‏ والفاروق عمر‏.‏ كما شارك في سيناريو فيلم الرسالة بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار‏.‏ وحصل عبد الرحمن الشرقاوي علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام‏1974‏ والتي منحها له الرئيس السادات‏,‏ كما منحه معها وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولي‏.‏وتوفي الشاعر والأديب والصحفي عبد الرحمن الشرقاوي في‏10‏ نوفمبر عام‏1987‏ عن عمر ناهز‏67‏ عاما‏,‏ ويمتاز أدب الشرقاوي رغم تنوعه بالإخلاص والإصالة والجدة في تعبير عن العواطف والحقائق‏.‏وكتب عبد الرحمن الشرقاوي واحدة من أبدع وأكبر الأعمال الدرامية الروائية‏"‏ الأرض‏"‏ من حيث الأحداث والإسقاطات والمشاهد الملحمية‏,‏ ثم قام المخرج المبدع الراحل‏"‏ يوسف شاهين‏"‏ بتحويلها لعمل فني سينمائي‏,‏ كما شارك عبد الرحمن الشرقاوي في كتابة سيناريو وحوار الفيلم التاريخي العظيم‏"‏ الرسالة‏"‏ الذي أخرجه المخرج المبدع الراحل‏"‏ مصطفي العقاد‏",‏ والذي يحكي عن الدعوة الإسلامية وتبليغ الرسالة في مرحلة‏"‏ صدر الإسلام‏",‏ و وشارك الشرقاوي كبار الكتاب في كتابة هذا الفيلم ومنهم توفيق الحكيم‏,‏ وعبد الحميد جودة السحار‏,‏ ومصطفي العقاد‏,‏ وهاري كريج‏,‏ ومحمد علي ماهر‏,‏ ومحمد ناصر السنعوسي‏,‏ وهذا العمل قدم في نسختين‏,‏ إحداهما عربية بطولة الفنان الراحل‏"‏ عبد الله غيث‏",‏ وأخري بالإنجليزية للمبدع الراحل‏"‏ أنتوني كوين‏".‏ وارتبط اسم الشاعر المسرحي الكبير عبد الرحمن الشرقاوي بالكتابة الدينية وذاع صيت مسرحيتيه الحسين ثائرا‏,‏ والحسين شهيدا ليطغي علي شهرة باقي مؤلفاته الأخري‏,‏ وفي ذلك قدر كبير من عدم الإنصاف لكاتب تنوع إنتاجه وتميزت أعماله بعمق التحليل وقوة الأسلوب‏,‏ بالإضافة لاهتمامه بعنصر الحركة علي خشبة المسرح‏..‏فلم يكن كأغلب سابقيه من كتاب المسرح الشعري يهتمون بالحوار فقط‏..‏ وليس يعنيهم كثيرا كيف تتحرك الشخوص علي خشبة المسرح وتكون جذابة بصريا بقدر جاذبيتها علي الورقولعل عدم حصول الشرقاوي علي ما يستحق من شهرة وتكريم مرجعه إلي شدة تواضع الرجل وعدم إكتراثه بتلميع نفسه إعلاميا كما يفعل كتاب آخرون أقل منه في الموهبة والقيمة‏,‏ والدليل علي ذلك ماقاله هو عن نفسه في حوار أجرته معه مجلة المسرح في عدد يوليو‏1966‏ حيث أعلن‏:"‏ إنني لا أكره مسرحية من مسرحياتي ولكني لست مفتونا بأي من هذه المسرحيات‏..‏ علي العكس أشعر دائما بنواحي نقصي‏..‏ وإذا كان يجب أن أقول كلمة واحدة مختصرة فلست راضيا عما أكتب‏,‏ لأنني أشعر أنني لم أعبر عما أكتب‏,‏ لأنني أشعر أنني لم أعبر بعد كما ينبغي‏,‏ وأحاول في كل عمل جديد أن أكمل النقص الذي اكتشفته فيما سبق‏,‏ أما من ناحية العرض المسرحي ففضل هذا ليس لي وإنما للمخرج وللممثلين‏".‏وكانت دعوته في سنواته الأخيرة‏:"‏عودوا إلي الإسلام الحق تجدوه أكثر تقدما من كل الفلسفات البشرية‏,‏ لكم سهرت الليالي عاكفا متبتلا في محراب الفكر الإسلامي وتحرره من الخرافات والتفاسير المناهضة‏";‏ هكذا كان الشرقاوي ثائرا علي نفسه وشهيدا بين أقرانه من كبار المبدعين‏.‏



المصدر : الاهرام المسائي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق