الاثنين، 17 يناير 2011

تحت الأرض أفضل من فوقها

الكاتب : عادل نور الدين - ايجيبتى
لأول مرة أكتشف أن كلمة تحت قد تكون أحيانا أفضل من كلمة فوق وذلك من خلال بضعة سلالم نزلتها في ثوان لأكتشف عالما سفليا مختلفا تماما عن العالم العلوي بالرغم من أنني جبت العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه إلا أنني وجدت نفسي كالقروي الذي يأتي لأول مرة إلى القاهرة ، هذه ليست القاهرة وهؤلاء ليسوا سكانها . أين الباعة الجائلون ؟ أين أعقاب السجائر المنتشرة في الطرقات أين المداخن البشرية ؟ أين أصوات الصياح؟ إن بضعة سلالم تؤدي إلى مترو أنفاق القاهرة تغير الدنيا من حال إلى حال وتطرح سؤالا كالبركان في أعماقي لماذا لا تكون القاهرة فوق الأرض مثل القاهرة تحتها ؟ لماذا يمتلئ فوق الأرض بالمتاعب وتختفي من تحت؟ سوف تختفي المتاعب إذا جعلنا الناس تعتاد بالذوق والتوعية أحيانا وبالعقاب أحيانا أخرى على أنماط جديدة من السلوك فيصبح السلوك بعد ذلك عادة تجري بقوة الدفع الذاتية مثلما يحدث في أوروبا الآن من نظام والتزام . ولكن المشكلة لدينا أننا نجعل الناس تعتاد على نظام في بعض الجوانب المحدودة ونترك لهم الحبل على الغارب في جميع الجوانب الأخرى والأمثلة الإيجابية في هذا المجال ما حدث في مترو الأنفاق وما حدث أثناء تطبيق نظام حزام الأمان في السيارات أما غير ذلك فيكفي أن نلقي نظرة على ما يحدث في شوارع القاهرة الفوقية من عدم انضباط واستهتار يكون ثمنه فادح من أرواح ودماء عشرات الآلاف من الأبرياء سنويا 0 أعتقد أننا إذا ركزنا اهتمامنا على تنظيم المرور في شوارع القاهرة الفوقية فإننا نكون قد خلقنا في أعماق الناس فكرة الالتزام بالنظام والقانون مما ينعكس بدوره على جميع مجالات الحياة الأخرى لأن حركة المرور هي المشهد الذي نراه جميعا يوميا ويخلق في أنفسنا إحساسا بالالتزام أو بعدم الالتزام إنه أشبه بدرس يومي متكرر فإذا كان الأستاذ حاسما , وعينا درسه وإذا كان الأستاذ ضاربا بالدف فسوف نرقص جميعا في الفصل الدراسي ونضيع وتضيع معنا بلدنا الجميلة مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق