تفسيرات عدة للقرار الذي اتخذه الملك عبدالله خادم الحرمين والذي رفع يده من الوساطة اللبنانية، وكلها تفسيرات متضاربة. التفسير الأول الذي تبنته مجموعة 8 مارس والتي تمثل المعارضة رأت فيه نتيجة لوجود فيتو أمريكي علي الجهود السعودية في حل المشكلة اللبنانية.. أما التفسير المقابل الذي تتبناه مجموعة 14 مارس التي تمثل الموالاة فقد رأت فيه تحذيرا سعوديا من مخاطر جمة تهدد لبنان. وحتي الآن آثرت المملكة العربية السعودية ألا تقدم تفسيرا لهذا الموقف الذي من المؤكد أنه فاجأ الجميع داخل لبنان وخارجه وهو ما عبر عنه نبيه بري شخصيا حينما قال إن زيارة وزيري خارجية قطر وتركيا إلي لبنان للتوسط في حل المشكلة جاءت استنادا إلي المبادرة ا لسعودية السورية أساسا. لكن مع ذلك فقد تضمن التصريح الذي أدلي به وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وأعلن فيه رفع يد خادم الحرمين من الوساطة في لبنان تفسيرا ضمنيا لهذا الموقف السعودي الجديد والمفاجئ حينما قال: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان يقود بنفسه المشاورات السعودية بشأن الوضع في لبنان.. وهو اتصل مباشرة الرأس بالرأس بالرئيس السوري فكان الموضوع بين الزعيمين للالتزام بإنهاء المشكلة اللبنانية برمتها ولكن عندما لم يحدث ذلك أبدي خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن هذه الاتفاقات. فهذا التصريح يتضمن لوما غير مباشر وغير صريح لسوريا بل وللرئيس السوري شخصيا.. فهو طبقا للقراءة السليمة لسطوره وما بين سطوره يعني أنه كان هناك اتفاق بين خادم الحرمين والرئيس السوري علي إنهاء المشاكل اللبنانية كلها، وعندما لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق اضطر خادم الحرمين لرفع يده.. وبهذا يمكننا أن نفهم أن الذي لم يلتزم بهذا الاتفاق هو الرئيس السوري شخصيا ولأن من لم ينفذه هم حلفاؤه في لبنان الذين يسبغ عليهم رعايته ويمنحهم دعمه. فالأغلب أن المملكة العربية السعودية التي سكتت علي الخطوة السورية الخاصة بإذكاء نيران ملف شهود الزور في قضية مصرع رفيق الحريري حينما أصدرت قرارات استدعاءات قضائية لشخصيات لبنانية قريبة من سعد الحريري قد فاجأ ما تعرف بالمعارضة اللبنانية بالانسحاب من الحكومة اللبنانية مع أحد الوزراء المحسوبين علي حصة رئيس الجمهورية مما أدي إلي إسقاط الحكومة، ومع ذلك فقد تريثت السعودية في اتخاذ موقف أو قرار حتي فوجئت مرة أخري بأن حلفاء سوريا يرفضون الاتفاق السعودي السوري الذي كان يسمي بالمبادرة المشتركة بينهما وذلك بحجة أن الأمور والأحوال الآن تغيرت بعد تسليم قرار الاتهام في قضية اغتيال رفيق الحريري إلي المحكمة الدولية، والإصرار علي أن يذعن سعد الحريري لكل مطالبها الخاصة بإعلان رفضه المحكمة الدولية ووقف التعاون معها وسحب القضاة اللبنانيين منها وهو ما لا يقدر عليه سعد الحريري باعتباره وليا للدم وزعيما للسنة في لبنان وبالتالي لم يعد أمام السعودية سوي أن تعلن غضبها.
السبت، 22 يناير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق