البعض ربط الثورة بكبت الحرية الالكترونية :
رغم تعدد أسباب "انتفاضة الحرية" فى تونس بعد احتجاجات دامية على البطالة وغلاء الأسعار والفساد،الا أن صحيفة "ديلي ميل" البريطانية وصفتها بأول ثورة شعبية تحدث بفعل التسريبات الأخيرة لموقع "ويكيليكس" التى أحرجت النظام السابق وأشعلت شرارة الغضب بنفوس المقهورين .
فقد نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية برقيات أمريكية جاء بها أن المحيط العائلي للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي "أشبه بالمافيا" وأن النظام التونسي "لا يقبل لا النقد ولا النصح".
فى حين ردت الحكومة التونسية وقتها بأن تلك الوثائق افتراءات "لا مصداقية لها" ولن يكون لها تأثير على العلاقات التونسية الأمريكية.
استغلال نفوذ
وتضمنت إحدى البرقيات التي تم إرسالها في يونيو/حزيران 2008 بعنوان "ما هو لكم هو لي" أكثر من 10 أمثلة عن إساءة استخدام أقرباء الرئيس التونسي للنفوذ، ومنها على سبيل المثال أن زوجة الرئيس، ليلى الطرابلسي، حصلت من الدولة على أرض كمنحة مجانية لبناء مدرسة خاصة، ثم أعادت بيعها.
وفي صيف 2009 ، ذكرت برقية أخرى أن " بن علي يتقدم في العمر" وأن "نظامه متصلب" وأنه "ليس لديه خليفة معروف". وأضافت البرقية أن على الولايات المتحدة أن تطلب من الدول الأوروبية تكثيف جهودها "لإقناع الحكومة التونسية بتسريع الإصلاحات السياسية" .
بل كشفت برقية للخارجية الأمريكية سربها موقع ويكيليكس أن السلطات التونسية صادرت نحو 2,5 مليون يورو من سهى عرفات أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وطردتها من البلاد بعد تجريدها من الجنسية التونسية، عقب خلاف نشب بينها وزوجة الرئيس التونسي وفق أحد تقارير السفارة الأمريكية بتونس في 2007 .
فبعد وفاة الزعيم عرفات في عام 2004 غادرت سهى عرفات أراضي السلطة مع ابنتها زهوة حيث حصلت عام 2006 على الجنسية التونسية وتقربت من القصر الحاكم و زوجة الرئيس زين العابدين بن علي، ولكن بعد عام أصدر القصر بيانا مقتضبا جاء فيه: "أن الجنسية التونسية جرى سحبها من سهى عرفات".
وعلق محللون صحفيون بأن الوثائق المسرّبة التي نشرها موقع ويكيليكس الإلكتروني ربما كان لها دور في إشعال الثورة الشعبية في تونس، اذ أنها كشفت عن مدى تفشي الفساد السلطوي، خاصة داخل عائلة الرئيس الخلوع .
معلومات لها أجنحة
وحول دور قمع الحرية الالكترونية فى الثورة ،قال جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لموقع أخبار مصر الالكترونى إن الحكومة التونسية حجبت موقع جريدة الأخبار اللبنانية في تونس بعد نشره ة لجزء من وثائق ويكيلكيس ، وذلك عقب حجب موقع ويكيليكس نفسه في تونس .
وأضاف "عيد " :لا أرى ان حجب الموقع فجر الازمة لانها ثورة شعبية نتاج ربع قرن من القمع ولكن لاشك أنه ساهم فيها وحذر من اندلاعها ، ورغم احتلال تونس صدارة الدول العربية في سرعة حجب مواقع الإنترنت بحجب الموقع عن زواره ،إلا أن نشطاء الانترنت والمواقع الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر تجاوزوا هذه الرقابة وتبادلوا أخبار التجاوزات والانتفاضة بالصور عبر الموبايل والشبكات الاجتماعية مستخدمين كلمة " هاش تاك " لتداول البيانات المسربة" .
وأكمل :" أنا شخصيا ضد حجب مواقع الكترونية فى عصر المعلومات بدليل فشل الحكومة التونسية في حجب المعلومات المتعلقة بانتهاكاتها الحادة لحقوق الإنسان ولحرية التعبير التي تتضمنها هذه الوثائق، فالمعلومة والخبر لها أجنحة ، ولا يمكن منعها من الطيران والوصول للجمهور.بينما نجح المواطن التونسي ، الذي حرمته حكومته من الإطلاع على جريدة هامة وجريئة مثل جريدة الأخبار فى الوصول لهذه الجريدة عبر الوصلات البديلة" .
الوقت المناسب
وحول خطورة وثائق "ويكيليكس "، أكد اللواء سامح سيف اليزل الخبير الامني والاستراتيجي أن الرأي العام من حقه معرفة اي معلومة لكن مع مراعاة درجة سرية الوثيقة المسربة والتوقيت المناسب لنشرها لأنها قد تكون محرجة لبعض الدول في الوقت الذي لا تمثل فيه أهمية كبيرة في العالم، وشدد علي وجود انتقائية في نشر الوثائق موضحا أن جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس, والعاملين معه يحجبون وينشرون ما يريدون حتي ان النشر لم يكن حياديا وحرفيا بالشكل المطلوب.
كذلك قال اللواء سامح سيف اليزل إن بعض الوثائق لها مصداقيتها وليس كل ورقة يطلق عليها وثيقة. كما أن حاجز اللغة والسياق الذي دار فيه الحديث الذي نستطيع من خلاله فهم مضمون الوثيقة. بل ان الترجمة الصحفية ربماتختلف عن حقيقة محتوى الوثيقة.
ودلل علي فكرة غياب الحيادية في عدم نشر وثائق عن القوات الامريكية ووجودها في الخليج والبحرالمتوسط فيما ركزت الوثائق علي عملها في افغانستان والعراق في حين لم تنشر شيئا عن اسرائيل يذكر.ونبه بأن كل صحفي يبحث عن سبق يجب ان يضع في أولوياته مصلحة الوطن.
وكانت حملة حجب منظمة قد طالت جميع المواقع والمقالات التي تتطرّق إلى تقارير "ويكيليكس " حول تونس، منها المدوّنة الخاصّة التي أنشئت تحت عنوان "تونيليكس " ،والتي تعنى بنشر الوثائق ،البالغ عددها حسب موقع ديرشبيجل 1055 رسالة مصنّفة بين الخاصّة والسرية للغاية.
المصدر : اخبار مصر - تحقيق /د. هند بدارى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق