
والحل العبقرى الذى تفتق عنه ذهنى هو خطف مجموعة من السياح الألمان. هذه المرة جن جنونهم فقد كان الاستفزاز فوق طاقتهم باعتبار ما يكنون من احترام لقيمة الإنسان الآرى. العالم لاحظ تغيرات مريبة: ارتفع نداء الرايخ فوق الجميع، جميع الرجال أطلقوا شواربهم بطريقة هتلر الشهيرة، خطوة الأوز العسكرية عادت من جديد. النظرة المتعصبة المجنونة التى تصنف الأجناس الأخرى إلى حشرات مؤذية تجب إبادتها أو حيوانات مسالمة للجر والحلب.
باختصار ظهر العرق النازى المختبئ خلف الجلود. وبدأ العالم يتحسب من المارد الألمانى الغافل الذى أيقظناه عنوة.
كنت أتوقع أن يتم الإنزال فى صحراء العلمين من قبيل الحنين. بالفعل حلقت موجات متتابعة من الطائرات الألمانية فوق الساحل الشمالى، وعاد روميل ثعلب الصحراء يُبعث من جديد. لكن مونتجمرى لم يكن فى انتظارهم هذه المرة وإنما «أبوالليف»!!.
خطتى كانت تقوم على تحطيم أعصابهم بسماع أغنية واحدة مكررة ليل نهار. فى اليقظة والمنام، أثناء الأكل وعند دخولهم الحمام، حتى الإذاعة توقفت برامجها ولم تعد تذيع إلا «أنا مش خرونج». نشرت سماعات عملاقة فى كل مكان. حسب الخطة كان المفروض أن يصلوا للقاهرة بعد تحطيم المقاومة خلال خمس ساعات. طبعا لم تكن هناك مقاومة أصلا وإنما أحاط بهم شباب مارينا(الله يحرسهم) لدعوتهم إلى الحفل الغنائى الذى يقيمه أبوالليف وهو يلعب البنج بونج ويده مربوطة بالحبال. وقفوا مبهورين فى ساحات مارينا يستمعون للأغنية:
«أنا مش خرونج، لا أنا كينج كونج، ده وأنا رابط إيدى بالعب بينج بونج»
■ ■ ■
مرت ساعات وساعات، والقيادة الألمانية تضرب أسداسا فى أخماس لانقطاع أخبار جنودهم، فقرروا إرسال دفعة ثانية على أن يكون الإنزال هذه المرة فى القاهرة. وبالطبع كان أول ما صافح أسماعهم عندما لامست أقدامهم الأرض هو «أنا مش خرونج».
قبل أن يفهموا ما يحدث وجدوا أنفسهم محاصرين بالشحاذين وأطفال الشوارع والمعتصمين على رصيف مجلس الشعب، قهرتهم «القاهرة» التى لا تُقهر، فجلسوا على المقاهى يحاولون فهم ما يحدث فى هذا الكوكب العجيب الذى يُدعى مصر.
وفوج بعد فوج، يطاردهم أبوالليف، مؤكدا أنه مش خرونج، حتى ظهرت أعراض مرض «الخرونج» وصار الجندى الآرى بشاربه الهتلرى يستيقظ من عز النوم صارخا «أنا مش خرونج».
المصري اليوم - د. أيمن الجندى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق