الأحد، 18 أبريل 2010

مواقف و طرائف


أمسكت نفسى عن الغضب وأنا أشاهد هذه المسرحية التى أدارها شيخ القبيلة «عم محمود»، وقد سقطت هذه الحلقة وكسب المستشار مرتضى منصور جميع جولاتها، وكسب التليفزيون إيراد إعلانات يفوق ستة ملايين جنيه على حساب الأصول والمبادئ بعد أن سخر أجهزته للترويج والتنويه بموعد هذه الحلقة الإعلانية على مرأى ومسمع من وزير الإعلام، وتحدد لها موعد حرص على حضوره سيدنا الشيخ مولانا العالم الجليل كما يلقبه دائماً «عم محمود» عند تقديمه لرعاياه «اللى هما إحنا»،
ويبادله الشيخ على الشاشة بقوله «يا حوده» حتى يوحى لنا بأنه شيخ من طراز الكاجوال لزوم عدة الشغل، وقد تعمد الشيخ الحضور بالجلباب والعمامة والمسبحة العملاقة ليؤكد لنا ولنفسه أنه رمز وأكبر مشكلة يتم حلها على يديه وأنه رجل دين رغم أن الدين الإسلامى هو الديانة التى تنفرد بأنها ليس بها رجل دين. العلاقة مباشرة بين العبد وربه. ولماذا إقحام الدين بما له من هيبة ووقار فى مثل هذا البرنامج الذى انتهى بالفشل؟.. وسؤالى: هل تسمح لى وزارة الداخلية بصفتى ضابط بوليس يعرفنى الجميع، أن أرتدى الزى العسكرى والكاب على رأسى وأندس فى برنامج تليفزيونى؟
الإجابة لا وألف لا، وسؤالى أيضاً: هل هان على وزير الإعلام الذى يرسم لنا دائماً على وجهه علامات القوة والجدية أن يعاقب مشاهديه ودافعى الضرائب باختلاق مادة فيلمية مجانية تحت بند الإثارة وحصد قيمة الإعلانات؟ وهل كان التليفزيون سيحرص على إحضار رجل دين مسيحى لو أن أحد طرفى المشكلة مسيحى؟.. أم أن تسطيح عقول المشاهدين أصبح هدفاً ورسالة للتليفزيون؟
أؤكد أننى أذكى من إقحام نفسى فى هذا الكمين بلغة البوليس، ولكنى لا أخفى إعجابى بالحرفية البالغة للزميل مرتضى منصور الذى أبادله كل الود والاحترام بنفس القدر الذى أتلقاه منه. لقد أثبت أن دراسة القانون كنز له ولنا.
لقد حرص أن يعرض وجهة نظره أولاً ولم يعرض كل ما عنده مرة واحدة حتى يستكشف من ردود خصمه ما يستحق أن يقال بعد ذلك، والحقيقة رغم عدم معرفتى بالكابتن شوبير وعدم متابعتى لبرامجه فإنى أشفقت عليه كثيراً عندما وجد نفسه خارج ملعبه حيث يفاجأ بأن هناك فرقاً بين كرة القدم والكرة الأرضية، وقد ظن أن الكرة الأرضية كلها ملعبه مستنداً إلى أضوائه، مفتقداً إلى القانون حتى إنه استغاث ولم يجد من ينقذه عندما قال: «أنا جاى يا جدعان مش مستعد»، وكنت أود من باب عمل الخير وقتها أن أهمس على الهواء فى أذن الكابتن الكبير الذى لا أعرف خلفيته العلمية بأن يبادر بالاعتذار فور إنهاء المستشار مرتضى جولته الأولى فى البرنامج.
وكان لحظتها سيكسب كل شىء ويكسب نفسه، تفادياً لما قيل على الشاشة بعد ذلك مما سبب له حرجاً كبيراً له ولأسرته ولنا، خاصة أن القاعدة القانونية هى «الحكم عنوان الحقيقة».
خدعوك فقالوا إنها جلسة صلح، والحقيقة أنها جلسة دبح. يا كابتن ابحث فى مفكرتك.. هل ظلمت أحداً وأنت تتسلق السلم الوظيفى ورفع يديه إلى السماء؟
وأنت يا عم محمود كنت أناديك بشيخ القبيلة ويبدو أنك صدقتنى وأردت أن تثبت ذلك.. جلسات الحق يا عم محمود عندنا فى الفلاحين يرأسها شيوخ قبائل.. ولا يجرؤ طرف أن يترك مجلس شيخ القبيلة وينصرف.. بعدين أبقى أقولك.

المصري اليوم - جلال علام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق