زيت القلى سلعة أساسية لكل طبقات المجتمع، فهو رمز للغذاء الصحى بدلا من المسلى، وعنصر أساسى لأطعمة البسطاء الرخيصة، بدءا من المسقعة وانتهاء بالطعمية.ومن هذا المنطلق يصنف الزيت على أنه من السلع الإستراتيجية، وبالرغم من توسع الحكومة فى تحرير أسواق العديد من السلع حتى تلك التى كانت تصنف على أنها إستراتيجية، كالأسمنت على سبيل المثال، إلا أنها لاتزال مهتمة بالوجود القوى فى سوق زيت الخليط المعروف باسم «زيت القلى».الدولة تهيمن على الإنتاج وبحسب أيمن قرة، رئيس شركة القاهرة للزيوت، شركة خاصة، فإن زيت القلى يمثل 75% من سوق زيوت الطعام فى مصر، وتستحوذ الحكومة على النصيب الأعظم من هذه السوق بنسبة تصل إلى90%، ويصل إجمالى إنتاج مصر من زيت القلى سنويا إلى نحو 850 ألف طن، بحسب قرة.وفيما توصى أدبيات الاقتصاد الليبرالى دائما بتراجع الدولة عن الإنتاج لإتاحة الفرصة لاقتصاد العرض والطلب، يرى عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية، ضرورة استمرار هيمنة القطاع العام على إنتاج الزيوت فى مصر، «لأن ذلك يعطى انطباعا بأن الدولة قادرة فى أى وقت على طرح منتجات بأسعار مخفضة لضبط السوق». وترى الحكومة أن توسعها فى توزيع الزيوت المدعومة مسألة ضرورية، حيث يقول درويش مصطفى، مستشار وزير التضامن لقطاع التموين، إن «زيادة حجم الزيوت المدعومة كان بهدف ضمان توفيرها فى السوق المحلية بالأسعار المناسبة للمستهلكين»، نافيا أن تكون الزيوت المدعمة فوق احتياجات المستهلكين، ومؤكدا أن هناك إقبالا واضحا عليها «لا نجبر أحد على شراء الزيوت المدعمة، من يريد زيوت السوق الحرة يشتريها»، بحسب تعبير مستشار الوزير.الدعم يشوه السوق واعتبر قرة أن زجاجات الزيت المدعمة التى توفرها الحكومة تمثل ضغوطا على الشركات الخاصة، حيث تقلل تنافسياتها، ويصل سعر عبوة الزيت المدعمة إلى ثلاثة جنيهات، بينما يبلغ سعر العبوات المماثلة غير المدعمة نحو ستة جنيهات.«لست ضد الدعم، ولكن إذا تحول هذا الدعم إلى نقدى سيتم معالجة التشوهات السعرية فى السوق، ويكون المستهلك هو صاحب القرار فى اختيار المنتج الذى يشتريه»، من وجهة نظر قرة، الذى يترأس أيضا شعبة مصنعى زيوت الطعام بغرفة الصناعات الغذائية فى اتحاد الصناعات.ويرى قرة أن سياسة الحكومة فى دعم الزيت تؤثر سلبا على أرباح الشركات، خاصة بعد اتجاه الحكومة لزيادة كميات الزيت المدعوم على بطاقات التموين خلال الفترة الماضية، «بما يزيد عن احتياجات المواطنين الشهرية من الزيت»، كما جاء على لسانه.وكانت وزارة التضامن الاجتماعى تصرف على بطاقات التموين نصف كيلو زيت شهريا لكل أفراد الأسرة، ونصف كيلو إضافى لأسرة يتراوح عدد أفرادها ما بين 1 ــ 4 أشخاص، إلا أنها قامت منذ عامين بزيادة هذه الكمية الإضافية إلى كيلو، ليصبح مجمل ما يتم صرفه من زيوت الطعام بالأسعار المدعمة لأسرة يتراوح عدد أفرادها من 1 ــ 4، كيلو ونصف زيت. ويذكر أن الحكومة تطرح حاليا 40 ألف طن شهريا من الزيوت المدعومة. وأشار عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية، إلى أن اتجاه الحكومة لزيادة كميات الزيوت المدعمة جاء لمواجهة القفزات التى حدثت فى أسعار الزيوت فى السوق المحلية، وأوصلت سعر زجاجة الزيت إلى عشرة جنيهات».ولا تدعم الحكومة أصنافا من الزيوت، كزيت الذرة وعباد الشمس، والتى تمثل نسبة قليلة من سوق زيوت الطعام فى مصر ومن الصعب أن يعتمد عليها القطاع الخاص لتحقيق إيرادات تعوضه عن هيمنة الحكومة على سوق زيت الخليط، بحسب قرة.صادرات محدودة «من الصعب أن يعتمد القطاع الخاص على أسواق التصدير للتوسع فى تسويق منتجاته، لتعويض توسع الدولة محليا فى الزيوت المدعومة»، يقول قرة، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن القطاع يصدر إلى أسواق كالسودان وفلسطين وليبيا ولبنان، إلا أن مصر لا تتمتع بميزة تنافسية فى هذا المجال، خاصة أنها تعتمد بدرجة كبيرة على استيراد البذور التى تستخدمها فى إنتاج هذه الزيوت.وبحسب دراسة منشورة باسم «بنك التنمية الصناعية»، يتم زراعة نوعيات مختلفة من البذور الزيتية فى مصر، التى تُستخدم فى إنتاج زيوت الطعام، أهمها بذرة القطن، وفول الصويا، وعباد الشمس، والسمسم، والفول السودانى، كما تتم زراعة مساحات متزايدة من الزيتون، فى حين لا تزرع مصر أنواع النخيل الذى تستخدم فى إنتاج زيت النخيل.ولا تكفى الكميات المنتجة فى مصر من مختلف أنواع البذور الزيتية إلا لمواجهة نحو10% فقط من احتياجات صناعة زيوت الطعام، ويتم تغطية العجز (90%) باستيراد زيوت خام وزيوت نصف مكررة من الأسواق الخارجية.المنافسة فى السوق الحرة ويرى عصفور أنه بالرغم من أن الدولة تدعم الزيوت الموجهة للمواطنين، إلا أن الشركات الخاصة تستطيع أن تعوض هذا الأمر بالتوسع فى مجال تقديم الزيوت للصناعات الغذائية «وهو قطاع ضخم ولا تتدخل فيه الدولة بالمرة»، بحسب تعبيره.وتمتلك الدولة أربع شركات منتجة لزيوت الطعام، وهم شركة الملح والصودا المصرية، وطنطا للزيوت والصابون، والإسكندرية للزيوت والصابون، والنيل للزيوت
الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق