لم يكن يوم الثلاثاء الماضي يوماً عادياً في تاريخ مجلس الدولة منذ تأسيسه قبل حوالي 80 عاما فعلي مدار 3 ساعات من اجتماع اسخن جمعية عمومية للمجلس وبأغلبية ساحقة تم رفض تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة وبشكل قاطع .. الأمر الذي سوف تكون له توابع كثيرة علي أي محاولة من أي جهة قضائية حتي لمجرد طرح فكرة المرأة قاضية والتي كانت محل تقدير من الجميع قبل 3 سنوات.
قبل بدء الجمعية حاول احد نواب رئيس مجلس الدولة وهو الدكتور محمد البيومي الشهير بلقب «المفتي» بين اعضاء المجلس لكونه صاحب دراسات قانونية متخصصة في الشرع الإسلامي حاول عرض دراسة شرعية أعدها خصيصاً تنتهي الي أن الشريعة الإسلامية لا تعارض كون المرأة قاضية إلا انه لم يجد آذاناً صاغية من اعضاء الجمعية العمومية نظرا لغلبة تيار الرفض الذي رفض غالبية اعضاء الاستماع الي دراسته، ثم تم تشكيل لجنة لفرز الاصوات مكونة من المستشارين احمد عبدالتواب واسامة محرز واشرف حسن وهم من الداعين لعقد الجمعية لرفض تعيين المرأة قاضية ومعهم من إدارة المجلس المستشار محسن منصور رئيس الأمانة الفنية للمجلس الخاص والمستشار محمد الدمرداش الأمين العام المساعد والمستشار بدر بصيلة عضو الأمانة الفنية للمجلس وذلك برئاسة المستشار حمدي ياسين وبدأت الجمعية اعمالها اعتبارا من الساعة الواحدة ظهر يوم الثلاثاء بعد انتهاء اجتماع جمعية الترقيات للمستشارين، ومع بداية انعقاد الجمعية انسحب المستشار محمد الحسيني رئيس المجلس بعد أن القي كلمة اكد فيها اعلاءه من شأن الجمعية العمومية لمجلس الدولة وتقديره لقراراتها مشيرا الي انه اول من يعمل علي ادارة المجلس بطريقة متفق عليها من الجميع مشيرا الي أن ثقافة المجتمع مازالت مقصورة عن استيعاب عمل المرأة في القضاء، مؤكدا أنه لن يجعل من مجلس الدولة الجهة التي تنفرد بتعيين الإناث دون النيابة العامة وانه ينسحب من الجلسة ليترك ادارة الجلسة للمستشار محمد عبدالغني النائب الاول ليترك لاعضاء الجمعية العمومية أن يدلوا برأيهم في مسألة تعيين المرأة بالمجلس بحرية، وانسحب معه المستشار محمد عزت السيد رئيس قسم التشريع والذي كان يؤكد لكل من يقابله أن المجلس الخاص سيد قراره وانة يؤيد عمل المرأة في مجلس الدولة، كما انسحب ايضا المستشار كمال اللمعي رئيس هيئة المفوضين والذي يغلب عليه الهدوء والعلاقة المتوازنة مع جميع الاطراف بالمجلس ورغبته في تحقيق الصالح العام رغم انه من مؤيدي عمل المرأة قاضية بالمجلس، ثم ألقي المستشار محمد عبدالغني كلمة بصفته رئيساً للجمعية بعد انسحاب الحسيني حيا فيها كل الحضور ثم نقل الميكروفون الي المستشار الدكتور محمد عطية فاستطاع أن يجمع الجمعية سريعاً علي التاكيد علي رفض تعيين المرأة قاضية وهو الرأي الذي كان دائما يدافع عنه، ثم بدأ فرز الاصوات في مكتبة المجلس عن طريق لجنة الادارة واستمر الفرز حوالي ساعة الامر الذي كاد يشعل مشادة كلامية عابرة بين المستشار حمدي عكاشة والمستشار يحيي الدكروري بسبب طول فترة الفرز إلا أن المشادة انتهت سريعاً وجاءت النتيجة كاسحة حيث كانت النتيجة 334 صوتاً لصالح الرافضين و42 صوتاً لصالح المؤيدين و4 اصوات امتنعت عن التصويت ثم تم إعلان النتيجة واستقبلها الجميع بعاصفة كبيرة من التصفيق والسعادة الغامرة واعلن المستشار الدكتور محمد عطية النتيجة تالياً بيان الجمعية ومؤكدا اهمية احترام قراراتها والطريف أن المستشار عصام عبدالعزيز نائب رئيس المجلس وأحد الرافضين للقرار كان يجلس في الصف الاول بجوار المستشار يحيي الدكروري منافسه في انتخابات نادي قضاة مجلس الدولة الأخيرة وعن يمينهما جلس المستشار مجدي العاجاتي منافس الدكروري علي رئاسة النادي في الانتخابات قبل الماضية إلا أن رفضهم تعيين المرأة جمعهم معا بعد علاقة باردة دامت عدة اشهر.
وبحسب مصادر رفيعة بمجلس الدولة لـ«الفجر» فانه لا توجد مشكلة حقيقية في تراجع مجلس الدولة عن اخذ أي من الإناث الـ250 اللائي تم عمل لقاءات معهن بالمجلس لان مجرد مقابلتهن لا تعني انهن قد اكتسبن مركزا قانونيا يحيمه القانون ولا وجه للقياس بين حالة كريم عزوز نجل المستشار عبدالرحمن عزوز رئيس المجلس الاسبق الذي صدر له ولزملائه 8 احكام قضائية لصالحهم بالتعيين في مجلس الدولة لأنه في حالتهم كان المجلس الخاص قد استنفد ولايته بإرساله مشروع القرار الجمهوري الي رئيس الجمهورية ثم قام المستشار الراحل سيد نوفل رئيس المجلس وقتها بسحبه مرة اخري اما في الحالة الحالية فالمجلس الخاص هو صاحب الولاية لانه لم يرسل مشروع التعيين للرئاسة وبذلك يكون المجلس الخاص لم يستنفد بعد ولايته، هذا ومن المتوقع عقد جلسة للمجلس الخاص أعلي سلطة بالمجلس خلال ساعات لأخذ القرار النهائي في مسألة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة. في حالة رفض المجلس الخاص لقرارات الجمعية العمومية واصراره علي تعيين المرأة قاضية فانه ستكون هناك احتمالات للدعوة لجمعية عمومية اخري للنظر في قرار المجلس الخاص وسحب الثقة من المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة وهو ما سوف يضر باسم وسمعة المجالس القضائية.
الفجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق