يبدو أن الأزمة الطاحنة الدائرة بين محافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير والنائب مصطفي السلاب لا تريد أن تنتهي حتي بعد القرار الغريب الذي اتخذه رئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف عندما تقابل مع النائب في موعد استثنائي وانتهت المقابلة بانحياز واضح من رئيس الحكومة للنائب بأن أصدر قرارا بوقف عمليات الإزالة لتلك المخالفات وهو ما نشرته «الفجر» الاسبوع الماضي.
لكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد، ففي تطور جديد لهذه الأزمة قررت لجنة الادارة المحلية بمجلس الشعب تشكيل لجنة فنية علي أعلي مستوي برئاسة الدكتورة اميمة صلاح الدين رئيس جهاز التفتيش علي البناء بوزارة الإسكان وعضوية اساتذة من الجهاز لحسم الامر وإبداء رأي فني وقانوني نهائي سيكون ملزما للطرفين.
وفور تشكيل اللجنة الفنية استلمت الدكتورة اميمة يوم الاحد الماضي 20 فبراير ملف الأزمة الذي يتجاوز عدد أوراقه ومستنداته 200 ورقة جميعها تشير إلي مخالفات اسرة السلاب التي اعدتها محافظة القاهرة ، والتي تتضمن أيضا جميع قرارات الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة الخاصة بإزالة هذه المخالفات.
ويبدو أن فكرة اللجوء إلي الدكتورة اميمة صلاح الدين كانت بإيعاز من الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ، لأنه يدرك جيدا مدي قدرتها علي اتخاذ رأي حاسم لا يخضع لضغوط سواء من طرف المحافظ او من طرف النائب ، خاصة أن رئاسة الجمهورية تلجأ اليها في ملفات ذات طبيعة خاصة.
«الفجر» استطاعت أن تحصل علي التقرير الذي دفع رئيس مجلس الشعب للجوء إلي الدكتورة اميمة ، وهو التقرير الذي حوي ملخصاً لكل مخالفات أشقاء النائب مصطفي السلاب.
تضمن التقرير الذي أرسلته محافظة القاهرة يوم الاربعاء الموافق 17 فبراير الماضي إلي رئيس مجلس الشعب المستحقات المالية للمحافظة لدي اسرة السلاب والبالغة 21 مليوناً و856 ألف جنيه والتي لم تدفعها اسرة السلاب للمحافظة.
ووفقا لهذا التقرير فإن جذور المشكلة تعود إلي عام 2004 وبالتحديد في نهاية شهر مارس عندما قامت شركة «بناء» للعمران والاستثمار ويمثلها المهندس احمد مصطفي السلاب بشراء قطعتي الارض رقم 3 و4 ومساحتهما 40 ألف م2 بالطريق الصاعد بالمقطم من شركة النصر للاسكان والتعمير لاستخدامهما كمخازن ومركز خدمة وصيانة سيارات إلا أن المحافظة فوجئت بقيام المهندس احمد السلاب ببناء فندق علي قطعة الارض بارتفاع90 متراً وتكلفة 500 مليون جنية ومعرض للسيراميك علي الرغم من أن الارتفاع المسموح به في المنطقة 36 مترا فقط، دون الحصول علي التراخيص الأزمة.
كما أفادت شركة «النصر» بعدم سداد ثمن الارض التي تم بناء الفندق عليها علي الرغم من التكلفة البالغة التي تم إنفاقها علي بناء الفندق نفسه اي عدم وجود تعثر مادي يمنع سداد ثمن الارض، واضافت المحافظة أنه لم يتم سداد قيمة رسوم التحويل إلي فندقي وتجاري (معرض سيراميك) والتي قدرتها اللجان بمليون و980 ألف جنيه بالاضافة إلي قيمة التجاوز عن إزالة مخالفات البناء والتي تقدر بمبلغ 9,876,000 جنيه.
إلا أن السلاب قام باللجوء إلي مجلس الوزراء متهما محافظة القاهرة بعرقلة مشروعه فوجه رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء خطابه بتاريخ 23/6/2008 بضرورة استخراج التراخيص للمشروع الفندقي والغاء الغرامة واستثناء مبني الفندق من قيود الارتفاع ليصل إلي 90 مترا بدلا من 36 مترا .
فتم عقد لقاء بين عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة وبين احمد السلاب لبحث مطالبه ومحاولة ايجاد حلول لاستكمال المشروع وتم تقديم عدد من التسهيلات من ضمنها الموافقة علي ضم القطعتين 3 و4 بعد سداد الغرامات الخاصة بالبناء بدون ترخيص واستخراج رخصة مؤقتة بانشاء جمالون حديدي كمبني إداري للشركة، ولكن رفضت محافظة القاهرة طلب استثناء ارتفاع الفندق إلي 90 مترا وتمسكت بالارتفاع القانوني للمنطقة 36 متراً.
إلا أن اسرة السلاب استمرت في حالة اللامبالاة تجاه محافظ القاهرة وقراراته معتمدين علي نفوذ النائب مصطفي السلاب وفي يناير 2007 اثناء الجولة الميدانية لمحافظ القاهرة بحي شرق مدينة نصر تم اكتشاف انشاء مستشفي «دار الحكمة» المملوك للدكتور حسني السلاب بارتفاع 12 دوراً وبه كامل المرافق من ماء وكهرباء علي الرغم من أن ترخيص البناء رقم 16 لسنة 2003 لإقامة مبني سكني.
مما يجعل قيمة المستحقات لمحافظة القاهرة نظير التحويل من سكني إلي مستشفي تقدر بـ3 ملايين جنيه بواقع 500 جنيه للمتر حسبما قدرت اللجان بالاضافة إلي مبلغ 7 ملايين جنيه للتجاوز عن المخالفات من الدور الاول حتي الدور الحادي عشر فوق الارض.
والدور الـ12 بدون ترخيص ومتجاوز لاقصي ارتفاع كما انه قام بالتعدي علي الجار من الجهة القبلية بطول الواجهة وقد قام الجار بإقامة دعوي قضائية ضد السلاب.
وقد ثبت تواطؤ عدد من المسئولين بحي شرق مدينة نصر ومهندس التنظيم عن إنشاء المستشفي وتوصيل المرافق الدائمة له من ماء وكهرباء بما يخالف القانون وقد تم تحويلهم إلي النيابة الادارية بتاريخ 18/3/2009 .
وفوجئ محافظ القاهرة بصدور ترخيص تشغيل للمستشفي رقم 10 لسنة 2008 من إدارة العلاج الحر دون الرجوع للمحافظة وتمت إحالة المسئولين بإدارة العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية بمحافظة القاهرة إلي التحقيق.
وكانت اخر مخالفات عائلة السلاب التي فجرت الخلاف بين محافظ القاهرة والنائب هي مخالفة طارق السلاب في يناير الماضي الذي قام بمخالفة الترخيص للقطعة الكائنة بالبلوك رقم 15 بالمنطقة السادسة بحي مدينة نصر بعمل فتحات بالسقف الخرساني للادوار من الاول حتي الرابع فوق الارضي مما يعني هندسيا تحويله من سكني إلي تجاري بالمخالفة للترخيص الصادر وضياع حق الخزانة العامة في المقابل المادي للتحويل.
وأثناء تنفيذ قرار إزالة المخالفات في 11/2/2010 حرر طارق السلاب علي نفسه إقرارا بقيامه بتصحيح المخالفات بمعرفته إلا أنه لم يقم بشيء من ذلك بل قام في نفس اليوم برفع دعوي قضائية امام القضاء الاداري برقم 17235 لسنة 64ق.
وبعد عدة ايام علي هذه الواقعة قام النائب مصطفي السلاب في جلسة مجلس الشعب المنعقدة بتاريخ 14/2/2010 بمهاجمة محافظ القاهرة واتهامه بترصده هو واخوته وأعزي هذا إلي موقفه مع اهالي عزبة الهجانة ضد المحافظ في الأزمة الاخيرة ولجأ إلي رئيس الوزراء لوقف قرارات الإزالة.
وهو ما ردت عليه محافظة القاهرة بأن القرارات الخاصة بإزالة مخالفات آل السلاب بداياتها تعود إلي العام 2004 اي قبل أزمة الهجانة بخمس سنوات مما ينفي تحرش المحافظ به رداً علي موقفه في الأزمة، ويقول خالد مصطفي مدير المكتب الاعلامي لمحافظة القاهرة إن ما تردد عن إزالة عقارات لاسرة السلاب غير صحيح وأن ما تمت إزالته مخالفات علي العقارات وليس العقارات نفسها، كما أن قرار رئيس الوزراء جاء لوقف اعمال إزالة المخالفات لحين صدور قرار لجنة الإدارة المحلية بمجلس الشعب وليس الغاءها.
ومن جانبها اكدت محافظة القاهرة ثقتها التامة في لجنة الادارة المحلية بمجلس الشعب وما تتوصل اليه من نتائج وامتثالها لتنفيذ ما تقره من توصيات.
الفجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق