السبت، 14 أبريل 2012

الحصاد الوفير‏!‏


من تجارب الحياة المؤلمة أن تصحو الزوجة ذات صباح فلا تجد زوجها إلي جوارها خائنا العهد الذي قطعه علي نفسه بان يكون لها عونا‏,وأن يواصلا الحياة معا إلي النهاية!
ويكون عليها أن تواصل المشوار بمفردها بلا سند ولامعين, وقد تصمد أمام العواصف وقد تنهار في أي لحظة وتكون النهاية المأساوية للأسرة والأولاد.. ولم أتصور يوما أن يحدث لي ذلك, ولكن وجدتني فجأة أسيرة لها فقررت ألا أيأس مهما كانت النتائج.
وأروي لك قصتي منذ البداية فانا سيدة قاربت علي سن الخمسين, نشأت في قرية بسيطة, ولم أكمل تعليمي, وتزوجت من زميل أخي الذي أخترته من بين الكثيرين الذين تقدموا لخطبتي وتوسمت فيه الأخلاق الطيبة والعائلة الكريمة, واقبلت علي حياتي معه بشغف وحب وتقدير ممزوج بالاعجاب بلباقته وقدرته علي الحديث والنقاش في كل أمور الحياة, وأنجبت منه ثلاث بنات قمرات كما يقولون.. وفجأة تعرض لجلطة أثرت علي حركته, ولسانه, فسارعت به إلي كل الأطباء المعروفين في المنطقة التي نعيش فيها, ومن طبيب إلي آخر توصلنا إلي العلاج المناسب لحالته, وتحسنت أوضاعه الصحية بدرجة كبيرة.. وبعد عام من هذه الوعكة, فوجئت به يغادر المنزل الذي اسسناه معا طوبة طوبة ويتزوج من فتاة صغيرة.. لا أدري لماذا؟
.. هل كان يفكر في أنجاب طفل؟. ولماذا لم ينتظر معي لعل الله يرزقنا به خصوصا أنني أحمل بشكل طبيعي والمسألة كلها تتعلق بالقضاء والقدر ولا يد للإنسان فيها؟.. ثم هل حرمته من حقوقه الزوجية؟.. وهل قصرت في أي أمر من أموره ؟!
لقد طرحت علي نفسي هذه الأسئلة ولم أجد إجابة لها. وحاولت أن أقابله أو أعرف منه ماذا حدث؟... لكنه طلقني غيابيا.. وتركني وبناتي في مهب الريح, ولم يعطنا ولو مصاريف رمزية نواجه بها متطلبات الحياة.
وأصبحت في موقف صعب والحقيقة أن إخوتي لم يقصروا في مساعدتي ماديا ومعنويا.. وكبرت البنات... والتحقن بالجامعة.. الكبري في كلية الطب, والثانية في الآداب والثالثة في الحاسبات والمعلومات.....وبمجرد تخرج كل واحدة منهن كان يأتيها العريس المناسب, وكلهم من نفس البلدة التي نعيش فيها.. والجميع يعلمون بقصة كفاحي ونجاحي معهن بالرغم مما فعله ابوهن الذي لم يشارك في تجهيز بناته ولاتعليمهن بمليم واحد.. وكم بكيت وأنا ألجأ إلي إخوتي عند الشدة وابوهن علي قيد الحياة..
لكني أشعر الآن براحة وأمان وسعادة بعد أن أديت رسالتي معهن حتي صارت لهن بيوت مستقرة.. إنه الحصاد الوفير لرحلة الكفاح الصعبة التي ساعدني المولي عز وجل علي إتمامها علي خير.. وفي الوقت نفسه لم يحقق مطلقي ماكان يصبو إليه, فلم ينجب من زوجته رغم مرور مايزيد علي عشرين عاما علي زواجهما.. ودبت الخلافات والمشكلات بينهما.. وأفضي بما في نفسه لبعض معارفه بأنه أخطأ في زيجته الثانية, وفي حقي وحق بناته لكنه يعرف أن الأوان قد فات.
أرأيت ياسيدي كيف أن الإنسان يحصد ماتصنع يداه....؟ ولكن للأسف لايعرف الكثيرون ذلك.. وإنني لست شامتة فيه, وأسأل الله أن يعفو عنه, ولعل من يسيرون علي نهجه يدركون هذه النهاية الحتمية.
> في مسألة الزواج يكون الاختيار دائما وفقا لأسس واضحة من حيث القبول والأخلاق والتوافق الأسري والثقافي والمادي..إلخ لكن تبقي هناك حالات استثنائية كحالتك يا سيدتي فقد انقلب الحال بزوجك الذي اخترته من بين العشرات فإذا به يتخلي عنك في وقت كنت في أمس الحاجة إليه.. تركك وارتبط بأخري ظنا منه انها ستأتيه بالولد فإذا بها عاقر لاتنجب, وكان هذا هو أول الدروس بأن الأمر كله لله هو وحده الذي يهب للإنسان ما يشاء ويمنع عنه ما يريد لحكمة يعلمها عز وجل, أما الدرس الثاني فهو ان من تتمتع بالصلابة والقدرة علي مواجهة الشدائد مثلك لا خوف عليها من تقلبات الزمن, فبالرغم من الظروف المادية الصعبة التي مررت بها فإنك تمكنت بحسن تصريفك للأمور ان تتغلبي علي هذه النقطة الصعبة وان تواصلي مشوارك الي النهاية فتخرجت بناتك من الجامعة وتزوجن زيجات تبشر بالاستقرار.
وهكذا كان حصادك وفيرا وعلي الجانب الآخر كان حصاد مطلقك مرا وسوف يجتر احزانه إلي مالا نهاية ولعله يعود الي رشده ويطلب منكن الصفح عنه وليمض كل منكما في طريقه لكن في كل الأحوال يجب ان تحتفظ بناتك بعلاقة عادية مع أبيهن فهن في النهاية يحملن اسمه ولعله يقترب منهن ويحاول تعويضهن عن جفائه لهن طوال السنين الماضية.
أسأل الله لك السعادة والتوفيق وأثابك من فضله وكرمه.


المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق