جاءت ثورة25 يناير بفورة شبابها كبركان هادر في قلب بحار
الغناء المتلاطمة الأمواج وصحاريه الخاوية من قيم ومعان وطنية لتفجر ينابيع الغضب
محسن جابر
وعلي إيقاع الغناء الوطني الرصين المستمد من رحم الثورات الراسخة في ضمير المصريين التحمت حناجر النجوم الكبار مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبدالحليم حافظ ووردة وفايزة والنجمة المتوجة علي عرش الغناء الوطني العظيمة شادية, مع جيل الوسط في الغناء مثل علي الحجار ومحمد الحلو ومحمد ثروت ومدحت صالح, فضلا عن حفنة قليلة من أغنيات الجيل الجديد وعلي رأسهم أنغام وآمال ماهر وشيرين عبدالوهاب وحمزة نمرة ورامي عصام لتصب في دماء وشرايين شباب التحرير لتغذي جذوة الشوق الطامح نحو الحرية بماء الثورة.
ولم يكن مستغربا أن تعيد الثورة جيل الوسط في الغناء في مصر من جديد علي جناح الأغنية الوطنية الرصينة, وهو مالمسناه عبر محطات الإذاعة أو الفضائيات, وربما كان ذلك بمثابة إعادة الاعتبار لجيل ظلمته ثورة المعلومات التي جنحت بالذائقة العربية السليمة نحو حافة الهاوية, لتأتي ثورة سلمية نقية لشباب عراة الصدور في مواجهة الرصاص والغازات المسيلة للدموع لتكشف زيفا اعتري مشهد الغناء لسنوات وتعيد الحجار والحلو وثروت وصالح ليعتلوا عرش الغناء من جديد, ويؤكدوا أن الغناء الجيد لايمكن أن يموت طالما استقر راسخا في ضمير هذا الوطن, وسعدنا ونحن نجد جيلا من الشباب الصغير يردد مع محمد ثروت مصريتنا وطنيتنا حماها الله, أو عاشت بلادنا, أو مصر يا أول نور في الدنيا, أوغيرها من روائعه التي ظلم بسببها كثيرا وأدعوا عليه أنه مطرب الوطنيات, رغم أنه قدم كل ألوان الغناء بنجاح, ونفس الأمر حدث مع علي الحجار الذي تم الإفراج عن أغنياته الوطنية الممنوعة مثل لم الشمل, عم بطاطا,هنا القاهرة, ماتغربناش, وغيرها من علاماته في الغناء الوطني, ورجع لنا صوت محمد الحلو يجلجل وهو يغني الله يا مصر أما الواحد بيحبك حب, أو تيجوا نبنيها هذه الحالة الصحية إنعكست علي سوق الكاسيت بشكل واضح, فتراجع كل غربان الملاهي الليلية ومغنيات البرنو كليب إلي مواقعهم الأصلية ــ الصف الخلفي, وأستقبلت السوق ألبومات رائعة عقب ثورة يناير وأبرزها ألبومات آمال ماهر, وعبدالله الرويشيد ونجوي كرم وعاصي الحلاني, وصابر الرباعي, وتامر عاشور, وياسمين نيازي ووائل جساروغيرهم من الأصوات السليمة والصحيحة.
ويبدو واضحا الآن أن ثورة25 يناير استطاعت أن تعدل المزاج العام للمصريين في مجال الغناء.. لكن هل المستقبل دائما محفوف بالمخاطر أم أن حال الغناء الراكد قد راوح مكانه بالفعل وطردت العملة الجيدة العملة الرديئة.
ولم نجد أفضل من المنتج الكبير محسن جابر رئيس جمعية منتجي الكاسيت التابعة لـ الاتحاد الدولي للمنتجين ليتحدث معنا عن مستقبل الغناء في مصر,خاصة أنه منذ سنوات وهو, يكافح من أجل القضاء علي القرصنة,ومهموم بالانهيار الذي وصل إليه حال الغناء, لدرجة أنه بكي بشدة في أحد البرامج التليفزيونية علي ما آلت إليه صناعة الكاسيت, وطلب تدخل الرئيس السابق لحل هذه الأزمة, فاتصلت به وجاءني صوته عبر الهاتف مستبشرا بالخير: وقال إنه متفائل بأن تستعيد صناعة الكاسيت قوتها من جديد وستقف علي قدميها, بعد ثورة25 يناير العظيمة, ومستقبل الصناعة واضح لكن تعترضه بعض الأشواك التي تعوق عودته لقوته, وأنه لايريد الآن أن يحمل الحكومة أعباء فوق أعبائها, لكن بمجرد أن يحدث استقرار سياسي واقتصادي, سوف يعاود فتح ملف هذه الصناعة مع المختصين من الوزراء, خاصة أنه قبل الثورة المصرية وصل إلي حل بعد صراع طويل مع الروتين الحكومي المصري, وتجاهل الجميع لحال صناعة الكاسيت في مصر, قضي بصدور قرار من فاروق حسني وزير الثقافة الاسبق, بشأن قيام وزارته عن طريق الرقابة علي المصنفات, بتلقي شكاوي الشركات والأفراد المتضررين من عملية القرصنة ورفعها إلي وزارة الاتصالات لغلق المواقع الإلكترونية فورا, وكان جميع العاملين بالصناعة متفائلين بهذا القرارالذي صدر في15 ديسمبر2010, وينتظرون تفعيله مع بداية عام2011, ولكن قيام ثورة25 يناير المجيدة أدت إلي تأجيل هذا الملف مؤقتا, وبعد تعيين عماد أبوغازي وزير الثقافة تنفس الصعداء وعرض عليه الأمر, وتوقع خيرا خاصة أن أبوغازي كان رئيس المجلس الأعلي للثقافة في وزارة فاروق حسني, لكنه فوجئ أنه أوقف أوجمد قرار غلق مواقع الإنترنت,بحجة أن القرار يوجد به جزء قانوني خطأ, وبعد تعديل الخطأ, استقالت حكومة. وأضاف جابر أن أهم العقبات التي تواجه المنتجين هي عدم وجود فاعلية في ضبط المعتدين وعقابهم لعدم إدراك الجهات المعنية لأهمية حماية هذه الحقوق.. وعدم اهتمام الجهات التنفيذية بالبلاغات المقدمة من المنتجين أو ضرورة تدخلها لوقف الاعتداء علي حقوق المنتجين و عدم إتخاذ الإجراءات الوقتية التحفظية السريعة التي يتم اتخاذها في جميع أنحاء العالم لوقف البث أو غلق المواقع المعتدية استنادا إلي رأي و بلاغ جهة وحيدة في العالم و هي الاتحاد الدولي للمنتجين و الذي يقابله في مصر الـECAAP. وأكد المنتج الكبير أن الثورة المصرية لم تواكبها أغنيات عظيمة تؤرخ لها كما حدث مع كل ثوراتنا وأحداثنا الوطنية المهمة الماضية.
أما الموسيقار الكبير محمد سلطان رئيس جمعية الملحنين والمؤلفين فأكد:أن الرؤية ضبابية ولا يستطيع أن يتنبأ بما سيشهده حال الغناء خلال الفترة المقبلة, بعد الإنهيار الذي حدث طوال الاعوام الثلاثين الماضية, حيث تجرأ عدد كبير من المغنين وادعوا وزعموا إنهم مطربون رغم أنهم لا يمتون للغناء بصلة,ووجدنا كل من هب ودب يلحن ويكتب كلمات,لدرجة أنه كرئيس لجنة الإستماع في الإذاعة والتليفزيون كان يفاجأ بوجود مغنيين علي شاشات الفضائيات وفي التليفزيون المصري,وفي الإذاعة لم يمروا عليه في لجنة الاستماع أو مروا عليه وفشلوا, لكن هؤلاء الفاسدين استطاعوا الوصول للجمهور بسبب الفساد.
المصدر : الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق