عندما حاولت التنقيب عن عمرو موسي الإنسان والسياسي ذائع الصيت
بكل تفاصيله, لاحقتني الحيرة الشديدة.. فسنوات عمر الرجل الطويلة وكواليس حياته منذ
صغره وحتي قبل25يناير2011 لا تخلو أبدا من رائحة وعبق النظام السابق.
وبعيدا عن هذا الرأي أو ذاك, يبقي المهم معرفة تفاصيل وأسرار حياة عمرو موسي.. شخصيته ومواقفه.. حقيقة علاقته بالنظام الفاسد.. وكيف تم تعيينه وزيرا للخارجية؟! سر التوهج وصناعة الشعبية الكبيرة.. معلومات كثيرة نقدمها خلال هذه السطور ليس بهدف النيل من عمرو موسي, ولا مجاملته, ولكن فقط من أجل تقديم الحقائق حول شخصية مرشح ربما يكون غدا في موقع المسئولية والحكم.
في البداية نشير الي أن عمرو موسي عاني من اليتم مبكرا, فقد توفي والده وهو طفل صغير, وهو الأمر الذي دعا والدته الي اصطحابه الي قريتها بعد أن كانت تقيم به في منيل الروضة, لكن أقارب عمرو وأعمامه رفضوا أن يظل عمرو مع والدته وينفصل عن أهله, فكان يتردد كثيرا علي القرية حتي حصل علي الثانوية العامة وعرض عليه ابن عمه الدكتور مصطفي الأنور أن يلتحق بكلية الطب لكنه رفض وفضل الالتحاق بالحقوق.. وحصل علي الشهادة بتقدير مقبول من جامعة القاهرة والتحق بوظيفة بعد تخرجه في محطة مياه الشرب وكانت تعرف باسم كوبانية المياه.
أول قفزة
وبعد فترة وجيزة تقدم لاختبارات الخارجية وفي أثناء القبول قال لزملائه بطريقة لا تخلو من الثقة انتظروني وزيرا لخارجية مصر بعد ثلاثين عاما.. وبدأ عمله ملحقا بوزارة الخارجية وكبر موسي, وكبرت معه أحلامه, وتخصص في إجراء الدراسات والبحوث وإعداد التقارير حول السياسة الدولية ومواقف الدول المختلفة, وبعد عدة سنوات بدأ نجم الدبلوماسي الصغير في الصعود حتي أصبح سكرتيرا أول, ثم حدثت له قفزة عجز كل زملائه عن تفسيرها آنذاك حيث صدر له قرار بتوليه إدارة الهيئات الدولية متخطيا زملاءه, كما أنه لم يكن سفيرا حتي يتولي هذا الموقع.
فجاءت الترقية استثنائية تحت مسمي مستشار.. ونجح عمرو في الاستحواذ والسيطرة علي عقول وقلوب رؤسائه.
اخصائي مناصب
كثيرون من رفاقه الذين زاملوه وعملوا معه اتفقوا علي أنه المرشح الأكثر جاهزية وخبرة لممارسة مهام الرئاسة, فضلا عن كونه تنطبق عليه المواصفات السياسية للشخصية الكاريزما, فهو يتمتع بصورة ذهنية متقدة وادراك متميز ولديه خطاب سياسي مؤثر.. لكن هذه الصفات لم تمنع دبلوماسيا رفيعا أن يصف موسي بأنه اخصائي التقاط مناصب منذ أن كان شابا صغيرا.
ومع مرور الوقت, تأكد للكثيرين أن عمرو موسي يعرف مستقبله جيدا ويحدد خطواته, وهو ما تبين لهم من حرصه علي قضاء أطول فترة من خدمته في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد ساعده الوزير إسماعيل فهمي الذي أرسله سكرتيرا ثالثا في بيرن وبعدها الي نيويورك, التي قضي فيها أكثر من ثلاث فترات لمعرفته جيدا أن الوزير يأتي من نيويورك, ومع أن عمرو موسي قال متحدثا عن نفسه انه ابن الطبقة المتوسطة وانه عاش طفولته في القرية وتربي في المدارس الإلزامية إلا أنه عاش حياة الفخامة والثراء.
خلال فترة خدمته بالولايات المتحدة الأمريكية, كون صداقات وعلاقات قوية وتوثقت صلته بالمسئولين الكبار, وارتبط موسي بصداقة قوية مع الدكتور أسامة الباز الذي كان مستشارا سياسيا للرئيس السابق مبارك.. وهو الرجل القوي والمؤثر عند مبارك.. وفي عام1991 كان من المفترض أن يتولي السفير نبيل العربي حقيبة وزارة الخارجية المصرية, والتقي فعلا العربي بمبارك الذي كلفه بالمسئولية شفاهة وقال له: أنا عندي رحلة قصيرة الي ليبيا غدا الأحد وانتظر يوم الاثنين سوف يرسلون لك سيارة الرئاسة لتأتي لحلف اليمين.. وعاد العربي الي منزله وهو متأكد أنه سوف يصبح وزيرا للخارجية.. وفي أثناء سفر مبارك الي ليبيا كان بصحبته الدكتور أسامة الباز الصديق المقرب لعمرو موسي.. فقال الباز لمبارك يافندم السفير اللي انتقد فاروق الشرع ـ كان وزيرا لخارجية سوريا ـ يعد من السفراء المرموقين جدا, وضحك مبارك وقال له إيه رأيك نخليه وزيرا للخارجية, وأعطي مبارك تعليماته باستدعاء عمروـ حيث كان المندوب الدائم لدي الأمم المتحدة ـ بشكل عاجل لدرجة لم يتمكن من ارتداء ملابسه ولم يخبر زوجته بالخبر وحلف اليمين وأصبح وزيرا, والسفير نبيل العربي لم تذهب اليه السيارة الرئاسية.
وسرعان ما توطدت علاقة موسي بمبارك وأصبح صديقا مقربا منه ومن حاشيته, خاصة أسامة الباز وزكريا عزمي, وكان موسي يتفنن في نقل القفشات والنكات السياسية, وكانت هناك نكتة شهيرة يقولها لمبارك يطلق عليها نكتة اللذة العسكرية.
وخلال عشر سنوات قضاها في الخارجية كون الرجل شعبية جارفة في الشارعين المصري والعربي, هذه الشعبية أحدثت ضجة بعد تبنيه اتجاها استثنائيا في السياسة الخارجية المصرية ـ انفرد به وحده ـ فقد بدا وكأنه الوزير المعارض في الحكومة المصرية الذي يهاجم وينتقد بعنف لدرجة أن الصحافة الإسرائيلية قالت: إنه عمل علي تسميم الأجواء العربية ضد إسرائيل, وأنه عرقل جهود إسرائيل لتوسيع العلاقات مع العالم العربي وتبلورت الشعبية الطاغية لعمرو موسي بعد الحملة الكبري التي شنها في منتصف التسعينيات علي البرنامج النووي الإسرائيلي, كذلك بعد مواقفه من مشكلات المصريين بالخارج عندما قال: إنه يفعل أي شئ ليحمي المصريين من البهدلة, وذلك في أثناء أزمة المصريين في خيطان بالكويت.
وكان وصف الدكتور رفعت سيد أحمد, الباحث السياسي ومدير مركز يافا للدراسات والبحوث هو الأشد قسوة علي موسي, عندما وصفه بأنه مجرد ظاهرة صوتية, وقال عنه: إنه رجل يشبه الطاووس فهو يقف أمام الميديا لاعنا إسرائيل في الصباح ويتناول العشاء في المساء مع أركان النظام السابق وشيمون بيريز والسفير الإسرائيلي وغيرهم.. وزاد في قوله: أنا أري السيد عمرو موسي نموذجا للفهلوة السياسية, في أدائه الوظيفي كوزير وأمين عام للجامعة العربية, فقد كان المدافع الأول عن مؤتمر شرم الشيخ الشهير, الذي عقد بمشاركة30 دولة عربية وغربية لمقاومة حماس والجهاد.
وانتقد الكثيرون بشدة ظاهرة ارتباط موسي بالمطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم, حيث استثمر الأول هذا المطرب في زيادة شعبيته عندما غني له بحب عمرو موسي.. وبكره إسرائيل في إشارة من هؤلاء للفارق الثقافي والاجتماعي بين المطرب والمرشح, بينما استمرت حالة الانبهار بعمرو موسي وتزايدت شعبيته, ووصل الأمر أن أطلق عليه البعض اسم أبوزيد الهلالي نهاية القرن وآخر سماه سوبر مان الدبلوماسية العربية, واعتبر آخرون خروجه من الوزارة صدمة كبري.. وبرغم كل هذه الأوصاف وتلك الشعبية يري الدكتور محمد الجوادي المؤرخ والكاتب المعروف ـ أن عمرو موسي ليس رجل دولة بالمعني الواضح, لدرجة أنه لم يرق الي مستوي مبارك الذي يصنف سياسيا بالملتزم ولا بأنور السادات المبدع.. لكن موسي عاش وظل الرجل المساوم سياسيا والخائف علي مستقبله فهو مثل حافظ الأسد, وضرب الجوادي مثالا بقصة عمرو موسي وياسر عرفات عندما قضي كلينتون12 يوما من أجل إنهاء قضية الدولة الفلسطينية, وبعد أن تم إعداد الاتفاق النهائي اتصل ياسر عرفات بعمرو موسي لأخذ رأيه, إلا أن موسي قال له لا توقع وفشل الاتفاق واستاء مبارك والأمريكان منه, لدرجة أن مبارك قال منه لله الذي عطل الاتفاق, ولم يفهم أحد خلفية تصرف عمرو موسي آنذاك, وقد سجلت عليه المخابرات الأمريكية هذا الموقف.. لكن هذا لا يمنع أنه دبلوماسي شاطر جدا ومحنك وقد أعاد تنظيم وزارة الخارجية الي حد ما, إلا أن طموحه الزائد ظل يؤرقه فهو دائما يبحث عن نفسه ويعمل من أجل عمرو موسي بدليل أنه لم يدخل في زمرة الكاتب محمد حسنين هيكل, ولم يكن مصدرا له مثل أسامة الباز الذي كان يسرب كل الأسرار لهيكل.
وباعتباره كان رفيقا لدربه ولصيقا له سألت السفير علي ماهر مساعد وزير الخارجية الأسبق حول ايجابيات وسلبيات عمرو موسي, فأسهب ماهر في الحديث الايجابي مؤكدا أن تلك هي قناعته, وقال: عمرو من الشخصيات الوطنية المرموقة صاحب خبرة دولية خارجيا وداخليا وهو قادر فعلا علي الاضافة الي العمل السياسي, وأظن أن عمرو موسي رجل عنده طهارة يد ولديه فكر وشخصيته متميزة عن أقرانه, وعندما سألته عن السلبيات أكد أنه رجل علم وأخلاق!
كلام السفير ماهر يتناقض مع معلومات كثيرة ساقها لنا بعض الدبلوماسيين الموثوق بهم, الذين عملوا أيضا بجانب موسي, لكن المؤكد أن عمرو موسي كان صديقا مقربا لمبارك وكان دائم الاتصال به حتي بعد أن أبعده عن الخارجية, وزوجته السيدة ليلي بدوي كانت قريبة جدا من سوزان مبارك وكانت تعتبر نفسها في منزلة السيدة الأولي, وقد أسندت إليها سوزان مبارك الاشراف علي مكتبة المعادي وقبل الثورة بشهور أكد عمرو موسي في حديث تليفزيوني مسجل مع الإعلامي يسري فودة ـ أن صوته لمبارك وكررها عدة مرات,, وبعد الثورة تغيرت آراؤه في مبارك ونظامه, وأصبح موسي الثائر والمعارض الكبير برغم صداقته مع زكريا عزمي وفتحي سرور وصفوت الشريف ورجال أمن الدولة وغيرهم, ومع ذلك, غسل موسي يديه منهم جميعا بمنتهي العبقرية لدرجة أن الكاتب جمال الغيطاني وصفه بـالنصاب السياسي, ولم يرد عمرو موسي عليه, وطالبه بكشف حقيقة شيك الخمسة ملايين دولار الذي حصل عليه كمكافأة نهاية خدمة من الجامعة, في سابقة لم تحدث من قبل.. ولم يرد أيضا؟!
كما وصفه الدكتور يحيي الجمل بأنه رجل قنزوح ويلبس قناعا وأنه شايف حاله شوية.
وبعيدا عن هذا الاتجاه اختلف السياسي البارز مع أقرانه فكان أحمد ماهر عدوه اللدود لما يتمتع به ماهر من أصالة دبلوماسية وثقافة وفهم عال, ولذلك عينه مبارك وزيرا للخارجية بعده, دون علم موسي الذي عرف بالخبر بعد تسريبه الي قناة الجزيرة.
> بقي أخيرا أن نؤكد أننا لسنا ضد ولا مع عمرو موسي, ولا نقصد تجريحه أو الإساءة إليه, لكن طبيعة الظروف التي تمر بها مصر تفرض علينا احترام الحقيقة قبل أي اعتبار آخر..
وهذه هي الحقيقة التي رصدناها من خلال:
مقابلات واتصالات مع سفراء ودبلوماسيين, بعضهم رفض ذكر اسمه لكنه مستعد لمواجهة أي شخص.
> السفير علي ماهر ـ مساعد وزير الخارجية الأسبق.
> الدكتور محمد الجوادي الباحث والمؤرخ.
> الدكتور رفعت سيد أحمد ـ مدير مركز يافا للدراسات.
> أرشيف عمرو موسي وملفه الشخصي.
> تقارير صحفية ودبلوماسية بعدة صحف ودوريات.
الفنان يوسف شعبان:
كان بسيطا مع الأطفال
العقار رقم25 الكائن بشارع مكة المواجه لنادي الصيد بالدقي كان شاهدا آخر علي جانب من حياة عمرو موسي.. حيث محل إقامته لسنوات طويلة قبل انتقاله إلي مسكنه الجديد. فجيرانه وأهالي المنطقة أكدوا إنهم لم يتضرروا من كونه وزيرا.ولان يوسف شعبان كان مقيما في الشقة المقابلة لعمرو موسي وكان قريبا منه فقد سألناه حول بداية العلاقة وكيف استمرت فقال الفنان:
بدأ تعارفي علي عمرو موسي في اجتماع اتحاد ملاك العقار لمناقشة الأحوال الخاصة بمشاكل العقار وكان ذلك في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي, وكان وقتها قد انهي مهمة عمله كسفير لمصر في الهند, ولفت انتباهي انه رجل يتكلم مع كل شخص باسلوبه فتارة تراه مثقفا وابن بلد ومع البواب ويتمتع باخلاق عالية ويمتلك مواصفات المصري الشهم الذي نحن في أمس الحاجة إلي هذه المواصفات في الرئيس القادم, ومنذ هذا اللقاء اقتربنا أكثر وتبادلنا الزيارات الاسرية أكثر من مرة, وبعد تعيينه وزيرا للخارجية لم يطرأ علي شخصيته أي تغيير سوي وجود الحراسة في أثناء دخولنا و خروجنا من المنزل. ويتميز عمرو موسي والكلام مازال للفنان يوسف شعبان بخفة ظل كبيرة فكان يداعب من يلتقيه من سكان العقار حتي الأطفال كان يسألهم عن أحوالهم ودراستهم.
وفي أثناء تجوالنا في الشارع قابلنا احد مسئولي الجراجات بالشارع والذي رفض ذكر اسمه أكد أننا لم نكن نره سوي أثناء ذهابه أو عودته للمنزل, وأنه حينما تولي منصب وزير الخارجية كان موجود كشك بقالة امام العقار وتمت ازالته فور تعيينه في المنصب الجديد, وعرفنا انه قام بتعيين ابن البواب الخاص بالعقار الذي كان يسكنه محاسبا في الخارجية ويدعي راضي سيد ويعمل في سفارة مصر برواندا.
وفي صيدلية مكة المكرمة الملاصقة للعقار25 التقينا الدكتور محمد علي المسئول عن الصيدلية قال ان عمرو موسي علاقته بأهالي الشارع كانت محدودة للغاية, وانني شخصيا التقيته مرة واحدة امام العقار وفاجأني بالتحية ورفض بشكل قاطع انتخابه.
ذكريات الحفيد الثالث عشر في بهادة
عمرو كان يعشق فطير أمارة ويتجول بـ الحمار في القرية
يمتلك17 فدانا وله شقيق فرنسي الجنسية لم يقابله سوي عدة مرات
جولة ــ عبود ماهر
ي الطريق إلي قرية بهادة ـ مسقط رأس عمرو موسي بالقناطر الخيرية كنا نظن أنها نموذج مختلف لكونها بلد شخصية مرموقة وكنا نظن أنها مثل قري كثيرين من السياسيين الكبار تتمتع بالخدمات والنظافة, لكننا وجدناها كغيرها من قري مصر تعاني التردي الشديد في الخدمات والإهمال والخدمات ولا يميزها سوي أنها تحمل اسم بلد عمرو موسي حيث تعد عائلة موسي هي الأكبر عددا والأكثر نفوذا بجوار عائلات الغنايم و شعلة و مدين.. في قرية الرئيس المحتمل وجدنا حكايات كثيرة وتفاصيل صغيرة تقابلنا مع أقارب المرشح ومن لا يعرفونه.
البداية كانت في منزل عائلته حيث تقابلنا مع محمود أبو النصر عمدة قرية بهادة وابن عم المرشح المحتمل الذي بادرنا قائلا إن عمرو موسي هو الحفيد الثالث عشر والأخير لنسل أبو زيد موسي, حيث كان لجده ستة أولاد أنجبوا ثلاثة عشر حفيدا من الذكور, كان هو آخرهم, وكان يتمتع منذ الصغر بشخصية قوية ويحظي بهيبة بين جميع أقرانه, وكان مميزا بين أطفال القرية لكونه من أسرة الـ موسي,وأذكر أن أول دراجة تدخل قرية بهادة كانت دراجة عمرو وكان وقتها يبلغ من العمر أربع سنوات وبعد أن كبر سنة كان يلعب الكوتشينة ويفضل الجلوس تحت شجرة الجميز, وتابع: وموسي من مواليد حي منيل الروضة بالقاهرة حيث محل إقامة والده, وكان عمرو يأتي مع والده محمود أبو زيد موسي وهو من أعضاء حزب الوفد البارزين في البرلمان المصري وخاض الانتخابات البرلمانية عام1929.
ورث عمرو ما يقرب من سبعة عشر فدانا قام بتأجيرها جميعا إلي المزارعين من أهل القرية, وقد سألته في إحدي المرات هل من الممكن أن تبيع أرضك قال لي لن أبيعها مادمت علي قيد الحياة, ولن أفرط في أرض والدي, وبعد تخرجه في كلية الحقوق وعمله في وزارة الخارجية, وفي إحدي جلساته مع العائلة وكان يبلغ من العمر وقتها30 عاما, طلب من والدي أبو النصر أبو زيد أن يدعو الله أن يطيل عمره لكي يراه وزيرا للخارجية, فضحكت وقلت له وقتها ليس والدك باشا أو جدك باشا لكي تصبح وزيرا فقال لي أن والدي كان عضوا بمجلس النواب وبالتالي فهو باشا!.
وفي منزل العمدة عرفنا أن لعمرو موسي شقيقا فرنسي الجنسية يدعي( علي) من أم فرنسية تزوجها والده حينما كان في أوروبا ولا تعلم عنه شيئا سوي أنه شغل منصب رئيس البنك الدولي فرع إفريقيا, ولم يزر مصر سوي مرة وحيدة أثناء حرب67, وأغلب أهالي القرية لا يعرفون أن لعمرو موسي شقيقا من أم فرنسية.
وعن مساهمته في تنفيذ مشروع الصرف الصحي بالقرية يقول العمدة إنه حينما أصبح وزيرا للخارجية قلت له:( الشجرة التي لا تظلل علي أهلها تستحق قطعها) وكان ذلك عام1991, في ذلك الوقت كان طلب أهالي القرية مشروع الصرف الصحي, وذهبنا إليه بوفد من أهالي القرية لنطلب منه التوسط لنا في تنفيذ مشروع الصرف الصحي للقرية, لأن منازل القرية سوف تهدم فوق أصحابها بسبب مياه الصرف, واستجاب علي الفور لطلب الأهالي وطلب من الوزير محمود شريف وزير الإدارة المحلية في هذا الوقت إدراج القرية في خطة الصرف الصحي.
ولا ينكر العمدة ابتعاده عن القرية وبرر ذلك بتعدد سفرياته إلي خارج مصر.
كان منزل الجد أبو زيد قديما علي مساحة سبعة قراريط وكان مدخل المنزل ـ حسب رواية أهل العائلة ـ به تكعيبة كبيرة, ومكون من دور أرضي فقط وخلفه مكان مخصص للمواشي والخيل وكانت به مضيفة كبيرة تجمع كل العائلة في المناسبات في منزل موسي, أما الآن فقد تغير شكل المنزل كثيرا وتحول بمرور الزمن إلي خمسة منازل ملاصقة لبعضها كل أسره تقطن واحدا منها وأمام المنزل تجلس بائعة للخضر.
وفي أرضه التقينا أحد المستأجرين ويدعي مرعي طه منصور,و قال إن والده كان مستأجرا لفدانين من أرض عمرو منذ أيام الملك فاروق وليس بيننا وبينه أي عقود ولا يحصل منا علي إيجار هذه الأرض بل أنه يرسل إلينا مبالغ نقدية كل عام, وقام بإرسال دعوة لي للذهاب إلي الأراضي المقدسة لتأدية العمرة مرتين, وعن فترة الطفولة مع عمرو موسي يقول إن من سنة حيث إني أبلغ من العمر67 عاما, وكنا أطفال نلعب معا في( الخوخة) وهي حارة ضيقة في القرية مجاورة لمنزل عائلته وكانت لعبتنا المفضلة هي الرد والبعض الآخر يسميها الحوكشة وهي تشبه الهوكي,و كان دائم السؤال علي الحاجة( أمارة) التي تعد له الفطير, ودائما ما كان يحب الجلوس في الأرض وعلي القنطرة المواجهة لأرضه التي ورثها عن أبيه.
وذهبنا إلي عمه عبد الرحمن موسي الذي يبلغ من العمر85عاما وقال إنه في كل مرة يجيء إلي القرية كان يطلب( ركوبة) وكنا نحضر له حمارا ليتجول به في أرجاء القرية, وكان دائما يأتي في الإجازات الدراسية, وكنا نتسامر معه, وأشار إلي أنه تنازل عن حقه في نصيب والده في منزل العائلة الذي كان يبلغ مساحة تزيد علي سبعة قراريط, وأضاف أنه الذي يتولي رعاية أرضه في القرية ويقوم بتحصيل الإيجارات من المزارعين وإرسالها إليه, وسألته أن أحد المؤجرين أكد أنه لا يدفع الإيجار بالأرض التي يستأجرها, فقال إن الجميع يسدد الإيجار السنوي.
وعن طلبه لأية أشياء من القرية, أشار إلي أنه كان يطلب الزبدة واللحوم من القرية ونرسلها له في مقر إقامته, هذا بجانب تفضيله الفطير.
وكان عمرو مرتبطا بالقرية لدرجة أنه ظل مسجلا بالكشوف الانتخابية بالقرية في شياخة( محمد علي مدين) وآخر مرة أدلي بصوته كان في الانتخابات البرلمانية عام1987, وعن زيارة أولاده للقرية أكد الحاج عبد الرحمن موسي أن إبنه الوحيد جاء مرة واحدة مع والده وطلب نفس الطلب الذي طلبه عمرو موسي حينما جاء إلي القرية مع الأب وهي تجهيز( ركوبة) ليتجول بها في القرية.
أحد الشباب ـ رفض ذكر اسمه ـ قال لنا, إنه ينتمي للقرية بالاسم فقط ولم يقدم لها أي خدمات برغم استطاعته في أن يساعد أهالي قريته فعلي سبيل المثال جميع الضباط الموجودين في القرية من عائلته هو فقط ولا يوجد ضابط من عائلة أخري, وأنه يساعد عائلته فقط, وأننا في القرية لم نره مطلقا سوي مرة وحيدة حينما أعلن عن نيته في الترشح للرئاسة.
وقابلنا عبد الله عبد الرحمن الشرقاوي, أحد الذين توسط لهم للعمل في وزارة الخارجية, فيقول حينما تقدمت للعمل في وزارة الخارجية ذهبت إلي مكتبه وقلت له أني من قرية بهادة ووالدي هو عبد الرحمن الشرقاوي فطلب من مدير مكتبه عمل اللازم وتم تعييني في الوزارة معاون خدمات.
وتقول فاطمة محمود أحمد( ربة منزل) إنها سوف تنتخب عمرو موسي بس المهم يعمل حاجة للقرية وأهلها, فقريتنا محرومة من الخدمات ونعاني أزمة أنابيب البوتاجاز.
هانتخب عمرو موسي هكذا وجه أيمن محمد أحمد عبد المعبود نقاش مؤكدا أنه الأحق بهذا المنصب بالإضافة لكونه ابن بلدي.
ويقول محمود مدين بالمعاش إن عمرو موسي يساعد أهالي قريته دائما ويقوم بتوزيع اللحوم علي أهالي القرية في المواسم والأعياد.
صوتي لجدي عمرو هو ملخص ما قالته لنا تحية أحمد فؤاد, معللة بأنه الأولي بمنصب الرئيس عشان ابن بلد وجدع وكويس, وتلتقط ثنية عبد السلام غنايم أطراف الحديث وتؤيدها في الرأي في أنه الأحق بالرئاسة.
المصدر : الاهرام - كتب : أحمد فرغلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق