الجمعة، 2 مارس 2012

مدحت صالح‏....‏ موهبة عظيمة لا تجيد فن الاختيار


مدحت صالح‏..‏ واحد من أجمل الأصوات المصرية والعربية التي تملأ الأرض بالحب والجمال وقوة الإرادة والعزيمة

مدحت صالح
التي لا تتردد في قهر المشكلات والصعوبات, صوت قوي وجميل, عندما تسمعه تشعر بأن صوته يربطك بحبل سري بتراثنا العربي في أنقي وأجمل صورة, ولو سعدك زمانك واستمعت إليه في إحدي حفلاته الغنائية في دار الأوبرا المصرية لا تملك إلا أن تصرخ بصوت عال بعد كل أغنية يقدمها مصحوبا بترديد: الله... الله... يديك ويدينا طولة العمر, لأنه كمطرب قادر علي الذوبان في الكلمات والتنقل بين المقامات الموسيقية بحرفية عالية وسلطنة شديدة, وهي مقومات تمكنه من السيطرة علي جمهور الحاضرين وتنويمهم مغناطيسيا بفعل روعة الصوت وجمال الاختيار من بستان عمالقة الغناء الذي يعيده عبر حنجرته سواء كان لمحمد قنديل, وردة, نجاة, فايزة أحمد, محرم فؤاد أوغيرهم من أساطين النغم.
لكن كل هذا الزخم ربما لا تدركه جيدا فور سماعك لألبوم جديد لمدحت صالح خاصة في السنوات الأخيرة, فبعد ألبوماته الأولي الرائعة زي ما قالوا عينيك, حكاية وردية, أكيد, السهرة تحلي, غني, كوكب تاني, ح أتكلم, تندهيني, م القلب, ولا تسوي دموع, ياليلنا, المهر, لؤلؤ وأصداف, عاشق مجنون تلك الألبومات التي كانت تتضمن أغنيات متطورة جدا بل سابقة عصرها في ذلك الوقت علي مستوي الكلمات والألحان والتوزيع, نذكر منها أغنيات أكيد, حبيبتي, نور عيني, ياما قالوا, وننسي, عيونك الرحيل, أنا مش ليكي, محال, كوكب تاني, خاصمت الشوارع, آسف, بحلم علي قدي, ألف جناح, مهما الشتا, ولا طير, تحت السما, سلامتك, تندهيني, ليل المدينة, نهر القمر, كل بحر, طريق القمر, صلوا من القلوب, بافرد ضلوعي, في أعلي الأعالي, الطريق مش راح يضيق, ورائعته غنواتك الخضرة.
تلك الأغنيات العذبة التي صنعت نجوميته ومدت جسور التواصل بينه وبين جمهوره, وكان يرددها طلبه المدارس والجامعات في حينها, بل كانوا ينتظرون طرح ألبوم جديد له بلهفة شديدة, ويمكننا القول بأن أغنياته تلك كانت بمثابة رسول الغرام بين الشباب وحبيبات الصبا, لكن من الواضح أن النجومية التي حققها أصابته بغرور في اختياراته, فمنذ أصبح نجما غنائيا له حرية الاختيار وتقديم كل ما يريده, تراجع مستوي أغانيه, وبدأ تركيزه ينصب في تقديم أغنية أواثنتين في الألبوم جيدتين, والباقي علي سبيل الحشو أو علي الأقل ليست علي مستوي اختيارات أغاني البدايات, ففي ألبومه حبيت مثلا ستجد أغنية واحدة, وهي التي تحمل عنوان الألبوم والباقي لا معني له, وكذلك في ألبومه سلمت قلبي, وباقي ألبوماته الأخري مثل أنت اللي فيهم وعدي, الأسمراني, جاي علي نفسك ليه, حبك خطر, بكتب إسمك حيث تشعر بأن هناك انفصالا تاما بين اختيارات هذا المطرب واختياراته القديمة, وربما تشعر أن اختياراته القديمة لم يكن هو السبب فيها بقدر ماكانت الشركات المنتجة هي التي تفرض عليه نوعية هذه الإختيارات المهمة!, وهو نفس الأمر الذي ينطبق حاليا علي تترات الأفلام والمسلسلات التي حقق من خلالها نجاحا كبيرا و تعتبر النجاح الوحيد الذي حققه في السنوات الأخيرة, بل إنها ساعدت علي بقائه في دائرة الضوء حتي الآن, وهذه التترات يكتب لها النجاح بحكم أنها تخدم العمل الدرامي, وبالتالي لا تسند مسئولية الاختيار له, ويقتصر دوره علي أدائها فقط وفقا لرؤية المخرج وصاحب السيناريو.
ومنذ أيام قليلة طرح مدحت ألبومه الجديد, والذي يحمل رقم23 في مشواره الفني, والذي أطلق عليه يديك ويدينا وهو يعتبرعلي ما أعتقد ثاني ألبوم غنائي تنتجه شركةKMUSIC, والحقيقة أنني شعرت باختلاف شديد بين هذا الألبوم وألبوماته الأخيرة, حتي لو كان هذا الاختلاف ليس علي مستوي ما يتوقع جمهوره من هذا الصوت الرائع, لكن وعلي طريقة المثل الشعبي نص العمي ولا العمي كله, حيث بدأ مدحت يعود تدريجيا إلي سابق عهده في الغناء المطلوب من صوت ملئ بالإحساس من خلال الألبوم الجديد, حيث جاءت كلمات وألحان خمس أغنيات مفاجأة حقيقية, وتذكرنا بأغنياته الإنسانية الأولي, وهذه الأغنيات هي زي العادة, هي واحدة, مجنون بيها, مبقتش عايش, يديك ويدينا, وبرغم أن أغنية بزي العادة مقتبسة من أغنية أصلها فرنسي وغناها المطرب الأمريكي العالمي فرانك سيناترا, وغناها بعده العديد من المطربين العالميين, ومنهم الشاب خالد ورشيد طه وفضيل,لكن هذا لا يعيب الأغنية, خاصة أن نصف أغنياتنا في السنوات الأخيرة مسروقة من أغنيات تركية وإسبانية وأوروبية, ومدحت كان أمينا ولم يغفل الأصل الذي أخذ منه الأغنية, التي كتبها ببحرفنةا شديدة ومهارة فائقة الشاعر الجميل رفيق الشوري الذي جاءت كلماته ومفرداته جيدة جدا وغير مستهلكة,كما قام مدحت بغنائها بإحساس عال جدا, ونفس الإحساس تشعر به مع الأغنيات الأربع الأخري, التي جاءت تحمل كلمات ومفردات لا نسمعها كثيرا في أغنياتنا المعاصرة, وألحان جيدة جدا, وتوزيع أكثر من رائع,أما الأغنيات الباقية فأجمل ما فيها إنها تحمل تجارب شباب جدد تماما في ساحة الأغنية, لكنها تجارب عادية.
يمكن أن نقول إن مدحت صالح بدأ يسلك الطريق الصحيح من خلال ألبومه الجديد يديك ويدينا, ونحلم أن تزيد عدد أغنياته الجيدة من خمس إلي عشر أغنيات, حيث يصعب علينا أن تضيع موهبة هذا المطرب بسبب سوء اختياراته





المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق