ولاد العم« فيلم سبقته ضجة كبيرة وكأنك مقدم علي مشاهدة فيلم من أفلام المخابرات والجواسيس، وهو ما يتطلب تضافر عناصر عديدة ليخرج إليك ذا مستوي فني مرتفع وراق، وأول تلك المفردات هي السيناريو الجيد المحبك، والإخراج المتمكن، والصراع الدرامي المبني أساساً علي احترام عقلية المشاهد، والخبرة العالية في تلك النوعية من الأفلام الصعبة للغاية، لأنها ليست فيلماً يعتمد علي التحاور والتحرك في إطار شخصيات ذات عقل ونفاذ بصيرة عالية، ولكن أيضاً يكون هناك مقدرة علي التشويق والإثارة والابتعاد عن المباشرة، وخاصة في الحوار الذي سيتطرق لا محالة إلي العلاقة بين العرب وإسرائيل، والصهيونية والسلام المزيف، أضاف إلي الأحداث الأخيرة التي فرضتها الأيام وهي الجدار العازل والعمليات الانتحارية، وإذا كانت السينما المصرية قد قدمت من قبل سلسلة من الأفلام عن حرب الجواسيس والصراع المصري الإسرائيلي في هذا المجال وكان أهمها فيلم »الصعود إلي الهاوية«، بالإضافة إلي فيلم »إعدام ميت« و»بئر الخيانة« إلي جانب التركيبة الجندية لنادية الجندي في فيلم »مهمة في تل أبيب« إلا أن الفيلم الحالي حاول إيجاد مدخل جديد ووفق في اختيار المدخل وهو اكتشاف زوجة مصرية بعد خروجها من الأراضي المصرية مع زوجها وأولادها بأن زوجها يخبرها بأنه ضابط في الموساد وأنهم ذاهبون إلي إسرائيل، هذا المدخل في حد ذاته جيد ولكن ما حدث بعد ذلك لا يخرج عن أنك أمام فيلم »مغامرات يفتقر إلي الحس التشويقي«، وخاصة أن ما شاهدناه من قبل من أفلام عالمية تكلمت عن عالم الجواسيس كان عنصر المفاجأة والتشويق هو العنصر الرئيسي المبني عليه الفيلم، فمنذ عدة سنوات شاهدت فيلماً بعنوان »الجاسوسة العاشقة« لمايكل دوجلاس عن زرع الجواسيس في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان كل مشهد فيه بمثابة مفاجأة لا تلبث أن تفهمها حتي تفاجأ بأنك أمام لغز جديد تحاول تفسيره، ولعل أيضاً أفلام »جيمس بوند« في حد ذاتها نموذج لهذا النوع من الإثارة والتشويق حتي وإن اختلفت حول الهدف من إنتاجها الذي لا يخرج عن إمتاع المشاهد بالتكنيك السينمائي العالي والسيناريو المحبك، وكل هذه العناصر يفتقر إليها فيلم »ولاد العم« فالسيناريو الأول الذي كتبه »عمرو سمير عاطف« بعد تجربته في مسلسلات »الست كوم« ضعيف للغاية وغير محكم وبه العديد من الثغرات التي لم يستطع »شريف عرفة« تداركها وخاصة شخصية ضابط المخابرات المصري والذي لعب دوره كريم عبدالعزيز الذي حصر دوره في الحوارات المباشرة في العديد من المشاهد التي ظهر فيها مع الزوجة المصدومة والطبيب اليهودي الذي يملك صيدلية في القدس، والفتاة التي أقنعها بعدم تفجير نفسها بعد حوار معها॥ وتحول الفيلم إلي سلسلة متواصلة من المطاردات في »تل أبيب« بشكل يعتمد علي أفلام الأكشن التي شاهدناها في السينما المصرية مراراً وتكراراً ولا مانع بالطبع من تضييع الوقت في البحث عن جهة ضابط الموساد والحصول علي معلومات عنه ثم الشعور بالمفاجأة عندما تكون قلة المعلومات هي نفسها الموجودة في المخابرات بمصر، بالإضافة إلي سذاجة تفسير دخول ضابط المخابرات المصري إلي مقر الموساد بسهولة لا يستطيع أن يفعلها إذا قرر دخول مبني وزارة الصحة في مصر!! ولكن لا مانع في ظل فيلم لا يعرف بدائيات الفيلم السينمائي المقدم عن عالم المخابرات।
الوفد - حنان أبو الضياء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق