الجمعة، 11 يونيو 2010
الثلاثة يشتغلونها .. ياسمين تعيد البطولة النسائية لـ السينما
الثلاثة يشتغلونها ومشاكل التعليم بأسلوب ساخر
استطاعت ياسمين عبد العزيز أن تجد لنفسها مكانا بين نجوم شباك التذاكر، في وقت استسلم فيه الجميع لفكرة ان الجمهور لايقبل إلا علي أفلام الرجال، وأن النجمات عليهن أن يقنعن بالأدوار الهامشية، واللي مش عاجبها تروح تقلع هدومها وتعمل فيديو كليب، أو تبحث عن ثري عربي تتجوزه في السر، أو ترتدي الحجاب وتمثل في مسلسلات التليفزيون! أما ياسمين عبد العزيز فلم تقبل بأي من الحلول السابقة، وعلي طريقة »اللي تغلب به ألعب به«، فكرت ان تتوجه لجمهور الصغار، والصغار حايسحبوا معاهم الكبار، وكده تبقي ضربت عصفورين بحجر! في تجربتها الاولي في »الدادا دودي« حققت ياسمين إيرادات جيدة تسمح لها بإعادة التجربة مع البطولة المطلقة وفرض شروطها، المادية والفنية، وذلك بعد أن أدركت أنها دخلت حلبة السباق ويمكن المراهنة عليها، ورغم أن فيلم »الدادا دودي« كان يشوبه الكثير من التهريج، مما دفع البعض »وأنا منهم« للاعتقاد أنها مرة ومش حاتعود، وربما تؤدي الي أن تلحق ياسمين بزميلتها مي عز الدين التي اعتقدت أنها وصلت الي بوابة النجومية والبطولة المطلقة بعد نجاح فيلم »أيظن«،ولكنها عادت بسرعة للخلف، لتتشعبط في ذيل تامر حسني، أو ذيل اللمبي! حتي تظل موجودة علي الساحة بأي شكل وتحت أي ظروف، أما »ياسمين« فيبدو أنها تسير وفق خطة، لتنتقل من نجاح الي آخر، متفادية أخطاء التجربة الاولي ولا أظن أن نجاحها يخضع للصدفة البحتة! ومع الثلاثة يشتغلونها يعود يوسف معاطي للتعامل مع فكرة سبق له أن طرحها في فيلم »رمضان مبروك أبو العلمين حمودة« وهو اسم طويل وسخيف ولم يضحك له أحد باستثناء محمد هنيدي، ومع ذلك فلقد كان الفيلم طوق النجاة الذي أنقذه من الغرق في بحور الفشل بعد سلسلة من الافلام الرديئة جدا، وفي رمضان مبروك.... ألخ. ناقش يوسف معاطي مشاكل التعليم في مصر وهي كثيرة ومتنوعة وأدت إلي عدة كوارث أهمها ظهور عدة أجيال لاتعرف شيئا عن اللغة العربية أوالتاريخ أو أي شيء له علاقة بالثقافة! ولكن سيناريو فيلم رمضان مبروك... الخ، عاني من الارتباك ودخل في موضوعات بعيدة عن الهدف الأصلي من أجل أن يجد هنيدي فرصة للإضحاك، أما في فيلم »الثلاثة يشتغلونها« يبدو الهدف واضحا من البداية وأحداث الفيلم في حالة تلاحق، بحيث يؤدي كل موقف إلي الذي يليه لتكتمل الجملة المفيدة التي يسعي الفيلم لطرحها، وهي أن اسلوب التعليم القائم علي التلقين، وحشو الدماغ سوف ينتج أجيالاً عاجزة عن التفكير والتعاطي مع مشاكل الحياة! »نجيبة متولي الخولي« أو ياسمين عبد العزيز فتاة من أسرة متوسطة، والدها صلاح عبدالله يعتبرها مشروعه القومي، ووضع نصب عينيها هدفا واحدا ووحيدا وهو أن تحصل علي الثانوية العامة بمجموع كبير، ومن أجل الوصول لهذا الهدف كان عليها أن تحفظ الكتب صم، لتعيد علي آذان والدها كل ما تحويه الكتب من معلومات! وتحقق نجيبة حلم والدها وتحصل علي مجموع يفوق المائة بالمائة، وتصبح حديث المدينة، ويستضيفها برنامج صباح الخير يامصر، ولكنها تعجز عن الاجابة عن أي اسئلة بسيطة لانها خارج المقرر الذي حفظته، وتلتحق نجيبة بكلية الآثار، ويوجه والدها اهتماماتها بضرورة تكملة مسيرة التفوق حتي تصل إلي قبة الجامعة، وتحصل علي الدكتوراه وتقوم بالتدريس في الجامعة ولامانع من أن تسعي لأن تكون عميدة أو حتي رئيسة الجامعة، ولكن والدتها »هالة فاخر« تقنعها بأن عليها أن تنتهز الفرصة وتبحث عن عريس غني بين شباب الجامعة، وتعجب نجيبة بشاب شديد الثراء، من بين زملاء الدراسة، وهو طبعا شاب »خايب« متكرر السقوط، ويجد فيها الشاب غايته وفرصته للنجاح، فاسمه مثلها يبدأ بحرف النون، يعني كلاهما سوف يلتقيان في لجنة الامتحان، وتضطر نجيبة أن تغير من هيأتها حتي تنال إعجاب الشاب، وبعد أن كانت تشبه بطلة الحلقات التليفزيونية الشهيرة »بيتي القبيحة« UGLY BITTY غيرت شكلها لتصبح شبيهة ببطلة حلقات هانا مونتانا »Hannah Montana« ولكن نظرا لعجزها عن التصرف السليم، أمام أي مشكلة تقابلها وتحتاج الي تشغيل دماغ، فقد فشلت في أول تجاربها الحياتية، وتم ضبطها وهي تبدل ورقه إجابتها مع زميلها، ويتم إلغاء امتحانها وتكون النتيجة سقوطها المدوي الذي ينزل علي والدها نزول الصاعقة، واحساسا منها بضرورة مساندة والدها ماديا بعد أن استغنت عنه الشركة التي كان يعمل بها، تبحث نجيبة عن عمل، ولكنها تكتشف أن شهادة الثانوية العامة لاتتيح لها أي فرص عمل منطقية، وتتجه إلي المدرسة التي حصلت منها علي الثانوية العامة، وتتحمس لها ناظرة المدرسة »رجاء الجداوي« وتمنحها فرصة التدريس لأطفال المرحلة الابتدائية، ولكن نجيبة تقوم بتلقين الاطفال المعلومات كما تعلمت هي بالضبط، وتمر نجيبة بتجربة مختلفة عندما تقع في براثن شاب آخر انتهازي برضه، نضال الشافعي، وهو من المتاجرين بالفكر اليساري، ويجد أن عقل نجيبة مثل الصفحة البيضاء، جاهزة لأي حد يشخبط فيها بأي كلام، ويقنعها الشاب بضرورة الانضمام لحركة »خنقتونا«، وبدون تفكير تؤمن نجيبة بأفكاره، وتشارك في مظاهرات لاتعرف الهدف الذي تريد أن تصيبه تلك المظاهرات، ولاتفيق من تلك التجربة إلا بعد أن يتم القبض عليها وهي وبقية المتظاهرين، ويكون الشاب مدعي النضال »نضال الشافعي« أول من يتخلي عنها، وتصاب بأزمة نفسية حادة وتصبح فريسة، لمجموعة من الفتيات اللائي ينتمين الي إحدي الجماعات السلفية، فتنضم اليهن، وتلتقي بواحد من الدعاة المودرن »شادي خلف«، الذي يقوم باستغلالها في بعض البرامج التي يقدمها في الفضائيات، ثم تكتشف زيفه وخداعه، بعد أن تتورط في أفعال غير منطقية وتقوم بعد شحنه إياها بأفكار متخلفة، تقوم بعدها بتحطيم التماثيل الفرعونية، وطبعا ينتهي بها الحال في القسم، لتكتشف للمرة الثالثة أنها وقعت ضحية شخص استغل عدم قدرتها علي تشغيل مخها، وهنا تقرر أن تغير من نمط تفكيرها الذي تعود علي التلقين فقط، وأول ماتفعله هو أن تركز اهتمامها لإنقاذ تلاميذها من هذا المصير التعس الذي ينتظرهم، وتحاول أن تنمي فيهم ملكة التفكير والاختلاف والقدرة علي فهم الحياة! وأخيرا تلتقي بفتي احلامها »أحمد عز« الذي ظهر في مشهد واحد، ولكن أبرك »أكثر بركة وتأثيرا« من بعض أدوار البطولة التي قدمها في أفلام »بدل فاقد« و»الرهينه« و»الأدهم«، وهو بهذا المشهد البسيط يلفت الانتباه لقدرته علي أداء أنماط مختلفة من الأدوار التي اعتاد عليها ويمكن أن تؤدي به الي التهلكة! ياسمين عبد العزيز تقدم مجموعة من الشخصيات داخل الشخصية الواحدة، منها الفتاة المنغلقة علي نفسها قليلة الخبرة بالحياة »الصمامة الدحاحة« كما يطلقون عليها، وشخصية الفتاة المتحررة قوي »الكووول«، ثم الفتاة الثورية باندفاع وجهل، وأخيرا الفتاة المتزمتة والأقرب للتطرف بدون فهم! وقد غلب علي أدائها بعض المبالغات التي تتفق مع طبيعة الفيلم الكوميدي، ولكنها بلاشك تمتلك الحضور وخفة الظل، وخاصة في الشخصية الأولي »الصمامة« التي استعارت فيها شكل بطلة مسلسل »بيتي القبيحة«، ورغم أن الفيلم مصنوع من أجلها، إلا أن هناك مساحات جيدة لبعض الشخصيات الفرعية أهمها »محمد لطفي« في دور الضابط، و»إيمان السيد«، و»بدرية طلبة« المحجوزتين دائما »علي ذمة قضية آداب«!! دورين في منتهي الظرف، أما أغنية »مرتبكة« التي قدمتها ياسمين عبد العزيز مع تترات النهاية، فقد أدت إلي بقاء الجمهور في قاعة العرض، حتي انتهاء الأغنية التي كتبها أيمن بهجت قمر ولحنها وليد سعد، رغم أن العادة أن يترك المشاهدون مقاعدهم بعد الاطمئنان علي مصائر الابطال! المخرج علي إدريس نجح في تقديم فيلم كوميدي خفيف ولكنه يحمل رسالة شديدة الأهمية، مستخدما بذلك موهبته في إدارة الابطال بمن فيهم مجموعة الاطفال، والاهتمام بأدق التفاصيل، وكانت مشاهد الحجز داخل قسم الشرطة من أفضل المشاهد وأكثرها إطلاقا للضحكات!
الوفد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق