الأحد، 15 يناير 2012

وائل غنيم يكتب لأول مرة تفاصيل أول يوم ثورة


تحت عنوان "قصة دعوة إلى ثورة على "صفحة 25 يناير" كتب وائل غنيم على صفحة "كلنا خالد سعيد" قصة الدعوة للتظاهر فى 25 يناير من العام الماضى، وفيها سرد لأول مرة كيف بدأت الدعوة للتظاهر فى هذا اليوم، وكيف تطور الأمر من مجرد دعوة إلى وقفة لفضح ممارسات الشرطة القمعية إلى ثورة شعبية.وفيما يلى نص ما كتبه غنيم:لا يعرف الكثيرون تفاصيل أول دعوة إلى الثورة يوم 14 يناير، ولا كيف تطورت هذه الدعوة من مجرد وقفة صامتة إلى النزول للمشاركة فى ثورة، وكيف حدثت، وليس هناك أنسب من اليوم واللحظة التى انطلقت فيها الدعوة إلى الثورة لأول مرة عبر صفحة "كلنا خالد سعيد" لنحكى لكم التفاصيل وما حدث وراء الكواليس ولم يُنشر حتى الآن.وقبل أن يقرأ أيا منا هذه السطور فيجب أن نؤكد أن هذه الثورة لم تكن إلا ثورة شعب شارك فيها الجميع، ولم يكن لأحد فيها قيادة أو فضل ولو أردنا أن نُرجع الفضل لكان حريا بنا أن ننسبه إلى شهداء هذه الثورة ومصابيها أكثر من ضحّوا من أجل أن يستعيد المصريون كرامتهم.فى السادس والعشرين من ديسمبر 2010 اقترح عبد الرحمن منصور (الأدمن الثانى للصفحة والذى سنكتب عنه بالتفصيل قبل 25 يناير قصته مع الصفحة كأحد الجنود المجهولين فى هذه الثورة، والذى يقضى الآن خدمته العسكرية بالجيش منذ 17 يناير 2011 وتنتهى فى مارس 2012) أن تقوم الصفحة بالدعوة إلى فعاليات ووقفة صامتة يوم 25 يناير لأنه عيد الشرطة.عبد الرحمن بدأ فى التفكير وقتها فى اقتراحات لتكريم الضباط الشرفاء، والتنكيل وفضح الضباط الذين يقومون بانتهاك حقوق الإنسان بجانب ما كانت الصفحة تقوم به من وقفات صامتة فى مثل هذه المناسبات، وحينما طلبت منه التريث لأنه سيكون يوم ثلاثاء، أخبرنى أنه إجازة رسمية، وفى الثلاثين من ديسمبر ذكرت الصفحة يوم 25 يناير لأول مرة: "يوم 25 يناير هو يوم عيد الشرطة إجازة رسمية.. أعتقد إنهم خلال سنة عملوا حاجات كتير تستحق الاحتفال بيهم على طريقتنا الخاصة.. إيه رأيكم؟".كانت هذه عادة الصفحة فى طرح أى فكرة جديدة، أن يتم سؤال الأعضاء عن رأيهم وبناء على ردود الأفعال نتحرك، لاقت الفكرة ترحيبا من الكثير من الأعضاء على الصفحة، وبدأوا فى اقتراح أفكار لذلك، ولم يكن هذا مثيرا للتعجب، فالصفحة أُنشئت بالأساس لفضح انتهاكات جهاز الشرطة والمطالبة بإصلاحه وتغيير نظمه ومحاسبة كل المخطئين.كانت الثورة التونسية قد بدأت قبل ذلك بأيام، لم يكن أحد يراها كثورة بعد، ولكنها كانت مظاهرات قامت بالأساس بعد أن أحرق محمد البوعزيزى نفسه بسبب سوء المعاملة التى لاقاها من إحدى الشرطيات فى مدينته الصغيرة، مع اشتعال المظاهرات وانتشارها فى الكثير من المدن، أخبرنى عبد الرحمن أنه يريد تغطية ما يحدث فى تونس، ولكن كان لى رأى آخر، فلا أحد يعرف ما سيحدث فى تونس، وكنت أخشى من إحباط أعضاء الصفحة خاصة أننا فى مصر كانت الأخبار كلها محبطة ابتداء بمقتل خالد، رحمه الله، وانتهاء بتزوير انتخابات مجلس الشعب، طلبت منه التروّى والانتظار حتى نرى ما سيحدث هناك، ونكتب عنه لاحقا كنموذج لانتفاضة الشعوب ضد حاكمها الظالم. لم يلبث أن يمر يوم حتى حدثت أحداث كنيسة القديسين، وانشغلنا فى تغطية الأحداث والكتابة عنها على الصفحة، وبعد أسبوع استشهد السيد بلال رحمه الله من التعذيب على يد ضباط أمن الدولة، وقتها لم أكن أتابع الأخبار فى تونس بشكل مكثف، بينما كان عبد الرحمن شديد الاهتمام والمتابعة لما يحدث فى تونس، كان الجميع يريد أن يعرف ما ستؤول إليه الأحداث. انشغال الصفحة بالأحداث المتعاقبة جعلنا لا نولى اهتماما كبيرا للدعوة التى قمنا بها منذ 30 ديسمبر وأنشأنا لها حدثا أسميناه وقتها: "25 يناير: الاحتفال بعيد الشرطة!"، كان مهما أن نُذكر الناس باقتراب هذا اليوم، وكان هذا يوم 10 يناير: "عايزين أفكار لعيد الشرطة يوم 25 يناير: لأن الناس دى بتتعب فى إهانة وتعذيب وأحيانا قتل المواطنين المصريين فمينفعش يعدى يوم عيدهم من غير ما نفهمهم إننا مش هننسى، يا ريت أى حد عنده فكرة يطرحها ويا ريت أفكار تكون غريبة ومختلفة ويا رب يقدرنا نرجعلهم جزء من جمايلهم علينا".جاءت اللحظة الحاسمة بالنسبة لى فى 13 يناير، كان ذلك اليوم تاريخيا فقد شهد خطاب بن على الثانى، تغيرت لهجته واتضح ضعفه وهو يقول كلمته الشهيرة: "فهمتكم"، قمت وقتها بعمل استطلاع على الصفحة لسؤال أعضائها عن رأيهم فى متابعة أحداث تونس وتغطيتها بشكل مكثف فوافق أكثر من 70% من الأعضاء على ذلك وبدأت فى الكتابة مشيدا بما يحدث فى تونس. طلبت من الجميع تغيير صورهم الشخصية إلى صورة تونس تأييدا لعملهم البطولى وتذكيرا لمن هم فى مصر أنهم ليسوا ببعيد عن أحداث تونس، وفى الرابع عشر غادر بن على فذهب عبد الرحمن منصور محتفلا مع بعض زملائه إلى السفارة التونسية وكتب دعوة على الصفحة للمصريين بالذهاب لهناك والاحتفال.بدأت فى قراءة التعليقات على الصفحة والتى كانت تطالبنا بالدعوة إلى ثورة! الفكرة كانت مجنونة، ولكن ما حدث فى تونس ألهم الجميع بأننا قادرون لو اتحدنا، وهنا كتبت لأول مرة دعوة للتظاهر فى 25 يناير وليس فقط وقفات صامتة: "النهاردة يوم 15 .. يوم 25 يناير هو عيد الشرطة يوم إجازة رسمية.. لو نزلنا 100 ألف واحد فى القاهرة محدش هيقف قصادنا.. يا ترى نقدر؟".كانت عقارب الساعة وقتها تشير إلى الثانية عشرة والنصف صباح يوم 15 يناير فى الإمارات، ولم أنتبه وقتها أن الساعة ما تزال العاشرة والنصف فى مصر، وكانت أول دعوة للنزول بأعداد مكثفة من على الصفحة يوم 14 يناير فى الساعة العاشرة ونصف.بعد أن كتبت الدعوة بدأت فى قراءة التعليقات، لم يكن عبد الرحمن متواجدا بعد، وبمجرد دخوله سألته نفس السؤال، أبدى كل منا الشك فى إمكانية حدوث ذلك، وأخبرته أننى كنت أتمنى أن مصر كان بها معارضة أو تيارات سياسية قوية هى التى تخرج منها هذه الدعوة وليست صفحة على الإنترنت، خاصة أنه سيغادر إلى الجيش يوم 17 يناير، فأخبرنى أن مصر ليس بها معارضة حقيقية، فكان هذا قدر الله أن تخرج الدعوة الأولى من صفحة غير تابعة لتيار أو حزب أو حركة سياسية ليتبناها الجميع.لم تمر ساعة حتى عدت إلى صفحة الحدث الذى قمت بإنشائه فى نهاية ديسمبر بناء على اقتراح عبد الرحمن للاحتفال بعيد الشرطة، قررت أن أقوم بتعديل اسم الحدث بدلا من إنشاء واحد جديد، كان الحدث القديم اسمه "الاحتفال بعيد الشرطة المصرية 25 يناير"، فقمت بتعديل عنوانه إلى "25 يناير: ثورة على التعذيب والفقر والفساد والبطالة"، وحدث تحوّل كبير، فالصفحة أصبحت من تلك اللحظة تحشد للنزول يوم 25، والقيام بثورة شعبية وشعرت وقتها برغبة حقيقية فى بذل أى نوع من التضحية حتى ينجح هذا الهدف وتتغير بلدنا، ومن ذلك التاريخ بدأت الملحمة التى شارك فيها عشرات الآلاف من مستخدمى الإنترنت المصريين والصفحات الكبيرة والحركات الشبابية والقوى المعارضة للحشد ليوم 25 يناير ليشهد الجميع أول ثورة حُدد ميعاد ومكان انطلاقها!. رحم الله شهداءنا ويسّر الله لنا المقدرة على مواصلة العمل من أجل تحقيق أهداف هذه الثورة











المصدر : اليوم السابع












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق