السبت، 8 أكتوبر 2011

الإشارة حـمــراء أمام المواصلات العامة


كنا قديما وحتي عشر سنوات مضت نضبط ساعتنا علي مواعيد القطارات بالدقيقة والثانية حتي بدأ هذا المرفق الحيوي الخطير في الانهيار بسبب نقص التمويل وفساد الإدارة‏.
لم يتوقف الأمر عند القطارات فقط لكنه أمتد إلي الاتوبيسات العامة بكل أشكالها وألوانها بعد أن أصبحت متهالكة يعبث بها الفئران والقوارض وجميع أنواع الحشرات.هذه المشاكل أدت إلي هروب شريحة من الركاب بحثا عن وسيلة أكثر امانا وانضباطا غير أنه وفي كل الأحوال فقد ظلت المواصلات العامة هي المرفق الوحيد المستطاع لقطاع كبير من الركاب محدودي الدخل الآن دخلت الإضرابات علي الخط لتعصف بالبقية الباقية من خدمات النقل العام لتزداد الأمور تعقيدا وسوءا. قضية الأسبوع تناقش قضية المواصلات العامة في مصر وكيفية الخروج من هذا المأزق في التحقيقات التالية.
3 آلاف أتوبيس هيئة نقل عام لخدمة العاصمة نصفها معطل
هيئة النقل العام في اوروبا وامريكا تخدم جميع المستويات فتحقق ارباحا بالمليارات وتوفر خدمة كريمة مدعمة ايضا لمحدودي الدخل, أما في بلادنا فهي عنوان لسوء الادارة ولايستخدمها اكثر من ثلث المواطنين وتركت الباقي لسيارات الميكروباص وحرمت نفسها من خدمة اصحاب الدخول المرتفعة فحققت خسائر بعشرات الملايين خلال اسابيع قليلة.في اوروبا تدار بعقلية اقتصادية وبشركات ادارة وعندنا يتولي قيادتها اكبر الموظفين سنا يتقاضي مع باقي قيادات الهيئة الملايين ويترك الفتات لثلاثين الف عامل فتعددت الاضرابات وتكررت الاعتصامات اصولها الضخمة غير مستغلة مع غياب الصيانة واهتمام مسئوليها ينحصر في شراء صفقات الاتوبيسات الجديدة التي تحقق لهم دخلا غير شرعي سريع.بتحليل المشاكل والاضرابات التي واجهتها هيئة النقل العام خلال السنوات الخمس الماضية يظهر دون مجال للشك ان الازمة تكمن في الادارة.فهذا الاضراب ليس الاول ولن يكون الاخير فسبقه اضرابات في اعوام2003 و2007 و2009 ومارس2011 وجميعها كانت تطالب بتحسين احوال العمال واعادة هيكلة وتجديد اسطول النقل وكانت بذلك مؤشرا لما تعانيه الهيئة من سوء ادارة وكانت تواجه هذه الاضرابات حتي الاخير بالمسكنات المتمثلة في صرف حوافز بالملايين للعمال ففي اضراب2003 صرفت عدة ملايين لزيادة الحوافز وفي اضراب2007 تم اعتماد13 مليون جنيه لزيادة بند الحوافز وفي اضراب2009 تم صرف110 ملايين جنيه لتحسين احوال العاملين وفي اضراب مارس2011 تم زيادة الحوافز والبدلات وفي الاضراب الاخير تم تخصيص128 مليون للحوافز وقيل بعد ذلك انها60 مليون فقط ومادام العلاج يتم بالمسكنات فانتظروا اضرابات اخري.. المؤشر الثاني لسوء الادارة غياب دراسات الجدوي الحقيقية وتضارب الارقام ففي شهر مايو2007 صرح الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة السابق بأن الدولة تدعم التذكرة سعر50 قرشا بحوالي30 قرش وان الفارق يكلف الدولة خسائر سنوية200 مليون جنيه في حين صرح رئيس الهيئة السابق في شهر ابريل2009 ان التذكرة فئة خمسين قرشا تكلف الدولة154 قرشا اي ان الدعم ارتفع من30 قرشا الي104 قرش وبرغم ذلك فان الخسائر200 مليون جنيه والمفاجأة ان احد التقارير الرقابية الصادرة في شهر يونيو2007 اشار الي ان الدعم الحكومي السنوي للهيئة400 مليون جنيه منهم98 مليونا للتذاكر و302 مليون اقساط وفوائد للبنوك علي الهيئة.المؤشر الثالث تفشي الفساد ففي شهر يوليو2007 تم احالة رئيس الهيئة الاسبق نبيل المازني واربعة من كبار المسئولين السابقين بالهيئة الي المحكمة التأديبية لاتهامهم بالتلاعب في اجراءات التعاقد مع احدي الشركات الخاصة لتوريد250 اتوبيسا للهيئة بأسعار اعلي من السعر الحقيقي واثبتوا علي غير الحقيقة ان الهيئة في حاجة اليها وفي شهر يونيو عام2010 كانت هيئة النقل العام علي موعد مع فضيحة اخري بشراء200 اتوبيس تعمل بالسولار صديق البيئة من شركة غبور, والمفاجأة ان هذه السيارات تعمل بسولار( يورو3) الذي لاينتج في مصر فاضطرت للعمل بالسولار العادي الذي يؤدي الي انبعاثات وتلوث البيئة رغم ان الاتوبيس الواحد تزيد تكلفته عن الاتوبيس العادي بحوالي180 الف جنيه.المؤشر الرابع الانفاق لموارد الهيئة المحدودة في امور غير ضرورية منها تخصيص5,7 مليون جنيه علي ملابس العاملين الذين لايستخدمونها و5,2 مليون للشرطة وقرابة مليون جنيه للنجدة ورقم اخر للمطافي بالاضافة الي ملايين الجنيهات حوافز لقيادات وكبار موظفي الهيئة وعشرات الملايين تذاكر مجانية. المؤشر الخامس عدم الجدية وغياب الرؤية في اصلاح الهيئة والاكتفاء بالمسكنات والقرارات الغريبة منها في مارس2007 صرح الدكتور ماجد جورج وزير البيئة بأنه يتم حاليا تنفيذ مشروع نقل7 جراجات تابعة للهيئة بالقاهرة الكبري خارج الكتلة السكنية من23 جراجا تمتلكها الهيئة لمنع التلوث وكأن المشاكل الاساسية للهيئة في التلوث فقط وطوال السنوات الخمس الماضية انحصرت رؤية محافظ القاهرة ورئيس الهيئة ومسئوليها في الاهتمام بزيادة الحوافز وتجديد الاتوبيسات والحصول علي العمالة من سائقين ففي اكتوبر2007 صرح رئيس الهيئة بأن45% من اسطول الهيئة لايصلح للعمل وان الهيئة في حاجة الي شراء1300 سيارة اتوبيس جديد خلال السنوات الخمس القادمة بتكلفة2,1 مليار جنيه والغريب ان هذا المبلغ تكرر في مارس2008 عندما تم الاعلان عن خطة لتطوير النقل بتكلفة2,1 مليار لشراء اتوبيسات تعمل بالغاز الطبيعي وفي ابريل2009 كرر رئيس الهيئة نفس الرقم2,1 مليار جنيه لشراء اتوبيسات جديدة,المؤشر السادس ضيق الرؤية لدي المسئولين سواء المحافظ او رئيس الهيئة بان الهيئة تخدم فقط محدودي الدخل وحصر دورها في اعطاء الخدمة المدعمة لمحدودي الدخل في حين يؤكد الدكتور اسامة عقيل استاذ النقل بهندسة عين شمس ان الهيئة تؤدي الخدمة الي جميع المستويات, كما يحدث في اوروبا وامريكا حيث يستخدمها اغني وافقر الناس موضحا ان الهيئة لها دور اساسي في النقل في العاصمة بوسائل متعددة ترتبط بوسائل النقل الاخري علي اطراف العاصمة من قطارات ونقل اقليمي اي انه يتكامل مع وسائل النقل الاخري بشكل متكامل.واشار عقيل إلي أن النقل العام في اوروبا له ثلاثة انواع الاول لخدمة الاثرياء بتوفير رحلات سريعة مكيفة تجعل صاحب السيارة يترك سيارته وهذا النوع غير متوافر والنوع الثاني الخدمات المميزة الصغيرة فيجب ألا تكون الاتوبيسات الكبيرة فقط هي التي تعتمد عليها الهيئة فالمناطق النائية البعيدة مثل التجمع الخامس والشيخ زايد واكتوبر و15 مايو يجب ان يستخدم فيها ميكروباص تابع للهيئة فاطراف القاهرة لايصلح لها الاتوبيسات الكبيرة لان حركة النقل بها بسيطة وهذا النوع ايضا غير متوافر اما النوع الثالث فهو الخاص بمحدودي الدخل وهي الاتوبيسات الكبيرة وقرابة نصف الاسطول متهالك اي انه يعمل بـ50% من طاقته.واضاف عقيل ان الهيئة تركت موردا كبيرا لها بغياب سيارات الميكروباص الخاصة بالهيئة والتي تنقل2,6 مليون مواطن يوميا تنقل اتوبيسات الهيئة3 ملايين فقط أي ان هناك فاقدا علي الهيئة ضعف الرقم الذي تقوم بنقله فتحقق بذلك خسائر كبيرة.نقطة اخري اشار اليها الدكتور اسامة عقيل والخاصة بتغطية الخدمة فهناك مناطق في القاهرة لايوجد بها نقل عام في العشوائيات وتركت ليسيطر عليها التوك توك وسيارات البيك اب( ربع نقل).وطبقا لدراسات الجدوي يري الدكتور اسامة ان الهيئة تمتلك3 آلاف اتوبيس يعمل منها قرابة النصف في حين تحتاج لتغطية العاصمة قرابة12 الف اتوبيس اي انها تعمل بقرابة20% من احتياجات المواطنين ورغم ذلك لاتستطيع ان تديرها بشكل اقتصادي سليم وتحقق خسائر رغم ان اصول الهيئة اذا اديرت بشكل اقتصادي تحقق ارباحا بالمليارات من محطات وجراجات واتوبيسات بل ان وضع اعلانات علي ظهر التذاكر رغم بساطتها يمكن ان تحقق ارباحا كبيرة والمشكلة ان الادارة في مصر تسير بالبركة والفهلوة وليس طبقا لدراسات جدوي كما ان الحكومة اعتادت ان تجعل من يدير هو اقدم العاملين او الفنيين سنا في كل الجهات والهيئة لايصلح ان يديرها بالوضع الحالي موظف, ولكن خبير لديه رؤية يمكنه الاستعانة حتي بشركات عالمية للادارة.اما جبالي محمد جبالي رئيس النقابة العامة للنقل البري فيري ان الادارة ايضا مسئولة عن تردي الاحوال في الهيئة ودلل علي ذلك بانه ارسل عدة مذكرات لرئيس الهيئة السابق, بأن هناك عددا كبيرا من الاتوبيسات المعطلة في الجراجات تحتاج الي قطع غيار بسيطة وان هناك قرابة60 اتوبيسا تحتاج الي اقل من مليوني جنيه قطع غيار, ونقطة اخري هي تلاعب رؤساء الادارات المركزية وادارات الجراجات ورؤساء الحركة في عدد الاتوبيسات التي تعمل فعليا فاذا كانت قدرة احد الخطوط40 اتوبيسا تقوم ادارة الحركة باخراج6 اتوبيسات فقط وتكتب علي الورق انه خرج20 اتوبيسا مؤكدا ان الحل في ان يقوم كل موظف وعامل ومسئول في الهيئة بواجبه ومراعاة ضميره ـ علي حد قوله ـ في العمل وان يؤدي ما عليه قبل ان يطلبوا المزيد.



المصدر : الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق