أسطنبول مصرة علي ان تفاجئ روادها بالجديد في عالم الفن السابع, ورغم ان القائمين علي مهرجانها السينمائي كانت السعادة تغمرهم وهم يحتفلون بمرور ثلاثة عقود علي تدشين مهرجانهم
وهو الحدث الفني الابرز في عموم تركيا, الا ان ما جاءوا به من شرائط تمثل اركان الدنيا الخمسة اكتسح الحزن والغضب والصمت مضامينها, ويالها من روعة ان تكون الموسيقي القاسم المشترك في التعبير عن اجواء الكآبة والشر وفي نفس الوقت تصبح هي ذاتها وسيلة الخلاص الوحيدة للتواقين الي حرية وحياة خالية من الوصاية ورموزها الفاسدين.وكما هي العادة كل عام تأتي الحيرة, فمن اين الانطلاق؟ وليكن الدنمركي الغنائي, جون(JUAN) المأخوذ عن اوبرا جون جيوفاني لفولفجانج اماديوس موتسارت هو البداية, وياله من اختيار فقد اعادني الي لغز لا اعرف سببه حتي الآن ألا وهو لماذا تباعد وجداني عن موسيقي موتسارت والحق جاءت المعالجة السينمائية المعاصرة لملمحمة موتسارت والتي صاغها بدوره عاشق الاوبرا الفاجنري كاسبار هولتون مفعمة بالاثارة ومن خلال لغة الكاميرا واداء البريطاني الباريتون الشهير كريستوفر مالتمان كان سهلا علي المتلقي ان يتأكد ان قيم الانسانية والاجتماعية في نمسا القرن الثامن عشر لم تختلف كثيرا عن بدايات الالفية الثالثة, فها هي شرائح من البشر بتناقضاتهم ورغباتهم المشبوهة تجدهم لايكفون عن الكذب, وفي النهاية لابد من عقاب إلهي وعظة اخلاقية فالعابثون المخادعون مصيرهم الجحيم الابدي لا محالة.ثم تجئ المصادفة لتلعب دورها فدون ترتيب شاهدنا نصا سينمائيا بليغا بعنوان الخادمة(HANYO) قادما من اقصي الشرق وتحديدا من كوريا الجنوبية, وكانت انغام لودفيج فان بيتهوفن خلفيته, وبقدر المعاني السامية التي حملتها مفردات هذا الاصم الا ان الشخوص التي عزفتها في هذا الشريط بدت دواخلها بعيدة كل البعد عن قيم الرحمة والعطف وتستمر الاحزان في تدفقها ومعها براكين الغضب التي تنتظر اللحظة الحاسمة, انه ميكرفون المصري والذي اعتبرته مسك ختام ليالي اسطنبول السينمائية ففيه نعيش مع اصوات تصرخ ولكن لاحياة لمن تنادي وعندما تأتي الاستجابة يكون القمع والقهر مفرداتها الاساسية والوحيدة, فما كان منها أن تلجأ اخيرا الي الامواج الهادرة التي عبثا تحاول الصخور الصلدة ضدها ولكن هيهات.وفي اجمل لقطات الفيلم الذي كتبه واخرجه احمد عبد الله السيد رأينا العوالم البريئة بأحلامها الموسيقية الشابة, وقد وقفت محصورة بين ضباط يمثلون سلطة الدولة المتعجرفة, وفي الخلف االمتأسلمون الجدد شاهرين صكوك الغفران متوعدين بجهنم الحمراء لمن يصفونهم بالمارقين فبحق السماء اين المفر؟.الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق