الأرض.. عطشانة!!
يعيش الفلاح المصري معاناة كبيرة هذه الأيام لأسباب عديدة منها عدم وصول مياه الري وجفاف الترع والمصارف ويتجلي هذا بصورة أوضح في الدقهلية مراكز بلقاس والجمالية والزرقا وفارسكور، كما امتدت أزمة مياه الري إلي محافظة دمياط، وواصل الفلاحون احتجاجهم علي عدم وصول مياه الري وجفاف الترع والمصارف الزراعية من المياه لأكثر من 30 يوماً مما تسبب في بوارها وتلف زراعات الأرز والذرة والقطن والخضر المزروعة فيها، وتعالت أصوات المزارعين واشتكوا للمسئولين دون جدوي. - أكد المزارعون المتضررون التزامهم بزراعة المساحات المحددة للأرز بجانب المحاصيل الأخري البديلة المرشدة للمياه من قبل وزارة الري، وأن بوار أراضيهم الزراعية وتلف محاصيلهم سببه قيام وزارة الزراعة بخفض منسوب المياه بترع النيل الرئيسية، مما أدي إلي عدم وصول المياه في أدوار الري المحددة للمحاصيل، كما أن تعطيش الأرض وخفض ساعات دور الري إلي 12 ساعة بدلا من 48 ساعة في بعض المناطق وحرمان مناطق أخري من الدور المحدد لها لفترات تتراوح من 15 ألي 35 يوماً، أدي إلي بوار مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل البديلة وفشلت الإدارات الزراعية في حل الأزمة حتي الآن. »الوفد« التقت الفلاحين المتضررين، واستمعت الي معاناتهم من شح المياه، ورصدت حالة الزراعات في العديد من مراكز المحافظات التي أضيرت من أزمة مياه الري وكذلك انخفاض منسوب المياه بالترع ثم بحثنا جذور المشكلة مع الجهات المختصة. حياة بائسة خلال جولتنا في هذه القري المعدومة شاهدنا الفلاحين يجلسون أمام أراضيهم وعيونهم حزينة، وتملأها الدموع ومشهدهم بائس يجسد الفقر وقلة الحيلة ولاحظنا أن جميع معدات الري متوقفة عن العمل. ففي قرية »جالية« التابعة لمركز بلقاس أكد عزت الظريف »عضو جمعية الجالية«: ان مشكلة مياه الري من أسوأ المشاكل التي تواجه قريتهم والقري المجاورة لهم فهي غير متوافرة، وقد تلفت أكثر من 50٪ من المساحة المزروعة في هذا العام بسبب عدم وصول مياه »ترعة النيل« إلي أراضينا، وعندما تحدث مناوبة للري بمعرفة هندسة الري فإن المياه لا تصل لمسافات كبيرة عن الترعة بأي حال من الأحوال مما تسبب في بوار وإتلاف المحاصيل الزراعية صيفا وشتاء؛ وهذه المشكلة نعاني منها منذ 4 سنوات ولكنها العام الحالي ظهرت بوضوح حتي مسافة 4 كيلو متراً وأصبحنا مهددين بالتشرد بعد بوار أراضينا لعدم وصول مياه الري إلينا. وهذا ما أكده مزارعو القرية مثل الطاهري محمد عبدالسلام وعبود عبدالسميع ومحمد حلمي وأبوكمال. وبعد قرية المركزية بمسافات طويلة وجدنا قري 39 و38 و36 و27 و28 و26 و22 بحفير شهاب الدين بمركز بلقاس وشكا أهلها من عدم وصول مياه الري إليهم منذ أكثر من 30 يوماً مما تسبب في بوار آلاف الأفدية وتلف محاصيل الأرز والذرة والقطن، ويقول علي مشالي - »مزارع مستأجر« - ولديه »8 أولاد«: ما يحدث في هذه القري وقري 41 و40 هو سياسة تطفيش تتبعها الحكومة معنا وليس أمامنا سوي أن نقول »حسبنا الله ونعم الوكيل«، مضيفاً ان »ترعة التبين« من المفترض ان تقوم بري أراضينا ولكنها جفت وأصبحت مليئة بالقمامة. كما انتشرت البطالة. ونحن نعتمد علي المصرف الموجود بين ترعة النقعة والتبين، وتساءل: »مشالي« ماذا نفعل بعد ان جفت ترعة التبين التي كنا نعتمد عليها في ري الأراضي التي كنا نعيش من خيرها؟ وفي النهاية يطالب أهالي القري الحكومة بالتوزيع العادل للمياه في أدوار الري المحددة، لان توزيع المناوبات غير عادل لكل الأراضي التي تشملها الدورة؛ فهناك فلاح يأخذ حقه من المياه والآخر ينتظر وصولها ولا تصل إليه أبدا. وتتكرر نفس المأساة في قرية المأورية التابعة لمركز الجمالية من عدم وصول مياه الري إلي أراضيهم منذ 45 يوماً مما أدي إلي بوار وتلف محاصيلهم الزراعية. الحال أسوأ وفي محافظة دمياط أحوال الفلاحين تزداد سوءا لعدم وصول مياه الري لأراضيهم لأكثر من 30 يوماً مما أدي إلي جفاف الترع وتلف المحاصيل الزراعية. وفي قري ميت الشيوخ والشيخ مرزوق والحوارني والبستان والعبايدة وكفر أبوعضمة وبعض أراضي فارسكور ووجدناها تعتمد في الري علي مياه مصرف الشرقوية الممتلئ بالقمامة والحيوانات النافقة، التي تسببت في انتشار الأوبئة والأمراض، وتنتقل إلي البشر والزراعات والحيوانات أيضاً. وفي قرية عطا الله بسيف الدين التابعة لمركز الزرقا بدمياط وجدنا أراضي الإصلاح الزراعي تشكو عدم وصول مياه الري إليها. عبدالهادي حسين »صاحب حيازة« قال: بلغت مساحة الأراضي التي أصابها البوار في القرية حوالي 1200 فدان وذلك لعدم وصول مياه المناوبات إليها، وكانت هذه الأراضي تنتج محاصيل الأرز والقمح والبرسيم ولكن بسبب نقص المياه جفت الأراضي الزراعية وأكد اعتماد القري علي استخدام مياه صرف القرية في ري الأراضي نظرا لعدم وصول مياه الري الخاصة بالدورة الخامسة الي الأراضي الزراعية وحل هذه المأساة يتطلب مواسير مشروع الري المغطي وهذا يسهل انسياب المياه لري أراضينا مرة أخري. وتساءل في النهاية: إذا كانت الأراضي الزراعية بارت قبل أزمة مياه النيل التي نسمع عنها الآن فماذا سيكون عليه الحال عندما تشتد هذه الأزمة؟ محمد قنديل ـ مزارع ـ قال: محصول الأرز تلف في الأرض بسبب عدم وصول مناوبة المياه بعد أن تكلفنا الكثير من المال وقمنا بشراء ماكينات رفع تسمي »مجموعة الري« لرفع المياه من الترع لتصب في الأراضي الزراعية وترويها ولكن بسبب جفاف الترع اضطررنا الي وضعها علي حواف مصرف قرية سيف الدين لسحب مياه المجاري الي المحاصيل فماذا نفعل ونحن ننتظر وصول المياه منذ أكثر من 30 يوما وتقدمنا بشكاوي عديدة الي مديرية الزراعة والمحافظ، لقد وعدتنا مديرية الزراعة بالاتصال بهندسة الري ولكنها الي الآن لم تحل الأزمة وزادت الأرض عطشا وحياة الفلاح ساءت ومهددة بالتشرد بعد بوار أراضينا الزراعية. لقد أصبحنا بدون مورد رزق لانقطاع مياه الري ولا نعرف مهنة أخري غير الزراعة لذا نناشد وزير الموارد المائية والري أن يحل هذه الأزمة فورا. واستكملنا جولتنا بالمرور علي هندسة الري بفارسكور حتي أكد مصدر مسئول ـ رفض ذكر اسمه ـ أن مشكلة بوار الأراضي الزراعية لا دخل لأي جهة رسمية فيها والسبب الرئيسي في ذلك هو مشكلة المياه الموجودة منذ سنوات طويلة ولكنها لم تكن ظاهرة بل بدأت تطفو علي السطح منذ أيام قليلة لذلك قامت وزارة الري بالتعاون مع وزارة الزراعة بتوعية المزارعين لترشيد وتقنين استهلاك المياه وبسبب خفض مساحات زراعة الأرز عام 2009 تم توفير 5.3 مليار متر مكعب من مياه الري عبرتقليص المساحات المزروعة من الأرز من 2.2 مليون فدان الي نحو 1.1 مليون فدان مع العلم أن المحافظة علي المياه وتقليل زراعة المحاصيل الشرهة للمياه سيحافظ حتميا علي أمان المجتمع ونحن في طريقنا للوصول الي حول سريعة وفعالة للمحافظة علي صادرات الأراضي الزراعية من الأرز والزراعات البديلة وشدد علي التزام وزارة الري بإمداد المناوبات لجميع الأراضي.
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق