
شيعت جنازة عمرو مرسى عبداللطيف الشاب المنتحر على كوبرى قصر النيل فى مدينه الفيوم فى هدوء تام وبحضور أشقائه وعدد من أصدقائه وبعض أفراد عائلته، وتقبلت الأسرة العزاء فى المقابر ورفضت إقامة سرادق فى مقر سكنها بميت عقبة وبررت ذلك لضعف إمكانياتهم المادية ولقيام شقيقهم بالانتحار بهذه الطريقة التى هزت مشاعر كل الأهل والأقارب وبطريقة غير متوقعة. وقال أفراد الأسرة إنهم غير قادرين على مواجهه كلام الناس بعد الصور التى انتشرت على مواقع الإنترنت والصحف، وقررت الأسرة إغلاق أبواب الحديث عن المتوفى نهائيا، وقال أفراد الأسرة انهم كانوا غاضبين عليه منذ سنوات بسبب زواجه من إحدى السيدات اللاتى تكبره سنا خاصة أنه كان يقيم عندها، كما أنه لم يكن يزور أهله إلا عندما تحدث مشكلات بينهما، وكان يفضل الحديث مع شقيقه مسعد القريب منه.وقالت شقيقته رضا المتزوجة وتسكن فى بولاق الدكرور إن عمرو كان يتمنى أن يكون أبا وهذا الذى جعله يبحث عن فتاة صغيرة للزواج منها، وأوضحت شقيقته أن جميع أشقائه متزوجون ولديهم أولاد ما عدا عمرو الذى فشل فى كل شىء فى حياته لأنه كان سلبيا وطيب القلب، وهذا الذى جعله حائرا مع الجميع حيث إن أفراد الأسرة كانوا يرفضون أسلوبه فى التعامل مع الآخرين، كما أنه تزوج السيدة العاقر رغما عنهم وقاطع جميع أشقائه منذ سنوات بسبب هذه الزيجة ولكنه كان من وقت لآخر يزور شقيقه مسعد فقط وهو الذى كان يتابع أخباره.وأضافت شقيقته: عمرو لم يستقر فى عمل بسبب الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد.. ولكنه كان شابا طيبا جدا ويصلى ويعرف الله جيدا، إلا أنه فى الأيام الأخيرة كان يعانى من اكتئاب نفسى شديد وكان يغيب عن زوجته وأسرته لفترات طويلة دون أن يعلم أحد عنه شيئا.. لدرجة أنه هدد بالانتحار أكثر من مرة لرفض أشقائه السؤال عنه أو زيارته عند زوجته العاقر.وأوضحت شقيقته أن «عمرو استقر منذ ثلاثة أشهر فى منزل الأسرة بميت عقبة بعد أن قرر الزواج من فتاة صغيرة وطلب بعض الأموال لتجهيز عش الزوجية ولكن الحالة المادية لكل أشقائه كانت صعبة جدا ولم يتمكن أحد من مساعدته، فقرر الانتحار وإنهاء حياته بهذه الطريقة».ويقول شقيقه صابر الذى يعمل جزارا فى كشك بميت عقبة: عمرو كان شابا منطويا على نفسه ولايتكم كثيرا وكانت ظروفه المادية سيئة جدا ولم يفلح فى الحصول على المال نهائيا وقد ساعدته كثيرا ولكن بسبب غلاء المعيشة وانشغالى بتدبير المصاريف الكثيرة انشغلت عنه فى الفترة الأخيرة خاصة وأنه كان يسكن مع زوجته بعيدا عنا.وأضاف صابر أن عمرو اختار أن يشنق نفسه فوق كوبرى العشاق بقصر النيل ليؤكد لكل العشاق أن نهاية الحب الفشل، ولا يمكن تتويج الحب بالزواج بعد أن أصبح الارتباط معادلة صعبة جدا ويصعب تحقيقها فى هذا الزمن الذى ترتفع فيها الأسعار بطريقة خيالية.ويشير صابر إلى أن شقيقه لم يستطع تحقيق أحلامه طوال العشر سنوات التى قضاها مع زوجته العاقر وشعر بأنه ظلم نفسه بالزواج منها رغم أنه كان يعيش عالة عليها وهى مسألة صعبة جدا على شاب فى هذا العمر خاصة ان والدنا قد قام بتربيتنا تربية سليمة والعيش بالحلال وعلى المبادئ، وهذا التناقض هو الذى جعل عمرو يختل نفسيا ويقرر الانتحار فوق أشهر كوبرى للعشاق فى مصر.وحول الحالة النفسية للشاب الذى يقدم على الانتحار يقول الدكتور خليل فاضل أستاذ الطب النفسى إن انتحار عمرو مرسى بحبل وعلى كوبرى العشاق هو نقطة تحول فى جريمة قتل النفس فى مصر، وهى واقعة اعتبرها إنذارا مبكرا وشديد اللهجة من الطبقات الكادحة إلى الحكومة ولكل الطبقات المرفهة حيث إن مكان الانتحار يعتبر موقعا استراتيجيا يقع أمام الفنادق الكبرى، كما أنه أراد أن يكون بطلا لحادث مأساوى يحقق من خلاله شهرة يعوض بها فشله به فى تحقيق أهدافه فى الدنيا..وأضاف الدكتور فاضل أن هذه الحادثة تذكرنا بالطالب المتفوق الذى انتحر قبل 5 سنوات لرفض تعيينه بوزارة الخارجية بعد تفوقه فى الدراسة، وهو ما يؤكد أن المرفوضين اجتماعيا يتزايدون فى المجتمع ويشكلون قوة رافضة للأوضاع وأغلبهم مصابون باكتئاب نفسى شديد جعلهم يفكرون فى الانتحار بطريقة شهيرة وسوف تشهد مصر حالات انتحار مماثلة فى الفترات القادمة.وقال الدكتور فاضل إن عمرو كان يعانى من العزلة الاجتماعية بسبب فقد الأسرة المصرية لوظيفتها الأساسية وهو امر له تأثير كبير على الإنسان ويجعله يفكر فى الانتحار لإصابته بعدم التوازن الكيميائى النفسى، موضحا أن عمرو فقد اسرته اجتماعيا ولم يجد من يسأل عنه وفقد الحنان الأسرى وكلها عوامل تزيد من حدة الاكتئاب.وأضاف د. فاضل أن مصر تشهد سنويا 3 آلاف حاله انتحار سنويا لأقل من 40 عاما وهذا خطر يداهم المصريين يدعونا للبحث بسرعة عن وسائل لم شمل الأسرة المصرية وزيادة التلاحم بين أفرادها.
الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق