الخميس، 14 يناير 2010

بغل وجحش وعبيط وهوهو.. مطاعم مصرية بنكهة كوميدية







من يرتاد شوارع المحروسة ويتأمل يافطات المحال التجارية لا بد أن يضرب كفا بكف، وخصوصا أسماء المطاعم التي تدعو للضحك حينا، وللجنون أحيانا معظم الوقت، وهذا ما رصدته شبكة الإعلام العربية "محيط" وننشر تفاصيله في التحقيق التالي:عجيب أمر سكان مصر المحروسة، حين يقولون عن فلان أنه "واد ابن حرام" فهذه كنية عن أنه أسطورة في الذكاء، وحين يريدون وصف شيء بأنه لا مثيل له يقولون أنه "جاحد"، متجاهلين في سبيل ذلك المدلول اللفظي لهذه الكلمات الذي يعبر أولهما عن سب في الشرف والثاني صفة مقيتة جدا في البشر ألا وهي الجحود.الأمر نفسه يشاهده كل من يرتاد شوارع المحروسة ويتأمل يافطات المحال التجارية لا بد أن يضرب كفا بكف، وخصوصا أسماء المطاعم التي تدعو للضحك حينا، وللجنون أحيانا معظم الوقت، وهذا ما رصدته شبكة الإعلام العربية "محيط" وننشر تفاصيله في التحقيق التالي:فعلى طول الطريق الممتد من قاهرة المعز الفاطمية وبالتحديد في منطقتي السيدة زينب والحسين يشاهد كل من يتجول بشوارع مصر العتيقة محالا تحمل أسماء غريبة يجمع المراقبون على أنها تحتاج وقفة من المسئولين لإعادة النظر فيما تحمله من ألفاظ تخرج عن سياق الذوق العام.محطة الجحشمطعم الجحش، أشهر محل لتقديم أطباق الفول والفلافل في مصر، ويقع على بعد أمتار من مسجد السيدة زينب الشهير وبالتحديد في شارع بركة الفيل، وهو عبارة عن بناء غريب يتخذ شكل شبه منحرف، لا يمكن وصفه بأنه مطعم سياحي بالمعنى المعروف اللهم إلا لأنه يرتاده السائحون دائما حتى أن كثيرا من سائقي الأجرة باتوا متعهدين توريد سياح لهذا المطعم الذي يعتبر مزارا أثريا لكل من يعشق تراث مصر.العبيطوإمعانا في الشهرة قام صاحب المحل واسمه حنفي الجحش ـ وأولاده سيد وفرج الجحش ـ بوضع يافطة عملاقة تضيء ليل نهار وهي مطعمة برسوم لجحوش كثيرة، بعضها يجلس إلى المقهى ويدخن الشيشة، وبعضها يقرأ الصحف، أما اللافتة الرئيسية فتحمل صورة "جحشين" يقبلان بعضهما وبينهما قصة حب يجسدها قلب أحمر غاية في الرقة مكتوب عليها "ماي لاف" أي حبيبي....وقد سارع احد أصحاب المطاعم القاهرية باستنساخ فكرة الجحش فانشأ مطعم البغل ودخل حلبة التنافس التجاري على اكتساب ثقة ذويقة الطعام وسارع آخر إلى تسمية محل الحلويات الذي يملكه باسم "الخول" ليكون ماركة تجارية ذائعة الصيت فكان له ما أراد، هذا طبعا بخلاف محل الفول الشهير بمنطقة الحسين والذي يحمل نفس الشتيمة، عفوا الاسم.وعلى هذا المنوال ظهرت سلسلة مطاعم تحمل أسماء غريبة وتكون هذه الأسماء في كثير من الأحيان "وش السعد" على أصحابها فربما يقبل عليها الزبائن ليس لجودة ما تقدمه من منتجات ولكن لغرابة أسمائها، من بينها محل "العبيط" الذي يبيع الحلويات الشرقية ودائما ما يقوم بترديد عبارة "دوق حلاوة العبيط وادعي له".كبابجي "هوهو"لعل أول ما يتذكره كل من يمر بشارع 26 يوليو ووكالة البلح في طريقه إلى شارع الصحافة ـ بمنطقة وسط البلد ـ حيث يقع ذلك المطعم الضيق جدا الذي لا تزيد مساحته عن عدة أمتار ويستولي على عشرات الأمتار عبر احتلال الرصيف ووسط بل ونهر الشارع الذي يقع فيه.نعم إنه كبابجي "هوهو"، الذي يعرفه القاصي قبل الداني، الصغير قبل الكبير، الغني قبل الفقير، وكيف لا وهو يقدم اللحوم المشوية "كفتة وكباب وطرب وكبد وكلاوي" بسعر يقل كثيرا عن المطاعم المنافسة، حيث يمكنك في النهاية اكتشاف أن تكلفة التهامك لوجبة مشوية يقترب إلى حد كبير من أسعار الفول والطعمية .فبجنيهات معدودة تحصل على رغيف منتفخ بأصابع الكفتة اللذيذة ـ بغض النظر عن نوع اللحم المستخدم في تصنيعها ـ هذا طبعا بخلاف "الوصاية" وهي تتعلق بالكميات الزائدة عن الوزن، فيكاد يقترب الربع كيلو عنده من النصف كيلو.فلا مانع عند الصنايعي أن يضيف "سيخين" كفتة إضافيين على الرغيف بدون ما تطلب أنت مرددا: وآدي كمان الوصاية علشان تاكل وتدعي لعمك إبراهيم.. هوهو ، هوهو، "فاهم"، ولا داعي من زيادة الكلام دا غير طبعا السلاطات والعيش.، وتنتشر ترابيزات المحل ـ الذي لا تتعدى مساحته المترين طولا وعرضا ـ لتحتل الرصيف.مطعم الطفسوعلى جانبي الشارع تجد كافة طوائف المجتمع.. العامل بجوار البيه، الست لاصقة في الرجل، حتى الباعة الجائلون يستطيعون اعتلاء أفخم ترابيزة، وكله بفلوسه ما داموا سيدفعون المعلوم وقبل منه البقشيش طبعا وأهم من هذا كله لا يسألون عن مصدر هذه اللحوم.وفي محاولة للتقليد لجأ صاحب أحد المحال لإطلاق اسم "الطفس" على مطعمه الذي يقدم جميع أنواع الساندويتشات بدءا من الساندويتش الوطني الذي يحمل ماركة فول وفلافل، وانتهاء بأطباق "السمين" والحمام بنوعيه المحشي والمشوي.وبصورة عامة فإن يافطات المحلات هذه بما تحمله من أسماء غريبة، يأتي بعضها لمجرد جذب الانتباه لما هو غريب أو شاذ، والبعض الآخر يعبر عن لقب عائلة أو شهرة وإن كانت في مجملها تتوحد في صنف البضاعة التي تقدمها والتي هي عبارة عن المأكولات.فعلى نهج هذه الأسماء الغريبة، ظهرت محال أخرى مثل الدهل يبيع الفول والفلافل بمنطقة شبرا الخيمة ـ شمال العاصمة القاهرة ـ والطفس لبيع فواكه اللحوم ـ كما يحلو للبعض تسميتها ـ كالفشة والكرشة والممبار ويقع بمدينة فيصل ـ بمحافظة الجيزة جنوب العاصمة ـ ."وعندك واحد مخصوص وصلحه ومعاه طاجن عكاوي وعقد بمبار".. هذه أول عبارة يمكن أن تسمعها وأنت في حضرة محل "ضبة"، فهو القبلة التي يلتفت إليها كل عشاق فتة "الكوارع" بالخل والثوم ويقع بشارع باب اللوق ـ وسط العاصمة ـ وأغلب رواده من المعلمين سواء التجار أو حتى رجال الأعمال الذين يلفحهم الحنين للأكلات الشعبية إلى جانب السائحين وخصوصا من دول الخليج.جحشوبنهم غير مسبوق تشاهد جميع الزبائن يرفعون صحن الشوربة الأصلي المستخلص من "بهاريز" العظام والكوارع ولحم الرأس، ونصيحة غالية ألا تشغل بالك بمحتوى هذا الصحن حيث تكون الشوربة قاتمة اللون لدرجة أنك لا تستطيع أن تميز إذا ما كانت هذه فعلا شوربة أم ماء معكر بالطحالب.وإذا وصلنا لمحطة أبو جاموس الشهيرة بشارع الملك فيصل ـ المكتظ بالسيارات والبشر ـ ستجد أنه اسم محل لبيع الدهانات ومستلزمات البناء وحين استفسرنا من صاحب الدكان عن سبب اختيار هذا الاسم رد علينا بأنه امتداد لاسم العائلة العريقة بمحافظة الشرقية ـ شرق العاصمة المصرية ـ .وعلى هذا النحو تمثل هذه التفاصيل الصغيرة الحميمة بهارات المحروسة التي لا يمكن أن تعثر عليها في أية مدينة أخرى، فرغم وجود الأهرامات والنيل والمتاحف يظل الإنسان القاهري الحديث بظرفه وتسامحه وخفة ظله أجمل عوامل الجذب، ويبقى لمقاهي القاهرة وأسواقها الشعبية نكهتها الطازجة ومذاقها الحراق.. فإن تشابهت المدن في عصرنا الحديث، تظل القاهرة على الدوام لا تشبه إلا نفسها.

محيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق