لم يتحرك عندما احترقت القطارات بالركاب.. ولم يساند ضحايا العبارة
العربة الفارغة تحدث جلبة.. والعربة الممتلئة لا يصدر عنها صوت، وهكذا عقول الناس. استوقفتني كثيراً هذه الحكمة وأنا أتابع أحداث الوقفة الاحتجاجية التي نظمها عادل إمام في مسرح الهرم مساء يوم السبت الماضي.. وعفواً لم أسبق اسم عادل إمام بلقب الزعيم لعدة أسباب في مقدمتها أن المسرح الذي شهد الوقفة الاحتجاجية كان خالياً وكانت الكراسي تشتاق لمن يجلس عليها.. وثانياً ان نجوم الصف الأول في السينما والدراما التليفزيونية لم يلتفوا حول الزعيم وذلك باستثناء محمد هنيدي.. ثالثاً وهذا هو الأهم أن عادل إمام لا يتحدث بوعي الرجل المثقف ولا يمتلك حكمة السياسي الذي أكسبته الخبرة والتجارب مهارة التعامل مع الآخر. لا خلاف أن عادل إمام ممثل له مكانة رفيعة وله بريق ولكنه وشأن كثيرين مثله لا يعرف ان هذا الحجم في دنيا الفن فقط ولا يجب أن يمتد الي مساحة أرحب وأكثر اتساعاً من ذلك.. لأنه وببساطة شديدة متواضع ولا يمتلك وعياً ثقافياً يغري بالإنصات له.. يتصور عادل إمام انه بات مؤثراً وأن الدنيا كلها تتحرك وفقاً لوجهة نظره ورؤيته ولذا يغضب إذا قاطعه أحد وهو يتكلم وتتغير ملامحه اذا لمح واحداً من الجمهور مشغولاً عنه. انتظرت وزملائي الحضور طلة الزعيم علينا والذي تأخرت حوالي ساعة كاملة عن موعدها المحدد.. وطبعاً كان سبب التأخير هو أمل الزعيم في أن يمتلئ المسرح عن آخره ولكن لم يتحقق ما تمني وخاب ظن الزعيم. ولذا لم يجد أمامه سبيلاً الا الخروج للحضور وطلب منهم ان يتجمعوا في كراسي الصفوف الأولي وهذا طبعاً حتي تظهر الصورة أمام الكاميرات مرضية. كعادته تكلم الزعيم عن سيرته الذاتية وقال انه كان دائماً ما يمزق أحذيته وهو صغير لانه كان يستخدمها في »شوط الحجارة مثل كل زملائه« وواصل كلامه مؤكداً انه لو كان يعلم ان هذه الحجارة سوف يستخدمها الفلسطينيون في قذف الاسرائيليين لكان جمعها كلها.. وتابع الزعيم كلامه مؤكداً انه لم يمكن يتوقع أن يلقي الفلسطينيون هذه الحجارة ذات يوم في وجه مصر ولم يلن يتصور أبداً أن يموت جندي مصري برصاص حماس.. وقال إن حماس هي السبب الرئيسي في تدمير غزة.. وسخر من أعضاء حركة حماس قائلاً: فجأة طلع لهم ذقون.. وأنا لا أغلط في رجال الدين.. »علشان مفيش حد يهاجمني« وقال إن حماس تحمل غلاً وحقداً ضد مصر وطالب بالقصاص من الفلسطيني الذي ضرب الجندي المصري »أحمد شعبان« وقال يجب محاكمته في مصر محاكمة عادلة.. وانتقد قافلة شريان الحياة وقال انه يعلم انه رجل مشبوه. وبعد ان أنهي عادل إمام كلمته قدم اللواء محمد مجاهد نائب رئيس المركز القومي للشرق الأوسط والذي تحدث عن اهمية الجدار الفولاذي وبرر الرغبة في بنائه وتشييده لحماية أمن مصر وأكد ان الأنفاق يمر من خلالها تجارة أسلحة وسلع بما يعادل »500« مليون دولار ويتم تأجير النفق الواحد بنحو »3« آلاف دولار في اليوم الواحد، ويصل عددها ما بين »600« الي ألف نفق.. وتابع اللواء قائلاً إن حماس هي يد إيران في المنطقة.. وطالب في النهاية بقطع يد هنية. وتحدث يوسف معاطي بعد ذلك وقال إن الرئيس مبارك لم يخطئ في حق أي دولة عربية مثل السادات أو عبدالناصر ومر عليه »30 سنة« في السلطة ولم يهاجم أي دولة عربية لأن مصر دولة كبيرة. إلي هنا أتصور أن الوقفة الاحتجاجية تحولت الي حوار بين الزعيم عادل امام وكل فرد يرغب في الكلام.. وتحدث عدد من الكومبارس. بعد ذلك راح الزعيم يقدم بنفسه كل من يرغب في الكلام.. جميل ان يتحرك الزعيم عادل امام وجميل ان يتبني موقفاً ولكن أين كان عادل امام عندما تفحم الناس في قطار الصعيد وأين كان عندما سالت دماؤهم وانسلخت جلودهم في حادث قليوب.. ولماذا لم يعتصم من اجل ضحايا العبارة السلام »98« ولم نشاهد الزعيم يهتف بسقوط الحكومة ولم نشاهد الزعيم يطالب بالتبرع من اجل ضحايا العبارة.. وكنت أتمني وغيري كثيرون أن يدين الحكومة في قضية الجدار الفولاذي ولكنه لم يفعل وراح يدافع عنها وكأنه ابن شرعي لها ووزير من بينها.. كان من الضروري ان يفهم ان الحكومة مدانة لانها لم تستخدم الخطاب الصحيح ولم تعلن عن نيتها بشكل ذكي وكانت النتيجة ان علمنا نحن كمصريين بخبر الجدار الفولاذي من اسرائيل. ياسيادة الزعيم اعلم انك تدافع عن حكومة لا تعبأ بقيمة أفرادها اعلم ان الوطن الذي استوعب أحلامك وطموحاتك ضاق بآخرين وأجبرهم علي الهجرة والانتحار. والعجيب ان الزعيم عادل امام يقول في الوقفة الاحتجاجية إن المعارضة والصحافة هي التي أحدثت الفجوة بين الشعب والحكومة.. يحمّل الزعيم عادل امام الفقر والمرض، والجهل للمعارضة ويلقي باللوم علي الصحافة.. وعندما تهاجم واحدة من الكومبارس المعارضة يقول لها »الله عليكي ياست«. يا سيادة الزعيم لا تنس كما قلت ان السيارة الفارغة تحدث جلبه أي ضوضاء وضجيجاً.. أما الممتلئة فلا تحدث صوتاً.. وهكذا عقول الناس.. ونصيحتي ان تتوقف عن الشعارات وان تخلع عن نفسك رداء الزعامة، فهو لا يليق بمن يدين شعباً أملاً في إرضاء نظام ضاق بأحلام البسطاء وأغلق أبواب الحلم ونوافذ الأمل.
الوفد - صفوت دسوقي
المشاركات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق