الجمعة، 16 مارس 2012

سيف الحكومة علي رقبة القضاء‏!

حاولت السلطة القضائية عبر الزمن التخلص من هيمنة السلطة التنفيذية وتحطيم الأسوار التي تحيط بها وتحول دون انطلاق مسيرتها‏..
المستشار زكريا عبد العزيز
المستشار زكريا عبد العزيز

حاولت ولم تستطع تحقيق الاستقلالية الكاملة.. فلم تكن هناك الارادة المجتمعية التي تكفل بناء واقع جديد للقضاء. دفع القضاء الثمن باهظا من مصداقيته لتشابك علاقته بالسلطة التنفيذية, وكثيرا ما كان يجد مصيره معلقا في مواجهة صعبة مع المجتمع تلقي به صوب حافة الخطر.
انفجر بركان الغضب الساكن في حنايا الصدور الصامتة.. انتفض القضاة في خضم واقعة قضية التمويل الاجنبي.. لم يعد الموقف يحتمل الصمت.. خرجت الأصوات تصرخ باستقلال القضاء برؤي مختلفة.
وقف المستشار زكريا عبد العزيز رئيس مجلس ادارة نادي القضاه السابق يشرح ابعاد واقع صعب يكابره القضاء, وتشوهات أصابت ساحة العدالة احدثت فيها خللا في الأداء, بينما تحصن المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب باعادة صياغة كيان القضاء, وفق رؤي تواكب حجم الرغبة في بناء مجتمع مختلف أساسه احترام القانون.. كلاهما يذهب في طريق يعتنق فيه رؤية مغايرة تقوده الي استقلال القضاء.. في هذه المواجهة.

المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة الأسبق:
استقلال القضاء أكذوبة واسألوا محمد عبده

> قضية التمويل الأجنبي تكشف عن محاولات لاسقاط القضاء؟
ما يتعرض له القضاء في تلك الاحداث أمر طبيعي علي اعتبار أنه لا يستطيع الحياه بمعزل عما يحدث في المجتمع.
مشكلة القضاء أنه دائما يعيش تحت وطأة تأثير السلطة التنفيذية ومحاولاتها المستمرة ممارسة ضغوط عليه ودون جدال ان البعض يحاول استغلال ذلك المناخ السائد لاسقاط القضاء واختراقه.. لكنه غالبا ما يصمد في وجه تلك الانواء.. مما يجعل مسألة اسقاطه قضية صعبة يصعب تحقيقها علي أرض الواقع.
كثرة التشكيك في نزاهة وحيادية القضاء تفتح الباب أمام إهدار هيبته؟
لدينا قضية اساسية هي المسئولة عن وجود هذه الصوره لدي المواطن في الشارع, وتتجسد في وجود عراقيل توضع أمام تطوير أعمال القضاء وتوفير الأدوات الجيدة التي تعينه علي أداء مهمته في تحقيق عدالة ناجزة.. الدولة لا تهتم كثيرا بشئون القضاء, ولا تسعي جاهدة صوب إيجاد مناخ جيد يستطيع القضاة العمل فيه دون مؤثرات.
هناك منظومة متكاملة الدولة مسئولة عن إيجادها.. الناس مازالوا يؤمنون بأن القضاء حصن المجتمع الذي يلوذ به الجميع, وما يحدث مجرد زوبعة في فنجان وستنتهي ولن نتوقف عندها.
دائما ما تتباين الرؤي حول استقلالية القضاء في ضوء ما يحدث الآن.. القضاء يمارس عمله باستقلال؟
المجتمع لن تقوم له قائمة ويبني علي أساس قوي إلا في ضوء الاهتمام بترسيخ قضاء مستقل استقلالا كاملا بعيدا عن نفوذ وممارسات السلطة التنفيذية التي تحاول دائما فرض سيطرتها عليه.
ذات مرة سألوا الشيخ محمد عبده عن رأيه في استقلال القضاء, فقال لابد أن يكون مجتمع القضاء بيد إخوانهم, وهذا لن يتحقق في ظل نمط العلاقة السائدة ووضع مصير القضاء في يد وزير العدل, واتصور أن الاوضاع ستظل قائمة علي هذا النحو السائد ببقاء مجلس الصلاحية والتفتيش القضائي وتعيين رؤساء المحاكم في يده.. كل ذلك يحتاج الي إعادة نظر حتي يستقيم الامر, وتتحقق الاستقلالية الكاملة للقضاء.
حدث خلط واسع للأمور في قضية التمويل الاجنبي ثمة انحراف صارخ حدث نال من استقلال القضاء؟
هناك تحد للسلطة القضائية وتجاوز يصعب قبوله والتحقيق الذي يجري في القضية سيضع النقاط علي الحروف ويسدل الستار علي كل الاقاويل التي ترددت في هذا الشأن ويكشف حقيقة الامر, ولن تمر الاوضاع علي النحو الذي جرت عليه باعتبارها انحرافا بالسلطة القضائية عن منهجها الذي تمضي علي طريقه.
القضاة وفق تقدير البعض يتحملون جزءا أصيلا مما يحدث في ساحة العدالة؟
أي منطق يقبل بعمل القضاة مستشارين في مجلس الشعب ومجلس الوزراء واماكن أخري كثيرة, ويحضرني في هذا المقام انتداب احد القضاة الذي يشغل منصبا رفيعا للعمل في بنك دولي ويحصل علي راتبه بالدولار.. كيف يستقيم أمره وهو يخلط بين عمله الاصلي والمكان المنتدب اليه.. ان عمل القضاة علي هذا النحو يفتح الباب امام السلطة التنفيذية لاتباع سياسة الترغيب والترهيب, ونحن في سبيل ذلك نتحمل جزءا صيلا من المسئولية ولذلك يتعين علي القضاة الابتعاد عن المشاركة في أداء تلك النوعية من الاعمال حفاظا علي استقلال القضاة وعدم استخدامه كأداة تجاه العدالة.
عندما تحدث أزمة في القضاء تضيع المسئولية بين اطراف كثيرة ولدينا قضية التمويل الأجنبي كمثال صارخ؟
نحن بصدد انحراف وقع ولابد من تحديد المسئولية تجاه ما حدث واتصور ان المسئولية تجاه تلك الواقعة لن توزع دمها بين القبائل... المسئولية, هنا تنحصر بين رئيس محكمة استئناف القاهرة والدائرة التي استجابت لتحقيق الطلب بالتعامل مع القضية.
التعامل مع واقعة قضية التمويل الاجنبي يتجه نحو التصعيد من جانب بعض القضاة؟
هناك خطوات متسارعة من القضاة لوضع الأمور في نصابها الطبيعي لوضع حد لتلك الممارسات وايقاف المهازل التي يتعرض لها القضاة, وتعد الجمعية العمومية إحدي الادوات المهمة التي يصر علي تحقيقها قاعدة عريضة هناك إرادة لان يتصدي القضاة انفسهم للواقعه وعلاج تشوهات الدور الذي يقوم به رئيس محكمة استئناف القاهرة, لان هناك نصا في قانون السلطة القضائية, يقضي بمنح رئيس المحكمة بعض سلطات الجمعيه العمومية وهذا وضع أسيء استخدامه ولابد من تصحيح المسار.
أسلوب القضاة في التعامل مع تدخلات السلطة التنفيذية في أعمال القضاء يكشف عن انقسام بين أنديه القضاة؟
حذر المستشاران وجدي عبدالصمد ويحيي الرفاعي من الدور السلبي الذي يمكن ان تلعبه انديه الاقاليم وثبت من خلال الواقع صدق تصورهما. كونها تعمل الآن علي حدوث انشقاق.
أندية الاقاليم لابد لها ان تعود وتؤدي دورها وفق الهدف الذي انشئت من أجله, وتترك للنادي الأم تولي شئون وأمور القضاة علي النحو الذي يخدم حمايتهم ويصون وحدة الصف, وقد ضربت تلك الانديه في تعاملها مع أزمات القضاه مثالا صارخا في عدم اعتناق رؤية واضحة ومحددة. مما كان يزيد تفاقم الأوضاع.
نادي القضاه عندما يتعرض اعضاؤه لأزمة كان يأتي موقفه مواكبا للحدث؟
المتابع لموقف النادي من كل القضايا التي يتعرض لها القضاه يصاب بحيرة شديدة من أمره ولا يستطيع فهم حقيقة موقفه.. فغالبا مايأتي التعامل بصورة تكشف عن قصور شديد ورؤية غير واضحة المعالم ويترك الأمور تسير علي عواهنها.. حتي يتفاقم الوضع ويفلت زمام الموقف ويصعب السيطرة عليه... من المفترض ان يتصدي النادي لكل كبيرة وصغيرة بهدف واضح ويعمل علي جمع شمل القضاة... مانراه الآن يعكس وضعا مختلفا ويقيني يقودني الي موقفه الصارخ من قضية التمويل الاجنبي, وهذا يدفعني الي وضع علامة استفهام كبيرة... لماذا لم يكن حاسما قاطعا في ادارة الأزمة حفاظا علي استقلال القضاء.
هناك انتفاضة قوية لتحقيق اصلاح شامل للقضاء تتصور وجود مساع لاخمادها؟
يحاول القضاء الابتعاد عن كل مايحيط به ويدفعه صوب الغرق في تفاصيل المجتمع السياسية التي تخرجه من اطاره الذي يتعين عدم الابتعاد عنه, هناك قاعدة تحتاج الي ايمان من كافة مؤسسات الدولة وعلي رأسها مجلس الشعب بأن بناء المجتمع وانصلاح احواله لن يتحقق إلا علي أساس ترسيخ اقدام القضاء, والبعد به عن سلطان السلطة التنفيذية, التي تحاول عبر العصور افساده.... دون جدال هناك من يحاول إفساد تلك الاستقلالية التي بدأ الاتجاه إليها تتسع دائرته منذ عام1986 منذ مؤتمر العدالة الأول واذ لم نتخذ التدابير اللازمه فلن نستطيع بلوغ الغايات المنشودة وتحقيق الاصلاح الكامل للقضاء.
اتخاذ التدابير اللازمة لاصلاح القضاء يتم من جانب الحكومة أم هي مسئولية القضاة؟
استقامة أوضاع القضاء لن يكتب لها الحياه علي أرض الواقع الا اذا أمن القضاة أنفسهم بأهمية تحقيق ذلك الاتجاه علي نحو سريع... فالوقت الآن أراه الأفضل علي الإطلاق لبدء انطلاق الخطوات صوب الإصلاح ولن نجد المعارضة الواسعة في ذلك كما كنا من قبل نواجه تعنت النظام السياسي وتسلطه حفاظا علي مصالحه.. نحن الآن أمام اراده شعبية جارفه ستدعم تحقيق كامل الاستقلالية.
الخطوة الحقيقة لن تأتي إلا من خلال القضاة ولذلك لابد من توحد القضاة صوب تحقيق هدف الاستقلال والبعد عن الانشقاق,... لانه في تلك الحالة ستقف السلطة التنفيذيه وتسعي الي هدم المكتسبات وبقاء الاوضاع السائدة.
قانون السلطة القضائيه تراه البداية الحقيقية لاصلاح بيت العدالة؟
أتصور أن القانون تعديلاته المقترحه التي تغلق منابع الفساد وتتصدي لتوغل نفود السلطة التنفيذية... أتصور أنه طوق النجاه للحفاظ علي تحقيق العدالة التي ترضي طموح المجتمع وترسخ لدولة القانون... لن يستقيم وضع القضاء دون وجود قانون تحتوي مواده علي نصوص واضحة ومحددة تضع في اعتباراتها المصلحة الوطنية لقد كان كفاح القضاه طوال فترات ماضية من أجل تحقيق استقلال القضاء أمرا بالغ الصعوبة, ولم يكن يرضخ له النظام السياسي بسهولة وعندما استجاب علي استحياء لبعض المطالب استجاب بقدر محدود ولم يشأ للقانون الخروج علي نحو يلبي الطموحات, نحن نريد قانونا حقيقيا يضع الامور في نصابها الطبيعي وأتصور أنه بتحقيقه سيكتب للقضاء واقعا مغايرا ويتحقق الاصلاح.>>



المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق