الجمعة، 16 مارس 2012

في ذكري ميلاده السر الذي أخفاه عبدالوهاب عن أم كلثوم

هذا الأسبوع وبالتحديد يوم‏13 مارس‏1902 ولد موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب بحارة برجوان بحي باب الشعرية ورحل عنا في‏4‏ مايو‏1991‏ بعد حياة حافلة بالعطاء الفني الرائع والمتنوع‏,
عبد الوهاب و ام كلثوم
عبد الوهاب و ام كلثوم

شمل تلحين قصيدة الفصحي والعامية والأوبرتات والأغاني الوطنية والعاطفية وتغني بألحانه الشهيرة كل نجوم الغناء المصريين والعرب, هذا العطاء الذي نذكره له بهذه المناسبة ونتذكر معه أكثر ماكان يخشاه ويؤرقه طوال مسيرته الموسيقية الغنائية التي امتدت لأكثر من نصف قرن وهو خوفه من أن يفشل مشروعه في التلحين لسيدة الغناء العربي أم كلثوم بعد الحملة الإعلانية المكثفة التي قادها كبار الكتاب والأدباء والنقاد من أجل أن يلتقي بأم كلثوم ولو بلحن واحد في حياته والذي أطلق عليه جليل البنداري قبل أن يتم لقاء السحاب..
وبعد أن أخفي عليها عبدالوهاب سر أغنية( أنت عمري) والتي أجرت عليها بالفعل وفي سرية تامة51 بروفة في استديو مصريفون بالعتبة مع قائد فرقتها الموسيقية عازف القانون الأول محمد عبده صالح وخوفه أيضا من أن يتطوع أحد قرناء السوء من الذين لا يهمهم إتمام هذا اللقاء المنتظر ويهمس في أذنها ويخبرها بأن هذه الأغنية قديمة كتبها أحمد شفيق كامل ليغنيها عبدالوهاب بنفسه وأنه بالفعل انتهي من تلحينها وسجلها علي جهاز ريكوردر بآلة العود تمهيدا لإجراء البروفات عليها مع الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد وتسجيلها لمصلحة شركة صوت الفن التي كان يملكها مع شريكيه السينمائي المعروف وحيد فريد وعبدالحليم حافظ, ويخشي أيضا أن تكتشف أم كلثوم الأمر قبل أن يلتقي بها ويعرف منها شكل الأغنية التي تريدها وهل هي بالعامية أم الفصحي والمؤلف الذي ترشحه لكتابتها أو تترك له حرية اختياره ليدخل بها عبدالوهاب حلبة المنافسة مع موسيقارها المفضل رياض السنباطي, وهذا السر أيضا يعرفه شخص آخر فقط من المقربين جدا لعبد الوهاب ويهمه إتمام هذا المشروع وهو عازف الكمان الأول في فرقتها الموسيقية أحمد الحفناوي الذي كثيرا ماكان يقوم بدور حمامة السلام بينهما, ويقول لها كلما التقي بها فين ياست لقاء السحاب بتاع جليل, الناس بتسأل والجرايد بتكتب والدنيا مقلوبة وترد أم كلثوم البركة في صاحبك عبدالوهاب اتصل بيه واستعجله لأن الموسم قرب والمناسبة هتضيع. ويضيع معها لقاء السحاب ويسقط اسم عبدالوهاب من سجل كبار الملحنين المتعاملين مع أم كلثوم.
وفي غمرة اعتكاف شفيق كامل وإنهماكه كتب أربعة مذاهب اغنيات ولكنها لم تعجبه ولم يقتنع بها وكثيرا ماكان يمزق الورق ويدخل صومعته في محاولة أخري وذات مرة طلب أن يلتقي بعبد الوهاب في شقته المطلة علي الزمالك, ورحب عبدالوهاب باللقاء معتقدا أنه سيعرض عليه أفكار أغنيات أخري ولكنه بادر عبدالوهاب وقال له أنا عايز أسمع منك أنت عمري علي العود يمكن توحي لي بكتابة أغنية جديدة ورد عبدالوهاب مش وقته ياشفيق خلينا في المطلوب ورغم ذلك حقق له رغبته وأثناء تناول فنجان الشاي المعطر أمسك عبدالوهاب بالعود وراح يغني.
(رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا.. علموني أندم علي الماضي وجراحوا.. واللي شفته قبل ماتشوفك عينيه.. عمري ضايع يحسبوه أزاي عليه.. أنت عمري اللي ابتدي بنورك صاحبه).
وقفز شفيق من كرسيه وقال لعبدالوهاب الله الله ياأستاذ فيه أحلي من كده كلام ولا أجمل من كده لحن لأم كلثوم وسكت عبدالوهاب وفي قمة اندهاشه قال والله دي فكرة ياشفيق... بس دي أغنيتي أنا ورد شفيق دي أغنية أم كلثوم وأنا ح أكتبلك أغنية ثانية وننقذ الموقف وأقتنع عبدالوهاب بالفكرة, وفي اليوم التالي اتصلت به أم كلثوم وسألته ايه أخبار شفيق طمني ورد عليها كتب مذهب جميل جدا وأنا من كتر إعجابي بيه لحنته وقالت سمعني ياعبدالوهاب الله يرضيك وأعجبت بالمذهب وقالت رائع رائع خلي شفيق يكمل وانتهت المشكلة والتقي الثلاثة في فيلا أم كلثوم وتم تحديد موعد البروفات وتم التسجيل دون أن تعرف أم كلثوم أي شيء عن سر أنت عمري ورغم كل ذلك, فقد كانت أنت عمري الاغنية التي افتتحت بها أم كلثوم موسمها الغنائي عام1964 وفتح نجاحها المدوي الطريق أمام عبدالوهاب لتتغني بعشر أغنيات أخري من تلحينه, فاز منها أحمد شفيق وحده بثلاث منها فإلي جانب أنت عمري غنت له في الموسم التالي أمل حياتي.. ياحب غالي ماينتهيش.. ياأحلي غنوة سمعها قلبي ولاتتنسيش.. خد عمر كله بس النهاردة خليني أعيش ثم أغنية ليلة حب عام1972 وأما الأغنيات السبع الباقية فقد وزعتها أم كلثوم بالاتفاق مع عبدالوهاب علي سبعة شعراء بقصد التنوع بينهم في الأفكار الغنائية منها ثلاث لشعراء عرب هي أصبح عندي الآن بندقية لنزار قباني, غنتها أم كلثوم في لبنان ثم سجلها عبدالوهاب للاذاعة المصرية بصوته بنظام التراكات الذي ظهر حديثا وهو تسجيل الموسيقي أولا ثم تركيب الصوت وملء الفراغات في اللحن بآلات موسيقية إضافية لتغذيته وثرائه بعد رحيل أم كلثوم في فبراير1975وغدا ألقاك لشاعر السودان الهادي آدم, وهذه ليلتي لشاعر لبنان جورج جرداق وكانت الأغنيات الأربع الأخري للشعراء المصريين وهي أنت الحب لأحمد رامي ودارت الأيام لمأمون الشناوي, وأنا الشعب لكامل الشناوي وفكروني لعبدالوهاب محمد وهكذا عاش معنا موسيقار الأجيال رغم رحيله وستعيش إبداعاته الفنية الرائعة في ضمير الشعبين المصري والعربي إلي الأبد وتصبح الأكثر انتشارا وتوزيعا في كافة الأقطار العربية.









المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق