

الحلف باليمين الكاذب جريمة تنتظر القانون
لكن ما حدث في السنوات السابقة أن الذين اقسموا لم يكن كثير منهم صادقين أو مخلصين وكأنهم اقسموا علي رعاية مصالحهم الخاصة فقط علي طريقة فيلم معالي الوزير الذي كان بطله يتلو بلسانه القسم بينما يقسم بقلبه وعقله علي عكسه تماما!
كيف نحفظ لهذا القسم هيبته التي تقترب من التقديس؟ وكيف نكشف مدي صدق أو كذب من يقسم بهذا اليمين؟ والأهم من ذلك: كيف نحاسبه؟ هل القانون يعاقب الكاذب ـ اذا ثبت كذبه ـ أم أن الرادع هو الخوف من العقاب الإلهي في الدنيا والآخرة؟
أم أن المحاسبة الشعبية تستطيع منع كل من تسول له نفسه الحنث بيمينه؟
طرحنا هذه التساؤلات علي خبراء القانون وعلماء الدين والنفس.. فكانت هذه هي الاجابات:
يقول المستشار سامي مساعد هيبة بهيئة قضايا الدولة: إن المادة79من دستور1971تنص علي أنه: يؤدي الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الدستورية وأنه خلال الأعوام الماضية تابعنا جميعا رئيس الجمهورية السابق وهو يقسم اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب في بداية فترات رئاسته المتوالية وكان الوزراء عقب تكليفهم والمحافظون يقسون القسم نفسه.. مشيرا إلي أنه لا الدستور ولا أي تشريع آخر حدد عقوبة لمن يحنث في اليمين سواء رئيس الجمهورية أو الوزراء وحتي المحافظين ويضيف المستشار سامي هيبة أن القانون لا يوجد به جريمة تسمي الحنث باليمين.. إلا أن قانون العقوبات نظم جريمة الشهادة الزور حيث إنه إذا ثبت للمحكمة أن الشاهد أدلي بأقوال غير حقيقية عمدا تصل العقوبة إلي15عاما وإذا كان ذلك عقابا لمن أجرم في حق إنسان فمن باب أولي أن يخضع المسئولون للحساب أثناء ممارستهم للعمل العام وليس بعد تركهم للسلطة فقط قهرا لأن مصائر الملايين تتضرر من قرار مثل هؤلاء المسئولين.
مشيرا إلي أن الكونجرس الأمريكي اجتمع لمحاسبة الرئيس كلينتون ليس لعلاقته بالمندوبة مونيكا ولكن لأنه كذب علي شعبه.. ويطلب المستشار سامي هيبة ضرورة وضع نص في الدستور الجديد لمحاسبة أي مسئول يلزمه بقواعد القسم التي يصدقه فيه العامة من الشعب.
أما نور الهادي حسن نور ـ المحامي بالنقض ـ فيري أن المسئول الذي يقسم أمام شعبه ويتبين أنه كاذب ولم يؤد الأمانة فإنه يجب محاكمته شعبيا أمام المواطنين, أيضا أنه يجب من قانون مجتمعي ودستور لمحاسبة المسئولين الذين يخونون الأمانة وتوقيع عقوبة, واعتبار خيانة القسم من الجرائم الكبري لأن النظام السابق قام بتحريف جميع المجالات أمام المواطنين.
أما الدكتور زكريا عبدالعزيز أستاذ علم النفس بجامعة الاسكندرية فيري أن التنشئه الاجتماعية الخاطئة وأصحاب السوء تجعل الفرد يعتاد علي الخداع والكذب والنفاق وأن القيم الاجتماعية السليمة يكتسبها المسئول من المحيطين به ومن تنشئته في الأسرة.. وان افتقاد المسئول القدوة الحسنة تجعله ينحرف ناحية الفساد والرشوي والمحسوبية التي تأخذ طابع المصالح الشخصية.. ويطالب الدكتور زكريا عبدالعزيز بضرورة إجراء اختبارات نفسية للمسئول قبل توليه مسئولية المهمة التي يتم اختياره لها مثل الدول المتقدمة بإجراء اختبارات كشف الكذب, ووضع معايير لاختيار المسئولين منها الكفاءة وأن يتم تنفيذ ما يحتويه القسم.. وأن يكون هناك مبدأ لقبول الاستقالة وأن يوضع الرئيس والوزراء في مكانه, القدوة من خلال تحملهم المسئولية والأمانة والنموذج في الملبس وعدم الاسراف والبذخ في ركوب السيارات والسكن, وأن يحافظ علي الممتلكات العامة والأموال لتطبيق القسم الذي بدأ به حياته العملية كمسئول مهم للدولة.
ولأن القسم يبدأ بالحلف بالله العظيم.. فإن هناك عواقب في الآخرة تلحق بالكاذبين.. حيث يقول الداعية الشيخ وائل غنيم. امام مسجد الرضوان ـ إن الله تعالي يحذر الكاذبين بقوله ثم نبتهل فنجعل لعنت الله علي الكاذبين آل عمران61ويقول تعالي إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله النحل105ويقول سئل النبي صلي الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا؟ قال نعم قيل أيكون المؤمن بخيلا؟ قال نعم قيل أيكون المؤمن كذابا؟ قال لا ويشير الشيخ وائل غنيم إلي أن من يحلف بيمين كاذبا يلقي الله وهو غاضب عليه, حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من حلف علي يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عز وجل وهو عليه غاضب وأن ما من راع يسترعيه الله رعية فمات وهو غاش لهم إلا لم يرح ريح الجنة حديث صحيح.
أما من حلف يمين كاذب كما يقول الشيخ وائل غنيم فلابد أن يرد الأموال والمظالم وأن يتحمل كل ما عاناه الناس طوال فترة تحملهم للمسئولين, ويتساءل كم نفسا قتلت وماتت بإهمالهم في الصحة والأدوية وفساد الغذاء والماء والهواء والاهمال المروري والأمني, وكم شابا وفتاة وقعوا في الرذيلة وكم أسرة عاشت في العراء وكم طفلا حرم من التعليم والحياة السعيدة بسبب السياسات المنحرفة.. ويضيف لقد مات رسول الله صلي الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير.. وقال عمر بن الخطاب: لو أن دابة بأرض العراق عثرت لخفت أن يسألني الله عنها, لما لم تمهد لها الطريق ياعمر ويتساءل الداعية وائل غنيم أين أفراد النظام السابق من لقاء الله عندما يسألهم عن النقير والقطمير وهي أصغر الأشياء.
المصدر : الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق