الأحد، 12 يونيو 2011

يحيي الفخراني ‏:‏ أرفض تقديم عمل فني عن الثورة قبل اكتمالها



من لم يشاهد يحيي الفخراني علي خشبة المسرح لم يتعرف علي حجم موهبته الحقيقية‏..‏ وقدرته علي جذب أنظار ومسامع وقلوب المتفرجين في حالة إبداع حي تتكرر كل ليلة‏.‏ وعندما كانت مسارح القطاع الخاص تطفيء أنوارها قبل سنوات برغم استعانتها بالضحك والرقص وفنون السيرك أيضا كانت صالة المسرح القومي تمتليء عن آخرها كل ليلة لتقديم مسرحية تراجيدية باللغة العربية الفصحي هي الملك لير... نجح الفخراني إن ينقل عشقه للفن الجاد الي جمهوره ويجعل من النصوص الكلاسيكية لشكسبير ويوسف إدريس والفريد فرج عروضا جماهيرية تحقق أعلي الإيرادات!ما هو السر في الدكتور يحيي الفخراني؟ وكيف يري حال المسرح المصري الآن بعد قيام الثورة؟ وكيف يتطلع له؟ اسئلة كثيرة يجيب عنها نجمنا الكبير في هذا الحوار.بدأت علاقتي بالفن عن طريق المسرح مثل معظم الممثلين من جيلي. وعندما دخلت كلية الطب جامعة عين شمس وجدتهم يقدمون مسرحيات الريحاني وبديع خيري القديمة, فكونت فرقة ثانية تقدم المسرح العالمي وكانت السيدة نعيمة وصفي تدربني علي الإلقاء وتنصحني بقراءة القرآن الكريم كل ليلة بصوت مرتفع, وبالفعل اكتشفت تحسنا كبيرا في أداء اللغة العربية مع الوقت.. وأصبحت أذني تعتاد التشكيل الصحيح للغة دون معرفة القواعد النحوية.. وقدمت وأنا في السنة الثالثة بكلية الطب مسرحية الناس اللي في السما الثامنة لعلي سالم وأخرجها سمير العصفوري بطولة الأستاذ حمدي غيث, وبعد تخرجي عاودت الاتصال بالسيدة نعيمة وصفي ورشحتني وأنا في سن الخامسة والعشرين لدور رجل مسن في الستين في مسرحية لكل حقيقته تأليف لويدجي برانديللو وبطولة كرم مطاوع.. ثم قدمت حلقة تليفزيونية من حلقات وجه الحب الآخر تأليف ميخائيل رومان ـ واستمر عملي بالفن الي الآن.. وفي رأيي أن الممثل لا يمكن أن يكون موظفا, ومن يختار هذه المهنة عليه أن يضحي بفكرة الاستقرار, لقد ظللت فترة طويلة جدا لا أشعر بالاستقرار وتركت الطب واخترت التمثيل وأنا متأكد أن الطب أجدي ماديا ـ وإلي فترة قريبة حتي عندما كنت أحصل علي أعلي أجر كنت أنفق كل ما أحصل عليه ويكفيني بالعافية.. لأنني لم أكن أقدم إلا عملا واحدا في السنة.. ولم تتحسن الأحوال إلا بعد انتشار الفضائيات وارتفاع الأجور بشكل كبير بحكم منطق العرض والطلب.. عن نفسي لا أحب مشاهدة المسرح في التليفزيون ـ فالمسرح لحم ودم وحالة فنية لا يمكن نقلها بوسيط فني آخر ـ صحيح أن تصوير الأعمال المسرحية قد يبقي عليها في أرشيف لكنه يفقدها الكثير.. أكثر شيء أزعجني عندما قال لي الدكتور يوسف إدريس قاصدا الإطراء انت الفنان الذي يمثل المثقفين, كان هذا الرأي بالنسبة لي يعني أنني لست فنانا فلا يوجد فن لا يتجاوب مع الجماهير العريضة, ودفعتني كلمة الدكتور يوسف إدريس الي قبول تقديم الفوازير وبعدها مثلت مسرحية البهلوان علي المسرح القومي وكانت تعرض لصحفي متلون يكذب طوال النهار ثم يرقص علي الحبل في الليل ويصبح بهلوانا ليتوازن نفسيا ـ هي فكرة غريبة وأثيرت شائعات أيامها علي بعض الصحفيين أنهم المقصودون بلقب البهلوان ـ ولكنني أري أن البهلوان ينطبق هذه الأيام اكثر مع وجود العديد من المتلونين الذين لا يثبتون علي رأي أو قناعة.. وفي رأيي أن الفساد ليس فساد حكومة بقدر ما هو فساد مجتمع.. والصحافة والاعلام جزء مؤثر في هذا المجتمع... ومن بعد البهلوان قدمت غراميات عطوة أبو مطوة لألفريد فرج والطيب والشرير لميخائيل رومان وكانت عرضا موسيقيا أخرجه احمد عبدالحليم الذي أخرج أيضا الملك لير. وهناك أيضا سعدون المجنون التي تحكي تجربة رجل ناصري لم يصدق موت عبدالناصر ولم يصدق حدوث النكسة وتوقف ذهنه في مرحلة آخر خطاب قبل الهزيمة وعندما تأكد أن عبدالناصر مات فعلا أصيب بالجنون ـ ورغم أن المسرحية كانت من انتاج قطاع خاص إلا أن بعض الجماهير من الناصريين كانت تحدث لهم تشنجات في الصالة ويبكون بشدة توحدا مع شخصية سعدون.. وحكاية الملك لير أن الدكتورة هدي وصفي عرضت علي إعادة مسرحية حلاق بغداد لألفريد فرج فقلت لها لا أحد سيكون مثل عبدالمنعم ابراهيم في أداء هذه الشخصية.. واخترت مسرحية الملك لير..وأذكر الدكتور يحيي بمسرحيته راقصة قطاع عام فيبتسم قائلا أعجبتني الفكرة جدا والفكرة في هذا العرض هي بطلة المسرحية, كان يوسف عوف جالسا في كافيتريا وسمع الجالسين في المائدة المجاورة له يتحدثون عن مناقصة لتوريد راقصة في فندق من فنادق القطاع العام ـ وضحك من بيروقراطية التفكير ثم تحولت الفكرة الي عرض مسرحي وكان المفروض أن يؤديه الفنان حسن عابدين باعتبار أن رب الأسرة نفسه هو الذي سيتحول إلي العمل مع الراقصة.. ولكن حسن عابدين رحمه الله كان قد اعتزل التمثيل فأجروا تغييرا بالنص وتحولت شخصية الأب الي الأخ الأكبر لتتناسب مع سني وقتها.. ورغم نجاح المسرحية أتصور أن التغيير لم يكن لصالح الدراما ـ ففقدان الثقة والقدوة في شخصية الأب كان هو الأوقع والأفضل دراميا.. وعن أفضل مديري البيوت الفنية يقول الدكتور يحيي الفخراني أعجبني أداء السيد راضي كرئيس للبيت الفني ـ كان يحل المشاكل بنفسه علي الطبيعة وذات ليلة في الاسكندرية كانت أجهزة الصوت لا تصلح واعتذرت عن عدم استكمال العرض وفوجئت به يسهر بنفسه مع العمال حتي أصلح كل شيء وقال بهدوء جرب غدا في وقت الظهر فإذا لم يعجبك الصوت فلا تعرض المسرحية ـ وفي تصوري مشكلة الإدارة عموما في مصر ان كل مدير يريد إلغاء خطوات من سبقه وهذا خطأ كبير ومشكلة المديرين الآن بعد الثورة أن أيديهم مرتعشة ويترددون في اتخاذ أي قرار خوفا من المساءلة.. وعن قيامه بأعمال فنية تجسد ثورة25 يناير يقول الدكتور يحيي أي كاتب يقول لي عندي موضوع عن25 يناير أتأكد أن الورق غير ناضج فالتجربة لم تكتمل بعد واي خيال لن يطاول ما نقرؤه في الجرائد من أحداث متلاحقة التجارب الفنية الصادقة تحتاج إلي وقت حتي يكتب لها النجاح








المصدر : الاهرام







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق