قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن سياسة مصر الخارجية ستؤثر على مستقبلها الاقتصادى، موضحة فى مقال كتبه فاروق سوسة، محلل الشئون الاقتصادية للشرق الأوسط فى مجموعة سيتى جروب، أن الدعم المالى الغربى للديمقراطية الوليدة فى مصر لا يزال حتى الآن مؤقتاً।وتشير الصحيفة إلى أن المساعدات الاقتصادية التى تعهد بها الرئيس الأمريكى باراك أوباما لمصر بقيمة مليارى دولار ستكون فى شكل ضمانات قروض، تم منح مثيلاتها للنظام السابق، وإعفاء من الديون، ووعد بمزيد من الإقراض للقطاع الخاص من خلال الاستثمار الخاص الخارجى। ومن ثم، فإنه لا توجد ضمانات أو إقراض مباشر من شأنه أن يساعد فى حشد الموارد المالية الضعيفة فى مصر الآن.وقالت الصحيفة إن قمة الثمانى الأخيرة التى انعقدت فى دوفيل بفرنسا لم تتعهد بتقديم أى أموال لمصر، لكنها وعدت بدلا من ذلك بشراكة سيتم من خلالها إتاحة 20 مليار دولار من الأموال من أطراف متعددة على مدار السنوات الثلاث القادمة لدعم "جهود الإصلاح المناسبة"، وصحيح أن صندوق النقد الدولى سيقدم لمصر 3 مليارات دولار، لكنها ستكون للعام المقبل فقط.وتحتاج مصر، حسب الصحيفة، إلى 12 مليار دولار لسد العجز فى الحساب الجارى خلال هذا العام، و23 مليار أخرى لسد عجز الميزانية، وذلك فقط لتلبية الاحتياجات المطلوبة منها، كما أن هناك الكثير لرفع البلاد من الأزمة التى تعصف بها والمساعدة فى تلبية التطلعات الاقتصادية للمصريين.وأرجعت الصحيفة السبب وراء ذلك جزئياً إلى خفض ميزانيات المساعدات الخارجية فى الدول الصناعية، فى الوقت الذى تقوم فيه بإجراءات تقشف مالى على الصعيد الداخلى॥ لكن الرفض ربما يعكس أيضا شكوك الغرب فى شكل الحكومة التى ستفرزها ثورة مصر.وترى "فاينانشيال تايمز" أن ربط مستقبل الدعم المالى لمصر بالوصول إلى مجتمع حر وديمقراطى ومتسامح هو بمثابة إعلان نوايا، وكأن الغرب يقول "أثبتوا لنا أنكم لن تعضوا أيدينا وسوف نغذيكم".وهذا التردد له ما يبرره من المنظور الغربى، ففى وقت لاحق من العام الجارى سيختار الشعب المصرى حكومة تعكس بشكل وثيق آراءه السياسية، لكن بغض النظر عن تشكيل الحكومة الجديدة، فإنها ستتعرض لضغوط هائلة لتصحيح أخطاء عهد مبارك.وهذا يعنى من الناحية الاقتصادية تأكيد أكبر على العدالة الاجتماعية، والتراجع عن إصلاحات السوق التى قامت بها حكومة أحمد نظيف॥ أما من الناحية السياسية، فهو يعنى المزيد من التعددية فى الداخل، وكذلك مزيد من الاستقلال فى السياسة الخارجية، وهذه هى النقطة التى تمثل مكمن المخاوف الغربية.وقالت الصحيفة إنه منذ الإطاحة بمبارك فى فبراير الماضى، أصبح التوجه السياسى المصرى أقل انحيازاً للمصالح الأمريكية والغربية، فهناك محاولات لإعادة التقارب مع إيران، وجمود فى العلاقات مع إسرائيل فى ظل فتح معبر رفح من جديد والمشكلات التى تتعلق بتصدير الغاز المصرى.. كما أن الإخوان المسلمين وبعض مرشحى الرئاسة دعوا إلى مراجعة معاهدة كامب ديفيد. وهذا يعنى أن مصر الديمقراطية ستكون على خلاف مع السياسة الخارجية الغربية، وبالتالى سيكون من المستبعد أن يكون الغرب والأطراف العديدة التى يسيطر عليها رغبة فى مساعدة بلد يتجه نحو مزيد من العداء تجاههم.وتضع الصحيفة بدائل لمصر عن التمويل الغربى، كالاقتراض من البنوك المحلية، وإن كان هذا الأمر سيحول الأعباء على القطاع المصرفى، ويحد من النمو الاقتصادى، كما أن دول الخليج الغنية كالسعودية وقطر تعهدتا بتقديم 14 مليار دولار للمساعدة، وذلك لاهتمامها بالحفاظ على الاستقرار الاقتصادى والحد من نفوذ إيران الإقليمى.
اليوم السابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق