الجمعة، 6 أغسطس 2010
الكتب الخارجية المدرسية .. رهن الاحتجاز !
فجأة.. ودون أية مقدمات, استيقظ قانون الملكية الفكرية بقرار من الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم, للمطالبة بحقه في الكتاب المدرسي الخارجي, ليس فقط برسوم مناسبة, ومنطقية
يمكن أن يوافق عليها أطراف الأزمة وهم الناشرون, ولكن بتقديرات لايستطيع أحد أن يتصورها!, وبعد أن كانت الوزارة تحصل علي رسوم تتراوح بين ألف جنيه, وثلاثة آلاف علي أقصي تقدير, للموافقة علي منح الترخيص بالنشر والطبع, ارتفعت الرسوم إلي مايزيد علي المليون جنيه!والمؤكد, أنكم سوف تتعجبون من رسوم التراخيص التي فجرت الأزمة بين الناشرين, ووزارة التربية والتعليم ـ والتي حصلت تحقيقات الأهرام علي نسخة منها: فمن يصدق أن الرسوم المطلوبة لكتاب المثالي لمراجعة الكيمياء للصف الأول الثانوي تقدرها الوزارة بنحو450 ألف جنيه, بينما تصل رسوم كتاب علم النفس والاجتماع إلي900 ألف جنيه, ومثلها لكتاب مراجعة علم النفس والاجتماع, واللغة العربية للصف الثاني الثانوي, مقابل450 ألف جنيه للفيزياء, ومثلها للمراجعة بنفس المادة, وقفزت الرسوم المقررة لكتاب المثالي في مادة اللغة العربية للصف الأول الثانوي الي900 ألف جنيه, ومليون و350 ألف جنيه لكتابLAMI للغة الفرنسية للصف الثاني الثانوي, أما الرسوم المقررة لكتاب المراجعة لنفس المادة فتقدر بنحو900 ألف جنيه, وتصل رسوم الترخيص لكتاب الرسالة الخاص باللغة العربية للصف الثاني الثانوي بنحو مليون و350 ألف جنيه, بينما تقدر رسوم الترخيص لكتابTHEBEST في الصف الأول الثانوي بنحو900 ألف جنيه, مقابل450 ألف جنيه لنفس الكتاب في الصف الثاني الثانوي( مراجعة وشرح), تزيد إلي مليون و350 ألف جنيه للكتاب نفسه المقرر المخصص الثاني الثانوي, وتقدر الرسوم المقررة علي كتاب الرسالة في اللغة العربية للصف الثالث الثانوي( شرح ومراجعة) مليونين و225 ألف جنيه!وبهذه الطريقة, قررت وزارة التربية والتعليم زيادة رسوم تراخيص الطبع, والنشر وزيادة الرسوم لتتجاوز ملايين الجنيهات في بعض المواد, أما ماحدث لرسوم الترخيص للكتب الخارجية في المرحلة الإعدادية, فحدث ولاحرج, فالرسوم المقررة علي كتاب الرسالة المتخصص في اللغة العربية للصفين الأول والثاني الإعدادي تقدر بنحو800 ألف جنيه, ونفس المبلغ لكتابTHEBEST للصف الأول, والثاني, والثالث الإعدادي, أما رسوم الترخيص لكتاب المثالي للغة العربية للصفين الأول, والثاني الإعدادي تقدر بنحو800 ألف جنيه, ونفس المبلغ لكتاب النفيس للعلوم للصفين الثاني والثالث الإعدادي, أما رسوم كتابD,ACCORD المتخصص في اللغة الفرنسية للفصل الأول من الصف الأول الإعدادي فتقدرها الوزارة بنحو400 ألف جنيه!!الكتب في انتظار الفرجرسوم التراخيص الجديدة تمثل كارثة علي دور النشر, وسوف تسبب أزمة لأولياء الأمور الذي لاغني لأبنائهم عن الكتاب المدرسي الخارجي, وهذه الرسوم ـ كما يقول أمير السحار أحد ملاك دار مصر للطباعة ـ لاتتفق مع العقل والمنطق, ففي السابق كنا نطبع الكتب فور وصولها الي الدار, ثم نقوم بتوزيعها, وقبل6 سنوات تقرر تحصيل رسوم لفحص الكتب, والترخيص بطبعها ونشرها, وكانت هذه الرسوم لاتتجاوز600 جنيه, ثم قررت الوزارة زيادتها إلي ألف جنيه, ثم زادت ألف جنيه أخري خلال فترة قصيرة, حتي فوجئنا بالقرار الغريب, الذي ارتفع بقيمة الرسوم من ألفي جنيه, أو مايزيد قليلا علي400 ألف و800 ألف في بعض المواد, وقفزت الرسوم المقررة علي كتب اللغات إلي مليون و350 ألف جنيه!القرار الأزمة كما يصفه السحار, له انعكاسات خطيرة, فقد استدانت دور النشر من اجل الوفاء بالتزاماتها في طباعة الكتب لتكون جاهزة قبل بدء العام الدراسي الجديد, وبموجب قرار زيادة رسوم التراخيص تكدست الكتب في المخازن, في انتظار تدخل الوزير, لإعادة النظر في هذه الرسوم المجحفة, والتي لايقدر الناشرون عليها, وسوف يكون الإعدام هو المصير المحتوم لهذه الكتب, إذا لم تتفهم الوزارة وجهة نظرنا!ويبدو أن وزير التعليم يتصور أننا نربح ملايين الجنيهات من طباعة ونشر الكتب الخارجية, في حين لا تتجاوز أرباحنا10%, كما أن أسعار الورق, والخامات اللازمة للطباعة تزيد باستمرار, فضلا عن المرتجعات التي تردها إلينا المكتبات, والموزعون بالقاهرة والمحافظات المختلفة, والتي يكون مصيرها الإعدام, ويبدو أن دور النشر سوف تغلق أبوابها, إذا لم تحل هذه الأزمة, فالوزارة تطالبنا بسداد23 مليون جنيه, مقابل منحنا الترخيص, بينما تطالب المؤسسة العربية الحديثة بسداد36 مليون جنيه.. وهو أمر لا أحد من دور النشر في مصر ـ حتي الكبري منها ـ يقدر عليه!!قرار غير مدروسفي بداية شارع الفجالة تقع مكتبة مصر, هناك وجدنا الناس يتندرون علي قرار الرسوم التعجيزية, الذي يضع الكتب المدرسية الخارجية ـ بعد الانتهاء من طباعتها ـ رهن الاحتجاز في المخازن حتي إشعار آخر, والتقينا الدكتور محمد صلاح الدين, لنسأله عن قرار زيادة رسوم التراخيص, قال لنا, إن القرار لم تتم دراسته بالشكل الكافي, لأنه يضر بصناعة الطباعة من ناحية, كما يضر بأولياء الأمور, فرسوم التراخيص لم تتصاعد إلي الضعف, أو الضعفين, أو حتي عشرة أضعاف, وإنما زادت بمعدل مئات الأضعاف, وبعد أن كانت الرسوم تقدر بآلاف الجنيهات, صارت تقترب من المليون, ونصف المليون جنيه في بعض المواد, وهو أمر يدعونا للدهشة, والأسي في آن واحد!سلبيات كثيرةوالقرار ـ كما يقول مدير مكتبة مصر ـ سوف يفتح الباب أمام الدروس الخصوصية التي سوف تكون ارخص كثيرا من شراء الكتب المدرسية الخارجية في حالة تنفيذه, كما يشجع علي انتشار المذكرات الخارجية التي تطبع, وتباع دون علم الوزارة, كما أن سيؤدي إلي تصوير الكتب الخارجية في المكتبات, مما يحرم الوزارة من رسوم الترخيص التي تقوم بتحصيلها من الناشرين, ويحرم دور النشر من العمل, فتتقلص استثماراتها, وتتراجع في الوقت نفسه صناعة النشر, وسوف تنضم عمالة المطابع, ودور النشر إلي طابور العاطلين!{ سألته: كيف ستواجهون هذه المشكلة؟ـ يجيب: لقد اتفقنا فيما بيننا كناشرين علي تشكيل وفد من خمسة ناشرين يمثلوننا, لطلب مقابلة وزير التربية والتعليم, لشرح وجهة نظرنا, وتوضيح أبعاد الأزمة, وتداعياتها.. وإذا لم نصل إلي حل, فلن يكون أمامنا إلا اللجوء للقضاء.وإذا كان الناشرن يظنون أن قطاع الكتب بالوزارة هو المسئول عن تحديد هذه الرسوم, فإن السيدة يمن عبد الرزاق بدر رئيسة الإدارة المركزية لشئون الكتب, تشير إلي أن مهمة الإدارة تقتصر في هذا الشأن علي تسلم الكتب الخارجية من الناشرين, وتحصيل الرسوم التي نص عليها القرار الوزاري رقم60 لسنة2010, ثم يتم إرسال هذه الكتب إلي اللجنة الدائمة, والتي تقر إجازة الكتاب من عدمه, أو توصي بإدخال تعديلات علي محتواه, أو شكله, وتتولي اللجنة ذاتها تقدير الرسوم المستحقة عن كل كتاب, ثم تخطرنا اللجنة بعد ذلك, بما توصلت إليه, لإبلاغ قرارها, وتقديراتها المالية للناشرين.الملكية الفكرية صنعت الأزمة!أما تحصيل رسوم تراخيص الطبع والنشر فقد مر بعدة مراحل, وفي البداية كان التحصيل يتم وفقا للقرار الوزاري رقم19 لسنة2003, والذي يمنح الوزارة الحق في الحصول علي600 جنيه للمادة, و900جنيه لأكثر من مادة لكي تسمح بطباعة الكتب الخارجية, ثم تم تغيير القرار, بقرار جديد برقم52 لسنة2010, ويقضي بأن يدفع طالب الترخيص ألف جنيه عن كل مادة, ثم تعرض الكتب علي اللجنة المختصة, كما جاء في المادة الرابعة من القرار, أن تكون مدة الترخيص بالطبع والنشر سنة واحدة, ويجوز تجديد الترخيص لمدة أو مدد أخري, علي أن يلتزم طالب الترخيص لأول مرة, أو عند تقديم الطلب بأداء المقابل المادي الذي تحدده اللجنة الدائمة للكتب والمطبوعات والوسائل لتعليمية, ويعتمد من وزير التربية والتعليم في مقابل انتفاعه بالمادة العلمية التي تحويها كتب الوزارة, فيما يؤلفه من كتب خارجية مشتقة منها, ولا يسلم الترخيص إلا بعد أداء هذا المقابل, وترفع توصيات اللجنة إلي وزير التربية والتعليم لاعتمادها, ويصدر الترخيص بنشر وطبع الكتاب, علي أن يكون المنهج متوافقا مع المنهج الوطني, ألا يكون فيه انتهاك لحقوق الملكية الفكرية.. ثم تلاه القرار الوزاري رقم60 لسنة2010, والذي ينص في مادته الأولي علي تحديد النفقات المترتبة علي فحص الكتاب المدرسي الخارجي, والتي يلتزم طالب الترخيص بسدادها عند تقديم الطلب بمبلغ ألف جنيه عن كل مادة علمية, وإذا أراد طالب الترخيص التظلم من قرار اللجنة فعليه أن يدفع ألف جنيه أخري.قصور في كتاب الوزارة{ والسؤال الآن: كيف يري خبراء المناهج كتب الوزارة؟ وهل يمكن أن يستغني طلاب المدارس عن الكتب الخارجية؟الكتب الخارجية ـ كما يقول الدكتور مصطفي عبد السميع أستاذ المناهج بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة, والمدير السابق لمشروع تحسين التعليم الثانوي ـ تتميز عن كتب الوزارة أنها تسوق الطالب مباشرة إلي أسئلة الامتحانات, وتقدم نماذج مختلفة لهذه الأسئلة, بحيث يستطيع معها المعلم المحترف أن يتبين موضوعات الأسئلة قبل الامتحانات.. والقضية ـ في رأيي ـ ليست قضية الطالب الذي يلجأ إلي الكتاب الخارجي, ولكنها قضية المعلم الذي يعتقد في أهمية هذه الكتب, وقضية ولي الأمر الذي يحاول الحصول لابنه علي مجموع أكبر حتي لو كان مستواه متدنيا!أما كتب الوزارة, فهي لا توجه الطالب إلي شكل الامتحان, أو صورة الأسئلة, وهما هدفان يسعي إلي تحقيقهما الطالب, وولي الأمر علي حد سواء, ولو أن هناك كتبا مدرسية جيدة المواصفات, ومن حيث المستوي العلمي, وطريقة العرض, ونماذج الأسئلة, لما اتجه الطلاب والمعلمون وأولياء الأمور للكتب الخارجية, لكي يعوضوا القصور في كتب الوزارة.التحسين مطلوبوإذا كانت هذه هي رؤية الدكتور مصطفي عبد السميع للقضية, فالدكتور محمد المفتي أستاذ المناهج بكلية التربية ـ جامعة عين شمس ـ يري أن الكتاب المدرسي بصورته الحالية جيد, لكنه يحتاج بعض التحسينيات البسيطة, في التطبيقات, والتدريبات, والأسئلة المتنوعة, كما يحتاج إلي بعض الأمثلة, والشروح, بينما تتوافر هذه المقومات في الكتب الخارجية, وهذا ما يفسر الإقبال الكبير علي شرائها, خاصة أن الطالب يحتاج إلي مجموعة من نماذج الأسئلة, والتدريبات, حتي يجتاز الاختبارات.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق