الخميس، 5 أغسطس 2010

الهرولة للترشح للرئاسة

المصدر : الاهرام - جمال الكشكي
مشهد عبثي يعيشه الشارع السياسي هذه الأيام بين جبهات ائتلافية جعلت نفسها متحدثة باسم الوطن دون الانطلاق من شرعية‏,‏ وراهن كل منها علي جمع التوقيعات لمناصرة مرشحي الرئاسة‏
ودخل كل طرف في حرب لجمع أكبر قدر ممكن من التوقيعات‏,‏ والدخول في معارك عبر المواقع الالكترونية في مشهد يعكس حالة استخفاف لا تليق بحجم وأهمية الانتخابات الرئاسية في مرحلة مثل التي نعيشها الآن‏.‏لكن وسط هذه الأجواء‏..‏ لماذا نسمح للعبث الدائر الآن حول التعامل مع الانتخابات الرئاسية؟‏!‏ ألم يحكمنا قانون ودستور؟‏!‏ وهل صارت المعركة لمصلحة الوطن أو صراعا بين أشخاص؟‏!‏وهو جمع التوقيعات هو بواب الإصلاح؟‏!‏ وماذا نريد من مرشح الرئيس؟علامات استفهام عديدة تطرح نفسها هذه الأيام لكن دعنا نقل ان الإصلاح لا يتم استيراده من الخارجالعبور إلي شاطيء التغيير لا يأتي عبر انفاق عشوائية‏..‏ والدخول في منافسة سياسية يحتاج إلي إمكانات تعكس مصداقية أصحابها‏.‏التنافس علي منصب الرئيس‏..‏ مسئولية لا تعترف بمساحيق وديكورات سياسية‏..‏المهرولون إلي المقعد رقم‏(1)‏ عليهم اقناع الأمة بأجندات وطنية يقبلها المنطق‏..‏ بعيدا عن كلام المنتديات ومنصات الحناجر‏.‏المشهد الحالي للتعامل مع ملف انتخابات الرئاسة يشبه الذين درسوا الرياضيات وأخطأوا في الحساب‏.‏مرحبا بالإصلاح إذا استند إلي ثوابت منطقية قائمة علي أرض الواقع‏,‏ ولكن إذا تحول المشهد إلي مزاد علني للتنافس علي منصب الرئيس فهذا أمر يستحق التوقف‏,‏ وإذ صار المزاد يحظي بهذا الحجم من الاستخفاف فذلك عبث لتاريخ وطن ومستقبل أمة‏.‏نحن نحترم فكرة الترشيح وندعم سيادة الحرية في المشاركة‏,‏ لكن علينا الا نحول خوض الانتخابات الرئاسية إلي أخطار فجائية لدي أصحابها في ظل حالة سيولة مجتمعية يبادر فيها الهواة بين عشية وضحاها لطرح أنفسهم في بؤرة الضوء من خلال هذه الانتخابات‏.‏المثير في الأمر أن فكرة الرئيس تداعب الخيال ـ دونما الانظر للتأهل ـ بدءا من الترشيح لرئاسة اتحاد الطلبة‏,‏ مرورا بالبرلمان ورئاسة الأحزاب وحتي الوصول إلي منصب الرئيس‏.‏ ربما نختلف أو نتفق حول مرشح لأحد النماذج السابقة وربما تكون مقبولة أما وأن الأمر يصل إلي حد الهوس غير المنطقي لشخص لا يعرف كيف يتولي مسئولية مركز شباب في قرية نائية فعلينا أن نتوقف وبجد ـ عن اعتلاء منصات الفرقعة الإعلامية وهوس النجومية‏.‏وسائل الإعلام طالعتنا الأيام الماضي بأسماء تعلن عن ترشيح نفسها لمنصب الرئيس‏,‏ منها علي سبيل المثال‏:‏مؤلف كتب اشتهر عنه تأليف كتاب مع كل فنجان قهوة‏,‏ وآخر محام لا يغادر جلسات مهاويس مقاهي وسط البلد‏,‏ وثالث رئيس لحزب سري ربما لا يعرف أبناؤه أنه يعمل بالسياسة ورابع‏..‏ وخامس يتعامل مع الوطن معاملة سياحية‏.‏وعندما يدفعك الفضول للاستماع إلي أفكار هؤلاء من قبيل العبث فلا تجد سوي أنها عرض لمرض نفسي تشفق عليهم وتكتشف أنهم لا يرقون لمرتبة‏:‏شبيحة سياسةهل البحث عن التغير يأتي بهذه الفوضي؟‏!‏ وعندما يقول آخرون إن الترشيح فرصة لكل مواطن‏,‏ ويزيد تجار الحرية من الشعر بيتا مؤكدين‏:‏ ذلك موجود في كل دول العالم؟‏!‏ فنتساءل‏:‏أي دولة هذه وأي شعب هذا الذي يسمح لنفسه بأن يكون لقمة سائغة يلوك بها كل من ترد في خاطرة الفكرة؟‏!‏منصب رئيس مصر‏..‏ منصب رفيع فهو القائد الأعلي للقوات المسلحة‏,‏ وهو رئيس المجلس الأعلي للقضاء‏,‏ وهو رئيس السلطة التنفيذية‏,‏ وهو الحكم بين السلطات‏,‏ وهو متخذ قرار الحرب وقرار السلام‏,‏ والمصدق علي أحكام الإعدام‏,‏ لذلك فانه ـ حسب رؤية الدكتور مصطفي الفقي عضو مجلس الشوري ـ له مواصفات فريدة قد لا تتاح في معظم الناس‏,‏ وتحتاج إلي خبرات معينة وتجارب واسعة‏,‏ وفي بلد مثل مصر فإن هيبة الرئيس كبيرة ومكانته ضخمة‏,‏ وقد كان دائما منذ بداية النظام الجمهوري شخصية تاريخية لها اسهام واضح في تاريخ الوطن ودور مرموق في العمل العام‏.‏من هذا المنطلق فإننا لا نتصور أن يكون هناك أوكازيون رئاسة وليس معني هذا أننا نصادر علي حق أي مواطن‏,‏ ولكننا نطالب بأن نأخذ الأمور بجدية أكثر وموضوعية أشد لأن مصر بلد كبير له انتماءاته العربية والأفريقية‏,‏ والإسلامية والشرق أوسطية والبحر متوسطية‏,‏ كما أنه بلد يحمل تراثا ضخما وركاما ثقيلا من تراث التاريخ والحضارة‏,‏ ولذلك فان رئيس مصر يجب أن يتناسب مع هذا المستوي لبلد النيل والأهرامات مع فهم واضح للمتغيرات الدولية‏,‏ وإلمانيا بالأوضاع الاقليمية وقدرة علي إدارة السياسة الخارجية فضلا عن احترام لمبدأ المواطنة وسياسة العدل الاجتماعي وانحياز للطبقات الكادحة في بلد يمثل فيه الفقراء نسبة كبيرة من السكان‏.‏حق مشروعمؤلف أمريكي لكتاب بعنوان‏:‏ دراسة لأهم منصب في الكرة الأرضية شرح أهمية وهيبة المنصب وقاتل من أجل شرح فكرة الحرية في خوض التجربة استوقف هذا المؤلف اهتمامات الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وزير الإعلام الأسبق ليتوقف هو الآخر معنا فيشرح‏:‏ هناك اعتبارات كثيرة لخوض انتخابات الرئاسة منها اعتبارات قانونية‏,‏ واخري سياسية‏,‏ أما الاعتبارات القانونية فيجب الالتزام بها والارتكاز لقواعدها ولذلك فيجب فتح الباب لكل من تنطبق عليه الشروط والقوانين أما الاعتبارات السياسية فهي عديدة من بينها أن تكون هناك أحزاب سياسية حقيقية وليست ورقية تقدم مرشحين حقيقيين قادرين علي التنافس‏,‏ لاسيما أن هذا المنصب تتعلق بأصحابه مسئوليات ضخمة ويحاط بقدر عال من الاحترام لكن إذا قللنا من أهمية التعامل مع هيبة هذا المنصب تتعلق بأصحابه مسئوليات ضخمة ويحاط بقدر عال من الاحترام لكن إذا قللنا من أهمية التعامل مع هيبة هذا المنصب فهذا لا يجدي خاصة أننا علينا أن ندرك أن المنصب يتعلق بمصير أمة وليس شخصا‏.‏ضجة وفرقعةالإعلام يسهم بشكل كبير في ظاهرة الاستخفاف بالترشيح لمنصب الرئيس فقد صار الإعلام‏,‏ خاصة الفضائي مغريا لعناصر من الطبقة السياسية وخاصة من أطرافها وذيولها أن تسعي إلي احداث ضجة وفرقعة إعلامية حول نفسها‏..‏ هذه رؤية الكاتب الصحفي صلاح عيسي الذي يطالب وسائل الإعلام بأن تتمهل وتدقق في من تنطبق عليهم الشروط للترشيح ثم تبدأ في تقديمه للشعب‏,‏ وأن يأخذ الإعلام ذلك مأخذ الجدية ولم يغفل الاشارة إلي أن بعض المرشحين تنطبق عليهم الشروط لكنهم غير مؤهلين فقط يدخلون للفوز بالدعم المالي الذي كفله القانون للانفاق علي الدعاية‏,‏ لكن في النهاية علينا أن نكف عن التهريج باسم الترشيح لانتخابات الرئسة حتي لا نفقد فكرة الجدية في الانتخابات الرئاسية‏!‏لم يأت بجديدحاولت البحث عن وجهة نظر مغايرة للطرح السابق فاستوقفتني رؤية الناشط الحقوقي نجاد البرعي فهو يتحدث حول واقعة محددة إذ يلوم الحركة الوطنية علي أنها توقع علي بياض لترشيح شخص مثل الدكتور محمد البرادعي وصفه بأنه عالم كبير كل مواهبه أنه يتحدث لغتين غير أنه في رأي البرعي لم يقدم جديدا‏,‏ مؤكدا أنه من غير المقبول أن يأتي أحد من الخارج ويريد احداث تغيير في مجتمع لم يعش فيه‏,‏ هذا فضلا حسب تأكيد القانوني نجاد البرعي فإن الشروط القانونية لا تنطبق علي د‏.‏البرادعي‏,‏ وهذا يعني أن هناك نظرة استخفاف تجاه هذا البلد‏,‏ كما أن الذين يدفعون بالدكتور البرادعي من قوي المعارضة يكشفون أنهم يشعرون بعدم الثقة في أنفسهم والدونية في إمكاناتهم ويعكسون استهانة المعارضة بقيمتها الذاتية‏,‏ وعدم قدرتها علي صناعة مرشح حقيقي تدفعه إلي الأمام‏,‏ لا سيما أننا أمام مشهد تدفع به هذه القوي بمرشح له يقدم لنا شيئا غير الذي يقال داخل الأحزاب وفي المناقشات العامة إذن لماذا لم يثق هؤلاء في أنفسهم ويدفعون بأنفسهم بدلا من مؤازرة آخرين ربما تكون إمكاناتهم أعلي من إمكانياته‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق