الثلاثاء، 27 يوليو 2010

اجتهاد السيد البدوي و محمد بديع .. الأسئلة الضرورية


قد يكون من المفهوم ألا يتسرع المرء في اطلاق احكام أو تقييمات بشأن اداء السيد البدوي رئيس حزب الوفد‏,‏ فالرجل لم يكمل بضعة أشهر بعد في رئاسة الحزب‏
ومن الطبيعي أن تتمهل التقييمات والاحكام وأن تمنحه الفرصة كاملة حتي تستوي حركته ويستقيم اداؤه علي عوده‏.‏قد يكون من المفهوم أيضا أن الرجل أخذ ـ رغم فترته القصيرة في رئاسته للوفد ـ في محاولة احراز مكاسب سريعة يسعي من خلالها لإبراز طابع الرئاسة الجديدة إن كان علي صعيد ضمه لشخصيات جديدة متعددة الاتجاهات والمشارب الفكرية والسياسية إلي صفوف الوفد أو طرحه لموقف في هذه القضية أو تلك‏.‏كل هذا مفهوم‏,‏ وربما يقبل التفهم أيضا‏,‏ إنما ما لا يجوز التفهم بشأنه هو أن السيد البدوي في حركته لم ينتبه بخبرة وحنكة سياسية نافذة إلي ضرورة وضع حد فاصل بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي‏.‏ربما يجوز القول أيضا انه لم يضع في حسبانه ـ كما لم يزن بميزان دقيق ـ حساب المكسب والخسارة الذاتية لحزبه من تمييع الحد الفاصل بين الشرعي وغير الشرعي‏,‏ أو رهن مثل هذا الحد لمقادير التردد والتناقض بين الحركة والموقف تجاه ما هو غير شرعي‏.‏يعرف السيد البدوي أن الوفد حزب شرعي له مكانته التاريخية والمعتبرة في النظام السياسي الوطني‏,‏ كما يعرف أن تنظيم الاخوان السري‏,‏ غير شرعي بالدستور والقانون وحقائق السياسة وأنه يظل سريا ولو بدا منه رأس يطفو في العلن‏..‏ لحزب الوفد مبادئه الدستورية وأهدافه السياسية المشروعة وللاخوان مبادئهم المناهضة للدستور والخارجة عليه وأهدافهم غير المشروعة التي لا تخفي علي احد ولايخفونها علي احد‏.‏وقد جرب الطرفان الالتقاء في فترة سابقة عام‏1984‏ في تحالف انتخابي لم يوفر له الاخوان أيا من أسباب الحياة والبقاء بينما خرج منه الوفد خاسرا بكل معاني الخسارة‏.‏صحيح أن السيد البدوي أكد أكثر من مرة انه لا التقاء انتخابيا للوفد مع الاخوان‏.‏لكن لماذا ذهب اليهم كما فعل يوم الاحد الماضي؟ولماذا ارسل لهم مبعوثا من طرفه قبل ذلك في مؤتمر زعموا فيه لأنفسهم قيادة الحركة الوطنية المصرية‏,‏ هكذا مرة واحدة‏,‏ بالزور والغصب والبهتان ؟ما هي الضرورة لذلك‏,‏ وفي مثل هذا التوقيت بالأخص؟نعرف قول السيد البدوي أنه ذهب للاخوان الاحد الماضي ردا علي زيارتهم له لتهنئته بفوزه برئاسة الوفد‏.‏لكننا نسأل عن الضرورة السياسية؟لانشــك لحظـــة في ان السيد البــــدوي لو اخذ باسباب الضرورة السياسية لما ذهب الي الاخــــوان‏,‏ ولا استقبلهم من قبل‏,‏ ناهيك عن ان يرسل لهم مبعوثا من طرفه وربما تكون المسألة علي هذا النحو كاشفة ان اغلب اطراف النظام السياسي العام في مصر لايأخذون حركة الاخوان مع الاحزاب وفي الاطار السياسي وداخل المجتمع وتجاه القضايا المختلفة بالقدر المدروس جيدا‏,‏ والذي يعكس وعيا فاحصا بابعاد وتحركات الاخوان وأهدافهم في اللحظة الراهنة والمرحلية والبعيدة‏.‏ تولي الاستاذ محمد بديع صدارة المشهد الاخواني منذ شهور قليلة‏,‏ لكنه علي خلاف السيد البدوي وربما آخرون طفق ينشط حاليا‏,‏ في رسم معالم تحرك جديدة مدروسة ومنهجية للاخوان تستهدف وضع تنظيمه السري في صورة قائد الحركة الوطنية المصرية‏.‏منذ يناير الماضي وحتي الآن‏,‏ عقد بديع بنفسه نحو‏11‏ اجتماعا مع شخصيات وممثلي حركات واحزاب تعمد ان تكون في مقرات الاخوان الطافية في العلن‏,‏ آخرها اللقاء بالسيد البدوي كرئيس لحزب الوفد يوم الاحد الماضي سبقته لقاءات بين بديع والدكتور حسن نافعة بوصفه منسق الجمعية الوطنية للتغيير يومي‏15‏ يونيو و‏6‏ يوليو ولقاءان بشخصيات حزب العمل المجمد يومي‏23‏ يناير و‏4‏ مايو ولقاء مع ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري الحر يوم‏2‏ فبراير ولقاء مع الدكتور رفعت سيد احمد مدير مركز يافا للدراسات يوم‏11‏ ابريل ولقاء مع الاستاذين جمال سلطان ومحمود سلطان من موقع المصريون الالكتروني يوم‏8‏ مايو ثم لقاء مع الدكتور ايمن نور يوم‏11‏ مايو‏.‏ فلقاء مع المجموعة الماركسية المعروفة باسم الاشتراكيين الثوريين‏,‏ يوم‏18‏ مايو واخيرا لقاء مع السفير السابق ابراهيم يسري يوم‏18‏ يوليو‏.‏لم تكن كل هذه اللقاءات سرية ولا غير معروفة‏,‏ فقد بثها حصريا الموقع الالكتروني للاخوان ومازالت مسجلة به حتي الآن‏.‏لقد تنوعت وتعددت القضايا في هذه اللقاءات مابين التنسيق حول قضايا محددة مثل حالة الطوارئ أونتائج انتخابات الشوري‏,‏ أو التعاون وتبادل الرؤي حول قضايا داخلية وخارجية أخري‏,‏ إنما يجدر التوقف عند‏4‏ لقاءات سبقت لقاء البدوي ـ بديع مباشرة‏,‏ وهي‏:‏ــ لقاءا بديع ـ نافعة‏[‏ بحثا الاتفاق علي المطالب السبعة‏].‏ــ لقاء بديع والأخوين سلطان‏.(‏ موقع المصريون‏).‏ بحث دور الإعلام في الإصلاح السياسيــ لقاء بديع ـ يسري‏[‏ بحث التحديات التي تواجه الحركة الوطنية في الوقت الراهن وكيفية التغلب عليها‏].‏ويتضح من واقع الوارد بموقع الإخوان الإلكتروني أن هذه اللقاءات جاءت بمثابة تأسيس لما بدا من تحركات سياسية وإعلامية تالية للإخوان ظهرت علي السطح بجلاء يوم‏20‏ يوليو الحالي بظهور الإخوان بقيادة بديع كمحرك وقائد وزعيم ليس للإخوان فقط‏,‏ بل لمجموعة من الشخصيات التي أثبتت في كل مرة أنها مستعدة للتحالف مع الشيطان ضد نظام الحكم‏,‏ دون هدف‏,‏ وبلا وازع وطني‏.‏وقد ارتضت مثل هذه الشخصيات أن تضع نفسها في موقع الذيل السياسي للإخوان ومرشدهم الجديد‏,‏ بينما بدا بديع حريصا علي عدم إهمال حتي التفاصيل التي تؤكد ضرورة هيمنته واخوانه وعلو مكانتهم عليهم ووضعت في موقع الذيل السياسي للإخوان‏.‏هذه الحال عبرت عنها بوضوح شديد صورة بديع أمام وسائل الإعلام المختلفة وهو يقرأ من مقر ما يسمي كتلة الإخوان البرلمانية بالمنيل بيان حشد الجماهير ضد النظام يوم‏20‏ يوليو الحالي وإلي جانب يده اليسري ـ وليس علي يساره ـ الدكتور حسن نافعة‏,‏ بينما يفصل اخوه الكتاتني بينه وأشرف بلبع حائلا دون اقتراب ممثل السيد البدوي من يد مرشده اليمني‏,‏ وقد قبع في الخلف النائبان سعد عبود وجمال زهران‏..‏ وكذلك مجدي قرقر‏(‏ حزب العمل المجمد‏)‏ ومارجريت عازر‏(‏ حزب أسامة الغزالي حرب‏).‏عموما لم يكن هذا هو المنظر الأول من نوعه ولا الصورة الأولي من نوعها ولا الحال التي طرأت فجأة‏,‏ فمن يطالع موقع الإخوان الإلكتروني وصور لقاءات بديع الإحدي عشرة يلمس بوضوح كيف استقبل كل أنواع شخصيات هذه اللقاءات جالسا علي مكتبه‏,‏ بينما الآخرون أمامه أو علي يمين أو يسار مكتبه‏..‏ المهم أن يكون المكتب فاصلا بين القائد والأتباع‏.‏بموازاة ذلك نشط الإخوان ـ ولايزالون ـ في محاولة ضرب سلطات الدولة ببعضها البعض وخلط أدوارها والدفع برجال السلطة القضائية إلي صدارة المواجهة مع السلطات الأخري وبقية أطراف المجتمع والعمل السياسي المدني‏..‏ إنه المنهج الأمريكي البائس نفسه‏,‏ الذي اتبع فيما عرف باسم الفوضي الخلاقة فخلال الأيام الأخيرة‏,‏ وتحديدا يومي‏18‏ و‏25‏ يوليو الحالي‏,‏ أخذ موقع الإخوان الإلكتروني يولي وجهته ناحية رجال الهيئة القضائية ونسب إلي شخصيات قضائية أقوال تأييد مطالب الإخوان وما يسمي بالحركة الوطنية‏,‏ بل ونسب إلي بعضهم القول بدعوة كل قضاة مصر إلي حملة التوقيعات علي هذه المطالب‏.‏الشاهد أن التوجه الإخواني علي هذا النحو تجاه السلطة القضائية شديد الخطورة‏,‏ وشديد الخبث أيضا‏,‏ وإن لم تدرك أهدافه الإخوانية جيدا ليتم إحباطها بحكمة ووعي وحنكة‏,‏ فإن المسألة ستكون جالبة لاشتعال شديد وفوضي أشد‏.‏الحاصل أنه علي هذه الأرضية المعبأة بكل مواد التفجير والاشتعال‏..‏ وفي مثل هذا التوقيت ذهب السيد البدوي بقدمه إلي الإخوان‏..‏ نظن أنه لم يحسبها‏..‏ لم يبذل جهدا في قراءتها ليعرف ماذا يكسب‏..‏ وماذا قد يخسر؟

الاهرام المسائي - طارق حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق