الخميس، 29 يوليو 2010

يلماظ جوناي أعظم مخرج تركي أخرج أفلامه من السجن ‏(1‏ من‏2)



حضر من الريف للمدينة في سن صغيرة ليعمل في السينما‏....‏ كان أول عمل له في السينما يتمثل في حمله لآلة عرض متهالكة مع مجموعة من قصاصات الأفلام ليجوب بها أنحاء الريف التركي عارضا السينما علي الريفيين مقابل القليل من النقود‏
فلقد هرب من فقر الريف لتعيده السينما إليه من جديد‏,‏ ليظل داخله إلي الأبد‏.‏ لا يستطيع أحد أن يتطرق للسينما التركية دون الحديث عنه‏,‏ هو أحد أكبر الرموز لسينما تركيا و سينما الأكراد‏..‏ جاء من قاع المجتمع التركي ليعبر عنه‏,‏ فهو ليس ابن أحد المهاجرين في أوروبا‏,‏ تعلم السينما في المدارس الأوروبية و أنتج كل أفلامه بأموال الغرب‏,‏ بل جاء من تراب الوطن تركيا الأم و مات مدافعا عن الحرية لآخر لحظة في حياته‏.‏ رغم أن المخرج التركي يلماظ جوناي يعمل في مجال السينما منذ عام‏1958‏ كممثل وكاتب سيناريو ألا إن أوروبا لم تتعرف علية إلا في أوائل السبعينيات عن طريق فرنسا‏..‏ هذا المخرج ـ المولود عام‏1937‏ بشرق تركيا لأبوين كرديين‏-‏ حكم عليه بالسجن لمدة‏18‏ شهرا عام‏1961‏ بتهمة الدعاية الشيوعية‏,(‏ نشر رواية صنفت علي أنها شيوعية‏),‏ وبعد خروجه من السجن عاد إلي التمثيل ليصبح ممثلا محبوبا‏,‏ وليطلق عليه الجمهور لقب‏(‏ الملك القبيح‏)‏ حيث تخصص في أدوار الشر‏,‏ بعد خمس سنوات فقط قام خلالها بتمثيل أربعين فيلما‏.‏وشهد عام‏1968‏ تحولا مهما في حياته‏,‏ حيث ترك التمثيل واتجه للإخراج فقط دون أن يشارك في البطولة‏..‏ وتخصص في أفلام التحليل الاجتماعي والسياسي التي وضح فيها تأثره بالواقعية الجديدة الإيطالية‏,‏ أهم أفلام تلك الفترة الأمل‏1970‏ الذي يدور حول عاملين فقيرين يعتقدان أن هناك كنزا مدفونا تحت أرض منزليهما‏,‏ فيتناوبان ورديات الحفر بحثا عنه دون جدوي بالطبع‏.‏وفي عام‏1972,‏ يسجن جوناي مرة أخري لمدة عامين لأنه ساعد أحد المتظاهرين اليساريين علي الفرار من قوات الأمن‏,‏ وبفضل حركات التضامن الثقافية والفنية معه صدر قرار العفو عنه بعد ستة أشهر فقط قضاها في السجن‏,‏ وعاد للعمل بإخراج فيلم القلق عام‏.1973‏لكن يبدو أنه علي موعد دائم مع السجن‏,‏ فقد قابل بالصدفة القاضي الذي حكم عليه فاشتبك معه‏,‏ وتم القبض عليه‏,‏ وفوجئ جوناي بتوجيه تهمة القتل له‏,‏ فقد قتل القاضي و تم اتهامه بقتله‏,‏ ليحكم عليه بـ‏24‏ عاما مع الشغل والنفاذ‏,‏ خفضت إلي‏18‏ عاما كاملة رغم عدم ثبات التهمة عليه‏.‏ولم ينل ذلك من عزيمة المخرج الكبير‏,‏ فأنشأ من وراء الأسوار شركة لإنتاج الأفلام يديرها أصدقاؤه في الخارج‏,‏ وبدأ في كتابة السيناريوهات مع إضافة تعليمات الإخراج عليها لينفذها مساعدوه خارج السجن‏..‏ وفي‏1978‏ زاره المخرج الأمريكي الكبير أليا كازان في سجنه‏,‏ وكانت هذه الزيارة بداية الاهتمام العالمي بقضيته التي تحولت إلي احدي قضايا حقوق الإنسان‏,‏ وكتب جوناي سيناريو فيلميه القطيع‏1978‏ و العدو‏1980‏ بشكل مفصل‏,‏ وحدد فيها حجم اللقطات وحركتي الكاميرا والممثلين ونوع الإضاءة ونفذ مساعده زكي اوكتن هذة التعليمات حرفيا‏..‏ وعرض فيلم القطيع في فرنسا عام‏1980,‏ وتوافق عرضة مع نشر ملف عن المخرج جوناي في مجلةبوزيتيف السينمائية الفرنسية الشهيرة‏..‏ فبدأ الرأي العام في أوروبا كلها يهتم بهذا المخرج الذي يسجل سابقة بالعمل من وراء أسوار السجن‏.‏وفي‏1981,‏ دبر الجيش التركي انقلابا عسكريا واستولي علي الحكم‏,‏ فدخلت مفاوضات الإفراج عن جوناي في طريق مسدود‏..‏ ولكن الضغط الدولي أدي إلي نقله لسجن اقل قسوة يعمل فيه المساجين مقابل اجر ويسمح لهم بزيارة ذويهم عدة مرات في العام‏..‏ وكانت هي تلك الفرصة التي سمحت لجوناي بالهرب إلي سويسرا‏,‏ حيث حضر لفيلمه الشهير يول‏-‏ الطريق من إنتاج مشترك مع سويسرا‏..‏ ونفذ تعليماته في إخراج الفيلم هذه المرة مساعده شريف جورين علي الأراضي التركية‏.‏

الاهرام المسائي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق