السبت، 12 ديسمبر 2009

فلوكة الناس الغلابة ‏!‏!!


في نفس المكان الذي ركبت فيه زبيدة غادة رشيد مكسورة الجناح فلوكة في النيل لكي تحملها بالزغاريد والأغاني والفرح كله إلي عريسها مهمردار البحرين الجنرال عبدالله مينو قائد جيوش الفرنجة الفرنسيس بعد أن أعلن إسلامه زلفي للمسلمين وقربي للمصريين للزواج من المطلقة الكاعب الناعب الغضة البضة اللينة الطرية مثل قشطة الصباح الندية ـ كما وصفها مولانا الجبرتي أيامها ـ قبل‏220‏ سنة لا تنقص يوما ولا تزيد‏..‏في نفس المكان ركبنا ـ الصديق اللواء محمد شعراوي محافظ البحيرة وأنا ـ فلوكة في النيل‏..‏ ليست بالطبع فلوكة جدتنا زبيدة ـ ولكنها نفس الفلوكة التي حملت ذات غروب خبرا مفزعا يقول لنا‏:‏ إن خمسينا أو يزيد من أهل رشيد ركبوها فغرقت بهم‏..‏ وماتوا كلهم غرقي‏!‏وطيرت القنوات الفضائية لأهل مصر والدنيا كلها الخبر الحزين‏..‏ ووجدتها ساعتها جنازة وتشبع فيها لطما كما يقول العامة‏.‏ثم لم تمض ساعات حتي أعلن اللواء محمد شعراوي محافظ الإقليم‏..‏ أنه لا غرقي علي الاطلاق‏..‏قلت للمحافظ النشيط الذي وصل إلي مكان الحادث بعد أقل من ساعة واحدة‏:‏ يعني زي الحمل الكاذب ينتظر الجميع المولود‏..‏ فإذا الست هانم تلد وهما كبيرا؟قال‏:‏ لا تلمني إذا قلت لك إن كثيرا من رجال الإعلام والقنوات التليفزيونية الفضائية تريد دائما ندبا وعويلا لا فرحا ورقصا وطبلا‏..‏ ولا أعرف من صنع من مجرد سقوط ركاب فلوكة أو مركب أو معدية في نيل رشيد كارثة تشيب لها الولدان‏..‏قلت له والمركب الصغير يتحرك بنا في فرع رشيد من الشط الغربي في مدينة دمنهور إلي الشط الشرقي حيث مدينة مطوبس في محافظة كفر الشيخ مسافة لا تزيد في الماء علي ثلاثمائة متر‏:‏ أريد أن أسمع منك حكاية الغرق الكاذب هذا كما وصفته أنت بالحمل الكاذب؟قال وقرص الشمس أحمر قانيا يودعنا ويهبط في مياه البحر المالح‏:‏ بعد صلاة المغرب بدقائق أخبروني‏:‏ إلحق معدية انقلبت بركابها في النيل وغرق حتي الآن خمسون راكبا‏!‏قلت في نفسي دون صوت وأنا ألقي بنفسي في سيارتي وأقول للسائق‏:‏ علي رشيد وحياتك بأقصي سرعة‏:‏ يا خبر خمسين واحدا غرقوا‏..‏ إزاي وليه؟في أقل من ساعة كنا قد وصلنا إلي نفس الموقع الذي قالوا لنا إن الغرقي فيه بالعشرات‏..‏ وجدنا هيصة وزحاما ولا يوم القيامة‏..‏ ولحق بي الصديق الزميل المهندس أحمد عابدين محافظ كفرالشيخ الذي تقع مدينة مطوبس علي الشاطيء الآخر قبالة رشيد ويفصلهما أو يصلهما فرع رشيد‏.‏ظللنا طول الليل نلالي زي ما بيقول المثل البلدي‏..‏ يعني ندور‏..‏ الصيادون نزلوا إلي قاع النيل‏..‏ وجاءنا الضفادع البشرية ليمسحوا القاع كله‏..‏ حتي الخامسة والنصف صباحا‏.‏لا أعرف كيف تفتق ذهن مراسلي الصحف في رشيد عن أخبار كلها نكد وحزن يعني قلبوها محزنة بل ونصبوا سرادق أحزان علي شط النيل في رشيد‏:‏الضحايا عشرون‏..‏ بل ثلاثون‏..‏ بل خمسون‏..‏ والمصابون مثلهم‏..‏كيف وكل ركاب المعدية ساعتها لم يتجاوز الثلاثين‏..‏ أسعفنا نصفهم في مكان الحادث‏..‏ أما الباقون فقد قالوا لنا‏:‏ والله دول لسه في قاع نهر‏.‏مسحنا قاع النهر حتي الصباح لم تظهر جثة واحدة‏..‏وجاءتنا صحف الصباح بأخبار الحمل الكاذب‏..‏ الضحايا كذا والمصابون كذا‏..‏ أرقام تفنن أصحابها في وضعها علي صدر الصفحة الأولي من صحف الصباح‏..‏ ناهيك عن الإذاعات المغرضة والقنوات الفضائية التي تريد جنازة وتشبع فيها لطما‏..‏كان الرئيس حسني مبارك كعادته دائماحاضرا معنا علي الخط تحدث إلي أكثر من مرة طول الليل‏..‏ وهو الرجل الساهر علي سلامة مصر والمصريين‏.‏طول الليل يسألني‏:‏ إيه الأخبار يا محمد؟أقول له‏:‏ مافيش ولا جثة واحدة‏..‏ مافيش حد مات يا سعادة الريس‏!‏يرد الرئيس‏:‏ أمال إيه الأخبار اللي بنسمعها من الإذاعات والقنوات الفضائية؟أقول للرئيس‏:‏ يا أفندم كل اللي قالوه غير صحيح‏..‏ طيب بس ينشروا اسم شهيد واحد بس‏!‏ده حتي لو أحد مات له حد في الناحية دي يعملوا هيصة ومحزنة وجنازة لحد ما يظهر المفقود‏!‏في السادسة صباحا‏..‏ عدنا إلي دمنهور وعاد زميلي محافظ كفر الشيخ إلي عاصمة محافظته‏.‏أسأل الصديق محمد شعراوي‏:‏ ليه مركب حمولته عشرة أفراد يركبه خمسون؟قال‏:‏ ده عادتنا دائما‏..‏ ومافيش رقابة علي المعديات‏..‏ طيب ده حتي المعدية التي غرقت الركاب رخصتها منتهية‏!‏قلت‏:‏ طيب ليه مافيش معدية مجهزة كبيرة وحلوة وبنت ناس تشيل الناس والعربيات والمواشي كمان من البر ده للبر ده؟قال‏:‏ فيه معدية مجهزة تشيل‏100‏ راكب وعشرين عربية لكن الناس تريد أن تذهب حتي باب بيتها بالمعدية‏.‏وكمان عندنا علي بعد كيلومترين بس كوبري الطريق الدولي حاجة تحفة‏..‏ الناس بتسيبه وتركب المعدية التعبانة‏!‏أسأله‏:‏ ليه مافيش رقابة علي النيل؟قال‏:‏ يعني رقابة علي أربعة آلاف كيلومتر طول النيل وفروعه‏..‏ ازاي بس‏!‏قال‏:‏ الدولة اعتمدت خلاص‏100‏ مليون جنيه سوف نصرفهم في مشروع تطوير ميناء الصيد في رشيد وسوف يتكلف‏70‏ مليون جنيه‏+‏ مركب أو معدية مجهزة بأحدث تكنولوجيا العصر سوف تتكلف باقي الـ‏100‏ مليون جنيه‏..‏ يعني‏30‏ مليون جنيه تعمل من رشيد في البر الغربي إلي مطوبس في البر الشرقي‏.‏وعلي فكرة الريس حسني مبارك فضل معايا علي الخط لحد صباح اليوم التالي حتي اطمأن تماما‏..‏ أنه لا غرقي بالمرة‏!‏تركت رشيد بحملها الكاذب‏..‏ ونزلت إلي دمنهور عاصمة الإقليم‏..‏ لأعرف وأتنور بما يجري داخل أركان محافظة كانت مفتاح حضارة مصر كلها عندما فك شامبليون قبل مائتي عام طلاسم وألغاز لغة الفراعين القدماء‏.‏‏..................‏‏..................‏لم أكن أتخيل للحظة زمان واحدة أن المشهد الذي أراه أمامي الآن هو مشهد حقيقي وليس مشهدا تمثيليا في ديكور فيلم سينمائي يتم تصويره داخل إحدي مدن السينما المودرن التي احتلت مكان الأستوديوهات الشهيرة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي‏..‏ استوديو مصر واستوديو الأهرام واستوديو جلال‏..‏ التي أخرجت لنا أجمل أفلام العمر‏.‏المشهد أمامي‏..‏ رجل وابنه الصغير يصطادان السمك علي شاطئ ترعة كبيرة أو قل بحر صغير داخل مدينة كبري من مدن الوجه البحري‏,‏ الذي لا يمر بها أو يعبرها نيل أو حتي فرع منه‏.‏المدينة اسمها دمنهور عاصمة محافظة البحيرة‏,‏ وخريطة المدينة الجغرافية التي حملتها معي من كتبخانة القلعة تقول وتؤكد أن الذي يروي أرض المحافظة كلها هو فرع رشيد وهو بعيد كل البعد عن المدينة‏..‏من أين جاء هذا النهر الصغير إذن؟وكيف أصبح مشهد اثنين‏..‏ أب وابنه يصطادان السمك في ساعة عصاري‏..‏ مشهدا طبيعيا وليس سينمائيا؟قلت قبل أن أتخذ لي مجلسا إلي جوارهما‏:‏ السلام عليكم‏..‏قال الأب‏:‏ وعليكم السلام‏..‏ اتفضل‏..‏ لسه ما ستفتحناش‏!‏وقال الابن بضيق وبكلمات مضغومة‏:‏ بطلوا كلام لحسن السمك يهرب‏!‏نهره الأب وقال له‏:‏ شوف لك حتة تانية اصطاد فيها‏..‏ هو انت اشتريت البحر يا محمد‏!‏قلت للأب‏:‏ خلاص الترعة دي بقت بحر‏!‏قال ضاحكا‏:‏ إحنا كان عندنا حاجة‏..‏ من سنتين بس‏..‏ كان هنا حتة ترعة جربانة ما تسقيش جاموسة عطشانة‏..‏ دلوقتي بقت ترعة كبيرة واسعة لها شطان‏..‏ علي كل شط كورنيش حجر ملون وكراسي رخام للناس بمظلات تقعد تحتها تتفسح وتشم هوا وتصطاد سمك كمان‏!‏يتدخل الولد اللمض‏:‏ بس فاضل تمشي فيه البواخر زي قناة السويس كده‏!‏قلت‏:‏ وكمان بواخر؟يقطع حوارنا الصبي اللمض عندما يصيح وهو يجذب سنارته من الماء‏:‏ سمكة‏..‏ يابا‏..‏ سمكة والله‏..!‏تخرج السنارة من الماء وفي آخر الخيط سمكة صغيرة تلمع في آخر شعاع للشمس‏!‏‏..................‏‏..................‏ما أجمل لحظة الصيد والقنص‏..‏إنها فرحة الانتصار بعد طول صبر‏..‏يسألني الأب‏:‏ عينيك بتقول كده‏..‏ انك عاوز تصطاد‏..‏ نفسك تصطاد؟قلت له‏:‏ ده صحيح‏..‏ لقد ذكرتني بأيام الصبا والتلمذة في القناطر الخيرية عندما كنت أصطاد السمك بسنارة من البوص أطعمها بدود أحمر يتلوي أخرجه بفأس صغير من حشائش الأرض علي شاطئ الترعة‏..‏ وأذهب إلي الحدائق الجميلة لأجلس مع الصحاب علي شاطئ ترعة هادئة بجوار قصر الملك فاروق‏..‏ الذي أقام فيه من بعده الرئيس جمال عبدالناصر عندما كان يزور القناطر الخيرية كل خميس وجمعة من كل أسبوع‏.‏ولم يكن أحد يمنعنا من الصيد أو المشي بجوار القصر‏..‏ لا حراس ولا بوليس سري يرتدي البالطو الأجرب الأصفر وتحت إبطه العصا القصيرة وفي جيب البالطو جريدة قديمة مطوية في قلبها شباك صغير يرصد منه المخبر من يراقبه‏!‏وقد حدث مرة أن ابن عم لي اسمه محمود كان يصطاد السمك علي شاطئ الترعة الملاصقة للقصر الذي يقيم فيه جمال عبدالناصر هو وأسرته يوم الجمعة دون إزعاج من أحد‏..‏ وعندما هم محمود بإخراج سنارته من الماء بصيدها الثمين‏..‏ سقطت السمكة الكبيرة خلفه‏..‏ فقام من مكانه مسرعا لكي يلتقطها فإذا به وجها لوجه مع جمال عبدالناصر شخصيا‏..‏ الذي التقط السمكة وقدمها له‏..‏ ولكن أخونا محمود خاف وارتعد‏..‏ وطيب الرئيس الراحل خاطره‏..‏ وأبعد الحرس وجلس إلي جانبه لكي يصطادا معا‏!‏‏.....................‏‏.....................‏أصبحنا أصدقاء‏..‏ الأب وابنه الشقي‏..‏ وأنا‏..‏قال لي إنه يعمل معلما للغة العربية‏..‏ وهو علي وشك أن يصبح مفتشا للغة العربية‏.‏وقال لي إن لديه أسرة مكونة من زوجة تعمل معلمة أيضا ولكن للغة الفرنسية‏..‏ ولديهما ستة من الأولاد‏..‏ ثلاث بنات وثلاثة أولاد‏..‏ كلهم في مراحل التعليم المختلفة‏..‏ وكلهم متفوقون في دراستهم‏..‏ فيما عدا هذا الولد الشقي‏..‏ يشير إلي ابنه الذي يصطاد السمك بحب‏..‏أسأله‏:‏ من صاحب مشروع هذا البحر الصغير؟قال‏:‏ المحافظ محمد شعراوي‏..‏ هو الذي حول ترعة قاحلة إلي بحر صغير له كورنيش ومطاعم ومحال وملاه وألعاب للأولاد‏.‏أسأله‏:‏ وعايش إزاي؟قال‏:‏ زي بقية الخلق‏..‏ في بيتي كل حاجة الثلاجة والبوتاجاز والتليفزيون والدش والكمبيوتر والنت كمان‏..‏ عيشة ما كانش يحلم بيها أبويا أو جدي‏..‏ بيت عصري تماما‏..‏ وعيشة عصرية‏..‏ ولولا إن الدنيا مولعة‏..‏ والغلاء والأسعار اللي بتزيد يوم عن يوم‏..‏ كنا قلنا إن احنا عايشين موش في عاصمة من عواصم الأقاليم‏..‏ لكن عايشين ياسيدي في مدينة أوروبية‏!‏قلت‏:‏ يا سلام سلم‏..‏ مدينة أوروبية حتة واحدة‏..‏ يا عم‏..‏ ما قلتليش علي اسمك‏..‏قال‏:‏ مرزوق‏..‏قلت‏:‏ واضح انك اسم علي مسمي ياعم مرزوق‏..‏ الناس تعبانة وغلبانة وفقرانة يا عم مرزوق‏..‏ المشاكل حطة عليهم بالكوم‏..‏عندك طوابير رغيف العيش‏+‏ أزمة أنابيب البوتاجاز‏+‏ أزمة إنفلونزا الخنازير‏+‏ فواتير الكهرباء التي تزيد يوما بعد يوم دون مبرر ودون إذن‏+‏ فواتير التليفونات هي الأخري ولعت نار‏+‏ الدروس الخصوصية‏.‏أسأله‏:‏ يعني ولادك يا عم مرزوق ما بياخدوش دروس خصوصية بكام ألف جنيه في السنة؟قال‏:‏ ودي معقولة أبقي أنا مدرس وزوجتي مدرسة وياخدوا دروس خصوصية عند حد غريب‏..‏ إحنا إللي بنذاكر لهم وبنراجع لهم‏!‏قلت له‏:‏ يا عم مرزوق‏..‏ لكن كل الناس موش زيك كده‏..‏ الناس تعبانة وفقرانة وغلبانة آخر غلب وعندها مشاكل بالكوم‏!‏يسألني وكأنه مهندس الكون‏:‏ زي إيه كده؟قلت له‏:‏ ياعم مرزوق هو انت موش في البلد دي واللا فاكر دمنهور دي بقت حتة من أوروبا بصحيح‏!‏عندك مشاكل في قلة الأجور والأكل واللبس والغلاء والتعليم والعلاج والشباب اللي موش لاقي شغل وقاعد علي القهاوي أو بيشرب بانجو‏!‏قال‏:‏ حاجة حاجة ياسيدي‏..‏ نبدأ بالأجور؟قلت موافقا‏:‏ نبدأ يا عم مرزوق بالأجور‏..‏قال عم مرزوق‏:‏ الأجور في الحقيقة موش ماشية مع موجة ارتفاع الأسعار‏..‏ والناس حقيقي موش عارفة تعيش‏!‏برغم أن الرئيس زود الأجور والمعاشات في السنوات الأخيرة عدة مرات‏,‏ وآخر حاجة إصرار الرئيس علي علاوة‏10%‏ بدلا من‏5%‏ وماحدش حامد ربنا وشاكره‏..‏وكمان عندك المدرسين اللي زينا أصبح لهم كادر خاص بهم‏..‏ وثلاثة أرباع المدرسين بتدي دروس خصوصية وآخر نغنغة‏!‏‏..................‏‏..................‏اصطاد الولد الشقي سمكة أخري‏..‏ بينما لم تقترب أي سمكة ولو حتي واحدة ضارباها الشمس من سنارتي‏..‏ أو سنارة عم مرزوق‏..‏قلت لعم مرزوق‏:‏ السمك عامل زي الأجور‏..‏ لسه ربنا ما رزقناشي‏..‏ سيبك من الأجور‏..‏ نخش علي موجة الغلاء اللي مغرقانا كلنا‏!‏قال‏:‏ الغلاء في مصر بس‏..‏ السلع في العالم كله رخصت‏..‏ والأسعار تراجعت إلا عندنا احنا‏!‏أسأله‏:‏ طيب مين السبب يا عم مرزوق؟قال‏:‏ رجال الأعمال اللي بيتحكموا في السوق كله‏..‏ وبيكسبوا المليارات‏,‏ ومعاهم التجار عاوزين يصطادوا في الميه العكرة‏..‏ ويكسبوا بالهبل‏+‏ مافيش أي رقابة علي الأسعار‏..‏ كانت وزارة التموين زمان ودلوقتي مفيش وزارة تموين فيه وزارة تضامن‏..‏ تضامن مع مين موش عارف‏!‏أسأله‏:‏ وإيه كمان يا عم مرزوق‏!‏قال عم مرزوق‏:‏ لو الناس قاطعوا التجار الجشعين‏..‏ بطلوا شهر واحد ما ياكلوش لحمة أو فراخ أو سمك‏..‏ الأسعار تنزل النص‏!‏لو بطلنا نبني شهر واحد بس حيفلس أحمد عز ومعاه تجار الحديد والأسمنت‏!‏قلت له‏:‏ فاكر أيام الرئيس السادات‏..‏ عندما منع ذبح الإناث ودعا إلي مقاطعة الجزارين‏!‏قال‏:‏ أيوه‏..‏ الجزارين خافوا والأسعار نزلت علي طول‏!‏قلت‏:‏ يعني عاوزنا نحارب المحتكرين الكبار للسوق‏..‏ ونقاطع الجزارين والهباشين والطماعين من التجار اللي بياكلوها والعة‏..‏ وبياكلوا العلاوة قبل ما تيجي‏!‏قال‏:‏ أيوه‏..‏ بس مين يسمع ومين يقرر‏..‏ والستات في البيوت ما بترحمش‏!‏قلت له‏:‏ طيب وطوابير العيش نعمل فيها إيه؟قال‏:‏ نصحي بدري ونقف فيها‏..‏ واللا نخبز في البيت زي زمان واللا نقلل شوية من أكل العيش زي الخواجات‏..‏ واللا نرجع فرن البلد تاني‏..‏ القرية دلوقتي ياسيدي بتاخد عيش من المدينة‏.‏الحال انقلب بدل ما كنا بناخد من القرية‏..‏ القرية بتاخد مننا‏!‏دي ياسيدي مسئولية وزير التموين‏..‏ اللي اسمه دلوقتي وزير التضامن‏!‏أسأل عم مرزوق‏:‏ طيب وأنابيب البوتاجاز؟قال‏:‏ ياسيدي بلاش ولعة عمال علي بطال‏..‏‏.....................‏‏....................‏أسأل عم مرزوق المتفائل جدا‏:‏ نخش علي الشباب اللي موش لاقي شغل‏..‏ واللي الحكومة رفعت إيدها عنه تماما‏!‏قال عم مرزوق‏:‏ أهي دي حاجة وحشة في حق الحكومة‏..‏ لكن لو التزم كل صاحب مصنع وكل صاحب شركة بتكسب دهب بالمبادئ وراعي ضميره‏..‏ وشغل الشباب عنده بالحق والمستحق‏..‏ موش بورقة استقالة قبل ورقة التعيين‏!‏ولو كل شاب حاول يدور علي مشروع خاص به يمتلكه ويتعب فيه ويعرق ولو يبدأ من الصفر‏..‏ كان عندنا دلوقتي جيل من الشباب الناجح جدا‏..‏ بدلا من الانتظار علي المقاهي وعشانا عليك يارب‏!‏بس لازم ـ زي ما قال الرئيس مبارك ـ نفتح فرص عمل جديدة للشباب في مشروعات الدولة‏,‏ ومشروعات القطاع الخاص‏..‏ ولو نفذنا برنامج الرئيس الانتخابي حرفيا‏..‏ لما بات لدينا شاب واحد في بلدنا دون عمل‏!‏أسأله‏:‏ إزاي؟قال‏:‏ موش برنامج الرئيس يتضمن استصلاح وزراعة نحو‏2‏ مليون فدان جديد‏+‏ ألف مصنع جديد في كل محافظة‏+‏ بيت لكل شاب في مشروع ابني بيتك الذي تسهم فيه الدولة بمبلغ عشرة آلاف جنيه‏..‏ وحاجات كتير حضرتك تفتكرها وأنا فاكرها‏..‏ لكنها في النهاية تصب في مصلحة الناس إللي الريس دايما يقول‏:‏ أنا منحاز لمحدودي الدخل‏..‏ اللي أصبحوا دلوقتي معدومي الدخل‏!‏يلقي بسنارته جانبا ويقول‏:‏ ياسيدي الناس زعلانة ليه طقهانة ليه‏..‏ مافيش بيت ما بياكلش لحمة علي الأقل ثلاث مرات في الأسبوع‏.‏ياسيدي افتح ثلاجة أي بيت ولو حتي عامل أو فراش أو حتي بواب‏..‏ حتلاقي اللحمة متجمدة في الفريزر‏+‏ البيض والجبن والفاكهة‏..‏ حاجة موش كتيرة‏..‏ لكن القليل يكفي‏.‏الكلام ده حقيقي واللا أنا غلطان‏!‏قلت له‏:‏ لا‏..‏ حقيقي يا عم مرزوق بس فيه ناس برضه ما بتشوفش اللحمة إلا في الأعياد والمواسم‏!‏قال عم مرزوق‏:‏ أهم بيدوقوها برضه وولاد الخير كتير‏!‏‏...................‏‏..................‏قلت لعم مرزوق‏:‏ تعرف إيه مشكلة البلد دي؟قال‏:‏ إيه؟قلت‏:‏ الفساد وصل إلي الركب في المحليات وفي غير المحليات‏,‏ كما قال المناضل زكريا عزمي‏.‏الفساد في كل شبر وفي كل مكان‏..‏قال‏:‏ لا توجد مصلحة‏..‏ أو شغلانة أو فرصة عمل إلا بالواسطة أو بالفساد الإداري‏..‏ الأولاد دلوقتي عشان يشتغلوا لازم الواحد منهم يدفع ما بين‏20‏ ألفا و‏70‏ ألفا للوظيفة الواحدة‏.‏صدقني‏..‏ ده هو إللي حاصل دلوقتي‏!‏قلت‏:‏ طيب وموجة العنف في البيت المصري اللي أسفرت عن‏20‏ ألف حالة في عام واحد قتلوا خلالها‏350‏ طفلا في نصف عام‏..‏ تصور‏!‏قال‏:‏ لقد انعدمت الأخلاق وضاع الدين وزادنا الفقر إجراما وتجرمة‏..‏ الأب يقتل ابنه‏,‏ والأم تقتل ضناها‏,‏ والجريمة أصبحت جريمة عائلية بعد أن كنا نخاف ونختشي ونبوس إيد أبونا وأمنا وجدنا وجدتنا كل صباح‏..‏ وكان العيب هو أول ورقة في كتاب الأم المصرية‏..‏قلت‏:‏ دلوقتي الأسرة انطلقت في ركاب العولمة والكليبات العارية وأفلام البورنو التي تدعو إلي الفسق والفجور وعظائم الأمور‏..‏ وأصبحت البنات هي اللاتي يعاكسن الأولاد‏..‏ عيني عينك‏!‏قال‏:‏ أصل البيت المصري ياسيدي دلوقتي مافيهوش راجل يحكمه ويشكمه‏..‏ بعد ما تحول إلي مجرد فاسوخة وبركة‏!‏قبل أن يلم سنارته ويذهب لحال سبيله مع ابنه الصغير‏..‏ نظر إلي وقال‏:‏ تعرف المشكلة إيه يا سعادة البيه؟أسأله‏:‏ إيه؟قال‏:‏ الناس بتشكي وتبكي وما بتشكرش وما بتحمدش ربنا‏..‏قلت‏:‏ تحمد ربنا إزاي وهي تعبانة وصدمانة‏!‏قال‏:‏ الريس ياسيدي كتر خيره قدم برنامج انتخابي رائع‏..‏ لو اتنفذ صح‏..‏ مافيش مشكلة واحدة علي أرض مصر‏..‏ لا فقر ولا وجوع ولا بطالة ولا حتي جريمة‏!‏أسأله‏:‏ طيب وليه ما يتنفذ صح؟قال‏:‏ إسأل الحكومة الذكية‏!‏‏..................‏‏..................‏مازلت أعيش مع كلمات اللواء محمد شعراوي‏:‏ الريس ماسبناش لحظة لحد ما اطمأن إن لا يوجد غرقي في حادث المعدية‏{‏
الاهرام - عـزت السـعدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق