الجمعة، 20 نوفمبر 2009

لأسباب غير اقتصادية .. عزوف اختياري عن الزواج‏ !!!


بلغ عدد عقود الزواج خلال عام‏2008‏ نحو‏660159‏ عقدا كان أغلبها و بنسبة‏3,67%‏ في الريف‏,‏ و كانت أعلي نسبة زواج و طلاق ايضا في الفئة العمرية من‏25‏ ألي أقل من‏30‏ سنة‏।‏ يأتي ذلك في الوقت الذي بلغ فية عدد شهادات الطلاق‏84430‏ شهادة عام‏2008‏ مقابل‏77878‏ شهادة عام‏2007‏ بزيادة قدرها‏6552‏ شهادة منها بنسبة‏8,52%‏ في الحضر و لتسجل محافظة بورسعيد أعلي معدل زواج و اعلي معدل للطلاق ايضا بلغ‏6,3‏ في الألف‏।‏ و بناء علي تعداد‏2006‏ بلغ عدد اجمالي الذين لم يتزوجوا ابدا نحو‏13334‏ شابا و فتاة بمعدل‏8,28%‏ وليكون اجمالي من هم فوق سن الزواج‏100%।‏ هذا و لقد تناولت تحقيقات الجمعة علي مدي السنوات الماضية عددا من التحقيقات دارت حول ظاهرة الزواج العرفي و زواج المسيار إسباب ارتفاع معدلات الطلاق و اللجوء للزواج من خلال مكاتب التزويج و حتي عبر شبكة الإنترنت بحثا عن لقب‏"‏ زوجة و أم‏"...‏ لتتغير الصورة في اقل من عام لتكون صادمة و صريحة من خلال الأرقام الصادرة أخيرا من الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء الذي رصد ارتفاع معدلات الشباب من الرجال و الفتيات الذين لم يتزوجوا بعد‏,‏ بل ايضا من المطلقين رغم انهم تحت سن الـ‏30‏ سنة‏।‏ الحقيقة كانت ان الاسباب الاقتصادية لم تكن السبب الوحيد في‏"‏ الإحجام و العزوف الاختياري‏"‏ عن الزواج لرجال فوق الـ‏40‏ سنة و فتيات فوق الـ‏35‏ عاما ليست لديهم أي مشاكل مادية علي الاطلاق‏.....‏ وذلك كان الأجدر بالبحث و التحقيق‏।‏







أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء نشرة لإحصاءات الزواج و الطلاق لعام‏2008,‏ وصل فيها عدد عقود الزواج لعام‏2008-660159‏ عقدا بزيادة‏4,7%‏ عن عام‏2007‏ منها بنسبة‏7,32%‏ في الحضر و بنسبة‏3,67%‏ في الريف‏.‏ و لقد سجلت الفئة العمرية من‏25‏ الي اقل من الـ‏30‏ سنة اعلي نسبة زواج بمعدل‏2,40%.‏ من ناحية اخري بلغ عدد شهادات الطلاق في الحضر‏44593‏ شهادة في‏2008‏ مقابل‏77878‏ عام‏2007‏ بزيادة قدرها‏6552‏ شهادة بنسبة‏4,8%‏ نصيب الحضر منها‏8,52%‏ وبزيادة‏7,4%‏
و كان نصيب الريف منها‏2,47%‏ بنسبة زيادة‏9,12%.‏ هذا و لقد سجلت الفئة العمرية من‏25‏ الي اقل من الـ‏30‏ سنة اعلي نسبة زواج واعلي نسبة طلاق كذلك بنسبة‏6,20%‏ من جملة الشهادات عام‏2008‏ ووصلت معدلات الطلاق في الفئة العمرية من‏35‏ الي اقل من‏40‏ عاما إلي‏14%‏ وبلغت‏9,8%‏ في الفئة العمرية الأقل من‏45‏ عاما‏.‏ اما عن اجمالي عدد الذكور و الأناث الذين لم يتزوجوا ابدا بناء علي تعداد‏2006‏ فكانوا حوالي‏13334‏ شابا وفتاة و بنسبة‏8,28%‏ و ليصل اجمالي من هم في سن الزواج من الذكور إلي‏22738‏ و من الاناث‏23518‏ باجمالي‏46256‏ أي بنسبة‏100%‏ منهم‏6,22%‏ تحت الـ‏25‏ عاما,7,11%‏ تحت الـ‏30‏ و‏5,4%‏ تحت ال‏35‏ و‏6,2%‏ تحت الـ‏40‏ و‏8,1%‏ تحت الـ‏45‏ و‏1,1%‏ في سن الـ‏50‏ فأكثر‏.‏
من جانبة نفي اللواء أبوبكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ما تردد في وسائل الإعلام عن أن هناك‏13‏ مليون شاب وفتاة لم يتزوجوا بعد في مصر‏.‏مشيرا الي أن هذا الرقم السالف الذكر هو عبارة عن إجمالي عدد الذين لم يتزوجوا أبدا من الذكور والإناث في كل الفئات العمرية اعتبارا من‏16‏ سنة للإناث‏,18‏ سنة للذكور طبقا لبيانات تعداد‏2006.‏
وقال الجندي إن عدد الإناث اللائي لم يتزوجن أبدا في الفئة العمرية من‏30-35‏ سنة بلغ‏156‏ ألف بنسبة‏8.6%‏ فقط من إجمالي إناث تلك الفئة‏,‏ كما أن اللائي لم يتزوجن في الفئة من‏35-40‏ سنة بلغ‏78‏ ألفا بنسبة‏3.3%‏ من إجمالي إناث تلك الفئة لفت الي ان إجمالي الإناث غير المتزوجات اعتبارا من سن‏30‏ سنة فأكثر بلغ‏371‏ ألفا بنسبة‏8.2%‏ من إجمالي إناث تلك الفئة‏.‏ واكد رئيس الجهاز أن مصطلح‏"‏ العنوسة‏"‏ غير واضح وليس له معني منهجي او علمي لافتا الي ان سن زواج الفتيات يختلف من مجتمع لآخر وفق الثقافة والمستوي الاقتصادي والتعليمي‏.‏ وقال انه وفقا لتعداد‏2006‏ يتبين ان الإناث ممن لم يتزوجن في سن‏16‏ سنة بلغ‏8.97%‏ تنخفض الي‏1.77%‏ في سن‏19‏ سنة‏,‏ وتصل النسبة الي‏2.16%‏ في سن‏25‏ الي اقل من‏30‏ سنة و‏8.6%‏ في سن‏30‏ الي اقل من‏34‏ سنة‏,‏ ثم الي‏3.3%‏ في سن‏35‏ الي اقل من‏40‏ سنة الي ان تصل نسبة من لم يتزوجن من الإناث في سن‏50‏ سنة فأكثر الي‏13.3%.‏
بعيدا عن الأسباب الاقتصاديةعلي صعيد آخر أوضح د‏.‏ أحمد البحيري ـ استشاري الطب النفسي ـ أن للعزوف عن الزواج اسبابا قد لا تكون اقتصادية فقط و منها انتشار المباديء الفردية التي تبعد عن سلطة الاسرة مما قد يؤدي إلي استمرار الرجل او المرأة في وقت طويل من السنوات لتحقيق الذات علي حساب الحياة الشخصية‏,‏ كما ان البعض يجد ان الشكل الاسري من زوج و زوجة و اولاد ليس هو افضل العلاقات التي توفر له علاقات حميمية‏.‏ هذا بالاضافة الي فرض القيم المادية في الاختيار العام للزوج او الزوجة بناء علي اساس مادي بحت انحسر في قيمة المهر و الشبكة و غيره‏,‏
و كذلك اتساع فرصة الاختيار ليتحول الارتباط الي وسوسة بهدف البحث عن الأفضل من وجهة نظر الاهل او الفرد‏.‏ و اضاف د‏.‏ احمد البحيري ان تأخر سن الزواج في حد ذاته يجعل الفتاة و الرجل يألف حياة العزوبية و يتخوفان من مجهول الزواج مع تفضيل عدم الالتزام‏,‏ التزام تجاه شخص آخر او أسرة‏.‏ و نأتي للنقطة الأهم و هي عدم وجود ثقافة الحياة الزوجية و الدليل عند سؤال أي شاب او فتاة عن اسباب رغبتة في الارتباط‏,‏ نجد ان الرد لا يتجاوز كلمة‏"‏ تلك سنة الحياة‏".‏ في حين ان السبب قد يكون احيانا لأسباب جنسية بحتة بعيدا عن هدف تكوين اسرة‏.‏
أسباب عزوف السادة الرجالو لعل من الملاحظ ان ظاهرة العزوف عن الزواج ليست في مصر فقط‏,‏ ولكنها في العالم العربي ككل‏,‏ لتصل النسبة في دول الخليج الي‏35%‏ ممن بلغن سن الزواج وتجاوزوا سن الـ‏35‏ كما وصلت نسبة العازفين عن الزواج في لبنان من الجنسين الي حوالي‏90%‏ ممن هم بين‏25-30‏ عاما ووصلت في العراق الي‏85%‏ وتقول الدراسات إن‏50%‏ من الشباب السوري اعزب و‏60%‏ من الفتيات السوريات عزبات بالأضافة الي ان اكثر من ثلث سكان الجزائر عزاب‏.‏
سؤال الرجال خاصة ممن تخطوا سن الـ‏40‏ عن سبب إحجامهم عن الزواجكان ضروريا خاصة ان معظمهم او بحكم السن ليست لديهم أي مشاكل ماديةاو صعوبة في إجراءات الزواج‏.‏ علاء‏,‏ احد اشهر العزاب في احد النوادي الراقيةاوضح ان من أهم اثار العزوف عن الزواج انتشار العلاقات غير الشرعية في المجتمع‏,‏ وان مثل هذه العادات تجعل من الشاب غير مستقر نفسيا وعاطفيا‏.‏ واضاف ان‏"‏ المعروض‏"‏ علي حد تعبيره كثير و ايضا‏"‏ متاح‏"‏ لا يوجد صعوبة لا في خروج او تأخير او حتي سفر لا من قبل الفتاة و لا حتي اهلها و ان وجدت صعوبة فيمكن تغطيتها بغطاء شرعي سواء كان عرفيا او مسيارا‏....‏
و لذا ما الذي يجبرني علي الالتزام بزوجة و بحقوق وواجبات ومسئوليات يمكن تأجيلها او الاستغناء عنها ؟‏.‏ في حين اتفق ممن هم فوق الـ‏30‏ علي ان الظروف الاقتصادية الصعبة و الارتفاع المتزايد في الاسعار و مستوي المعيشة دون زيادة مساوية له في الدخل مع المهور العالية و ضرورة توفير المسكن‏"‏ التمليك‏"‏ والملبس و المعيشة الكريمة للزوجة أصبحت امرا صعبا لشاب‏,‏ عادي لم يقدر له ان يعمل في القطاع الخاص او خارج مصر‏.‏ علي صعيد اخر‏,‏ اوضح محمود‏,‏ رجل اعمال انه تزوج في بداية الثلاثينات من العمر و بالتالي الطلاق كان له تبعاتة السيئة بالأضافة الي ان أي ارتباط من جديد يستلزم التروي ليكون علي ثقة من اختياري هذه المرة و لكن للأسف تحاسب الكثير من الفتيات الرجال ممن كان لهم سابقة زواج كأنهم مذنبون او خرجوا من السجن و يطالبن بألتزامات مادية تفوق التصور و كأن البحث عن الأمان المادي هو الأساس‏.‏ و اضاف للأسف أن الكثير من الفتيات في مجتمعنا اما منفتحات بزيادة و بالتالي لا اثق في واحدة منهن في ان تكون زوجة و اما صالحة‏.‏
ضل‏"‏ حيطة‏"‏ ولا ضل رجلرأي الفتيات ايضا كان ضروريا خاصة ممن تخطين الـ‏30‏ و الـ‏35‏ سنة و مازلن رافضات بأرادتهن الكاملة لكلمة‏"‏ زوجة‏"‏ لرجل قد يحمل لقب‏"‏ مخلوع‏"‏ خلال سنة من بداية زواجه‏,‏ و خوفا من كلمة‏"‏ مطلقة‏"‏ من شخص غير مسئول‏.‏ الغالبية العظمي منهن جميلات و مثقفات و في وظائف مرموقة‏...‏ اذن ما السبب و ما هو المانع ؟‏.‏ هدي‏,‏ مديرة ائتمان بأحد البنوك الكبري اكدت ان المقولة الشهيرة‏"‏ ضل راجل ولاضل حيطة‏"‏ تغيرت و العكس هو الصحيح‏,‏ لأن الحيطة لا يمكن لها ان تؤذيني نفسيا‏...‏رسولنا الكريم قال‏:""‏ من استطاع منكم الباءة فليتزوج‏".‏ و الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قال ذلك لم يكن يقصد الاستطاعة المادية‏,‏ فحسب‏,‏ ولكن هناك متطلبات أخري أكثر أهمية‏,‏ وهي المقدرة علي تحمل مسئولية أسرة وأبناء وحياة شاقة علي الطرفين‏,‏ و ان كان رأي هدي كذلك فرأي سلمي و هي حاصلة علي درجة الدكتوراه في الادب الانجليزي كان اعنف حيث عبرت عن رأيها قائلة‏..‏ اين هو اساسا الرجل المسئول ؟ نحن للأسف نواجه فئة من الرجال ـ و ليست بقليلة ـ تبحث عن كل شيء‏...‏ عن الجمال و عن الأهل و النسب و الثقافة و الوظيفة لتتكفل البنت بعد زواجها‏,‏ اما بمصروفاتها هي الشخصية او بمسئولية بيت كامل‏..‏ فكثير من الرجال عاطلون و يفضلون ان تعولهم امرأة‏.‏
وجهة النظر النفسيةمن وجهة النظر النفسية اشار د‏.‏ لطفي الشربيني‏,‏ استشاري الطب النفسي إلي ان مشكلة عنوسة الفتيات او الرجال تمثل تهديدا خطيرا للصحة النفسية والاجتماعية‏.‏ والإحجام عن الزواج لا يقتصر فقط علي العوامل الاقتصادية التي تتسبب في صعوبة إتمام الزواج‏,‏ ولكن هناك اسبابا اخري و منها المفاهيم السلبية لدي الأجيال الجديدة حول الزواج خصوصا بعد تزايد نسب الطلاق والتفكك الأسري‏.‏
و اضاف د‏.‏ لطفي الشربيني أنه قد تنشأ نتيجة لتأخر الزواج الكثير من الانحرافات السلوكية او القبول بشخص غير مناسب او القيام بدور الزوجة الثانية في زواج متعدد‏,‏ قد يترتب عليه الكثير من المشكلات‏.‏ ولذا يجب ان نرصد الحل من خلال مواجهة شاملة يشترك فيها الجهات الرسمية مع الجمعيات الاهلية وكل منظمات المجتمع التي تعمل في مجال رعاية الاسرة‏.‏
رأي الدينمن جانبها اوضحت الداعية الإسلامية ألفت شاكر ان الأسرة في الإسلام تقوم علي أساس ديني‏,"‏ اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله‏"(‏ رواه أبو داود‏).‏كما ان الالتزام بالتشريعات المنظمة للأسرة مبعثه الإيمان بالله تعالي‏,‏ وأن الغرض من استمرار بناء الأسرة هو إقامة‏"‏ حدود الله‏"‏ و اضافت ألفت شاكر للأسف في العصر الحالي اختفت القدوة و المثل الأعلي و اصبح لا مجال و لا قيمة للعلم و لا العمل و لا الأجتهاد و بالتالي تحول الشباب الي كسالي منتظرين لضربة حظ‏,‏ فكما اختفت الطبقة المتوسطة الي حد ما اختفي معها الفكر المعتدل و اختزلنا الزواج في امور سطحية وفي ماديات و بالتالي لجأ الشباب ـ حتي الذي لا يعاني من مشاكل مادية ـ الي العلاقات المفتوحة دون التزام عملا بالفتوي التي انتشرت أخيرا و التي آلمت الكثير منا‏"‏ ان الحسنات يذهبن السيئات‏"‏ و لقد ترجمها البعض حسب اهوائهم تحت ستار‏"‏ غسل السيئات بالحسنات‏"‏ دون الفتوي التي ترشد شبابنا بمعرفة ميزان الحلال و الحرام‏.‏
و نختتم بان الأساس في بناء الأسرة في الإسلام هو التراحم‏,‏ حيث يقول تعالي‏:‏ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة‏:(‏ الروم‏:21).‏ و بالتالي ينبغي أن نعيد النظر في معاييرنا‏,,‏ والله ـ تعالي ـ يقول‏:(‏ وأنكحوا الأيامي منكم‏)(‏ أي زوجوهم‏)(‏ والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم‏).‏ كما أوصانا النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقال‏:"‏ تنكح المرأة لأربع‏:‏ لمالها‏;‏ ولحسبها‏,‏ ولجمالها‏;‏ ولدينها‏;‏ فاظفر بذات الدين تربت يداك‏""‏ رواه البخاري‏,‏ ومسلم‏,‏ وأبو داود‏,‏ والنسائي‏,‏ وابن ماجة‏,‏كما ان‏"‏ الدنيا كلها متاع‏,‏ وخير متاعها المرأة الصالحة‏""‏ رواه أحمد‏,‏ ومسلم‏,‏ والنسائي عن ابن عمر‏,‏ ومسلم‏:‏ أيضا‏"‏ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله‏.."(‏ النساء‏:34).‏


الاهرام - رانيا حفني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق