أطفال في عمر الزهور ومابين ضحك وابتسامة وعذاب ورغبة في الحياة ودموع جاءوا بأوجاعهم إلي هذا المكان يحملون كل تلك العلامات
ويحلمون بالخروج بدون هذه الآنات والآهات.. وكان المشهد الأكثر تأثيرا هو أهالي هؤلاء الذين لم يذوقوا طعم النوم منذ أن بدأت فاجعتهم والذين أكدوا انهم لن يهدأ بالهم إلا بشفاء أبنائهم متفائلين بالله لم تكن هذه اول مرة أزور فيها مستشفي سرطان الأطفال57357 ومن يعرف جيدا هذا الصرح العملاق لابد وأنه يعرف أيضا حسن الاستقبال الذي يعامل به كل من يتردد عليها سواء زائرين أو مرضي أو متبرعين هذا المكان الذي يقدم كل الدعم والعلاج المتميز لجميع الأطفال المرضي بالسرطان بالمجان بصرف النظر عن المستوي المادي أو الاجتماعي أو الجنسية أو الديانة. وحينما اتصلت بالدكتور هاني حسين ـ مدير المستشفي ـ أستأذنه للقيام بجولة داخل هذا المبني الضخم لأرصد استعداد هؤلاء الأطفال المرضي لعيد الفطر رحب دون تفكير وأكد ان تمويل المستشفي بالكامل معتمد علي التبرعات وليس هناك أي جهة حكومية تتدخل في عملية التمويل.. وبمجرد دخولي المستشفي التقيت بوائل محمد ـ المدير الإداري ـ والذي يعمل به منذ مايقرب من خمس سنوات ولفت إلي ان أصعب شيء هنا في عملهم هو شكل الطفل المريض فكلنا يتأثربشكل كبير بالأطفال المتوجعين خاصة من لايدركون أساسا معني المرض فمنهم أطفال لاتتعدي أعمارهم الثلاثة أشهر ومنه الثلاث سنوات ومنهم الخمس سنوات والسبع والعشر سنوات وكل منهم يحتاج لمعاملة خاصة جدا وأضافت دينا علي ـ اخصائية علاقات عامة تعمل بالمستشفي منذ4 سنوات وهي التي صحبتني خلال الجولة أن الأكثر ألما هو منظر الأهالي وهم يعيشون العذاب ليلا ونهارا وكثيرا منهم يتحملون بصبر جم وأقف احتراما لهم جميعا وأشارت الي ان عدد المرضي في تزايد ولكن نسب شفاء الأطفال في تزايد ايضا بنسبة79% مقارنة بعدد الوفيات وأضافت أن جزءا كبيرا من عملها ينصب لفريق تنمية الموارد المالية للمستشفي بحيث يتم توجيه المتبرعين شهريا لخدمة أطفال المستشفي عارضين لهم كل مشروعات المستشفي لأن من حق المتبرع ان يعرف اين ستصرف تبرعاته ونسعي كوننا فريق عمل لزيادة هذه التبرعات خاصة في الفترة التي قامت فيها الثورة وقلت التبرعات لكن الحمد لله الآن الوضع جيد وهناك عمليات توسع منها مشروع طنطا كفرع من فروع المستشفي لتقليل الضغط هنا. أول من التقينا من الأطفال هو مينا مرقص ـ12 سنة ـ من محافظة المنيا ـ والذي أكد انه سيحتفل مع باقي الأطفال هنا بالعيد ويتمني ان تؤجل العملية الجراحية الخاصة به لما بعد انتهاء الاحتفالية وأشاد والده بالمستشفي والعاملين به مؤكدا انه كان يعتقد في البداية أن دخول هذا الصرح يحتاج إلي وساطة كبيرة لكن بمجرد ان اكتشف الأطباء حاجته للحجز والدخول تم حجزه فورا وأضاف انهم سيقضون العيد مع اخوانه المسلمين برغم انه مسيحي ولأن ابنه من المقرر له أن يجري عملية جراحية لاستئصال الورم الخبيث ويتمني مينا أن يصبح طبيبا في المستقبل مشيرا الي حبه ايضا للغناء والرسم وقال: نفسي أخف عشان ألعب رياضة, ثم توجهنا لغرفة مجاورة كانت بها اسماء فايز15 سنة في الصف الأول الثانوي ومن الشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء وتعالج بالمستشفي منذ أول أبريل الماضي وتقول اسماء انها تحب القراءة والرسم والتلوين وتتمني ان تصبح طبيبة في المستقبل حتي تخفف آلام المرضي وأضافت انها مضطرة لقضاء العيد هنا لانه مقرر لها عملية جراحية في الحوض خلال تلك الأيام معبرة عن قلقها وأملها في آن واحد وتتمني لو تحضر حفلة العيد بالمستشفي سواء قبل أو بعد العملية كما تتمني أن يصل والدها ليكون بجانبها وكان في طريقه من سيناء الي القاهرة, وعندما سألتها عن أول شيء ستفعله عندما تنجح العملية فقالت ببراءة الأطفال: هأقوم أمشي وأجري فورا وعبرت والدتها عن المعاملة الحسنة التي وجدتها في المستشفي مؤكدة أن تلك الروح هي التي خففت عنهم العذاب والألم ولم تخف قلقها من العملية لكنها رددت أن الله لن يخزيهم باذن الله وأن العملية ستكلل بالنجاح مشيرة الي ان اسماء منذ مرضها وهي جالسة بأمر الأطباء ونفسها تمشي وتتحرك زي زمانأما مريم وحيد منير ـ16 سنة ثانية ثانوي ـ من طنطا وتعالج منذ2008 وحالتها تشبه كثيرا حالة أسماء المرضية إلا أنها أكثر الأطفال التي رأيتها بالمكان مرحا وخفة دم وصاحبة قفشات فجلست تحكي قصة مرضها وكأنها تحكي نكتة طريفة لم يظهر عليها أي نوع من القلق ورغم خوفها البسيط بعكس أبيها الذي يعمل موظفا بمستشفي طنطا الجامعي حيث يبدو القلق الشديد عليه والخوف لكنه أشار الي حسن تعاون الأطباء وحسن المعاملة داخل المستشفي بشكل عام مؤكدا انه لم يكن يتخيل أنه سيقابل بهذا الشكل العظيم وفي هذا المكان العملاق ليعالج ابنته واصفا ذلك بأنه كان شيئا مستحيل التصديق حتي رآه بعينه.. مريم تلك البنت الشقية تهوي التصوير وتتمني أن تصبح محاميةكما تتمني أن تحضر احتفال المستشفي بالعيد قبل اجراء العملية حتي تشارك اخوانها المسلمين فرحتهم ولأن حفلات المستشفي رائعة بالفعل يحضرها فنانون ولاعبو كرة القدم وهناك هدايا ولعب وكعك وحلويات, قابلنا أيضا أحمد حسام ـ8 سنوات ـ في الصف الثالث الابتدائي والذي يهوي الرسم والبلاي ستيشن والكاراتيه والكمبيوتر ويعشق أبو تريكة ويتمني ان يصبح مذيعا في المستقبل.ويقول انه لن يقضي العيد هنا بل سيخرج للاحتفال مع عائلته وقرر ان يذهب في اليوم الأول لخالته وفي اليوم الثاني لجدته والثالث لخاله والرابع عند ماما وأضاف انه سيشتري لعبا كثيرة وبندقية ويذهب للملاهي وأنه حضر قبل ذلك إحدي الحفلات بالمستشفي حلوة جدا ورأي فيها اللاعب عبدالظاهر السقا وكانت جمعية رسالة هي المنظمة لها وتعبر والدته عن قلقها الشديد من مرض ابنها والعملية التي سيجريها علي الكلي مشيدة بمعاملة الأطباء الآدمية لكل المرضي وأهاليهم هنا,أما عمر محمد ـ5 سنوات ـ أولي حضانة والذي يعالج هنا منذ عامين فكان أكثر حالة تأثيرا في نفسي داخل هذا المكان فقد نتج عن مرضه أن تم بتر جزء من ساقه لكنه تحدث إلينا ببراءة شديدة وبعيون تملؤها الفرحة والدموع معا بأنه سيقضي العيد مع عمته وخالته وسيخرج في فسحة طويلة معهما وأنه سيلعب بلاي ستيشن مع أخيه وسيذهب للنادي ويلعب مع اصحابه بالصواريخ وقال أيضا إنه حضر حفلة جميلة قدم فيها الساحر فقرات متعددة وكنت سعيدا جدا بها.. عمر يهوي الكمبيوتر ولعبة اليوجي ويتمني ان يكون مهندسا في المستقبل وبوجه مليء بالصبر والإيمان عبرت والدته عن أملها فيما هو قادم وشاكرة فضل الله وكرمه حامدة له ابتلاءه راضية بقضاء الله معترفة بجهد الأطباء ودعم المستشفي57357 لها ماديا ومعنويا.وتوجهنا الي شهد السيد ـ7 سنوات ـ اولي ابتدائي وتعالج منذ عامين وتهوي التلوين وتتمني ان تصبح إما ممرضة أو دكتورة فقد أعربت بابتسامة بريئة عن فرحتها بقدوم العيد وقالت انها ستخرج لتتفسح في الجناين وعلي كوبري قصر النيل مع ماما وأبلة هويدا وأيضا ستذهب إلي الملاهي.
المصدر : الاهرام المسائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق