هو ده عادل إمام بالضبط وبذكائه المعهود الذي وبمجرد أن يقع يستطيع أن يقف مرة أخري وسريعا جدا, حدث ذلك مرات عديدة طوال تاريخه الفني.
وفي كل مرة كان يقع فيها نجده بعدها أشد قوة علي طريقة الضربة اللي متموتش, بتقوي. ونستطيع أن نطبق هذا الكلام بالحرف الواحد علي فيلمه الأخير بوبوس الذي مثل أهم وأبرز سقطة فنية في تاريخه الفني, ورغم أنه أي عادل حاول جاهدا ومعه يسرا أن يدافعا عن ذلك الفيلم إلا أن ذلك الدفاع علي الأقل بالنسبة لعادل كان مجرد قناع فقط أمام الغير أما بينه وبين نفسه فهو أول العالمين بأن كل ما قيل وكتب عنه صادق وحقيقي مائة في المائة لذلك كان الرهان أمام عادل صعبا جدا بعد هذا الفيلم وذلك من ناحيتين أولا أنه مازال يواصل رحلته في البحث عن بقائه في زمن لم يعد يعترف إلا بالنجوم الشباب أو الجدد فقط أما الكبار ـ فيما عداه هو فقط ـ فلم يعد أمامهم إلا التليفزيون أو الجلوس في بيتهم.ولكي يخرج عادل من ورطته قرر أن يتأني حتي ولو ضحي بالعرض في الموسم الصيفي وكل ذلك لكي يخرج فيلمه إلي النور وإلي النجاح الفني الذي يرضي عنه هو شخصيا قبل غيره سواء من الجماهير أو النقاد.> وإذا كان ليس كل ما نتمناه نلقاه فإن عادل يستطيع كثيرا أن يدرك بتوليفته وذكائه الفني ما يتمناه وها هو مع فيلمه الجديد زهايمر استطاع أن يمحو سقطة بوبوس وتخلي عن كل ما كان يردده من عباراته السابقة بأنه لا يهمه رأي النقاد ولا أي آراء سلبية حول أدواره.وقرر أن يترك لنفسه العنان في التمثيل فكان قمة في الأداء وقمة في الكوميديا التي تفجرت تلقائيا حتي في عز المشاهد التراجيدية لكل ذلك اعتبر الجزء الأول من الفيلم أفضل وأعمق وأهم بكثير من نصفه الثاني الذي أضعفه كشف خدعة مرضه بالزهايمر وتعرضه للمؤامرة من أولاده والعاملين عنده ومن أصدقائه وكما قال هو بنفسه في الفيلم بان مصر كلها تآمرت ضدي.. واعتقد أن الفيلم لو كان تعامل مع عادل علي أنه مريض زهايمر بالفعل لكان ذلك سابقة في تاريخ عادل امام وتاريخ السينما المصرية كلها, لكن عادل طبعا ورغم جرأته في تقديم هذا الموضوع وهذا الفيلم إلا أنها مش لدرجة أنه يمثل دور سعيد صالح في الفيلم ويتبول علي نفسه مثلما فعل سعيد, ولا أعلم إذا كان الضعف في السيناريو أم ذكاء منه أن يدفع بسعيد صالح ليجسد هو بالنيابة عنه أعراض هذا المرض اللعين الذي هو موضوع الفيلم, وبدلا من التعمق فيه تعامل الفيلم معه علي أنه ليس هو الغاية بل مجرد وسيلة تظهر عقوق الأبناء.> وعلي العموم ومهما يكن من أخطاء أو عيوب في السيناريو فإن كل ذلك يعدي أمام جمال الفيلم كله علي بعضه بصفة عامة وأمام جمال أداء عادل الصادق بصفة خاصة.> أما مشهد سعيد صالح مع عادل امام في أثناء زيارة الأخير له في دار المسنين فالقلم حائر أمام توصيف هذا المشهد البديع الذي سيظل من أهم المشاهد في تاريخ السينما المصرية علي مر العصور.وفي الحقيقة هو مشهد لا يوصف بل يشاهد فقط, واعتقد أنه مثلما سيكون مشهدا تاريخيا فهو أيضا وثيقة توثق فيها المراحل الزمنية للاثنين عادل وسعيد بدءا من أيام الشباب والصعلكة وأنتهاء بما تفعله الأيام والسنون بنا, علي أية حال إن لم يكن في الفيلم أي ميزة فيكفي هذا المشهد وحده فهو مشهد واحد صحيح لكن يظل في قيمته أهم من مائة فيلم ليس في تاريخ السينما وحدها بل وتاريخ عادل وسعيد معا.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق