المثقفون هم المنغمسون بقضايا الوطن لأنهم يتابعون كل الأحداث باهتمام, وهم النخبة التي تؤثر في الرأي العام وتشكل آراء الناس في الكثير من القضايا. وبما أن البلاد تمر حاليا بأهم انتخابات برلمانية نستطلع آراء البعض منهم في السطور التالية حول المشاركة السياسية والتصويت في الانتخابات.في البداية يقول الدكتور مصطفي الفقي المفكر والكاتب الكبير ـ إن المشاركة السياسية حق قبل أن تكون واجب, ويجبا علي الموطن الرشيد ألا يتخلي عن هذا الحق الذي كفله له الدستور لأنها تعبير عن ممارسة الحقوق السياسية للمواطن, ويندهش ممن ينتقدون الحياة السياسية في مصر ولا يشاركون في الانتخابات, فليس من حق المواطن أن يطالب بما يريد بينما هو قد تخلي عما يستحقه, ولا شك في أن النسبة المتدنية للمشاركة في الانتخابات هي انعكاس لتفريط المواطن المصري في حقوقه وتخليه عن واجباته, وذلك هو جوهر أزمة حياتنا السياسية في مصر.الدكتور أسامة الغزالي حرب يقول: لم يحدث أن صوت في أي انتخابات منذ عام1965 حتي الآن وهو سن استحقاقي القانوني للتصويت لأنني لم تكن عندي في أي لحظة قناعة بأن هناك انتخابات جادة تجري حتي في مرحلة عصر عبدالناصر رغم انبهاري بها.و,يري الدكتور الغزالي أن الكثير من الناس يعزفون عن الانتخابات إلا في استثناءات معينة أهمها تتمثل في وجود عائلات وعصبيات قديمة تعود جذورها إلي ما قبل الثورة, وارتبطت بفكرة التمثيل النيابي لسنوات طويلة, وأصبحت تدافع عن هذه الحقيقة بذاتها, وهناك أعدادا متزايدة في المناطق الشعبية والعشوائية تنظر إلي العملية الانتخابية علي أنها موسم للارتزاق والحصول علي بعض الأموال.ويري الدكتور الغزالي أيضا أن وجود رجال الأعمال في الحياة السياسية علامة سلبية لأنه يعني أن هناك اعتقادا راسخا لدي رجال الأعمال بأن النفوذ السياسي ضروري لحماية مصالحهم الاقتصادية, وهذا تدخل في أي نظام ديمقراطي, ويؤكد أن قبول المواطن ثمنا ماديا لصوته يعني افتقاده تماما لجوهر الديمقراطية.أما المستشار حسن خليل رئيس محكمة الاستئناف سابقا ووكيل نادي القضاة فيقول: أرشح الحزب الذي أراه يحقق مطالب الجماهير دون الاعتداد بحجم الحزب أو شهرته. وفيما يتعلق بتقديم المرشحين الأموال للناخبين مقابل الحصول علي أصواتهم فإن هذه أزمة في مصر, مشيرا إلي أن الدكتور جمال العطيفي كان قد تناول هذه القضية منذ أكثر من15 عاما.. أما المؤسف والمضحك فهو أنها مازالت حتي الآن سارية, ويؤكد أنه ضد وجود رجال الأعمال في مجلس الشعب والوزراء أنفسهم, لأنه ثبت من التجربة أن نسبة الفشل والأخطاء تجاوزت الحدود المعقولة, ولم يحققوا ما ينشد منهم ولكنهم ينشدون في المقام الأول مصالحهم الشخصية.الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي يري أن الحصول علي الحقوق أصبح نادرا كالبريت الأحمر, فمشاركتي في الانتخابات معلقة لأسباب, وإذا احترم الدستور والقانون فسوف أذهب للتصويت في الانتخابات, ويري أن من يدفع المال ومن يحصل عليه وجهان لعملة واحدة لا تحترم القانون ولا الدستور, وعليالمثقف الأمين أن يحترم حقوقه القانونية ويحكم التزامه بالأمانة حتي يكون قدوة, لأن مصر في مرحلة تحتاج إلي عمل قومي واحد, ويؤكد حاجة الوطن إلي الديمقراطية القومية وليس الديمقراطية الحزبية ولا جبهات حزبية متنازعة ومتضاربة, لأن الأحزاب في العالم كله نوعان فقط, ولا نري غيرهما في تداول السلطة.الدكتور حامد أبو أحمد عميد كلية اللغات والترجمة سابقا وعضو اتحاد الكتاب يقول: إنني أصوت دائما في الانتخابات وأعطي صوتي لمن أري أنه يستحق أن يكون نائبا في البرلمان وأختار من لديه المقدرة علي أن يدافع عن مصالح الناس بعيدا عن المصلحة الفردية, ومن يملك رؤية سياسية عامة, وبما أن الانتخابات تسير بالنظام الفردي فأنا أبحث عن الشخص المناسب بعيدا عن كل الاتجاهات الموجودة, ولاتقل نسبة عن50% من المثقفين لا يصوتون في أي انتخابات ولا يشاركون بها, ويريحون أنفسهم, وهذه سلبية كبيرة لأنهم لديهم المقدرة علي التمييز.ويري أن هذه الحالة السلبية ليست مطلوبة ويجب التخلي عنها تماما, وأنه يجب أيضا أن يكون للمثقف دور في المشاركة الفعلية وتحفيز الناس عليها, وكذلك المشاركة الإيجابية في المؤتمرات والندوات واللقاءات الثقافية التي تثري الحياة بصفة عامة وهذه مصلحة قومية, كما أن هذا السلوك السلبي للمثقف يؤثر سلبا علي الجماهير, وهو ما يتنافي مع دور المثقف الحقيقي. لا يعترض الدكتور حامد أبو أحمد علي وجود رجل الأعمال في مجلس الشعب بشرط ألا يكون عضوا بالسلطة التنفيذية, لأن ذلك يتعارض تماما مع مبدأ عالمي معروف هو مبدأ الفصل بين السلطات, ويري أن المرشح الذي يقدم أموالا للناس مقابل الصوت هو إنسان مزيف, ويجب أن يتجنبه الناس تماما, لأنه يزيف العملية الانتخابية.أما الدكتور محمود علم الدين وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة فيري أن ما يحصل عليه الناخب من خدمات ملموسة هو الأساس في اختيار الناخب مرشحه, وهذا يغلب مرشحا علي آخر, ويعزز ذلك تجربة الناخب مع المرشح أو الحزب, وأن ظاهرة المقابل المادي في الانتخابات هي محاولة للتأثير علي البسطاء, والديمقراطية لن تشتري لأن ذلك فيه استغلال لظروف الناس الاقتصادية. وفيما يتعلق بتأثير رجال الأعمال علي القرار قال: إن هذه مسألة نسبية مرتبطة بعلاقتهم بالسلطة التنفيذية, ومدي نجاح السلطة في إيجاد نوع العلاقة وقوتها في الأداء, ويختتم بالقول: أنا ضد المثقفين الذي يصادرون المستقبل, ويصدرون أحكاما قاطعة مسبقا بأن هناك تزويرا سوف يحدث في الانتخابات وغير ذلك من الاتهامات التي قد تكون بالنسبة لهم المبرر في العزوف عن المشاركة أو المقاطعة.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق