الأحد، 28 نوفمبر 2010

المسموح و الممنوع من المثقفين في الانتخابات


المثقفون هم المنغمسون بقضايا الوطن لأنهم يتابعون كل الأحداث باهتمام‏,‏ وهم النخبة التي تؤثر في الرأي العام وتشكل آراء الناس في الكثير من القضايا‏. وبما أن البلاد تمر حاليا بأهم انتخابات برلمانية نستطلع آراء البعض منهم في السطور التالية حول المشاركة السياسية والتصويت في الانتخابات‏.‏في البداية يقول الدكتور مصطفي الفقي المفكر والكاتب الكبير ـ إن المشاركة السياسية حق قبل أن تكون واجب‏,‏ ويجبا علي الموطن الرشيد ألا يتخلي عن هذا الحق الذي كفله له الدستور لأنها تعبير عن ممارسة الحقوق السياسية للمواطن‏,‏ ويندهش ممن ينتقدون الحياة السياسية في مصر ولا يشاركون في الانتخابات‏,‏ فليس من حق المواطن أن يطالب بما يريد بينما هو قد تخلي عما يستحقه‏,‏ ولا شك في أن النسبة المتدنية للمشاركة في الانتخابات هي انعكاس لتفريط المواطن المصري في حقوقه وتخليه عن واجباته‏,‏ وذلك هو جوهر أزمة حياتنا السياسية في مصر‏.‏الدكتور أسامة الغزالي حرب يقول‏:‏ لم يحدث أن صوت في أي انتخابات منذ عام‏1965‏ حتي الآن وهو سن استحقاقي القانوني للتصويت لأنني لم تكن عندي في أي لحظة قناعة بأن هناك انتخابات جادة تجري حتي في مرحلة عصر عبدالناصر رغم انبهاري بها‏.‏و‏,‏يري الدكتور الغزالي أن الكثير من الناس يعزفون عن الانتخابات إلا في استثناءات معينة أهمها تتمثل في وجود عائلات وعصبيات قديمة تعود جذورها إلي ما قبل الثورة‏,‏ وارتبطت بفكرة التمثيل النيابي لسنوات طويلة‏,‏ وأصبحت تدافع عن هذه الحقيقة بذاتها‏,‏ وهناك أعدادا متزايدة في المناطق الشعبية والعشوائية تنظر إلي العملية الانتخابية علي أنها موسم للارتزاق والحصول علي بعض الأموال‏.‏ويري الدكتور الغزالي أيضا أن وجود رجال الأعمال في الحياة السياسية علامة سلبية لأنه يعني أن هناك اعتقادا راسخا لدي رجال الأعمال بأن النفوذ السياسي ضروري لحماية مصالحهم الاقتصادية‏,‏ وهذا تدخل في أي نظام ديمقراطي‏,‏ ويؤكد أن قبول المواطن ثمنا ماديا لصوته يعني افتقاده تماما لجوهر الديمقراطية‏.‏أما المستشار حسن خليل رئيس محكمة الاستئناف سابقا ووكيل نادي القضاة فيقول‏:‏ أرشح الحزب الذي أراه يحقق مطالب الجماهير دون الاعتداد بحجم الحزب أو شهرته‏.‏ وفيما يتعلق بتقديم المرشحين الأموال للناخبين مقابل الحصول علي أصواتهم فإن هذه أزمة في مصر‏,‏ مشيرا إلي أن الدكتور جمال العطيفي كان قد تناول هذه القضية منذ أكثر من‏15‏ عاما‏..‏ أما المؤسف والمضحك فهو أنها مازالت حتي الآن سارية‏,‏ ويؤكد أنه ضد وجود رجال الأعمال في مجلس الشعب والوزراء أنفسهم‏,‏ لأنه ثبت من التجربة أن نسبة الفشل والأخطاء تجاوزت الحدود المعقولة‏,‏ ولم يحققوا ما ينشد منهم ولكنهم ينشدون في المقام الأول مصالحهم الشخصية‏.‏الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي يري أن الحصول علي الحقوق أصبح نادرا كالبريت الأحمر‏,‏ فمشاركتي في الانتخابات معلقة لأسباب‏,‏ وإذا احترم الدستور والقانون فسوف أذهب للتصويت في الانتخابات‏,‏ ويري أن من يدفع المال ومن يحصل عليه وجهان لعملة واحدة لا تحترم القانون ولا الدستور‏,‏ وعليالمثقف الأمين أن يحترم حقوقه القانونية ويحكم التزامه بالأمانة حتي يكون قدوة‏,‏ لأن مصر في مرحلة تحتاج إلي عمل قومي واحد‏,‏ ويؤكد حاجة الوطن إلي الديمقراطية القومية وليس الديمقراطية الحزبية ولا جبهات حزبية متنازعة ومتضاربة‏,‏ لأن الأحزاب في العالم كله نوعان فقط‏,‏ ولا نري غيرهما في تداول السلطة‏.‏الدكتور حامد أبو أحمد عميد كلية اللغات والترجمة سابقا وعضو اتحاد الكتاب يقول‏:‏ إنني أصوت دائما في الانتخابات وأعطي صوتي لمن أري أنه يستحق أن يكون نائبا في البرلمان وأختار من لديه المقدرة علي أن يدافع عن مصالح الناس بعيدا عن المصلحة الفردية‏,‏ ومن يملك رؤية سياسية عامة‏,‏ وبما أن الانتخابات تسير بالنظام الفردي فأنا أبحث عن الشخص المناسب بعيدا عن كل الاتجاهات الموجودة‏,‏ ولاتقل نسبة عن‏50%‏ من المثقفين لا يصوتون في أي انتخابات ولا يشاركون بها‏,‏ ويريحون أنفسهم‏,‏ وهذه سلبية كبيرة لأنهم لديهم المقدرة علي التمييز‏.‏ويري أن هذه الحالة السلبية ليست مطلوبة ويجب التخلي عنها تماما‏,‏ وأنه يجب أيضا أن يكون للمثقف دور في المشاركة الفعلية وتحفيز الناس عليها‏,‏ وكذلك المشاركة الإيجابية في المؤتمرات والندوات واللقاءات الثقافية التي تثري الحياة بصفة عامة وهذه مصلحة قومية‏,‏ كما أن هذا السلوك السلبي للمثقف يؤثر سلبا علي الجماهير‏,‏ وهو ما يتنافي مع دور المثقف الحقيقي‏.‏ لا يعترض الدكتور حامد أبو أحمد علي وجود رجل الأعمال في مجلس الشعب بشرط ألا يكون عضوا بالسلطة التنفيذية‏,‏ لأن ذلك يتعارض تماما مع مبدأ عالمي معروف هو مبدأ الفصل بين السلطات‏,‏ ويري أن المرشح الذي يقدم أموالا للناس مقابل الصوت هو إنسان مزيف‏,‏ ويجب أن يتجنبه الناس تماما‏,‏ لأنه يزيف العملية الانتخابية‏.‏أما الدكتور محمود علم الدين وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة فيري أن ما يحصل عليه الناخب من خدمات ملموسة هو الأساس في اختيار الناخب مرشحه‏,‏ وهذا يغلب مرشحا علي آخر‏,‏ ويعزز ذلك تجربة الناخب مع المرشح أو الحزب‏,‏ وأن ظاهرة المقابل المادي في الانتخابات هي محاولة للتأثير علي البسطاء‏,‏ والديمقراطية لن تشتري لأن ذلك فيه استغلال لظروف الناس الاقتصادية‏.‏ وفيما يتعلق بتأثير رجال الأعمال علي القرار قال‏:‏ إن هذه مسألة نسبية مرتبطة بعلاقتهم بالسلطة التنفيذية‏,‏ ومدي نجاح السلطة في إيجاد نوع العلاقة وقوتها في الأداء‏,‏ ويختتم بالقول‏:‏ أنا ضد المثقفين الذي يصادرون المستقبل‏,‏ ويصدرون أحكاما قاطعة مسبقا بأن هناك تزويرا سوف يحدث في الانتخابات وغير ذلك من الاتهامات التي قد تكون بالنسبة لهم المبرر في العزوف عن المشاركة أو المقاطعة‏.‏
الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق