الأحد، 23 مايو 2010
التعامل مع نقطة المياه يحتاج إعادة نظر !!
الترشيد وتنمية الموارد المتاحة طريقنا لمواجهة الأزمة القادمة
معدلات الاستهلاك فاقت المستويات العالمية بسبب سوء الاستخدام
د. فاطمة عبدالرحمن: مطلوب تحقيق التوازن بين الاحتياجات والإمكانيات المتاحة
د. أحمد عبدالمنعم: التوسع في تحلية المياه أحد الحلول الهامة
د.عبدالسلام النعماني: استخدام الآبار الجوفية بطريقة علمية حتي لا نبدد رصيدنا الاستراتيجي
د. ضياء القوصي: غياب السياسات المائية المحددة في الزراعة مشكلة المشاكل
د. محمود عثمان: الاعتماد علي الأساليب الحديثة في الري يحمينا من عصر الفقر المائي
الأزمة الأخيرة مع بعض دول حوض النيل حول إعادة توزيع حصص مياه النهر خلقت وضعا جديدا يتطلب إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع نقطة المياه حتي يكون لدينا حلول عملية لمواجهة الندرة الحقيقية المقبل عليها العالم كله في مجال المياه والتي ستكون سببا لحروب السنوات القادمة وحتي لا نصل إلي مرحلة الفقر المائي التي سيكون لها تأثير سلبي وخطير علي كافة مناحي الحياة. "المساء الاسبوعية" ناقشت القضية مع الخبراء والمتخصصين فأجمعوا علي اننا في حاجة ماسة إلي وضع خطة متكاملة لترشيد استخدامنا للمياه وتنمية مواردنا المتاحة منها حتي نكون قادرين علي مواجهة الأزمة القادمة خاصة بعد أن فاقت معدلاتنا في الاستهلاك المستويات العالمية بسبب سوء الاستخدام. قالوا انه يجب تحقيق التوازن بين الاحتياجات الفعلية للسكان والأنشطة المختلفة والموارد المتاحة بشرط أن يتم استخدام الآبار الجوفية بطريقة علمية حتي لا نبدد رصيدنا الاستراتيجي منها. أشاروا إلي أهمية الاتجاه إلي التوسع في تحلية المياه المالحة التي تمثل أحد الحلول الهامة لتوفير الاحتياجات خاصة في ظل التقدم التكنولوجي في هذا المجال الذي قلل كثيرا من التكلفة وأصبح يعطي نتائج جيدة جدا. طالبوا بأن يكون هناك وقفة جادة لغياب السياسات المحددة لاستخدام المياه في الزراعة التي تمثل مشكلة المشاكل حيث تستهلك ما يقرب من 80% من مواردنا المائية. أكدوا ضرورة الاعتماد علي الأساليب الحديثة في الري لحمايتنا من عصر الفقر المائي من خلال توفير كميات هائلة من المياه وفي نفس الوقت الحفاظ علي التربة الزراعية والحد من استخدام المبيدات والأسمدة بشكل كبير. * د. فاطمة عبدالرحمن.. خبيرة الموارد المائية باليونسكو واستاذ بمعهد بحوث المياه الجوفية.. تشير إلي ان الوضع المائي يتطلب وضع خطة متكاملة لكيفية الاستفادة من الموارد المائية ومواجهة التحديات وينبغي أن تتفق عليها جميع أجهزة الدولة نظرا لأن استخدامات واستهلاك المياه ليس قاصرا علي جهة دون الأخري. أضافت ان تحقيق التوازن المطلوب بين الاحتياجات والموارد المائية المتاحة أمر لاجدال فيه.. وهناك خطة وضعتها وزارة الري والموارد المائية منذ عام 2004 لتحقيق هذا التوازن حتي عام 2017 وتقدر تكلفتها بنحو 145 مليار جنيه وتم تشكيل لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ تلك الخطة. أشارت إلي ان اليونسكو تقوم بإصدار تقارير لتقييم الموارد المائية بصفة مستمرة كل 3 سنوات خاصة فيما يتعلق بالمياه الجوفية فهي تمثل أحد العوامل الرئيسية لتنمية الصحراء اضافة لكونها مصدر مياه اضافي في مواجهة تحديات مياه نهر النيل وأيضا تعد من البدائل الجيدة. أوضحت ان المياه الجوفية تحتاج إلي عمليات متابعة وتقييم للوقوف علي كميات ال سحب التي تتم منها حتي لا يتم إهدارها كما يحدث في حالات السحب الجائر أو تلوث الآبار. قالت ان الخزانات الجوفية بعضها متجدد المياه لأنها تأتي من مصادر متجددة كرشح النهر والترع.. والنوع الثاني المياه الموجودة في الصحاري المصرية والوادي الجديد وشرق العوينات وهي متوفرة بكميات كبيرة. أكدت أهمية الاستفادة من المياه الجوفية في الأماكن التي يتوفر بها الخامات الطبيعية لخلق تجمعات صناعية تساهم في رفع معدلات التنمية بدلا من استخدامها في الزراعة فقط. مما لاشك فيه ان المياه الجوفية والسطحية هي الأساس في عمليات التنمية وتعمير الصحراء كما ان احتياجاتنا من المياه سوف تزداد في الفترة القادمة نتيجة لزيادة عدد السكان.. فقد وصل معدل استهلاكنا إلي 10 مليارات متر مكعب سنويا.. ومن المعروف ان المياه الموجودة في الخزانات الجوفية تعد من انقي المياه في ا لعالم وهذه الخزانات يتم تنقيتها من خلال التدفقات التي تحدثها مياه نهر النيل ويتم تنقيتها أكثر عندما تصل إلي الخزانات من خلال الترسيب والحرارة.. كما انها تكون موجودة علي ابعاد كبيرة من سطح الأرض. شددت علي أهمية الالتزام بالقوانين والضوابط التي وضعتها وزارة الري لحماية وتنظيم استخدام المياه الجوفية وذلك لتعظيم الاستفادة منها والحفاظ عليها من الاستنزاف. الموارد المائية * د. عبدالسلام النعماني استاذ بقسم العلاقات المائية المركز القومي للبحوث أشار إلي ان العالم يواجه اليوم ندرة حقيقية في الموارد المائية لذلك فإن تنمية الموارد المائية من أهم التحديات التي تواجهنا خلال القرن الحالي في ظل تناقصها من ناحية وتزايد الطلب عليها من ناحية أخري. قال ان التحايل علي القوانين والتشريعات يتسبب في إهدار ملايين الجنيهات وملايين الأمتار المكعبة من المياه الجوفية التي تعتبر ثروة قومية لمصر في ظل الظروف الحالية والخلافات مع دول حوض النيل حول حصص المياه.. لذلك فتنمية المصادر البديلة وتطويرها سوف يخفف من الاعتماد بشكل أساسي علي الحصة السنوية من مياه النيل. أضاف ان سحب المياه الجوفية لا يجب أن يزيد حجمه علي حد معين لأن هذه المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي تحتها طبقة من المياه المالحة وإذا تسربت هذه المياه فإنها ستكون خطرا كبيرا لأنه لن نستطيع الاعتماد عليها في الشرب أو الزراعة. أيضا ارتفاع عمليات السحب قد يعرض الآبار الجوفية للنضوب وهذا يعني ضياع رصيدنا الاستراتيجي من المياه وطبقا للدراسات والاحصائيات التي تشير إلي اننا معرضون لفترة الجفاف المائي. أضاف ان الزراعة التي تمثل حتي الآن أكبر مستهلك للمياه حيث تستهلك حوالي 70% من إجمالي المياه لذا اصبح العمل علي توافر الموارد المائية كالمياه الجوفية المالحة ومياه الصرف الصحي والمياه المعالجة مسألة مهمة لأغراض الزراعة. قال ان تحلية مياه البحر علي الرغم من كونها تحتاج إلي تكنولوجيا متقدمة ومكلفة إلا انها أمر بالغ الأهمية في حالات الطواريء وينبغي علينا التوجه والنظر إليها كأحد البدائل خاصة ان المستخدم منها كما تشير الاحصائيات حتي الآن 800 ألف متر مكعب سنويا وتتركز في المناطق السياحية الساحلية. أشار إلي ان الكميات التي يمكن سحبها من الصحراء الغربية تقدر ب 30 مليار متر مكعب لمدة 100سنة إضافة إلي الكميات الموجودة في سيناء ومنطقة الدلتا بينما ما يتم سحبه الآن في الصحراء الغربية يتراوح بين 7 إلي 8 مليارات متر مكعب سنويا. مصادر جديدة * د. أحمد عبدالمنعم استاذ علوم الموارد بالجامعة المصرية اليابانية أكد ضرورة تكثيف الجهود للبحث عن مصادر جديدة ومتجددة تزيد من الموارد المائية المحدودة ومنها المياه الجوفية العميقة المنتشرة في صحاري مصر والوديان والدلتا مع توفير قاعدة معلومات وبيانات واضحة عن خريطة المياه الجوفية لكونها المخزون الاستراتيجي للمياه. أوضح ان التقارير والدراسات التي تدور حول قضايا المياه تؤكد علي أهمية توظيف الاستثمارات العربية في التقنيات الحديثة لاستخدام المياه بشكل علمي مع ضرورة اتخاذ الاجراءات العاجلة للحفاظ علي الموارد المتوافرة فمن يمتلك التكنولوجيا يمتلك القدرة علي البقاء ومواجهة التحديات وحروب المياه. أوضح انه توجد دراسات ومشروعات مشتركة بين مصر واليابان لانتاج طاقة الهيدروجين من مياه البحر وبواسطة هذه الطاقة يمكننا استخدامها في تبخير مياه البحر وإعادة تجفيفها لتصبح صالحة للزراعة والشرب لأن عملية التبخير تساعد في فصل الاملاح عن المياه. أوضح ان هناك دراسات حول التوسع في تحلية المياه الجوفية شبه المالحة والتي تتراوح تكلفتها من 30% إلي 60% من تكلفة تحلية مياه البحر. قطاعات أساسية * د. ضياء القوصي خبير المياه والري يؤكد اننا في حاجة ماسة إلي إعادة التفكير في طريقة تعاملنا مع نقطة المياه فلا يمكن أن نظل نهدر هذه الكميات الكبيرة لغياب التخطيط وحسن الاستخدام لمواردنا من المياه حيث تصل معدلات الاستهلاك لدينا إلي معدلات عالية للغاية تفوق حتي المستويات العالمية. أضاف ان المياه لدينا تستخدم في 3 قطاعات أساسية هي الشرب والزراعة والصناعة وفيما يخص استهلاكنا من مياه الشرب لكل أسرة فهو مرتفع للغاية حيث يصل إلي 300 لتر في اليوم بينما المعدلات العالمية تصل إلي 200 لتر فقط في المناطق الحضرية و100 لتر في المناطق الريفية وهو ما يتطلب ضرورة الترشيد وفي الصناعة نستهلك حوالي 7 مليارات متر مكعب في العام وهي نسبة كبيرة للغاية تتطلب أن يكون هناك خطط لإعادة التعامل مع الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل الأسمنت من خلال استخدام التقنيات الحديثة في عمليات التصنيع وإعادة تدوير المياه المستخدمة داخل المصانع سواء في التصنيع نفسه أو تبريد الماكينات والمعدات. أما عن المياه المستخدمة في الزراعة والتي تمثل 80% من حصتنا من المياه فهي في رأيي مشكلة المشاكل التي تسببنا فيها بالسياسات الزراعية الخاطئة فعلي سبيل المثال فيما يخص الأرز نجد ان هناك زيادة سنوية في المساحات التي يسمح بزراعتها وحتي عند توقيع غرامات علي المخالفين نجد في نهاية العام من يطالب بإلغاء هذه الغرامات.. أيضا هناك آلاف الأفدنة المنزرعة بالموز بينما فدان الموز يستهلك عشرة آلاف متر مكعب من المياه وهو ضعف أي محصول آخر وهو ما يتطلب إعادة النظر في هذا الأمر. أشار إلي أهمية أن تكون هناك سياسات محددة للحد من الاستخدام العشوائي للمياه في مجال الزراعة تحديدا حيث تستهلك النصيب الأكبر من حصتنا من المياه وتبدأ هذه السياسات بأن يكون هناك قياس حقيقي لاستخدامات المزارعين للمياه حتي لا يكون هناك تفريط من جانب البعض دون حساب مع تحديد كميات المياه اللازمة لكل منطقة حتي يكون هناك عدالة في التوزيع والأخذ بالأساليب والطرق الحديثة في الري التي تلعب دورا كبيرا في ترشيد الكميات المستخدمة من المياه أيضا نحتاج إلي ارشاد زراعي وجمعيات تعاونية تكون مسئولة عن توعية المزارعين بالاستخدام الأمثل للمياه. الطرق التقليدية * حامد فراج أمين الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي يري ان زيادة كميات المياه المستخدمة في الزراعة يعود إلي الاصرار علي استخدام الطرق التقليدية في الري وعلي رأسها الري بالغمر الذي له مشاكل عديدة ليس فقط في كميات المياه التي يستهلكها دون فائدة حقيقية ولكنه يستهلك أيضا كميات أسمدة أكبر تصل إلي 3 أضعاف الكمية المستخدمة عند الري بالتنقيط كما ان الري بالغمر يؤدي إلي زيادة نسبة المبيدات المستخدمة لأنه لا يؤدي إلي زيادة نسبة الرطوبة في الأرض وبالتالي زيادة الأمراض الخاصة بالبنات. أوضح ان معظم الأراضي الزراعية في الوادي القديم والدلتا مازالت تروي عن طريق الغمر وكذلك الجزء الأكبر من الأراضي الصحراوية التي تتركز فيها المشكلة حيث انها تتصف باتساع المسام في التربة مما يؤدي إلي تسرب كميات كبيرة من المياه فري الفدان في الأراضي الصحراوية عن طريق الغمر يكفي لري 20 فدانا من نفس الأرض بالتنقيط كما ان الأراضي الصحراوية يتم ريها كل يومين في الصيف بينما في الأراضي القديمة مرة كل اسبوع وفي فصل الشتاء تروي الأراضي الصحراوية كل 5 أيام بينما في أراضي الدلتا يتم الري من 10 إلي 15 يوما. أكد ان نقطة البداية في تطبيق الطرق الحديثة في الري ومن ثم توفير كميات هائلة من المياه يجب أن تكون في الأراضي الصحراوية ولكن ليس عن طريق الاجبار ولكن من خلال مساندة المزارع في الالتزامم واتباع الطرق الحديثة بإرشاده عنها وكذلك المساهمة في تحمل تكاليف اقامة شبكات الري الحديثة كالرش أو التنقيط فالفدان يتكلف في المتوسط 2000 جنيه والمزارع لا يمتلك القدرة علي تحمل ذلك أو الامكانيات لتجديد شبكة الري كل 3 سنوات وبالإضافة إلي ذلك يجب أن يكون هناك ضوابط لزراعة الأرز والتركيز علي زراعته في المحافظات الساحلية حيث ان زراعة الأرز تلعب دورا مهما في قيام المياه العذبة بطرد المياه المالحة مما يؤدي لعدم زيادة منسوبها وبالتالي تدهور حالة الأرض. مخاطر قادمة * د. محمود عثمان استاذ الري بزراعة القاهرة يري اننا نعيش أزمة مياه حقيقية بسبب الاسراف في الاستخدام من ناحية وعدم اتباع الطرق الحديثة في ري المزروعات من ناحية أخري والنتيجة اننا دخلنا فيما يمكن أن نطلق عليه عصر الفقر المائي ولا نستطيع أن نحدد ما تحمله لنا الأيام القادمة من مخاطر إذا استمرت الأوضاع علي ما هي عليه الآن. أضاف ان ترشيد المياه المستخدمة في الزراعة له حلول علمية يعرفها الجميع ولابديل عنها وتتمثل في استخدام أساليب حديثة في الري مثل الرش أو التنقيط تبعا لظروف المنطقة التي يتم اقامة شبكة الري بها والنقطة الثانية هي استنباط أصناف جديدة من التقاوي والبذور تتميز بقلة استخدامها للمياه ويمكن حتي استيراد هذه التقاوي والبذور بصفة مؤقتة إلي أن تنجح معاهدنا البحثية في انتاجها. أشار إلي ان العلم تقدم كثيرا في استخدام الهندسة الوراثية وتمكن من الوصول إلي نوعيات من النباتات قادرة علي تحمل قلة المياه والجفاف ويجب أن تكون هذه النقطة محل تركيزنا في المرحلة القادمة لأن هذا سيؤدي إلي توفير كميات هائلة من المياه. أوضح انه يجب أن يكون هناك تفكير جدي في مشروعات تحلية مياه البحار لإعادة استخدامها في الزراعة خاصة في المناطق الساحلية حتي لا تكون تكلفة النقل عبئا اضافيا يزيد من تكاليف المشروع خاصة ان هناك الكثير من الدول العربية ومنها السعودية التي أخذت بهذا الاسلوب ونجحت فيه بصورة كبيرة.
المساء
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق